Powered By Blogger

الأحد، 29 يوليو 2012

لمحات طريفة من كتاب "محطة عمان في الأربعينيات من القرن العشرين كما عشتها وعرفتها"

د. موفق عادل (خزنة كاتبي)
دار المأمون للنشر والتوزيع، 2008
- كنت الجامعي الثاني من سكان المحطة (الطبّ من جامعة دمشق)، فقد سبقني بثلاث سنوات - وبحكم السن – أحمد فوزي (أمين العاصمة عمان) لدراسة الهندسة في بغداد. ص 2

- كانت عشائر الدعجة بأفخاذها المختلفة تنتشر في سهول ومرتفعات خنيفسة (الهاشمي الشمالي) وطبربور والنويجيس وماركا محيطة بالمحطة في شمالها وشرقها، والهملان والعبوس في جنوبها. أما الجهة الغربية – فيتوسع السهل ليكون حي الضباط، وكانت تملكه عائلة خورما.
وتتواجد في سهل ماركا الجنوبية عند حدود المطار مجموعة من عشيرة العبدالات.
في جزء من سهل ماركا الجنوبية تأسس في نهاية الأربعينيات نادي السباق.
كان السيل حتى قرب الرصيفة مليئا بشجيرات الدفلى والقصب وكان مأوى للذئاب والضباع والخنازير البرية. ص 7

- كان ابتداء الخط (الحجازي) من دمشق ثم الكسوة، حيث كانت قبل القطار تنطلق منها القوافل حاملة كسوة الكعبة المشرفة. ومن درعا ينطلق خط آخر إلى بصرى الشام، وخط إلى حيفا مارا فوق نهر اليرموك وسمخ وعين جالوت. ص 9
- أصبحت محطة درعا مدينة بكاملها، خاصة أثناء الانتداب الفرنسي، بسبب وجود كل أنواع البضاعة وتهريب الذهب والبضائع من عمان إلى دمشق، حيث كانت عمان "مفتوحة اقتصاديا" وكانت سوريا مغلقة جمركيا. ص 10
- كان فريد خزنة كاتبي هو مأمور محطة تبادل درعا. ص 11
- قبل دخول القطار محطة عمان يبدأ بالصفير الطويل ليعلم المنتظرون في المحطة أن القطار قارَبَ على الوصول. وهناك هدف ثان غير معلن لتلك الصفرة الطويلة هو أن تعلم زوجات الموظفين والعمال الذين هم في القطار القادم أن رجلهم قارب على الوصول لتحضر له الطعام ولتسخن الماء. ص 13
- يطلق اسم قطار البوسطة على قطارات الركاب المنتظمة التي تنقل البريد كذلك.
- استغلّ بعض السائقين أثناء الحرب العالمية الثانية وجود الفحم الحجري في المقطورة، فصاروا يهربون الذهب داخل أكوامه من عمان إلى درعا. ص 19
- صالونات الركاب على 3 درجات . ص 22
- عربة السرفيس (السرويس) هي شاحنة الخدمة، فيها غرفة لمأمور القطار ومساعديه والشرطي. وأخرى لموظف البريد، وثالثة لنقل البضائع الخفيفة. أما عربة الشحن، بين القاطرة والصالونات، فهي لنقل البضائع. ص 23.
- قطارات الشحن: غير منتظمة، لنقل الفوسفات أو المواشي. ص 26.
- النفق الوحيد يقع في نهاية وادي الرمم، أما خط درعا حيفا ففيه 7 أنفاق. ص 27
- قد يترك القطار شاحنات في الجيزة واللبّن والقطرانة، حيث كانت تلك البلاد تصدر كمية كبيرة من القمح. ص 31.
- قال لي أبي: " سلم على عمك الباشا" فسلمت عليه وقبلني، وقلت لأبي: هذا رجل مثلنا، فأجابني: هذا وجيه معان " حامد باشا الشراري".
- في أكثر بيوت المعانيين في عمان لا بد من وجود نبتة العطرة، يضيفون ورقها إلى الشاي.
- أثناء الحرب العالمية الثانية أنشأ البريطانيون خط سكة حديد عسكريا يصل معان برأس النقب. ص 34
- أثناء حرب (معركة) العلمين لاحظنا وصول جرحى بريطانيين واستراليين من درعا إلى عمان بأعداد كبيرة، حيث أفرغوا لهم المستشفى الايطالي. وقد أسر البريطانيون جراح المستشفى الايطالي ومديره د. تيزيو (تيزو). ص 39
- قطارات التابلاين: نقلت بواسطتها أنابيب النفط من حيفا إلى المفرق. والتابلاين هو خط لنقل النفط من الظهران إلى الزهراني جنوب لبنان. ص 40
- أثناء حرب 48 نسف السوريون الخط في الجولان.ص 41
- قطارات البرتقال: خلال 45-1946 كانت الشاحنات تأتي محملة بالبرتقال، فينقلونه إلى بيروت. وانتشر تناول البرتقال في عمان أكلا وعصرا. ص 41
- لاحظنا بعد 1946 حركة نقل كثيفة لمولدات كهرباء من معان، اشترتها شركة الكهرباء الأردنية من مخلفات الجيش البريطاني في شمال افريقيا. ص 42
- الترولي: تشبه السيارة، لنقل بضاعة تستلزم السرعة أو لنقل عدد محدود من الركاب، أو المهندس ومسؤول الهاتف لفحص الخطوط. ص 44
- الطرزينة: عربة لنقل عمال الهندسة (عمال الدريسة). ليس لها محركات بل تدفع باليد. ص 47
- المنطقة السكنية لموظفي السكة: لا تعطى المنازل إلا لموظفي الصنف الأول، ويتبعون سكة حديد فلسطين.
- كان خالد فوست يملك بيتا مخصصا استراحة للعمال. باع خالد كل أراضيه التي ورثها في الشميساني بثمن بخس، ليبني عمارة فوق منزله في المحطة. ص 51
- كنا نستعمل تنك البنزين الفارغ لزراعة الأزهار التي نحضرها من دمشق. وكان يقال أن الزهور، والفلّ خاصة، لا تعيش إلا في تنكة الزريعة. ولعل السبب هو أنها بحاجة للحديد، لتنمو جيدا. ولم يكن في عمان من يبيع أشتال الزهور.
- كان ينام على قرميد البيت أعداد كثيرة من الطاووس التي كان يربيها قائد الجيش البريطاني. ص 58
- كان رئيس القسم فلسطينيا من أصل يوناني، وكان بين فترة وأخرى يهدد بإجراء تنقلات بين الشوّاش على طول الخط، ويذهب بالترولي ليتفقد أمور العمل، ثم يعود والترولي ممتلئة بتنكات السمن والدجاج والبيض والجميد هدية له من الشواش. ص 69.
- كانت خزّانات شركة شِل فوق بيتنا، حيث كانت الصهاريج تأتي من حيفا وفيها الكاز والبنزين. وحدث أن حاول عامل يحمل فنارا (لارشاد سائق القطار) أن يفتح الفوهة ليسرق بعض البنزين، فاشتعل الصهريج وكان ذلك آخر الليل. ص 80
- في زاوية الساحة كان يوجد ماسورة ماء بقطر إنش وكان السكان يستقون منها. فكان السقايون يحملون تناكي الماء بعصا غليظة على الكتفين. ولم تكن إدارة السكة تأخذ ثمن الماء لكن السقائين كانوا يبيعونه تلقاء الحمل والنقل. وقد صار بعضهم وأولادهم من ذوات البلد. بجانب العنبر يوجد مراحيض للرجال والنساء، ما زالت تستعمل من زمن تركيا. ص 85
- كانوا يحضِرون الرمل الناعم من حيفا ثم استعاضوا عنه برمل صويلح، وكان السائق يضعه على السكة إذا تغطت بالثلج. ص 89
- كان من سكان الحي لطفي الكردي. تزوج إحدى بناته "رسيلا" شاب من ماركا هو سليمان الحافظ الذي صار وزيرا للمالية. وسكن الحي أيضا عبده نقاوة وكان من تجار سوق المحطة.
- ومن سكانه داود العبادي من ماحص. صار يخطب في مسجد المحطة. ومن أبنائه عبد السلام الذي صار وزيرا للأوقاف. كان محمد مامو سائقا للقطار، وهو كردي من تكريت. وكانت زوجته أم يوسف القابلة الوحيدة في المحطة. كانت تعطي قسيمة المواليد إلى المختار عبد الكريم الذي يوصلها إلى مديرية الصحة بخط لا يكاد يقرأ، مما سبب اشكالات فيما بعد. ص 100
- كان على الطالب في المرحلة الإعدادية والثانوية أن يلبس الحطة والعقال؛ وإلا فإن المدير حمد الفرحان يعيده إلى المنزل قائلا أن الحطة والعقال هما الباقيان علامة على الشرف العربي الضائع. وكان الأمير عبد الله وهو في موكبه غير الرسمي إذا رآى شابا دون غطاء الرأس يبعث وراءه لينصحه بأن كمال الانسان في غطاء رأسه. ص 107
- سكن الحي النجار جميل الترك، وزوجته أم أمل، وهي شركسية مطلقة، وابنتها أمل التي أصبحت فيما بعد المطربة طروب. لم يرزق جميل بأولاد، ورأيته في دمشق يستعطي الناس عند مسجد المولوية. ص 108
- سكن الحي محمد الكردي. أصبح ابنه صالح مديرا لسلاح الجو.
- كان المسحّر صدقة لا يتقبل المال أو الطعام، معتبرا عمله تطوعا من أعمال الخير. ص 110
- حي الضباط: أرض الحي يملكها شركسي من عائلة خورما. وكان لا يبيع الأرض وإنما يؤجرها بالأمتار المربعة. ثم صار هو وورثته يبيعونها بسعر 300 دينار للدونم بعد عام 1945. وهناك بيت محمد زعرور، صار ابنه تيسير مديرا لسلاح الجو. والضابط محمد سالم فوزي من ضباط الموسيقى؛ أصله من ليبيا، وصار ابنه أحمد أمينا للعاصمة.
- على الزاوية منزل سكنه الكثير من الضباط، منهم حابس المجالي، وكانت زوجته تضع لنا جرة الماء وفوقها الكيلة لنشرب عندما نلعب؛ وأيضا عبد الرحمن الجمل الذي صار قائدا للشرطة في عمان. ص 114-124
- البيت الأخير لعبد الجليل، وهو حجازي صاحب دكان وزوجته دمشقية. ترك لها زوجها ارثا كبيرا هي الأرض الواقعة فوق الملعب، والتي نزل فيها اللاجئون الفلسطينيون عام 1948. ورأيتها قبل 5 سنوات تطالب بالأرض قانونيا.
- كان جسر النشا حيث وجد مصنع لصنع النشا من القمح خلال الحرب العالمية الثانية. وكان مسلخ عمان يرمي فضلات المسلخ فتكثر الضباع والنسور، فيما أصبح يعرف بوادي الرمم. ص 124
- تجفّ مياه السيل في حزيران وتبقى بعض الحوامات، التي يسبح فيها الأولاد أو يصطادون السمك. ص 131
- كان النوَر يسلبون المارين المنفردين بين قصر المعتمد البريطاني (أصبح قصر الأمير الحسن) وحي الضباط. ص 133
- كان ملعب كرة القدم أحد معالم المحطة؛ وكانت تتدرب فيه فرق الأندية الأربعة: الفيصلي، الأردن، الأهلي، والهُمِنتمن. في عام 1941 حشدت قوات البادية في الملعب لتتوجه إلى العراق بعد ثورة رشيد عالي الكيلاني. وفي أواسط الأربعينيات أقيم فيه مهرجان رياضي لمدارس عمان. ثم امتدت اليه منازل اللاجئين الفلسطينيين. ص 135
- كان الاشتراك الشهري في النادي الفيصلي عشرة قروش. وقد شكلنا فريقا لكرة القدم في مدرستنا، كان من أعضائه مظهر خير وزيد حمزة. وكان استاذنا ومدربنا زاهي الشاعر، ومدرّس اللغة العربية سيف الدين الايراني. ص 142
- كان الفطبول يتألف من قسمين البراني والجواني، ونستخدم منفاخا له صمام ندعوه البلف من كلمة فالف. ص 144
- بساتين المحطة: بين عمان والمحطة، بين سفح جبل القصر الملكي وسيل عمان، كان أصحابها من نابلس: علي البلبيسي وكلبونة وحسونة والصراوي والوزني وحمدو الأنيس. وكانوا يبيعون إنتاجهم من الخضار وبعض الفوكه في السوق المركزي. زالت البساتين تدريجيا بعد 1948. ص 146
- كان عبده نقاوة، من أهل الشام، البائع الوحيد لجرّات الغاز. بنى فيما بعد بناء تجاريا في الجبل الهاشمي وصار الدوار هناك يعرف باسمه. ص 153
- يوجد ملعب للتنس خلف السوق، وهو خاص للانجليز وأصحابهم. ص 154
- يقال أن السوق الجديد ملك لجميل الصالح الذي كان له في آخر الأربعينيات سينما الأهلي، أول سينما في المحطة، وكان لها أوقات خاصة للنساء. ص 155
- يقع معسكر الجيش العربي بين السيل ومحطة سكة الحديد. كان الحاج حسن الجيرودي يدير الكنتين، دكان الجندي. حيث الأسعار مخفضة. والبيع ببطاقات مشتراة مسبقا. لكن حصل تقليد لتلك الدفاتر مما أثر في دخل صاحبه.ص 157
- سجن المحطة: كان السجن المركزي للإمارة. بنى مدير السجن حلمي الصبان، وهو دمشقي، له بيتا فخما. وقيل أنه استخدم المحكومين بالأشغال الشاقة في بناء البيت. ص 165
- كان في المحطة عام 1948 مسجدان. الفتح وحي المعانية، وكنيسة حي الضباط. ص 167
- حتى منتصف الأربعينيات كانت مدرسة الفتح (العسكرية) هي الوحيدة. كان عدد طلاب الصف الثالث ستة، نصفهم ذكور ونصفهم إناث. لم يكن للمدرسة آذن ينظفها، بل كان على الطلاب تنظيفها. كان من يتخرج من مدرسة المحطة في الصف الرابع يلتحق بالمدرسة العسبلية مقابل المدرج الروماني، إذا كان متفوقا.ص 176
- كان كل بيت يحفر جورة امتصاصية. وعرف السكان أن شجرة الكينا تبحث عن الماء وتمتصه فزرعت قرب هذه الجور. ولم تكن توجد مراحيض في حي التنك، فكانوا يقضون حاجتهم بجانب السيل، في مكان منخفض، ومنه كلمة الغائط وهو المكان المنخفض لقضاء الحاجة ( ومن ذلك بئر غويطة أي بعيدة القعر). ص 187
- وصلت الكهرباء إلى المحطة في أوائل الأربعينيات، وكنا قبل ذلك نستعمل لمبات الكاز نمرة 4، أو اللكس، ويعمل بالكاز ويشعل قميصه بالكحول. ص 190
- وكانت الشوارع تنار باللكس المرفوع على عمود. ص 194
- كان مراسل البريد يأتي مرة في الأسبوع. وكان لكل مسؤول هاتف في مكتبه أو منزله موصول بالمقسم (السنترال). لم يكن مأمور المقسم الليلي يهتم إلا بكبار المسؤولين، ولا يرد على غيرهم. وفي نهاية الأربعينيات، صار من الممكن لأي انسان في المحطة أن يمد خط هاتف إلى منزله ولكن بعد وساطة كبيرة جدا جدا جدا. ص 201
- استعمل الموظفون الكبار في السكة الفحم الحجري للتدفئة بواسطة صوبات، أو منقل يصنعه العمال من تنكة بنزين. ثم فقد الفحم عام 1944 فاستعاضوا عنه بالسولار للقطارات، والحطب للصوبات المصنوعة من الصاج. وكان سوق الحطب في ساحة الشابسوغ؛ واستعمل للطبخ بابور الكاز (أو البريموس السويدي الصنع). ص 202
- تكوّن مجتمع المحطة من طبقتين: كبار الموظفين من حيفا، والعمال من عمان ومعان. وكان الضابط مميزا بدخله عن الجنود.
- البست وزارة المعارف الطالبات الفقيرات زيا خاصا بقصد اعطائهن وجبة طعام وحليب. فصارت الطالبة الفقيرة تعاب. وبقي ذلك الزي عدة سنوات.
- كانت الكوليرا تقتل المئات. وكات تسمى الريح الأصفر وتنتشر صيفا بوجود الذباب.
- كان الأولاد يصيدون العصافير بالنقيفة. وهي عقفة من الشجر مربوطة بزوج من المطاط الداخلي لعجل السيارة. ص 212
- كانت ساحة المدرج الروماني المكان الوحيد تقريبا للاحتفال بالعيد، حيث تنصب المراجيح والدويخات.
- كانت سينما البتراء هي الوحيدة في عمان في أوائل الأربعينيات. وكان تعمل دعاية قبل شهر لأفلام العيد مثل زورو وطرزان. ص 242
- عام 1948 أنشأت وكالة الغوث أول عيادة صحية في المحطة. وكان الأطباء يفتحون عياداتهم حول المسجد الحسيني وفي شارع المهاجرين (طلال).ص 252
- عام 1947 سقطت طائرةعسكرية بريطانية في مطار ماركا. ولم تحترق أو تدمر. ص 268
- أقيم في ماركا عرض عسكري بمناسبة تتويج الأمير عبد الله بن الحسين ملكا على الأردن باسم ملك المملكة الأردنية الهاشمية. ص 270.
- كانت تحرق الثياب العسكرية القديمة في ساحة عين غزال كي لا يلبسها الأقارب. ص 270
- حصل حريق عظيم في منطقة عين غزال في منتصف الأربعينيات، في مستودع لوقود الجيش.
- بعد الحرب الثانية تأسست شركة الطيران العربية وتأسس مطار عمان المدني وسلطة الطيران. وكانت الطائرات ذات محركين. ص 271
- أضرب موظفو السكة بعد انتهاء الحرب العالمية مطالبين بزيادة رواتبهم بعد أن تأثرت بإجراءات التقشف أثناء الحرب. ص 272
- بعد 15 أيار 1948 ببضعة أيام أغارت طائرة على المطار البريطاني خطأ ورمت قنبلة هزت المحطة جميعها. بعد 3 أيام نصب الانكليز مدفعيتهم الضخمة المضادة للطائرات في أول ماركا. ص 283.
(عرض حسام جميل مدانات)
18/7/2012

اللغة الإسبانية في بلدنا وفي العالم

21 سنة على إنشاء معهد ثِربانتِس
حسام مدانات
تلقت "العرب اليوم" دعوة للمشاركة في احتفالات "يوم اللغة الاسبانية": السبت 23 حزيران، في معهد ثِربانتِس في عمان (شكرا للسيدة روث فرناندِث غلِندي). فما هو هذا المعهد، وما وضع اللغة الإسبانية لدينا، وفي العالم حاليا؟

اللغة الأم الثانية في العالم بعد الصينية

يتحدث الإسبانية، كلغة أم، 500 مليون إنسان. وهي اللغة الرسمية في 21 بلدا، منها بالطبع اسبانيا ثم دول أمريكا الجنوبية (باستثناء البرازيل التي تتحدث البرتغالية)، ودول أمريكا الوسطى، والمكسيك في أمريكا الشمالية. إضافة إلى معظم دول جزر البحر الكاريبي.
يجدر بالذكر أن اللغة الإسبانية قد غزت الولايات المتحدة نفسها؛ فأصبحت اللغة الثانية فيها، خاصة في ولاياتها الجنوبية المتاخمة للمكسيك. ولا ننسى أن عددا من هذه الولايات الجنوبية كانت تابعة للمكسيك، أو مستعمرات اسبانية، مثل فلوريدا، قبل أن تشتريها أو تحتلها الولايات المتحدة. وأسماؤها تدل على ذلك. إن 34 مليونا من مواطني الولايات المتّحدة يتحدثون الإسبانية في منازلهم، أي بنسبة 12,2% من السكان. وكانت الإسبانية اللغة الرسمية في الفلبين خلال الفترة 1565-1973.

علاقة عربية اسبانية عريقة

دخل العرب، بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد، الأندلس في اسبانيا عام 711 وبقيت أجزاء كبيرة من إسبانيا عربية حتى عام 1492 ، أي قرابة 800 عام.
وما زالت آثار التراث العمرانيّ العربيّ ماثلة للعيان في إسبانيا، كما دخلت كلمات عربية كثيرة إلى اللغة الإسبانية. نلاحظ مثلا أن لفظ الاحترام للمخاطب فيها محرّف عن كلمة أستاذ العربية.

وكانت اسبانيا قد استعمرت الصحراء الغربية، وهي جزء من المغرب حاليا. ويتقن الاسبانية في المغرب 5,5 مليون شخص من ما مجموعه 32 مليونا. فالمغرب واسبانيا تفصل بينهما مسافة قصيرة هي مضيق جبل طارق.
وقد درس العديد من طلابنا في الجامعات الاسبانية، وبقي بعضهم هناك بعد التخرج (لا نملك احصائيات بعددهم حاليا). كما هاجر ملايين العرب إلى دول أمريكا اللاتينية ووصل بعضهم إلى منصب رئاسة الجمهورية.

معهد ثِربانتِس

أنشأت إسبانيا معهد ثربانتس رسميا عام 1991. ويوجد حاليا 78 مركزا موزعة على 44 بلدا، وهذه المراكز مكرسة لتعليم اللغة والثقافة الاسبانية. سُمّي هذا المعهد تكريما للأديب ميغِل دي ثربانتس (كان يكتب خطأ "سرفانتس") (1547-1616) وقد ألّف الرواية المشهورة "دون كيخوته" (دون كيشوت).
يقع معهد ثربانتس قرب الدوار الثالث في جل عمان (خلف مستشفى عمان الجراحي وفندق الأردن)

يوم اللغة الإسبانية

بدأت نشاطات هذا اليوم في معهد ثربانتس في عمان في تمام العاشرة والنصف صباحا. بحضور كثيف من طلبة المعهد وأصدقائه والراغبين في تعلم هذه اللغة المهمة.
تضمّن البرنامج أنشطة متنوعة، منها درس مجاني للتعريف باللغة الاسبانية ثم تعريف بموقع المعهد على الانترنت للتعلم التفاعلي المجاني للغة الاسبانية. والموقع هو:
cvc.cervantes.es
وقد وزعت في أرجاء المعهد بطاقات عليها مقتطفات من أشعار نيكانور بارّا، كما تضمن العرض سوق كتب مجانية، ثم رقصات من الدول الناطقة بالإسبانية، ومسابقة غنائية (كاريوكي) لطلبة المعهد مع توزيع جوائز على أفضل ثلاثة منهم. واستمتع الأطفال الحضور بسرد قصصي ورسم على الجدران.

الاثنين، 9 يوليو 2012

مستقبل الطاقة في العالم

تعليق على تقرير وكالة الطاقة الدولية:

د. هشام الخطيب
(عرض وتلخيص المحرر العلمي، عن بحث بالانجليزية للكاتب، من 27 صفحة)
العرب اليوم، 10/ 7/ 2012
تصدر سنويا عدة دراسات تستشرف مستقبل الطاقة في العالم. ولعل أهمها هي الدراسة التي تصدرها وكالة الطاقة الدولية. بعنوان IEA World Energy Outlook.

صدرت هذه الدراسة في تشرين الثاني، 2011؛ وهي تتكون من أربعة أجزاء، وتقدم عرضا محدّثا وشاملا لتوقعات العرض والطلب على الطاقة حتى عام 2035، وتحلل التطورات الممكنة لأسواق الطاقة ضمن ثلاث مشهديات (سيناريوهات)، بناء على افتراضات عامة حول الظروف الاقتصادية العالمية والنمو السكاني، في حين انها تعتمد على افتراضات متباينة حول السياسات الحكومية.

وفي كانون أول 2011، أصدرت شركة النفط العملاقة Exxon Mobile تقريرها: استشراف الطاقة لعام 2012 (حتى عام 2040). وهو ليس بعمق أو بتفصيل دراسة IEA ، لكن الكاتب يرى أن بعض افتراضات واستنتاجات الدراسة الحالية تحتاج تحليلا ومراجعة حريصين.

دراسة من أربعة أجزاء

يحلل الجزء الأول من دراستنا هذه التطورات الممكنة لسوق الطاقة، والاستثمارات في البنية التحتية حسب نوع الوقود والمنطقة والقطاع، ومستويات التلوث العالمي من حرق أنواع الوقود.

ويقدم الجزء الثاني تحليلا معمقا لتوقعات عرض الطاقة واستخدامها في روسيا، وهي أحد أكبر منتجي الطاقة.

ويقدم الجزء الثالث تقييما شاملا لوضع الفحم الحجري.

ويستعرض الجزء الرابع ثلاثة موضوعات خاصة: الطاقة النووية بعد حادثة فوكوشيما، وإمكانية انهيار صناعة المفاعلات النووية عالميا. أو على الأقل ركودها وتوقف توسعها.
والموضوع الثاني هو التحدي الاستراتيجي للعوز الطاقي.

ويتعلق الموضوع الثالث بالاعانات الحكومية للوقود الحفوري (النفط والغاز والفحم) ولمصادر الطاقة المتجددة. ويدعو إلى تشجيع الإجراءات الهادفة لتصويب سياسات الدعم عالميا، وإبراز الدور المهم الذي تلعبه الحوافز المصممة جيدا لتطوير تقنيات أنظف وأكثر فعالية، من أجل تخفيض مستويات التلوث وغاز الدفيئة، وتنويع مصادر الطاقة.

ولا يملك من يقرأ هذا التقرير، وتقارير سنوات سابقة، إلا أن يخرج بانطباع بأن هذه التقارير تركز على احتمالات زيادة اطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو بسبب تزايد استهلاك الطاقة عالميا، وهذا سيفاقم ظاهرة الاحترار الكوكبي. لكن هذه التوقعات تتعرض لنقد متزايد.

مشهديات الطاقة المستقبلية

ترى الدراسة مستقبل الطاقة عبر ثلاثة منظورات أو مسارات مختلفة، وما سيؤول اليه وضع الطاقة في نهاية كل من هذه المسارات الثلاثة.

المنظور الأول هو استمرار ممارسات الطاقة في العالم كما هي الآن، دون تغييرات كبيرة في سياسات الطاقة في الدول الكبرى.

والمنظور الثاني تحت عنوان "سياسات جديدة"، ويبحث في ما يمكن أن يحصل لو أن المستهلكين الرئيسيين للطاقة في العالم نفذوا ما ينادون به عن الحد من انبعاثات الكربون. ويُدعى المنظور الثالث: "مشهدية 450"، وهو يتفحص نتائج التزام العالم بابقاء مستوى الكربون الجوي أدنى من 450 جزءا بالمليون.

معلومات وأرقام منتقاة من الدراسة (التوقعات لعام 2035)

- اعتمادا على "مشهدية السياسات الجديدة" يُتوقع زيادة الطلب على الطاقة الأولية بنسبة الثلث بين 2010 و 2035.

- ستستهلك الصين من الطاقة أكثر من الولايات المتحدة بنسبة 70%، لكن تبقى حصة الفرد فيها أقل من نصفها للفرد الأمريكي.

- ستنخفض حصة الوقود الأحفوري في العالم من 81% (2010) إلى 75% (2035).

- ستزيد نسبة الوقود المتجدد من 13% إلى 18%. ويرتفع الدعم الحكومي لهذا القطاع من 64 إلى 250 مليار دولار.

- تلقّى الوقود الأحفوري عام 2010 دعما قدره 409 مليارات دولار.

- عام 2035 سيصبح سعر برميل النفط 120 دولارا (بدولارات 2010).
- ستمثل زيادة انتاج النفط في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا 90% من الزيادة العالمية.
- سيزيد الطلب على النفط من 87 إلى 99 مليون برميل يوميا.
- سيتضاعف عدد السيارات إلى 1,7 مليار.
- سيزداد حرق الفحم بنسبة 65%.
- ستزداد حصة الغاز الطبيعي لتساوي حصة الفحم؛ والدولة الأكثر انتاجا هي روسيا.
- سينمو قطاع الكهرباء بنسبة 2,4 % سنويا، مقابل 1,3% لمصادر الطاقة الأولية. سيكون نصف الزيادة في انتاج الكهرباء عالميا في الصين والهند.

- سيلزم استثمار 38 ترليون دولار (دولارات 2010) في مجالات الطاقة، منها 16,9 ترليون في الكهرباء، و 10 ترليون في كل من النفط والغاز، مقابل 1,2 ترليون للفحم.

- الدعم الحكومي يعني بيع الطاقة بأقل من كلفتها، وهو مصدر الشر الرئيسي في مجال الطاقة. ويسبب الهدر وتلويث البيئة. وفي عام 2010 كان الدعم عالميا 409 مليارات دولار، خاصة في الدول المصدرة للنفط والشرق الأوسط وروسيا.

عشر تجارب ستشكل مستقبلنا

م. سائد مدانات
العرب اليوم / 10/7/ 2012
صحيح أن المستقبل يبدأ منذ اليوم، منذ هذه اللحظة. لكن هل يعقل أن عالم الغد يعتمد على بضع تجارب محورية يجريها العلماء في مختبراتهم حاليا؟

ربما! فنحن نعلم أن عالم اليوم يحفل بأشياء لم تكن لتخطر لأجدادنا على بال. والمنجزات العلمية والتقنية الباهرة تفاجئنا كل يوم. فكيف سيكون عالم المستقبل؟ وما هي التجارب التي قد تجعله يختلف عن عالم اليوم؟

اختار د. بول بارسنز P. Parsons عشر تجارب جارية حاليا؛ وهو يعتبرها محورية وبالغة الأهمية في تحديد مستقبلنا غير البعيد:

1- آلة تصنع دنا البشر.
تجري التجارب الهادفة لإنتاج هذه الآلة في معهد MIT المشهور في بوسطن. وتعمل هذه الآلة كما يعمل الحاسوب في عملية النسخ واللصق (copy-paste). وإذا نجحت هذه التجارب، فإن طبيب المستقبل سيتمكن من التحكم في الحامض النووي البشري، دنا، للتعامل مع الأمراض الوراثية، ولجعل الجسم مقاوما للفيروسات الضارة مثل الهيف المسبب للإيدز. ويمكن زراعة الدنا في بكتيريا، وهذه بدورها تتكاثر وتعمل كما لو كانت مصنعا لانتاج الدنا المطلوب بالكميات التي نريدها. والواقع أن هذه التقنية قد قطعت خطوات كبيرة في مجال نسخ دنا لكائنات حية غير الإنسان.

2- تطوير مصدر طاقة نووية وفير وآمن.
في عام 1956، شغلت بريطانيا أول محطة نووية كهربائية لتكون الطاقة النووية، حسب قولهم، مصدر طاقة المستقبل. لكن الحوادث الخطيرة التي حصلت في المفاعلات النووية، وآخرها محطة فوكوشيما اليابانية، جعلت مستقبل الطاقة النووية مظلما.
فهل من مخرج من هذا المأزق؟
ربما تكون مفاعلات الاندماج النووي هي الحل. وهو تفاعل آمن، وغير متسلسل، ولا ينتج فضلات مشعة طويلة العمر. لكن المشكلة الصعبة حتى الآن هي كيفية احتواء الوقود المكوّن من نظائر الهيدروجين الثقيلة عند 150 مليون درجة سلسيوس.

ولعل الحل هو استخدام مجال مغنطيسي لحجز الوقود ضمن وعاء حلقي، يدعى توكاماك.

3- زيادة انتاجية القمح 50%.
يهدف هذا المشروع الى رفع كفاءة عملية البناء الضوئي في القمح لزيادة وزن سبلة القمح بنسبة 50%. يكلف المشروع مئة مليون دولار مقسمة على عشر سنوات. وتجرى تجارب في محطة "اتحاد إنتاج القمح العالمي" في صحراء سنورا المكسيكية.

4- صنع طائرة فضائية وحيدة المرحلة.
يكلف هذا المشروع 5 مليارات دولار، وهو في مراحله النهائية الآن. يدعى المشروع SKYLON، ويعتمد على استخلاص الأكسجين اللازم لاحتراق الوقود، من الهواء حتى ارتفاع 28كم، ثم تعود المركبة للاعتماد على الأكسجين السائل.

5- اكتشاف حياة أخرى في الفضاء.
في عام 1995، رُصد أول كوكب يدور حول نجم يشبه شمسنا. ومنذ ذلك الحين تعرفنا على 760 كوكبا مشابها في الفضاء. وإذا عثرنا على كوكب يشبه ارضنا، فقد تكون عليه حياة من نوع ما. لكن المشكلة هي أننا لن نتمكن من مشاهدة الكوكب الذي يبعد عن نجمه بقدر بعد الأرض عن الشمس. بل سيختفي عن مراصدنا ضمن تألق نجمه.

6- زراعة مرض الزهيمر مخبريا.
رصدت بريطانيا مليون جنيه لهذه الأبحاث، وهي تهدف لزراعة أنسجة دماغ مصابة بهذا المرض من أجل فهم أسراره ومعرفة مسبباته.

7- خلق نموذج واحد لفيزياء الجسيمات.
تظهر مؤشرات عملية أن النموذج الفيزيائي المعياري المقبول حاليا لا يفسر الظواهر المرتبطة بالطاقات العالية للغاية، مثل تسارع تمدد الكون.

ويهدف مشروع تقدر كلفته بعشرة مليارات دولار إلى بناء مصادم خطي دولي، للتوصل إلى نموذج واحد يفسر كافة ظواهر الفيزياء. سيبلغ طول المصادم 50كم، ويتوقع انجاز تصميمه في نهاية العام الحالي.

8- تطوير موصل فائق عملي.
عندما نستخدم أسلاك النحاس في نقل الطاقة الكهربائية، فإننا نفقد نسبة كبيرة من الطاقة بسبب مقاومة النحاس لمرور التيار. لكن الموصل الفائق يمرر التيار دون مقاومة ودون خسارة للطاقة. ولك أن تتخيل مقدار الوفر في الطاقة الضائعة لو أمكننا صنع موصل فائق على درجات الحرارة العادية، فالموصلات الفائقة المعروفة حتى الآن تعمل على درجات بالغة الانخفاض، أدنى من 163 درجة تحت الصفر. تقوم بالتجارب حاليا جامعة سدني الاسترالية، وقد نشرت أولى النتائج في مجلة Nature في نيسان 2012.

9- شفط CO2 من الغلاف الجوي.
تدعم الحكومة الكندية هذا المشروع بمبلغ ستة ملايين دولار، ويهدف إلى استنباط وسيلة لاستخلاص ثاني أكسيد الكربون (ثاك) من الجو، للتخفيف من ظاهرة الدفيئة، أي ارتفاع درجة حرارة الأرض. تقوم بالأبحاث مؤسسة Carbon Engineering. وقد نجحت بالفعل المحاولات الأولى في عام 2011.

10- كبسولات دواء ذكية.
ما رأيك أن تزرع في جسمك كبسولة دواء قادرةعلى إطلاقه في اللحظة المناسبة، وعند الحاجة اليه. قد تنقذ هذه الكبسولة حياة أشخاص يعانون من مشكلات تتطلب تدخلا علاجيا في لحظات معينة، كما هو حال المصابين بالسكري أو ارتفاع الضغط.

طورت ناسا هذه الكبسولة ، اعتمادا على أنابيب كربون نانوية، لتزرع تحت جلد رواد الفضاء ولتفعّل عند تعرضهم لأخطار معينة، مثل الإشعاعات القوية. تحتوي الكبسولة على خلايا حية مهندسة جينيا، لتفرز الدواء استجابة لمحفزات معينة.

ماري كوري (1867 – 1934)

شخصيات علمية

العرب اليوم، 10 / 7/ 2012

أول امرأة تفوز بجائزة نوبل، وأول من فاز بها مرتين.
أسمهان طعيمة

لم يعد مستغربا في عصرنا الحالي أن تتعلم المرأة وأن تتبوأ منصب الأستاذية في جامعة أو مناصب عليا في الدولة، لكن ذلك لم يكن بالأمر السهل قبل مئة سنة، حتى في أوروبا.

ولدت ماري في وارسو في بولندا، وكانت حينئذ تحت الحكم الروسي. كان والدها معلما للعلوم والرياضيات، ووالدتها مديرة لمدرسة داخلية. فقدت والدتها وشقيقتها الكبرى وهي صغيرة، ما أثر سلبا على معتقداتها الدينية.
ثم أفلست عائلتها. فاضطرّت لممارسة مهنة التدريس الخصوصي والتحقت سرّا بالجامعة الحرّة في وارسو (وفّرت هذه الجامعة تعليما يتّفق مع النظام التربوي الوطني، الذي لم تكن سلطات الاحتلال الروسي لتسمح به). وقد تكفلت ماريا بنفقات اختها التي ذهبت لدراسة الطب في باريس.

عام 1891 لحقت باختها في باريس والتحقت بجامعة السوربون لدراسة العلوم والرياضيات. وكانت مضطرة للعمل في التدريس لتسد تكاليف المعيشة والدراسة. حصلت على شهادة في الفيزياء عام 1893 ثم في الرياضيات عام 1894. وكانت تطمح للعودة إلى بلدها للعمل في البحث العلمي لكن جامعة كراكوفيا رفضت توظيفها... لأنها امرأة! فعادت إلى باريس وتزوجت بيير كوري الذي كان يعلّم في المدرسة العليا للفيزياء والكيمياء.

اختارت ماري أن تجري أبحاثا في مجال اشعاع اليورانيوم بهدف الحصول على الشهادة العليا في الجامعة. وكان هنري بِكِرل قد اكتشف عام 1896 أن أملاح اليورانيوم تبث من ذاتها إشعاعات قادرة على اختراق الأجسام.

كان على ماري وزوجها أن يستخلصا اليورانيوم من خاماته. ونعلم أنه يوجد فيها بنسبة ضئيلة للغاية. ما جعلهما يعملان ليل نهار في شقتهما الصغيرة للحصول على كميات ضئيلة من أملاح اليورانيوم. لاحظت ماري أن أحد الخامات يطلق نشاطا إشعاعيا أقوى مما يطلقه اليورانيوم نفسه فتوقعت أن مصدر ذلك هو عنصر آخر ذو نشاط إشعاعي أقوى. وقد استخلصت فيما بعد عنصر الراديوم والبولونيوم، إضافة الى اكتشاف خاصية الإشعاع للثوريوم. في عام 1903 منحت الأكاديمية السويدية للعلوم جائزة نوبل في الفيزياء لكل من بيير وماري كوري، ولهنري بكِرل تقديرا لانجازاتهم في دراسة العناصر المشعة. وقد اقتسم الزوجان قيمة الجائزة المالية مع بعض أصدقائهما وطلبتهما المحتاجين.

في عام 1911 حصلت ماري كوري على جائزة نوبل للمرة الثانية؛ لكن في الكيمياء، هذه المرة. وفي عام 1914 أنشأت الحكومة الفرنسية معهدا لدراسة الراديوم. أصبح اسمه فيما بعد معهد كوري.

خلال الحرب العالمية الأولى، شعرت ماري بضرورة وجود أجهزة تصوير بالأشعة في الجبهة، وكان لها الفضل في توفير 200 وحدة تصوير و 20 عربة حاملة لها لوضعها في مستشفيات الميدان، لتساعد الجرّاحين في عملهم. ويقدّر أن أكثر من مليون جندي جريح قد استفادوا في علاجهم مما أطلق عليه اسم "وحدات كوري الصغيرة".

قتل زوجها بيير عام 1906 تحت عجلات عربة تجرّها الخيول في أحد شوارع باريس، فمُنحت ماري مكان زوجها في جامعة السوربون، لتصبح أول امرأة استاذة في هذه الجامعة.

توفيت ماري عام 1934 بأحد أنواع اللوكيميا، بتأثير تعرّضها المتواصل للاشعاعات، ولم يكن تأثير الاشعاع الضار على الصحة معروفا أثناء إجرائها تجاربها الطويلة على العناصر المشعة.

يجدر بالذكر أن ابنتها ايرين وزوج ابنتها فردريك كوري قد فازا أيضا بجائزة نوبل. وقد كرّمت ماري كوري باطلاق اسمها على عنصر سمّي الكوريوم، كما سُميت جامعة باريس السادسة باسم بيير وماري كوري. وأطلق على أحد العناصر المشعة اسم "البولونيوم" تكريما لوطن ماري الأصلي: بولندا أو بولونيا.

وقد تتساءل عزيزي القارىء عن السر وراء هذه الانجازات الإبداعية لهذه المرأة العظيمة. ولعل تكريس نفسها ووقتها لأبحاثها، والعمل الشاق والمثابرة كانت هي السر في ذلك، مصداقا للقول"إن 95% من العبقرية هي المثابرة والعمل الدؤوب".
نشير أخيرا إلى أن اسمها الأصلي هو ماريا سَلوميا سكودفسكا، وكوري هو اسم عائلة زوجها بيير. ونشير أيضا أنه كان بإمكاننا أن نكتب اسمها "ماري خوري". فكلمة Curie الفرنسية هي الخوري، أي القس.