Powered By Blogger

السبت، 11 فبراير 2012

احذر .... أنت مراقب !

إذا كنت تتصفح هذا المقال على شاشة حاسوبك الشخصي ، من الموقع الالكتروني لصحيفة الرأي ، فان هناك جهة ما تعرف على الأغلب أنك تتابع قراءة هذا المقال . فمؤسسات مثل أمازون وغوغل وياهو تحتفظ بمعلومات عن متصفحي الانترنت . وتعرف عنهم أكثر مما تعرف حكوماتهم. ولا يمثل تخزين هذا الكم الهائل من المعلومات مشكلة بعد أن انخفضت كلفة أجهزة التخزين الرقمي ( محرك صلب سعة تيرابايت يكلف أقل من 350 دولارا ).

نشرت المجلة الأمريكية " الميكانيكا الشعبية " Popular Mechanics مقالا بعنوان الرقابة الشاملة أو الرؤية الشاملة Panopticon وقد ورد هذا التعبير لأول مرة في كتاب للفيلسوف الانجليزي جرمي بنثام ، الذي عاش في القرن الثامن عشر ، عندما تخيل سجنا مصمما بشكل يسمح بمراقبة السجناء في كل لحظة .
ويذكرنا هذا بكتاب جورج اورويل الانجليزي والمعنون 1984 ( وقد نشره عام 1948 ) حيث نجد أنفسنا في مجتمع يخضع لحكم استبدادي حيث ( الأخ الأكبر) يراقب الجميع مراقبة صارمة ودائمة .
ولنطرح عليك السؤال: كيف تشعر إذا علمت أنك تحت المراقبة طول الوقت، 24 ساعة في اليوم. كمرات ( كاميرات) تتجسس عليك وتلتقط كل حركة وسكنة لك، وأجهزة تنصت تسجل كل كلمة تنطق بها لترسلها إلى حواسيب تخزنها وتحللها ؟

هل يرضي هذا غرورك لتتوهم انك أصبحت شخصا مهما مثل أولئك المشاهير الذين يلاحقهم الصحفيون المصورون في كل لحظة ؟ ( نتذكر مثلا ما حصل مع الأميرة ديانا وصديقها دودي الفايد اللذين قتلا في حادث سيارة أثناء ملاحقة صحفيين لهما ).

مع التقدم الهائل في وسائل الاتصالات والالكترونيات والسوا تل ( الأقمار الصناعية ) والحوسبة والانترنت والخلويات والكمرات ، أصبحت وسائل الرقابة بكافة أنواعها متيسرة ومتاحة للحكومات وللقطاع الخاص، وأصبحت واقعا ملموسا وليست مجرد بدع خيال علمي كما نشاهدها في أفلام التجسس ، مثل أفلام العميل السري جيمس بوند .
انتشرت كمرات المراقبة الذكية ( المرتبطة بالحواسيب ) لدينا ،في الأردن، في المخازن الكبرى والبنوك والشركات الكبيرة ، وعند الإشارات الضوئية لضبط السيارات المخالفة ، ولدى الدوريات الخارجية لضبط فرط السرعة على السراطات ( الطرق السريعة ) ، وزودت بها الشرطة البيئية لتصوير سائق سيارة فارهة وهو يقذف بعلبة العصير من نافذة سيارته ....

ومع انخفاض أسعار كمرات المراقبة الذكية ، أصبح بإمكان أي شخص أن يركبها خارج منزله ليكشف أي زائر متطفل أو لص محتمل .

أظهر استفتاء أجرته جريدة واشنطن بوست أن 71% من الأمريكيين يؤيدون تعميم الرقابة بواسطة كمرات الفيديو ( وهذا بلا شك من نتائج تدمير برجي التجارة العالمية في نيويورك عام 2001، إذ لم يكن الشعب الأمريكي يتقبل مثل هذه الرقابة عليه في السابق )
يقدر عدد كمرات الرقابة في الولايات المتحدة حاليا بنحو 35 مليون كمرة تسجل ما يقارب البليون ساعة تصوير يوميا ، لتخزن وتحلل في الحواسيب. تقدر قيمة سوق كمرات الرقابة في العالم حاليا بأكثر من 5 مليارات دولار ، ويتوقع أن تنمو إلى 9 مليارات دولار عام 2011.

في عام 2006 عانت المتاجر الأمريكية من سرقات بلغت كلفتها 42 مليار دولار. وتمثل سرقات مستخدمي هذه المتاجر نصف هذا المبلغ ! لكن وسائل الرقابة الالكترونية الحديثة قد تخفض من هذه الخسائر.

يتعاون القطاع الخاص والعام ( في أمريكا) في مجال المعلومات ويتشاركان فيها . ومن ذلك أن شركة الهاتف الأمريكية (AT&T) تتيح لوكالة الأمن القومي الاطلاع على كامل معلومات عملائها المتضمنة في بريدهم الالكتروني ومكالماتهم الهاتفية وتصفحهم للانترنت .

ندرك إذن أن الانترنت والخلوي والهاتف الأرضي تمثل حلقات من سلسلة رقابية محكمة تضاف إلى كمرات الفيديو الذكية لتتابعك في كل ما تفعل.

فماذا إذن عن وسائل الإعلام المختلفة : التلفاز والإذاعة والصحف والسينما ؟ هل يمكن أن يتضمن جهاز التلفاز في منزلك أداة تخبر جهة معينة لحظيا بأية قناة تشاهد؟ ربما ! لكن لعل وسائل الإعلام ليست بحاجة لأن تراقبك ، لأنها قد فعلت شيئا أكثر فعالية : فهي قد شكلت أفكارك وسلوكك بالشكل الذي تريده هي أو المسيطرون عليها عالميا، فلماذا إذن يتكبدون عناء مراقبتك إذا كانوا قد توصلوا إلى تحريكك ( مثل الرابوط – الإنسان الآلي) كما يريدون .

إنهم يتوقعون ، بل يكادون يعرفون على وجه التحقيق ما سيكون عليه رد فعلك على أي إجراء أو حادث خطير يحصل في العالم ويمسك بشكل أو بآخر .

وتدلنا وقائع السنوات الأخيرة أن بإمكان سادة وسائل الإعلام أن يحركوا شعوبا بأكملها بكلمة أو بصورة ، وأن يلهونا عن أية قضايا أخرى يريدون تمريرها .


Popular Mechanics

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق