Powered By Blogger

الأربعاء، 15 فبراير 2012

كيف نخفض إلى النصف وفيات العمليات الجراحية

حسام جميل مدانات

في عام 2007 أجريت على مستوى العالم 234 مليون عملية جراحية. بعض هذه العمليات فشلت وانتهت بوفاة المريض أو سببت عواقب سيئة أو خطيرة.

قد يكون السبب أن العملية نفسها ذات طبيعة صعبة ومعقدة، وتتضمن عنصر مخاطرة واحتمال فشل يزيد أو ينقص حسب حالة المريض ومهارة الجراح ( ويفترض أن الجراح ماهر ومؤهل) وحسب توفر المعدات الصحيحة ( ويفترض أنها متوفرة)... لكن نسبة كبيرة من العمليات الفاشلة كان يمكن أن تنجح لو طبقت بعض الإجراءات الروتينية البسيطة. ويقدر أن هذه النسبة قد تصل إلى 50% وهي نسبة كبيرة فعلا. ففي فرنسا مثلا أجريت عام 2007 نحو 4 ملايين عملية جراحية. وكان يمكن تفادي نتائج وخيمة وخطيرة رافقت نحو 000 150 عملية لو أن الجراح تحقق من قائمة تفقدية بسيطة قبل البدء بالعملية.
التفقدية

قبل أن تقود سيارتك في الصباح، يفترض بك أن تتأكد من بعض النقاط الأساسية والبسيطة حتى لا تفاجأ بما لا يسرك أثناء القيادة. مثلا مستوى الماء أو الزيت أو كون العجلات منفوخة وسليمة..الخ ورغم أن معظمنا لا يلتزم بهذا الإجراء الروتيني البسيط والسريع، إلا أن بعض المهن الأخرى تطبقه دائما، ومن ذلك الطيارون، قبل تشغيل الطائرة. وهذا منطقي لأنه لو تبين وجود مشكلة بعد الإقلاع، فقد يستحيل تفادي عواقبها الوخيمة، بعكس السيارة التي يمكنك أن تركنها على جانب الطريق وتطلب مساعدة ميكانيكي.

وماذا عن الجراح؟ هل يفترض به أن يعد قائمة تفقدية ( شِك لِسْت) ويتحقق من توفر بنودها قبل إجراء العملية، وما جدوى هذا الإجراء لو انه طبّق؟

أجريت مؤخرا دراسة شملت 7600 عملية جراحية أجريت في 8 مستشفيات موجودة في دول متقدمة ونامية على السواء، وهذه الدول هي الولايات المتحدة، كندا، نيوزلندا، بريطانيا، الفلبين، الهند، تنزانيا والأردن. وجرى فيها الالتزام ببنود قائمة تفقدية أعدتها منظمة الصحة العالمية وتشمل 19 بندا في غاية البساطة مثل:

• التأكد من شخصية المريض ( حتى لا تجرى العملية للمريض الخطأ)
• التأكد من توفر المواد والأدوات والمعدات الضرورية
• التأكد من الحالة الصحية للمريض وأية مشاكل لديه ( سكري، حساسية ...)
• التأكد من جاهزية المريض للعملية
• تحديد الجانب المطلوب إجراء الجراحة له، الأيسر أو الأيمن فيما يخص الأعضاء المزدوجة في الجسم.
• التأكد من نوع العملية المطلوبة حتى لا يستأصل الجراح المرارة بينما المطلوب استئصال الزائدة الدودية...الخ

يقول الجراحون أنهم يتحققون دائما من هذه النقاط، لكن الدراسة المذكورة تطلبت أن يتحقق الجراح من بنود القائمة التفقدية بصوت عال وعلى مسمع من كامل الطاقم الطبي المشارك. وبالتالي يضمن الجراح توفر المواد والأدوات اللازمة وصلاحيتها للعمل، ومن ذلك ضمان توفر مواد أساسية مثل وحدات دم احتياطية أو المضادات الحيوية أو مضادات التجلط، وتحديد الجهة الصحيحة المطلوب إجراء العملية الجراحية فيها. وهذه النقطة الأخيرة تبدو بديهية تافهة ومفروغا منها، لكن الجراح قد يخطيء فعلا ، ويجري العملية في الجانب الخطأ.

ويقدر أن نحو 40 شخصا تجرى لهم عمليات في الجانب الخطأ في فرنسا سنويا . ( وأنا أذكر شخصيا حالتين لاثنين من أفراد عائلتي، ادخلا غرفة العمليات وكان الجراح على وشك إجراء العملية، وإذا به يجهل الجهة المطلوبة، لإزالة كيس فوق الكلية في إحداهما،وعملية فتاق في الثانية، مما تطلب تأخير المباشرة بالعملية إلى حين إحضار ملف المريض والتثبت من الجهة الصحيحة).

وبالتأكيد لا نود أن يحصل مع مريضنا ما تقوله تلك العبارة الساخرة: نجحت العملية لكن المريض مات.

Science et Vie

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق