Powered By Blogger

الأحد، 12 فبراير 2012

تحذير عالمي من نجم البحر العملاق

حسام جميل مدانات
نجم البحر ذو التاج الشوكي يهدد الشواطئ المرجانية بالفناء. وسيرا على نهج التشنيع على الحموات، يطلق عليه البعض تهكما اسم " وسادة الحماة"، ليس فقط لأنه مغطى بأشواك صلبة حادة الأطراف، وانما أيضا لأن هذه الأشواك تنفث السم في من يرميه حظه التعس في طريق هذا الحيوان البحري.
يحق لنا في الأردن أن نخشى من تواجد النجم البحري الشوكي في مياه العقبة. فهو يقتات على الحيوانات المرجانية التي تبنى الحيد المرجاني. ولحسن الحظ فهو لم يصل البحر الأحمر بعد.
الاسم العلمي لهذا النجم البحري Acanthaster planci يبلغ طوله عادة نحو 30سم. لكن طول بعض أفراده يصل الى 80سم. ويتراوح وزن الحيوان البالغ بين 200غم و 3 كغ.
اسلوب عجيب في الافتراس
رغم افتقار فم نجم البحر العملاق للفكين، فانه مع هذا يمتلك اسلوبا مرعبا في التهام ضحيته. فهو بكل بساطة يقذف بمعدته الى خارج جسمه ويضعها مباشرة حول ضحيته. وتقوم المعدة بمهمتها بكل فعالية، فهي تفرز أحماضا وانزيمات هاضمة تحول جسد الفريسة الى ما يشبه الحساء الجاهز للامتصاص. وعندئذ تعمل أهداب خاصة على نقل هذا الحساء الى فم النجم. تسمح له هذه الطريقة بافتراس حيوانات مثبته في الصخور تحت الماء، مثل مرجان البحر الذي يحتمي عادة بغلافه المرجاني الكلسي والذي تتشكل منه الصخور أو الحيود أو الشعاب المرجانية
وهكذا فان نجم البحر ينزلق بكل رشاقة وليونة خلال الشقوق الصخرية ويفرغها شيئا فشيئا من ساكنيها، فلا يبقى من آثار تدل على مروره في موقع ما سوى هياكل مرجانية فارغة من محتواها الحي.
يمضي نجم البحر نحو نصف حياته في الأكل. ويلتهم كل فرد منه ما تتراوح مساحته بين 5م² و 13م² من المرجان في السنة. وهكذا فاذا تواجد أكثر من 30 فردا منه في منطقة مرجانية مساحتها 1كم²، فان مصير هذه المنطقة الى الفناء لأن سرعة اختفاء المرجان وافتراسه تفوق عندئذ سرعة تكاثره وبنائه لمستعمراته المرجانية الرائعة الجمال.
ويبدو أن مقاومة نجم البحر وتقليص أعداده مهمة بالغة الصعوبة. فهذا الحيوان الذي وجدت منه متحجرات عمرها 500 مليون سنة قادر على البقاء حيا حتى لو قسمته الى نصفين. بل ان كل نصف يتطور ليصبح فردا مستقلا. ولهذا السبب يجري قتله عن طريق حقنه بكبريتات الصوديوم السامة له. ويعيش نجم البحر 8 سنوات في المختبر، وربما لأكثر من ذلك في بيئته الطبيعية.
وهو يبلغ النضج الجنسي بعمر سنتين. حيث تضع الأنثى ما بين 18 الى 24 مليون بيضة، وأحيانا حتى 60 مليونا، فتنتشر اليرقات في البحر، وقد تنتقل مسافة 300كم لتستعمر مناطق مرجانية جديدة.
يبلغ طول السواحل أو الحيود المرجانية في العالم نحو 300 000 كم، وقد دمر واختفى حتى الآن خمس هذه السواحل، بينما نصف السواحل المرجانية الباقية مهددة بالخطر ويتوقع أن يختفى 15% منها خلال العقدين القادمين.
من المناطق التي تعاني حاليا من النجم البحري العملاق جزر بولينيزيا الفرنسية الواقعة في الميط الهادي الى الشرق من استراليا، حيث يطلق سكان تاهيتي على هذا الحيوان الاسم ترميا.
كان المرجان يغطي 55% من أعماق سواحل جزيرة موريا مثلا، وانخفضت النسبة الآن الى 5% فقط بسبب نجم البحر. وقد انتشر هذا الحيوان المفترس الآن في المحيطين الهادي والهندي ووصل الخليج العربي، وسواحل اليابان والصين وسريلنكا.
لوحظت الآثار المدمرة لنجم البحر لأول مرة عام 1930 في جزر فيجي، وفي عام 1960 دمر 80% من الحيد المرجاني الكبير شمال استراليا. وقد ساعدت على انتشار نجم البحر عدة عوامل، منها الصيد المفرط لحيوان رخوي ضخم يتغذى عادة على نجم البحر، والذي يصاد من أجل صدفته الضخمة. ومما يزيد من وضع المرجان سوءا ظهور طحلب يدعى Tarbinaria omata، والذي يحتل الشعب المرجانية التي يدمرها نجم البحر، مما لا يسمح لحيوان المرجان باعادة بنائها.
والحقيقة أن الحيد المرجاني مهم للحياة البحرية، فهو يؤوي ثلث الكائنات الحية البحرية، ويعتاش بفضله نحو نصف مليارانسان، سواء من صيد الأسماك التي يؤويها أو من السياحة التي تزدهر في المناطق المرجانية. ويجدر بالذكر أخيرا أن الشعب المرجانية تعاني حاليا من عدة اخطار ناتجة عن التلوث البيئي. فمخلفات المصانع ومياه الصرف الزراعية الملوثة بالأسمدة تضر بالمرجان، وارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو يزيد حموضة مياه البحر مما يضعف قدرة المرجان على بناء هيكله المكون من كربونات الكالسيوم، كما أن بعض مظاهر عنف الطبيعة كالأعاصير قد تخرب الشعب المرجانية وتدمرها. ويتهم البيئيون حضارة الانسان باحداث ظاهرة الدفيئة وتغيير مناخ الأرض مما زاد من تكرار حدوث الأعاصير.

Science et Vie July/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق