Powered By Blogger

السبت، 11 فبراير 2012

أسلوب عصري لتصنيف الكائنات الحية :لكل كائن رمزه الجيني

في عام 2003 اخترع بول هبرت P. Hebert من جامعة غلف (Guelph) في انتاريو / كندا طريقة جديدة وعصرية لتحديد وتمييز أنواع الكائنات الحية اعتمادا على الحامض النووي دنا لكل كائن . فعند تحليل شريط قصير من هذا الحامض نحصل على بطاقة تعريف وحيدة ومميزة لكل كائن حي ، تماما كالرمز الخطي ، باركود ، الذي يوضع حاليا على مختلف السلع في المخازن الكبرى لتقرأه ماشطة آلة المحاسبة وتسجل السعر تلقائيا .
اختار هبرت جزءا من جين يرمز له بالرمز COI ، ويقع خارج نواة الخلية الحيوانية ، في جسيمات تدعى ميتوكندريا مما يسهل استخلاصه ، وهكذا أصبح تحديد نوع الحيوان يتم خلال أقل من ساعة وبكلفة لا تتجاوز الدولارين .
صادف الترميز الجيني منذ أن اخترعه هبرت قبولا واسعا على المستويين العلمي البحت والتطبيقي. وكان يعتقد أن هذا الترميز سيفيد علماء الأحياء لتصنيف ملايين الكائنات الحية وفي المجال الأكاديمي فقط ، لكن ثبت أن للترميز الجيني مجال تطبيق أوسع بكثير ، وخاصة في مجال الصحة العامة .
أحد المشاريع الصحية الواعدة هو " مبادرة ترميز البعوض ". تشرف على هذا المشروع ايفون – ماري لنتون من متحف التاريخ الطبيعي في لندن ، ويهدف المشروع الى ترميز 80% من البعوض في العالم خلال السنتين القادمتين ، وذلك بهدف مقاومة الأمراض التي ينقلها البعوض . يسبب البعوض نحو نصف مليار اصابة بالملاريا سنويا . وينتهي مليون اصابة منها بالموت . كما ينقل البعوض أمراضا وبائية فظيعة مثل الحمى الصفراء ، وحمى غرب النيل ، وحمى الدنغ " . ورغم الجهود والأموال الضخمة التي تنفق على مستوى العالم لمقاومة البعوض ، الا أنها تعاني من الفشل غالبا بسبب صعوبة تحديد أنواع البعوض التي تنقل كلا من هذه الأمراض، اذ يوجد على الأقل (3500) ثلاثة آلاف وخمسمئة نوع من البعوض والكثير منها يصعب تمييزها عن بعضها البعض .
وقد أمكن الحصول على الرمز الجيني لبعوض قديم مجفف ومحفوظ في متحف التاريخ الطبيعي ويعود بعضه الى عام 1916 . ويقدر أن 70% من أنواع البعوض في العالم محفوظة في هذا المتحف وفي المعهد السمثسوني في واشنطن .

النباتات الطبية وشركات الطيران والجمارك:
وبالطبع فلن تقتصر تطبيقات الترميز الجيني على البعوض . فالباحثون في مختلف انحاء العالم يعملون على استثمار هذه التقنية الجديدة وتطبيقها على مختلف الكائنات الحية . فقد حدد عالمان في واشنطن الرمز الجيني لنباتات يطلق عليها نباتات العالم الاقتصادية وعددها 689 نباتا . ولأن الجين COI لا يوجد في الخلايا النباتية ، فقد توجب ابتكار نوع مختلف من الترميز الجيني يصلح للنباتات. كما أن شركات الطيران تسعى الى الاستفادة من هذه التقنية، اذ أن ادارة الطيران الفدرالي الأمريكي وسلاح الجو الأمريكي يعملان على ترميز الطيور جينيا ، ثم تفحص عينات من بقايا أجسام الطيور التي تصطدم بالطائرات لتحديد أنواعها ومن ثم طرق طيرانها أثناء هجرتها حتى تتفادى الطائرات هذه الطرق .
أما ضباط الجمارك فانهم سيحصلون بهذه التقنية على طريقة سريعة لتحديد أنواع الحيوانات أو النباتات التي يمنع تصديرها . والسرعة هنا مهمة لأن بعض هذه الأنواع لا تتحمل ظروف الحجز لفترة طويلة .
يأمل هبرت بأن يتوفر نحو نصف مليون رمز جيني على شبكة الانترنت خلال السنوات الخمس القادمة كما يخطط المتحمسون لهذه التقنية لتطوير أداة يدوية تعطي الرمز الجيني للكائن الحي مباشرة في موقعه في الميدان .

The Economist Sept 22/ 2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق