Powered By Blogger

السبت، 11 فبراير 2012

لماذا يتكرر انهيار شبكات الكهرباء؟ وهل يمكن تجنبه؟

في 9/11/1965 حصل عطل شامل (Black-out) في شبكة الكهرباء أغرق 30 مليون شخص في سبع ولايات في شمال شرق الولايات المتحدة (منها نيويورك) ومناطق من كندا، في ظلام دامس.
وتكررت حالات مشابهة في عدة دول منذ ذلك الحين، منها ما حدث في فرنسا في 19/12/1978 عندما تعطل خط ضغط عال يربط باريس بشرق فرنسا جهده 400000 فولت.
وفي عام 1999 عاش 3.6 مليون فرنسي في الظلام بعد أن تعطلت الشبكة بتأثير عاصفتين مدمرتين.
وفي 28/9/2003 عاش سكان إيطاليا (57 مليون) في ظلام لفترة عشرين ساعة.
وفي نفس العام حدثت أعطال ضخمة مشابهة في كل من السويد والدنمرك وفي الولايات المتحدة حيث تأثر بالعطل خمسون مليون نسمة في الشمال الشرقي (أيضاً).
وفي 4/11/2006 عند الساعة العاشرة وعشر دقائق مساء (بتوقيت فرنسا) انقطع التيار عن عشرة ملايين أوربي، منهم خمسة ملايين في فرنسا.
وكان المسبب لهذا الانهيار في الشبكة تعطيل مقصود ومخطط له (!) لخط ضغط عالٍ (400000 فولت) في ألمانيا (للسماح بمرور سفينة في نهر نثز)، مما سبّب عبئاً زائداً على كامل الشبكة الأوروبية. وبدأ ذلك بتعطل خطين في شمال ألمانيا (لسبب لم يُعرف بعد) ثم انتشرت الظاهرة على التوالي في مختلف أنحاء الشبكة الأوربية، تماما مثل انهيار قطع لعبة الدومينو عندما تنقلب إحداها فتنقلب مجاورتها ليتسلسل السقوط حتى آخر قطعة، أو انهيار القصر المصنوع من ورق الشدة، (أو كما يقول المثل الشعبي: مثل السنسال (الجدار الحجري) الهامل، إذا هال(انهار) حجر منه هال كله).
فتعطل خط يزيد العبء على خط آخر فينهار بدوره وهكذا دواليك. وعلى أية حال، فقد أمكن معالجة هذا الانهيار في الشبكة خلال أقل من ساعة عن طريق زيادة الإنتاج في عدد من محطات التوليد الفرنسية لتعويض العجز الطارئ في الشبكة الأوربية.
رغم أنه لا يوجد حتى الآن مركز أوربي لتنسيق نقل الكهرباء، إلا أن هناك مؤسسات وطنية في كل دولة أوربية لإدارة الشبكة يجمعها "اتحاد تنسيق ونقل الكهرباء" الذي أُسس عام 1951، وجمعية مشغلي نظام النقل الأوربي (ESTO) التي تأسست عام 1999. يتبادل المشغلون المعلومات باستمرار. وتشرف المؤسسة السويسرية (Etrans) على إدارة ذبذبة الشبكة الأوربية لإبقائها ثابتة ومساوية (50) خمسين هيرتز. إلا أن انهيار 4/11/2006 قد كشف عن نقاط الضعف في الشبكة الأوربية، وذكر الجميع بضرورة إنشاء مركز أوربي موحد لإدارتها.
لماذا ترتبط الدول بشبكة واحدة؟
شعرت الدول الأوربية مبكرا بالحاجة إلى الارتباط بشبكة كهربائية واحدة. وتحقق هذا الأمر بشكل خاص في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين. والهدف من ذلك هو أن تقدم الدول المساعدة لبعضها البعض في حالة حصول عطل كهربائي في أيٍ منها. لكن يقابل هذه الميزة جانبها السيء أو المعتم. وذلك أن حصول عطل في أي منها قد يُحدث انهياراً في الشبكة بأكملها أو في جزء كبير منها، كما حصل في الانهيار الأخير عندما انقطعت الكهرباء عن فرنسا بينما أصل المشكلة في ألمانيا. ويلاحظ أن فرنسا تنتج من الطاقة الكهربائية أكثر مما تحتاج. وبالتالي فإن الشبكة الموحدة تفيدها في تصدير هذا الفائض إلى دول أوربية أُخرى عبر الشبكة الموحدة.
تعاني هذه الشبكة من عيب متأصل، وهو أنها لم تصمم في الأساس لتكون شبكة موحدة، وإنما توحدت في مرحلة لاحقة عن طريق ربط الشبكات الوطنية.
فبريطانيا مثلاً ترتبط بالشبكة الأوربية بواسطة كيبل وحيد، مُدّ تحت بحر المانش قبل عشرين سنة.
ومن أجل ضمان تلبية الحاجة الكبيرة في ساعات الذروة، يجب توفير مصادر إضافية للطاقة. وتقدر هذه الحاجة في فرنسا مثلاً بقدرة 1200 ميغا واط أي ما يعادل إنتاج مفاعل نووي.
يكمن الحل البديل (عوضاً عن توفير مصادر احتياطية) في حث المستهلكين على التوفير، كما تفعل شركة كهرباء إيطاليا (Enel) التي ركبت 30 مليون عداد "ذكي" ترسل للمستهلك إشارة تدعوه لخفض استهلاكه مقابل تخفيض إضافي في فاتورته.

كيف نخزن الكهرباء؟
يبقى الحل الأمثل، والحلم الأصعب تحقيقاً، وهو القدرة على تخزين الطاقة الكهربائية حين ينخفض الاستهلاك للاستعانة بالمخزون في ساعات الذروة (أكبر قيمة للاستهلاك).
تتوفر حالياً تقنيتان عمليتان لهذا الغرض:
أولاهما تُدعى "تخزين الطاقة بالهواء المضغوط" (CAES). إذ تستغل الطاقة الفائضة في أوقات العتبة (الحد الأدنى من الاستهلاك) لضغط الهواء، وفي ساعات الذروة يسمح للهواء المضغوط بالتمدد فيدير طوربينات مولدات الكهرباء.
تستخدم هذه التقنية منذ الثمانينات في ألمانيا والولايات المتحدة ويمكنها أن تحقق كفاءة تصل إلى 96%.
أما الطريقة الثانية فهي "التقنية المائية"، إذا تستخدم الطاقة الفائضة في أوقات العتبة لرفع الماء إلى بحيرات مرتفعة بواسطة المضخات، ثم يفرغ الماء من هذه البحيرات في ساعات الذروة محركاً مولدات الكهرباء، وبكفاءة تصل إلى 70% (أي أن كل كيلو واط ساعة مخزن يولد فيما بعد 0.7 كيلو واط ساعة).
Science et Vie 1/2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق