Powered By Blogger

الأحد، 12 فبراير 2012

سرطان الثدي: ما مدى الحاجة للعلاج الكيماوي

حسام جميل مدانات

أكثر من ثلاثة أرباع النساء التي تجرى لهن عملية إزالة الثدي المصاب بالسرطان يتابعن العلاج الكيماوي للقضاء على أي بؤر محتملة، مع ما يسبب هذا العلاج من عواقب وأعراض جانبية خطيرة. لكن هذه الممارسة ليست ضرورية؛ إذ أن امرأة واحدة فقط من كل خمس نساء يتعرضن للعلاج الكيماوي تكون بحاجة حقيقية لهذا العلاج. أما النساء الأربع الأخريات فلا خشية من عودة سرطان الثدي لهن حتى لو لم يتناولن العلاج الكيماوي.
كيف نوقف هذه الممارسة المؤذية والمكلفة وغير المبررة، فالأدوية الكيماوية باهظة الثمن، سواء تحملها المريض أو التأمين الصحي أو الدولة، والعواقب الصحية للعلاج مؤلمة من سقوط الشعر واضطرابات هضمية وتعرض للالتهابات ومشاكل في القلب تضاف للعواقب النفسية الناتجة عن إزالة الثدي . يبدو أن الحل يكمن في إجراء فحص جيني مبكر يدعى البصمة الجينية للثدي.

سرطان الثدي هو السبب الأول لوفيات النساء. في كل سنة تشخص في فرنسا 40 000 حالة جديدة، أما الوفيات السنوية بسببه فهي نحو 12 ألف. وفي المقابل فان نحو ثلاث نساء من كل أربع يتعافين تماما بعد العلاج، بفضل الكشف المبكر بواسطة التصوير بالأشعة، والعلاجات الفعالة التي قد تغني عن الجراحة.

على أية حال، فان العلاج الكيماوي ليس ضروريا في 80% من الحالات بعد الجراحة. وهذه نسبة عالية فعلا. وبعد إجراء العملية يلجأ الطبيب المعالج عادة إلى تقييم مدى حاجة المريضة للعلاج الكيماوي وتقدير احتمال ظهور بؤر سرطانية جديدة اعتمادا على حجم الورم الذي أزيل وطبيعته، وعلى سن المرأة، وخصائص المستقبلات الهرمونية وعدد الغدد اللمفاوية المصابة. لكن هذه المؤشرات غير كافية على المستوى الفردي مما أوجب تطوير تقنية أدق، ولهذا السبب تجرى منذ عام 2002 أبحاث لتطوير فحص تشخيصي تكهني أطلق عليه اسم Mammaprint ويهدف لتحديد النساء المعرضات لعودة السرطان بعد الجراحة. وفي عام 2007 رخصت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA إجراء هذا الفحص ثم تبعتها دول أخرى.

بصمة أمستردام

طورت البصمة الجينية في أمستردام عاصمة هولندة. وفي البداية أخضع للدراسة ما مجموعه 25 ألف جين ، وهي مجمل الجينات ذات العلاقة بالأورام السرطانية في الثدي، ثم قلص عدد الجينات المفحوصة إلى 70 فقط، واعتبرت كافية لتحديد احتمال عودة الورم بعد العملية. وهي تتعلق بالبروتينات المختصة بتكاثر الخلايا، ومدى تماسكها، وهذا يحدد إمكانية انفصالها لتكوين بؤر سرطانية جديدة، وتتعلق أيضا بالبروتينات المعنية بتروية الورم بالدم. وهكذا طور الباحثون الهولنديون اختبارهم الجيني القائم على تحليل هذه الجينات السبعين، مما يسمح بإنتاج بروفيل أو سحنة جينية خاصة بالمريضة ومن ثم تحديد احتمال عودة الورم.

الخطوات الإجرائية للفحص الجيني

عند إجراء عملية إزالة الثدي أو الورم السرطاني فيه، يؤخذ جزء من النسيج المزال ويجمد من أجل فحصه على يد مختص بعلم الأمراض. ثم ترسل العينة إلى المختبر الهولندي Agendia BV المختص بالفحص الجيني.

ورغم أن الفحص الجيني يسوق في الولايات المتحدة منذ عام 2008، فانه ما زال في طور التجريب في دول الاتحاد الأوربي من أجل تحديد مدى تفوقه على التقييم التقليدي لاحتمالات الانتكاس وعودة الورم.

والواقع أن الاتحاد الأوربي يعمل حاليا على مشروع يهدف للمقارنة الفورية لنتائج كل من الفحص الجيني Mammaprint والتقييم التقليدي. أطلق على المشروع اسم Mindact، ويسعى القائمون عليه إلى تطبيق الدراسة على 6000 امرأة من مختلف دول العالم وذلك خلال السنتين القادمتين. وتظهر النتائج بعد 4 سنوات.

وبناء عليها سيقرر الاتحاد الأوربي موقفه فيما يتعلق باعتماد البصمة الجينية لكشف مدى خطر الانتكاس واحتمال عودة الورم وبالتالي مدى ضرورة إعطاء العلاج الكيماوي.

Science et Vie- Jan 2009
P 91

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق