Powered By Blogger

السبت، 25 فبراير 2012

دعوة العلماء لزيادة النزاهة والانفتاح والوضوح والالتزام

هذا ما دعا اليه المشاركون في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لتقدم العلوم AAAS في فانكوفر، كندا، في 18 شباط 2012. حمل الاجتماع عنوان " تدمير الخرافات في مجالات أمان المفاعلات النووية، الكائنات المعدلة جينيا، وتخفيض ضرر التبغ". تتمثل الرسالة الرئيسية التي يهدف العلماء الى ايصالها للجميع في أن العلاقة بين العلم والسياسة هي علاقة مهمة وحرجة. لكن العلماء ليسوا سياسيين أو متخذي قرار. يجب أن يبقى العلم مستقلا، وأن تعمل الصناعة على زيادة ثقة الناس في العلم الذي تنتجه. كما أن العلم السيء أو الزائف يجب أن يحارَب ويكشف بدرجة أكبر مما هو عليه الآن.

تساءل الحاضرون: مع وجود 65 مفاعلا نوويا تحت الانشاء في العالم، وبغضّ النظر عما حصل لمفاعلات فوكوشيما في اليابان، لماذا يصعب علينا الى هذه الدرجة أن نفصل بين الحقيقة والأكاذيب فيما يتعلق بسلامة المفاعلات والحلول الصحيحة لإدارة النفايات النووية؟

ومع زراعة 150 مليون هكتار (1,5 مليار دونم) بمحاصيل معدلة جينيا، ما هي العواقب المعروفة والمجهولة في هندسة الجينات والتقانات الحيوية؟

ومع توقعات منظمة الصحة العالمية بوفاة عشرة ملايين شخص سنويا بسبب التبغ، ألا يمكننا أن نعتبر أن تقليل أذى التبغ هو إحدى أولويات الصحة العامة حاليا؟

كما حثّ العلماء على اعتبار المشكلات الاجتماعية أكبر من أن تعتمد على حلول علمية فقط. وأن الحساب الصحيح للمخاطر مهم وحيوي من أجل تقدير الفوائد المتحققة. إن على المجتمع العلمي أن يفكر ويتصرف واضعا صالح العالم ككل نصب عينيه. يجب تغيير التركيز من "الأدلة المتحيزة للسياسة" Policy-biased evidence الى " السياسة المبنية على الأدلة " Evidence-based policy".

وضّح الحاضورن أنهم لا يفترضون أن المجتمع العلمي يمكن أن يتفق بالاجماع على هذه القضايا أو على غيرها، أو إظهار بعض القضايا بأنها مواجهة بين المجتمع العلمي والجمهور أو السياسيين (مع اعتبار أن العلم على صواب). وإنّما اتفق المتحدثون على أهمية السعي لمنع إساءة استخدام العلم لدى صانعي السياسة.

الفجوة تتزايد بين العلماء والجمهور

لا شك أن العلم قد حقق معجزات في مختلف المجالات، وأنه وفر الرخاء والرفاه لمليارات البشر. لكن العلم أيضا يتسبب في كوارث من وقت لآخر. ومن أكبر الكوارث في العام الماضي 2011 نجد الكارثة النووية في اليابان بعد موجة الطوفان البحري، التسونامي، وانسكاب النفط في خليج المكسيك ، وأزمة الرماد البركاني الأيسلندي في أوربا، وفشل المجسّ الروسي الموجه نحو المريخ.

إن القرارات التشريعية اليومية حول الطعام الذي نأكله؛ نوعية التبغ الذي يباع للناس، أو كيفية انتاج الطاقة التي نحتاجها، هي أيضا أمور مهمة. ولا بد لأصحاب القرار السياسي وللمشرّعين أن يعرفوا الحقائق المجرّدة حول هذه القضايا وأن يتلقّوا نصائح غير متحيزة أو مغرضة. لكن هذا الأمر ليس دائما سهل التحقيق، عندما تتضارب ادعاءات أصحاب المصالح المختلفة، ومنهم العلماء (وموضوع المفاعل النووي الأردني مثال واضح على هذه الادعاءات المتضاربة). وحتى عندما يكون الدليل العلمي واضحا تماما وغير قابل للانكار، فإن الجدل العقيم والمتواصل بين المؤيدين والمعارضين يجعل صاحب القرار في دوامة.

ويرى رولند شنكل، الخبير في الطاقة النووية، أن الجمهور عادة هو الذي يلعب دورا رئيسيا في السياسة تجاه هذا القطاع. فهو إما أن يؤيد أو يعارض. لكن الحقائق حول هذا الموضوع لا توضّح للجمهور. وهذا هو دور العلماء حاليا.

إن السؤال الأساسي الذي يطرحه المستهلكون هو: كيف يمكنني أن أتأكد من أن الطاقة النووية آمنة؟ بينما السؤال الأساسي الذي يواجهه العلماء هو: كيف أفصل بين الحقائق الأساسية وبين الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية؟

ويرى استفان بلوغيال، بأن التحدّي الذي يواجهه الصحفي العلمي في مجتمع المعرفة العالمي هو: إذا لم تستطع أن تقنعهم، شوّشهم وأربكهم.
ويلخص المستشار العلمي الايرلندي باترك كننغام الأمر بالعبارات التالية:

فيما يتعلق باتخاذ القرارات، تتدخل عوامل مهمة خارج إطار العلم، مثل الخوف، الجهل، الخرافات، النفور، والمصالح الاقتصادية والسياسية.

كما أن العلم لا يملك دائما إجابات واضحة وحاسمة. إن للعلماء الحق في أن يصغي المجتمع لما يقولونه، بشرط أن يلتزموا بما يلي:

• النزاهة والاستقامة
• الانفتاح والشفافية بإبقاء أبواب مختبراتهم مفتوحة.
• الوضوح، بأن يتحدثوا بلغة يفهمها الجمهور.
• الالتزام بواجباتهم تجاه المجتمع بكل جدية.

الجمعة، 17 فبراير 2012

أحدث الإنجازات العلمية... بإيجاز شديد

- النحافة جينية – سلسلة من 28 جينا على الكروموسوم رقم 16 هي المسؤولة عن ذلك: إذا غابت ظهرت السمنة، وإذا تضاعفت السلسلة زاد احتمال النحافة بنسبة 10 اضعاف.

- مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية ليس مستحدثة ، فقد عثر على بكتيريا عمرها 30000 سنة، في التربة المتجمدة، وأظهرت مقاومة للمضادات الحيوية.

- الملاريا تتراجع: خلال العقد الماضي تراجعت إصابات الملاريا في افريقيا إلى النصف مما أنقذ 1,1 مليون طفل من الموت.

- زيت السمك يتعارض مع العلاج الكيماوي للسرطان.

- الخلايا الجذعية من الرحم تصلح كبديل مناسب عن خلايا البنكرياس (المأخوذة من متبرعين)، لعلاج السكري.

- طورت جامعة أتاوا الكندية فيروسا يهاجم الخلايا السرطانية حصرا. وهو الفيروس المستخدم في لقاح الجدري بعد تعديله.

- الدم الشاب يكافح الزهايمر:لاحظ الفرنسي توني فيس – كوري أن نقل الدم من فأر صغير الى آخر مسنّ يحسن مناعة هذا الأخير، ويضاعف عدد الخلايا العصبية الجديدة. والعكس بالعكس، إذ أن إعطاء دم فأر مسن الى فأر شاب خفّض عدد هذه الخلايا الى الربع.

العبرة من هذه التجارب، نصيحة لبنوك الدم: ركزوا على المتبرّعين الشباب.

- يعاني 165 مليون أوربي من مرض عقلي: صرع، انفصام أو الزهايمر... يساهم في ذلك ارتفاع نسبة المسنين.

- نَيْقل، اي ترانزستر، المستقبل لن يسخن: اكتشف باحثون من جامعة ستانفورد خاصية مغنطيسية لأداة عازلة، مما سمح بجعلها فائقة التوصيل، أو عازلة حسب الرغبة.

- محرك البحث في غوغل يستهلك من الكهرباء بقدر 200000 منزل أمريكي.

- نظام جبس GPS الأوربي، ويدعى غليليو، لتعيين الموقع بواسطة السواتل، شهد اطلاق أول ساتلين (قمرين صناعيين) له.

- رحلات مأهولة الى المريخ: هذا هو مشروع ناسا المستقبلي بعد إيقاف رحلات مكوكها الفضائي.

- اصغر محرك في العالم، ابتكرته جامعة تُفتز الأمريكية، وهو يتكون من جزيء واحد طولة نانومتر، يحتوي على ذرات كربون، هيدروجين، وذرة كبريت واحدة. عند تعرضه لتيار كهربائي، يدور 50 دورة في الثانية، لكن ذلك على درجة سالب 268 س.

- تفسير جديد لتجعد الأصابع داخل الماء: هو رد فعل عصبي يهدف لتسهيل خروج الشخص من الماء عندما تلامس أصابعه سطحا رطبا وأملس في حواف البركة أو النهر. لكن التفسير المقبول حتى الآن هو زوال إفرازات الجلد الدهنية عن الأصابع داخل الماء.

- أول محطة كهربائية بحرية: في منتصف العام الحالي 2012، تبدأ محطة بَمبول الفرنسية عملها لتنتج الكهرباء من طاقة المد والجزر في البحر.

- نهر جوفي يسري تحت سطح غابات الأمازون، بعرض 4 كم وطول 6000 كم. هذا ما اكتشفه المرصد الوطني البرازيلي، لكن شدة جريانه تعادل 3% مما هي لنهر الأمازون.

- دم "اصطناعي": استخدمت خلايا جذعية لانتاج كريات دم حمراء مخبريا، ثم أعطيت لمرضى بحاجة لنقل الدم. جرى ذلك في مستشفى سان انطوان في باريس.

- تجديد القلب: في فرنسا، طورت كبسولة تزرع في قلب المصاب بذبحة صدرية لتطلق مواد تحفز نمو أوعية دموية جديدة. ثمّ تتحلل الكبسولة ويتخلّص منها الجسم.

- الرنين المغنطيسي لفحص جوف البطاريات دون فتحها لمعرفة سبب تعطلها (جامعة كمبرج).

- بديل رخيص عن البلاتين لاستخلاص الهيدروجين من الماء (مختبر بيركلي الوطني).

- الولايات المتحدة تتخلف في العلوم والرياضيات من حيث نسبة عدد المتخصصين فيهما من بين العاملين في سن 25-34 سنة. ترتيبها 23 والأولى كوريا الجنوبية: 3555 مختصا لكل مئة ألف مقابل 1472 للولايات المتحدة.في المرتبة الثانية نيوزلندة، ثمّ فرنسا، فنلندة، استراليا. وحتى تركيا سبقت الولايات المتحدة.

معجزات النظام الثنائي

فلنبادرك أولا، عزيزي القارىء، وقبل أن تعترض على تعبير "معجزات"، بالقول بأننا لم نبالغ في قولنا هذا. يكفي أن تعلم أن نظام العد الثنائي هو أساس عمل الحاسوب وما يرتبط به من أنظمة اتصالات كالانترنت، وكذلك كافة الأجهزة والأنظمة الحديثة الرقمية Digital مثل التلفاز وآلات التصوير الرقمية والهواتف الخلوية والدسكات أو الاسطوانات التي يسجل عليها كل شيء: المعلومات والأفلام والموسيقى..

كافة هذه المنتجات التقنية، ذات الأداء المعجز، يعتمد عملها على النظام الثنائي. فهل كنا مبالغين في قولنا أن هذا النظام قد حقق المعجزات؟

النظام العشري والنظام الثماني؟

يستخدم البشر حاليا النظام العشري في العد. أي أن أساسه هو العدد 10 وهو يستخدم عشرة أرقام، من الصفر الى 9 لتمثيل جميع الأعداد الصحيحة والكسرية، سواء أكانت كسورا عادية أم عشرية. ونعلم أن قوة هذا النظام تكمن في أنه موضعي، أي أن قيمة كل رقم تعتمد على موضعه، في أية خانة يوجد. فالعدد 3045 يحتوي على 4 خانات: الآحاد والعشرات والمئات (مربع العشرة) والآلاف (مكعب العشرة) وبما أن 5 موجودة في خانة الآحاد فهي تعني 5 وحدات، و4 في خانة العشرات تعني 4 عشرات اي 40 وهكذا.

ولا شك أن ما ذكرناه هنا هو من مبادىء العد التي يتعلمها أطفالنا في سنواتهم الدراسية الأولى. الواقع أن لا شيء يمنعنا من التفكير في نظام عد من أي أساس نشاء. ماذا لو فكرت بنظام ثُمانيّ؟ ستجد في هذا النظام ثمانية أرقام فقط، من الصفر الى السبعة. وتكون قيمة الخانات على غرار النظام العشري. خانة الآحاد، وخانة الثمانيات وخانة الثمانية مربعة، أي 64، وخانة الثمانية مكعبة، وهكذا.

والعدد 5473 في النظام الثماني يعني أن لدينا 3 آحاد
و 7 ثمانيات
و 4 ثمانيات مربعة
و 5 ثمانيات مكعبة
النظام الثنائي

في النظام الثنائي لن نحتاج إلا الى رقمين، (على غرار الأرقام العشرة في النظام العشري، والأرقام الثمانية في النظام الثماني).

هذان الرقمان هما الصفر والواحد. وبما أنه نظام موضعي أيضا، فإن لكل خانة قيمة مرتبطة بقوى العدد 2. فالخانة الأولى للأحاد، والثانية للإثنينات، والثالثة للاثنين مربعة، والرابعة للاثنين مكعبة، وهكذا.

وتكون قيمة العدد 11111 بالنظام الثنائي كالتالي:
1 + 2 + 4 + 8 + 16 = 31
بينما العدد 1011 بالنظام الثنائي يساوي 1 + 2 + 0+8 = 11. لاحظ أن خانة الأربعات خالية، وقيمتها صفر.

تطبيق ممتع للنظام الثنائي

لعبة نم Nim

هذه لعبة صينية قديمة، لكن يبدو أن مصدر اسمها هو اللغة الألمانية، وتعني فيها: "خذ".

تتلخص اللعبة في توزيع أشياء ( أعواد ثقاب، ورق شدة، حصى) في صفوف، وبالأعداد التي ترغبها في اي صف. لكن الدارج أن توزع في خمسة صفوف، في الصف الأول عود واحد، وفي الثاني عودان، وثلاثة في الثالث، أربعة في الرابع، وخمسة عيدان في الخامس.
أو أن تكتفي بأربعة صفوف وتكون أعداد العيدان فيها 1،3،5،7.

• يتبارى في اللعبة شخصان، ويلعبان بالتناوب. ولكل لاعب الحق في أن يأخذ في كل مرة أي عدد يرغب فيه من العيدان، من صف واحد فقط. والشخص الذي يأخذ العود الأخير هو الخاسر.
• لكن ما علاقة هذه اللعبة بالنظام الثنائي؟
• العلاقة ببساطة أن هذا النظام يمنحك الفرصة للفوز دائما. كل ما عليك أن تفعله هو أن تترك أعدادا مزدوجة من قوى الاثنين. حوّل الأعداد في ذهنك الى النظام الثنائي، أي حللها الى قوى العدد 2، مثلا: إذا كانت الصفوف تحوي في الأصل الأعداد 1،2،3،4،5 فيكون لديك:

5 = 4 + 1
4
3 = 2+1
2
1
والآن لديك العدد 4 مكررا مرتين، والعدد 2 مرتين والعدد 1 ثلاث مرات. فإذا بدأت باللعب، فإن كل ما عليك أن تفعله هو أن تجعل العدد 1 مكررا مرتين أيضا، أي أن تأخذ قطعة واحدة من الصف الأول أو الثالث أو الخامس، حتى تترك أعدادا مزدوجة من قوى العدد 2. وهكذا في كل مرة. (باستثناء النهاية: فالرابح هو من يترك مثلا العدد 1 في ثلاثة صفوف).

الأربعاء، 15 فبراير 2012

هل يمكننا حقا أن نعرّي شخصا بنظرنا ؟

منذ تفجيرات نيويورك في 11 أيلول 2001، ظهرت عدة وسائل رقابة وتفتيش الكتروني متطورة، واستخدمت في المطارات والأسواق التجارية والفنادق ... ولا شك أنك قد قرأت أو سمعت بوجود وسائل تفتيش أو تصوير تجعلك ترى جسم الانسان تحت ملابسه .. فما مدى صحة هذا الأمر؟

تستخدم في بعض المطارات حاليا أجهزة تبث أشعة عالية التردد، نحو .,3 تيراهيرتز، وتيرا تعني ترليون أي مليون مليون ذبذبة في الثانية. هذه الأشعة تكشف عن أية أسلحة مخبأة داخل الملابس. وتجهز الصورة خلال ثانيتين لتكشف تفاصيل صغيرة أبعادها بضعة مليمترات. وهذه الأشعة تخترق الملابس لكن الجسم يمتصها بفضل الماء الذي تحتويه خلاياه، أما المعادن فهي تعكسها. وهي لا تسبب ضررا للانسان بعكس الأشعة السينية أو أشعة اكس المستخدمة للتصوير الطبي.

وبما أن هذه الصور في المطارات مثلا تكشف الجسم تحت الملابس، فان الوجه يغطى تلقائيا ولا يظهر في الصورة.. كما أن مراقب الصور ليس على احتكاك مع الجمهور. واذا اعتقدت أن هذه الصور محرجة، فانها تبقى أقل احراجا من التفتيش اليدوي للجسم ووضع ضابط الأمن ليديه تحت الملابس.

La Recherche No. 428
P 83

وأخيرا تم إحصاء نجوم مجرتنا

حسام جميل مدانات

درب التبانة هي مجرتنا، وهي تحتوي عدا شمسنا عددا هائلا من النجوم الأخرى. وكان الأولى بالفلكيين أن يتعرفوا على هذه المجرة ويحصوا موجوداتها. وهذا هو بالضبط ما فعله فلكيون فرنسيون من خلال إنجازهم لمشروع ضخم، حيث أعلنوا في صيف هذا العام انجازهم للمشروع بعد عمل دؤوب دام نحو ربع قرن.

مزج الرصد الفلكي بالحساب الرياضي

مجرة درب التبانة هي مجرة حلزونية ضخمة، ويوجد من نوعها عشرات مليارات المجرات في الكون المرئي. وهي تشبه قرصا منتفخ الوسط. يدور حول مركزه. وقطره نحو مئة ألف سنة ضوئية. وتقع شمسنا داخل هذا القرص، على بعد ثمانية وعشرين ألف سنة ضوئية من مركزه (السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في السنة).

بدأ هذه الدراسة فريق من الفلكيين في مرصد مدينة بيزنصون الفرنسية عام 1985. ومع انتهاء المشروع تم إحصاء مئة وأربعين مليار نجم، زائدا أو ناقصا عشرة مليارات.
قد تستغرب طول المدة التي استغرقها هذا العمل. لكنه لم يكن سهلا. ولعل ما عقد مهمة الفلكيين هو كون شمسنا والمجموعة الشمسية معها تقع ضمن هذه المجرة. ولو كنا خارجها لكانت دراستها أسهل. خاصة أن السديم أو الغبار الكوني في قلب مجرتنا يحجب عنا الكثير من نجومها. كما أن مجرتنا كبيرة لدرجة يستحيل معها رؤية جميع نجومها، حتى لو استعنا بالتلسكوب الفضائي هبل أو بأقوى المراصد الأرضية. ولهذه الأسباب مجتمعة لم تكن معلوماتنا عن مجرتنا وافية وكافية. وكدليل على ذلك نذكر أن أكبر فهرس فلكي حاليا، ويدعى كتلوغ USNO-B1.0، هو حصيلة مجمل الأرصاد الفلكية العالمية خلال نصف قرن، ولا يحتوي سوى مليار نجم في مجرتنا، أي نحو 1% فقط من العدد الذي أعلنه الفلكيون الفرنسيون مؤخرا.
وكان الحل الذي اعتمدته آني روبن، مديرة المشروع ومديرة الأبحاث أيضا في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (CNRS) هو دعم الأرصاد الفلكية بحسابات إحصائية ورياضية للتوصل إلى إعداد نموذج رقمي للمجرة. في عام 2003 نشرت آني روبن وزملاؤها تفاصيل هذا النموذج، الذي أطلق عليه اسم النموذج المعياري أو نموذج بيزنصون، وأصبح مرجعا لا غنى عنه لكل من يدرس مجرة درب التبانة. ويتوفر هذا النموذج على شكل برنامج حاسوبي تفاعلي على الانترنت، يمكن للفلكيين المحترفين أن يستخدموه لدراسة مجرتنا بعد أن يختاروا البرامات ( البرامترات) التي تهمهم.
نتائج مثيرة
كان معظم الفلكيين يتوقعون وجود ما بين مئتين وأربعمئة مليار نجم في مجرتنا، لكن المشروع أظهر وجود 140 مليارا فقط. أكثر من نصفها نجوم صغيرة قزمة حمراء اللون. وهي أقل إشعاعا للضوء من شمسنا بما بين مئة مرة وعشرة آلاف مرة.
أما النجوم العملاقة، الأكبر من شمسنا بعشرين مرة أو أكثر، فهي قليلة ولا يزيد عددها عن بضعة آلاف نجم. وتوصف شمسنا عادة بأنها نجم متوسط الحجم والكتلة، لكن تبين أن هذا التعبير غير دقيق. فالنجوم المقاربة لشمسنا في كتلتها، وبالذات تلك التي تقع كتلتها بين نصف كتلة شمسنا إلى ضعفيها قليلة العدد ولا تمثل أكثر من 15% من عدد نجوم المجرة. بينما النجوم المماثلة لنجمنا تماما، أي نفس الحجم والكتلة والإشعاع تقريبا، فلا يزيد عددها عن 2,4 مليار، أي أقل من 2% من عدد نجوم المجرة.. والواقع أن عدد النجوم الحقيقية في مجرتنا، أي تلك التي تشع طاقة كبيرة ناتجة عن تفاعلات نووية اندماجية، لا يزيد عن مئة مليار. أما الأربعون مليارا الباقية فهي نجوم مجهضة أو أجنة نجوم لم يكتمل تكونها وولادتها، ولهذا السبب فهي نجوم ميتة ذات إشعاع ضعيف للغاية.تتضمن هذه النجوم الميتة عدة أصناف.
أول الأصناف هي النجوم القزمة البنية، وهي الأكثر عددا، نحو 30 مليارا، ولم تعرف وتدرس إلا منذ ثلاثين سنة. وهي نجوم صغيرة وخفيفة لدرجة لا تسمح ببدء التفاعل النووي في قلبها. فلا يصدر عنها من إشعاعات إلا تلك المتسببة عن الحرارة الناتجة عن انضغاط الغازات المكونة لها.
ثم هناك النجوم القزمة البيضاء، وعددها أكثر قليلا من عشرة مليارات وهي قلوب نجوم عملاقة قديمة انفجرت واختفت باستثناء قلبها. الصنف الثالث من النجوم القليلة الإشعاع هي النجوم النيوترونية، وهي كتل فائقة الكثافة والكتلة، لكنها صغيرة الحجم، لا يزيد قطرها عن عشرين كيلومترا. وعددها في مجرتنا نحو المليار. وهناك مليار آخر من الثقوب السوداء التي تبلغ كتلتها نحو كتلة الشمس لكن حجمها متناه في الصغر.وهكذا فان نموذج بيزنصون يسمح برؤية صورة لحظية متكاملة لمجرتنا الدائمة الدوران حول محورها. والدائمة التطور أيضا. كما أن النموذج يتيح إمكانية دراسة هذا التطور عبر الزمن، منذ أن ولدت مجرتنا قبل 13 مليار سنة.
ويبقى أخيرا عامل مجهول لا يكشفه نموذجنا هذا، ونعني به المادة المعتمة أو المادة السوداء غير المرئية التي يفترض الفلكيون وجودها في كافة أرجاء الكون. فكتلة المادة المرئية من مجرتنا تعادل خمسين مليارا فقط من كتلة شمسنا. وإذا أضفنا إليها المادة السوداء ارتفعت هذه الكتلة إلى ألف مليار كتلة الشمس. ويسعى الفلكيون حاليا لتفسير طبيعة هذه المادة باعتبارها مكونة من دقائق غريبة لها عالمها الخاص المنفصل عن عالم المادة التي نعرفها، مما يجعلها معتمة وغير مرئية بالنسبة لنا.

Science et Vie 8/2009

هل هذا هو مصدر أنفلونزا الخنازير ؟

حسام جميل مدانات

لم تهدأ بعد الضجة الكبرى التي أثيرت حول أنفلونزا الخنازير وما يرافقها من إشاعات وفرضيات حول مصدر فيروسها واتهامات لجهات لها مصلحة في انتشار هذا الوباء أو في التهويل من أخطاره.

وقد قادتني الصدفة إلى العثور على مصدر محتمل لهذا الفيروس الذي ما زال يثير الرعب في أنحاء العالم.

أثناء تصفحي لعدد قديم من مجلة العلم الشعبي popular science الأمريكية ( عدد شباط 2007) أي قبل ظهور أنفلونزا الخنازير بأكثر من عامين (بدا ظهورها في المكسيك في أيار 2009)، لفت نظري مقال بعنوان: انه جاء من المختبر It came from the Lab ويرفق بالمقال صورة إعلان عن فلم بعنوان ( الفيروس يعود...بعد أن اعتقدنا أنه اختفى تماما) . وأعرض فيما يلي لما جاء في هذا المقال الذي يكشف عن مصدر محتمل للوباء العالمي الحالي:
في عام 1918، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ، توفي نحو خمسين مليون شخص في مختلف أنحاء العالم عندما انتشر وباء الأنفلونزا الاسبانية ( بدأ ظهورها في اسبانيا ) ، ثم اختفى الوباء فجأة بعد سنة ، كما كان ظهوره فجأة. ويفسر ذلك بكون الفيروس قد تعرض لطفرات جينية أفقدته قوته، إضافة إلى انتشار المناعة تجاهه.

وفي تشرين أول من عام 2005 تمكن فريق من الباحثين العاملين في "مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها" في أمريكا من إعادة تركيب جينوم فيروس الأنفلونزا الاسبانية اعتمادا على أنسجة أخذت من رئة جثة شخص من ضحايا هذا الوباء، عثر عليها مجمدة ومحفوظة في جليد ألاسكا. وهذا الفيروس موجود الآن في ثلاجة أحد المختبرات.

المبررات

يقول العلماء أن هذا الفيروس يمكن أن يساعد في كشف آلية حصول الوباء الشامل، وانه يوضح كيف انتقلت أنفلونزا الطيور إلى الإنسان. ويقول ارلنغ مير A. Myhre ،طبيب الأمراض السارية في جامعة لند السويدية، ومفتش سابق عن الأسلحة الحيوية في العراق تحت إمرة الأمم المتحدة، إن إعادة تفعيل هذا الفيروس الخطير تشبع غريزة حب الاستطلاع لدى العلماء، ولكنها أيضا ذات تطبيق عملي. فالفيروس قد يكشف كيف تتطور المعلومات الجينية فيه مع الزمن. وهكذا تستمر الأبحاث، ومن ضمنها إنتاج مطعوم يحمي ضد هذا الفيروس المنشط، وقد صنع هذا المطعوم في تشرين ثاني 2006.

عامل الخوف

يطلق الخبراء على هذا المشروع اسم: البحث المزدوج الاستخدام . إذ أن له استخدامات مفيدة، لكنه أيضا يتضمن خطورة كبيرة . ويقول مايكل ستبنز M. Stebbins، مدير السياسة الحيوية في اتحاد العلماء الأمريكيين، أن المخاطرة موجودة دائما في الأبحاث المتعلقة بالأمراض التي تهدد الإنسان. وعلى الناس أن يدركوا أن الاستعداد لكل من الأوبئة والإرهاب الحيوي، يتطلب إجراء أبحاث خطرة. لكن هذه التجربة تخيف العلماء أنفسهم. وقد عبر عن هذا التخوف جنز كون J. Kohn، عالم الفيروسات في جامعة هارفرد، وعضو مجموعة العمل العلمي للمركز التطوعي لضبط الأسلحة ومنع انتشارها. يقول كون: إذا توفرت الموارد الصحيحة والكافية فان بإمكان أي شخص أن ينتج هذا الفيروس، اعتمادا على تركيبه الجيني الذي أصبح معروفا ومنشورا. ويدرس فريق كندي صنفا خاصا من هذا الفيروس كما أن تسرب الفيروس من المختبرات ليس بالأمر المستحيل. وقد حصل ذلك عدة مرات فيما يتعلق بفيروس وباء سارس قبل بضع سنوات.
ورغم أن التجارب على الفئران قد دلت على نجاعة الأدوية المضادة للفيروسات ونجاعة التطعيم ضدها أيضا، فانه لا يوجد ضمانة بأنها ستكون فعالة في الإنسان. وهذه مشكلة حقيقية لأن كل من ولد بعد عام 930 لا يملك مناعة ضد الأنفلونزا الاسبانية (فيروس عام 1918).

وأخيرا نورد تعليق رتشرد ابرايت Ebright عالم الأحياء الدقيقة في جامعة رتجرز Rutgers والذي ينتقد مشروع تنشيط فيروس الأنفلونزا الاسبانية ويقول بأنه ما كان يجب السماح بذلك. أو على الأقل كان يجب تنفيذ العمل بطريقة مختلفة.

Popular Science, Feb. 2007
P. 60 صورة فلم

هل نحن حقا بحاجة إلى حراس للعمارات ؟

حسام جميل مدانات

يعمل متولي حارسا لعمارة تحوي 4 شقق طابقيه نصفها غير مشغولة لوجود أصحابها في دول الخليج. وأراقبه أحيانا من شرفة شقتي في العمارة المقابلة وهو يذرع الرصيف أمام العمارة جيئة وذهابا وعليه علامات الملل، ولقتل هذا الملل فهو كثيرا ما يلجأ لممارسة هوايته: ري 4 أحواض مزروعة بالزهور أو الشجيرات، لا يتجاوز مجموع مساحاتها 10 أمتار مربعة، لكنه يمضي 4 ساعات في ريها بالبربيش. ثم يفتح الماء ساعة أو ساعتين أخريين لينظف الساحة المبلطة فيسيل الماء ليشكل بركا موحلة في الشارع أمام العمارة. وكلما مرت سيارة مسرعة – وما أكثر السيارات العابرة وما أسرعها – فإنها تنثر " تطرطش " الوحل في كل مكان.

متولي مجرد نموذج من عشرات آلاف حراس العمارات في العمارات السكنية والتجارية والفلل والقصور، وحتى في البيوت والفلل الخالية المهجورة، والذين يمضون معظم وقتهم في التسكع، نظرا لعدم وجود حاجة حقيقية لهم.

فلماذا انتشر استخدام حراس العمارات لدينا وأصبح وجود الحارس هو القاعدة وليس الاستثناء؟
يقول سالم، كنت أقيم في شقة ضمن عمارة في إسكان أبو نصير. وتلك العمارات ليس فيها نظام الحراس أو البوابين. وهي لم تصمم لتحتوي على غرفة للحارس ولم أشعر أبدا بحاجة لحارس، وكنت أعتقد أن هذا هو الوضع الطبيعي حتى رحلت واشتريت شقة جديدة في أحد أحياء عمان الغربية. وكان بها بالطبع غرفة للحارس وهو نفسه الذي رافق بناء العمارة منذ البداية، مما جعله يشعر ويتصرف كأنه يملك العمارة. فهو الذي كان يمثل الشركة الإسكانية التي أنشأت العمارة. وهو الذي كان يقابل الراغبين بالشراء ويطلعهم على الشقق ويفاوضهم ويقنعهم بالشراء أو "يطفشهم" إذا لم يعجبه شكلهم.
ورغم ذلك، فقد منحني وجود حارس في العمارة شعورا متميزا لا يعادله سوى شعوري عندما أحضرت خادمة وافدة. أصبح بإمكاني أن أطلب منه أن يحمل المشتريات التي أحضرتها في السيارة، أو أن أدق عليه الجرس وأطلب منه إحضار ربطة خبز من البقالة القريبة رغم أني قد حضرت لتوي من السوق. وباختصار، فان وجود الحارس أرضى غروري وجعلني أترفع عن مختلف المهام المتعلقة بالشقة. فالحارس هو الذي يتصل مع محطة المحروقات لملء خزان التدفئة بالسولار، ويراقب وضع الكمية المطلوبة والمسجلة في الفاتورة. وإذا تعطلت التدفئة فانه هو الذي يتصل بشركة صيانة ويتابع عملهم في إصلاح الحارقة ويجعلني أحاسبهم على أية قطع غيار "توجب" تبديلها. وهو يتابع تشغيل المضخة وملء الخزانات بالماء خلال الساعات القليلة التي يصل فيها الماء أسبوعيا، وعندما يفرغ الخزان خلال الأسبوع يتصل بشركة مياه ليحضر لي بضعة أمتار أدفع ثمنها غاليا.

ثم بدأت المفاجآت والخفايا بالتكشف:
أولها كان وقود التدفئة . فرغم أني ملأت الخزان بمترين من السولار في بداية تموز، فإن الوقود نفذ وفرغ الخزان بعد شهرين – رغم قلة الاستهلاك صيفا. واكتشفت السر عند التعبئة الثانية حين أحضر لي فاتورة بمترين بينما وضع مترا مكعبا واحدا من السولار. ثم وصلتني فاتورة الماء ببضع مئات من الدنانير وبعد الاعتراض وتغيير العداد أتت الفاتورة التالية بمبلغ أكبر هذا إضافة لثمن تنكات الماء الإضافية من وقت لآخر. لأكتشف السر فيما بعد، إن الحارس يستمد ماء غرفته وحمامه من خزاني ... ويفترض أن لا مشكلة في هذا الوضع لولا أن لديه تسرب دائم في الحمام . وهو يتجاهل الأمر. وبالطبع فانه كان يتكسب من تنكات الماء الإضافية، إذ أن له عمولة معلومة عن كل طلبية.
ويقول السيد سالم: أخيرا اقتنع سكان العمارة بضرورة التخلص من الحارس والعيش بدون حارس في العمارة، خاصة بعد حوادث وحالات مزعجة تضمنت علاقات مشبوهة بين الحارس والخادمات الوافدات. وفجأة توقفت سرقة اسطوانات الغاز الموضوعة في خزائن حديدية خارجية ولم تعد العمارة مسرحا لعشرات أصدقاء وأقرباء الحارس يدخلون ويخرجون في كل لحظة. وانخفضت كلفة التدفئة والماء والكهرباء والغاز، ولم نعد بحاجة لطلب صهاريج ماء الشرب خلال الأسبوع .
يوجد في الأردن بضعة عشرات من آلاف الحراس (الوافدين غالبا) في عمارات الشقق والعمارات التجارية والفلل والمزارع والبيوت الثانوية. وأعتقد أنه يصعب الحصول على رقم دقيق لعددهم. ويتركز عملهم الرئيسي في غسل السيارات أو التظاهر بغسلها يوميا، إذ يلجأ البعض إلى رفع المساحات ورش بعض الماء على السيارة أو بجوارها للإيهام بتنظيفها.
يتراوح إجمالي راتب الحارس في العمارة بين 150 – 300 دينار لا ينفق منها شيئا في العادة. فاقامته متوفرة مجانا ووجبات طعامه يقدمها السكان غالبا. ونورد فيما يلي عددا من المظاهر العامة التي تتصف بها ظاهرة حراس العمارات لدينا.
 غالبا ما يواكب الحارس نفسه العمارة منذ بدء إنشائها. فهو يعرف جيدا خفاياها وتمديداتها وعيوبها و"أسرار" تشغيل (أو تعطيل) حارقات التدفئة ومضخات الماء والمصعد بحيث يشعر الجميع أنه لا غنى عنه وأن الحياة ستتوقف إذا غادر.
 يمارس الحارس عادة أسلوبا غريبا – ولكنه هو الأسلوب الشائع – في التعامل مع السكان فهو يميّز أو يختار من البداية ساكنا يعتبره هو الأقوى ويكرس خدماته لهذا الشخص، حتى لو لم يحصل منه على أجر إضافي.
 يكتفي معظم الحراس بالعمل بضع سنوات ثم العودة إلى قريته أو مدينته ليشتري أرضا أو ليؤسس ورشة أو مصنعا. وهو عادة ما يحضر كبديل له شقيقه أو ابن عمه، على الأقل حسب ما يدعي، وقد يبيع الوظيفة لآخر مقابل مبلغ معين.
 تستخدم عائلات كثيرة حاليا خادمات وافدات يقمن بكافة الأشغال الداخلية في المنزل. ويمكننا القول أنه حتى سقي الحديقة أو تنظيف السيارة أو ساحات الفيلا أو درج العمارة يمكن أن تتكفل به الخادمة ( طبعا ليس ربة البيت !!)
 كما أن معظم ربات البيوت يسلمن شؤون المنزل والطبخ وحتى تربية الأطفال للخادمة أو الخادمات، فان معظم أمور العمارة يتوكل بها الحارس ويتصرف بها بكل حرية ، لكن هذه الحرية لها محاذيرها وثمنها الغالي على السكان أحيانا. ولو أتحت المجال للتعليقات وسماع قصص الحراس لفوجئت بهول ما يجري. ولسان حال الكثيرين يقول بهذا الشأن:
واحتمال الأذى ورؤية جانيه غذاء تضوي به الأجسام.
 وعلى أية حال، فإياك أن تترك الحارس يتولى تعبئة خزان التدفئة بالسولار، أو أن يعبئ لك الماء في الخزانات أو البئر، أو يشتري لك اسطوانة الغاز، أو يشتري لك أية أغراض من البقالة، لأن مجال التلاعب في كل من هذه الأشياء وارد ( ما الداعي لوجود الحارس إذن ؟)
 بشكل عام توجد شبكات منظمة تضم الحراس وغيرهم يتبادلون فيها السلع والمعلومات وأسرار العمارات. وقد ساهم انتشار الهاتف الخلوي في تسهيل ذلك، وتجد أحيانا غرفة الحارس وقد أصبحت مركز تجمع وسكن لعدد من أصحاب الحارس وأقاربه.
 وتبقى ظاهرة إهدار الحراس للماء مشكلة مستعصية على الحل. ومن الأساليب الطريفة التي يمارسها حارس العمارة لدينا أنه أزال عوامات الماء من الخزانات بحجة مفادها أن الخزان يمتلئ بشكل أسرع هكذا (قد يكون هذا صحيحا لو أن إزالة العوامة اقتصرت على خزان واحد أو اثنين، والتي ستستفيد على حساب الخزانات الأخرى. لكن إزالة جميع العوامات- والتصرف بها!- إجراء بلا جدوى، بل أنه يتسبب في ضياع وتسرب عشرات الأمتار المكعبة أسبوعيا نتيجة إزالة العوامات. ,وإذا نبهت الحارس للأمر كان رده: "وأنا حشوف إيه ولا إيه".
 لا شك أن الحارس في وضع نفسي وعاطفي صعب ولا يحسد عليه، فهو شاب أعزب، أو متزوج ترك عائلته في بلده منذ أشهر أو سنوات، ويمضي نهاره غالبا بلا عمل حقيقي يشغله، ومن الطبيعي والمقبول أن يدخل كافة شقق العمارة في أية لحظة ليحضر غرضا من البقالة المجاورة أو ليصلح عطلا في تمديدات أو جهاز. لكن هذا الوضع له محاذيره بالتأكيد.
 تقدر تحويلات الحراس الوافدين إلى الخارج بنحو 80 مليون دينار سنويا دون حاجة حقيقية لهم ودون أن يقدموا خدمة حقيقية! ( باعتبار واحدهم يحول في المتوسط 160 دينارا شهريا، وأن عددهم يبلغ أربعين ألفا.

ولا شك أخيرا إننا لا يمكن أن نشكك بأمانة ونزاهة جميع الحراس، فبعضهم أمين ومؤتمن بالتأكيد. لكن الوضع برمته يبدو شاذا وغير مقبول، رغم أنه أصبح هو المعيار وهو الوضع العادي لدينا، فهو أحد مستلزمات الشعور بالتفوق (أو لعله تعويض الشعور بالنقص) وحفظ المظاهر الذي ساد وانتشر بيننا، كما أنه مؤشر على شيوع ظاهرة التواكل والاعتماد على الغير لإنجاز حتى أبسط الأعمال التي تخصنا.

هل لديك بلوتونيوم للبيع ؟

اذا كنت تملك بعض البلوتونيوم ، وهذا أمر مستبعد، فانك لا شك ستجد مشتريا مستعدا لدفع ثمن مرتفع له. هذا المشتري هو وكالة الفضاء الأمريكية " ناسا" والتي تحتاج هذا المعدن المشع والخطر لتوفير الطاقة لمركباتها الفضائية ، وبالذات لمجسات استكشاف النظام الشمسي ، مثل المختبر العلمي الذي سيطلق هذا العام 2009 لاستكشاف المريخ .
تستغل الطاقة الحرارية الناتجة عن تحليل نظير البلوتونيوم 238 لتزويد بطاريات المجسات الفضائية بالطاقة الكهربائية . وقد كادت ناسا أن تستنفذ مخزونها من هذا المعدن ، الذي توقف انتاجه في الولايات المتحدة مع نهاية عقد ثمانينات القرن الماضي .
سعت ناسا مؤخرا لشراء البلوتونيوم من روسيا ، لكنها لم تحصل الا على (10) كيلوغرامات، مع توضيح من الحكومة الروسية بأن هذه هي الشحنة الأخيرة التي ستسمح بها .

هل تصبح تحلية مياه البحر خيارنا الأفضل في الأردن

على رفوف البقالات والمتاجر الكبرى تفاجئنا عشرات الأسماء المختلفة لقناني مياه الشرب المستوردة من مختلف دول العالم وعلى الأخص من دول شبه الجزيرة العربية. أو، حسب التعبير الدارج حالياً، من دول الخليج العربي... وهي مناطق تتصف أكثر ما تتصف بأنها صحراوية نادرة المطر ,وفقيرة بالماء العذب.
لا شك أن هذه الظاهرة أمر مخجل لبلد كبلدنا، أن يصل بنا الأمر لاستيراد الماء الذي نشربه (بعد أن تقبلنا بكل روح طيبة استيراد كل طعامنا وملبوساتنا ووقودنا و...)
الطريف في الأمر أن ماء الشرب هذا يكلفنا بين مئة ضعف و ألف ضعف الماء الصالح للشرب الذي يصلنا عبر شبكة المياه العامة. ونحن أيضاً نتقبل هذا الأمر بكل سرور (تخيل حصول أمر مشابه للخبز الذي تأكله، أن تدفع بين 30 دينار و300 دينار ثمناً لكيلو الخبز!! )
فكيف تمكنت دول الخليج العربي من الأيفاء بحاجاتها من الماء العذب، وهي حاجات ضخمة حاليا مع ارتفاع مستوى الدخل والمعيشة لديهم، ثم تتمكن من تصدير الماء العذب الى دول تتمتع بهطول مطري لا بأس به (مقارنة مع دول الخليج). وتمتلك في باطن أرضها مياها جوفية وينابيع وآباراً ارتوازية... ؟؟
لا شك أن دول الخليج تمتلك مياه جوفية عذبة. لكنها اعتمدت بشكل رئيسي على تحلية مياه البحر، وساعدها على ذلك توفر مصادر الطاقة الرخيصة لديها. اضافة لسواحلها الطويلة على شاطئ البحر الأحمر والخليج العربي.
طريقتان و3 تقنيات لتحلية مياه البحر
نعلم أن ماء البحر الأحمر والمحيط ماء مالح لا يصلح للشرب ولا يروي، كما أنه لا يصلح للري.
تختلف نسبة الملوحة بين المحيطات والبحار المغلقة كالبحر الأحمر أو المتوسط، حيث تبلغ في هذا الأخير من 3.5-3.9 % أي نحو 35-39 غم من الأملاح لكل لتر من الماء (وترتفع هذه النسبة 8 أضعاف أي الى 300غم/لتر في البحر الميت).
هناك طريقتان رئيسيتان لتحلية ماء البحر، أي ازالة الملوحة منه ليصبح صالحاً للشرب.
الطريقة الأولى حرارية وتعتمد على تقطير ماء البحر ليتحول الى بخار مخلفاً الملح وراءه، وعندما يبرد البخار ويتكاثف فاننا نحصل على ماء محلى (نقي).
ويتم التقطير بإحدى تقنيتين:
MSF (مسف) (التقطيرالسريع المتعدد المراحل) وهي التقنية الأقدم، و MED (ميد) (التقطير المتعدد الآثار) وهي أقل استهلاكا للطاقة.
رغم أن كلا التقنيتين شرهة في استهلاك الطاقة, وتعتمد كلفة الماء العذب المنتج بالتقطير على عدة عوامل منها حجم المصنع وكفاءته. لكنها تترواح بين 0.7-2 دينار للمتر المكعب (مقارنة مع 0.3 دينارسعر المتر المكعب من ماء الشبكة لدينا).
الطريقة الرئيسية الثانية هي الضغط الأسموزي العكسي ، حيث تستخدم أغشية أسموزية شبه نفاذة، تمرر الماء تحت تأثير ضغط أكبرمن الضغط الأسموزي وتمنع مرور الأملاح. وتتراوح كلفة المترالمكعب من الماء العذب المنتج بهذه الطريقة بين 0.5-0.9 دينار. وقد تطورت هذه الطريقة كثيراً اذ هبط استهلاكها للطاقة الى السدس مما كان عليه عام 1970.
تاريخ تحلية مياه البحر:
في عام 1960 أنشئ اول مصنع لتحلية مياه البحر بواسطة تقنية (مسف) في دول الخليج العربي. ثم تسارع انشاء مصانع التحلية حتى وصل انتاج هذه الدول حالياً الى نحو 15 مليون م3 من الماء العذب يومياً ويعادل نحو نصف انتاج العالم من الماء العذب بواسطة تحلية مياه البحر.
في عام 1972 أنشئ أول مصنع في العالم لإنتاج الماء العذب بواسطة الضغط الأسموزي العكسي، وكان ذلك في جزيرة وات الفرنسية (والمصنع مغلق حالياً).
وفي أواخر عام 2005 بدأ انتاج مصنع مشابه في عسقلان بقدرة 320.000 متر مكعب من الماء العذب يومياً. وهو أكبر مصنع من نوعه في العالم.
وفي عام 2007 بدأت استراليا تشغيل مصنع تحلية مياه البحر في مدينة بيرت باستخدام طاقة الرياح لإنتاج 140.000 م3 من الماء العذب يومياً.
يبقى أن نشير الى بعض الآثار السلبية لتقنيات تحلية مياه البحر على البيئة البحرية المجاورة. فالمصنع يطرح في البحر ماء مركزالملوحة وساخناً يضر بالنباتات والحيوانات البحرية في المنطقة.
كما أن هذا الماء يحتوي على كميات من المعادن المتآكلة من أنابيب المصنع. فمثلا يقدر أن مصانع التحلية في دول الخليج العربي تقذف يوميا في مياه الخليج نحو 300 كيلوغرام من النحاس اضافة الى 22 طنا من الكلور.
ويجدر بالذكر أن طريقة الضغط الأسموزي العكسي تطرح مترأ مكعباً من الماء كفضلات مقابل كل متر مكعب تنقيه.
ولا تنسى ما تطرحه هذه المصانع من ثاني أكسيد الكربون في الجو نتيجة حرق كميات ضخمة من مصادر الطاقة (نفط أو فحم) لتسخين ماء البحر وتحويله الى بخار.
(الخرائط أعلى الصفحة 46-47 الانتاج اليومي بالمتر المكعب لدول حوض المتوسط والخليج العربي من الماء العذب بواسطة تحلية مياه البحر.)
عن المجلة الفرنسية Sience et vie

نحو فحص سريع لكهرباء السيارة

في عام 2008 حصل المشروع الفرنسي (Seeds) لفحص شبكة كهرباء السيارات على جائزة البرنامج الوطني للبحث والابتكار في مجال النقل البري. وقد أجرت مجلة البحث الفرنسية مقابلة مع مارك أليفا، مدير هذا المشروع الذي يهم كل من يملك سيارة.

سؤال – لماذا يصعب تحديد موضع الخلل في الشبكة الكهربائية في السيارات؟
مارك: لأن هذه الشبكات يتزايد حجمها وتعقيدها باستمرار بحيث أصبحت بالغة التعقيد في وسائل النقل الحديثة وذلك بسبب تزايد استخدام الالكترونيات في السيارات.
فالسيارات الحديثة تحتوي أسلاكاً يصل مجموع أطوالها إلى نحو 4 كيلومترات، وهي في الباص 15 كم، و400 كم في طيارة الركاب، و 2500 كم في سفينة ركاب. وحتى الآن لا تتوفر طريقة سهلة لفحص هذه الأسلاك وتحديد موقع الخلل.
س- ما هو الحل الذي تقتروحنه لفحص هذه الأسلاك عن بعد؟
مارك: نقترح استخدام "قياس الانعكاسية". حيث نرسل في السلك اشارة كهربائية ذات تردد عال ٍ. وعندما تصادف هذه الأشارة قطعاً في السلك، أو تماساً أو تفرعاً، فإن قسماً من طاقتها ينعكس نحو الجهاز المرسل. وعندئذ يمكننا أن نحدد طبيعة الخلل وموقعه لأقرب 10 سم.
س- كيف جهزتم هذا النظام ليمكن استخدامه لدى ورش السيارات (كراجات الصيانة) ؟
مارك: يتطلب هذا النظام استخدام التحليل المحوسب الاوتوماتيكي. وقد أوجدنا برمجيات تحلل وتفسر اشارات الفحص، وطبقناها في الواقع، في الكراجات. وقد طورنا نموذج البرنامج بالتعاون مع مؤسسات صناعية و أوجدنا بطاقة الكترونية تربط مع السلك المطلوب فحصه، وترسل المعلومات حول حالة السلك إلى الحاسوب. ويصلح هذا النظام للسيارات كما يصلح لجميع الأنظمة المتضمنة أسلاكاً كهربائية مثل الطائرات والقطارت والمباني وشبكات الاتصالات.
س- هل يمكن تطبيق هذا الفحص على السيارة في أي مكان تتعطل فيه وليس فقط داخل الكراج؟
مارك: نعم، هذا ما نهدف إليه، لكن يجب أولاً حل بعض المشكلات المتمثلة في حصول تداخلات بين الأنظمة المختلفة. وسنعمل على التوصل إلى صنع رقاقات لتشخيص الخلل نزرعها في عدة مواقع من الشبكة المطلوب فحصها.
مجلة البحث الفرنسية La Recherche

نحو ايجاد بكتيريا اصطناعية

نجح فريق أمريكي بقيادة عالم الاحياء كريغ فنتر في تصنيع جينوم نوع من البكتيريا . وهذه خطوة نحو تصنيع خلية حية كاملة ، بمختلف اجزائها ومكوناتها . الاسم العلمي لهذه البكتيريا هو Mycoplasma genitalium وهي صاحبة أصغر جينوم بين أنواع البكتيريا ، اذ أن جينومها يتكون من نحو (000 600) ستمئة الف زوج من القواعد . وكان أقصى ما توصل له الباحثون قبل هذا الانجاز هو التصنيع الصحيح لبضعة آلاف من الازواج من القواعد .
أما كيف تمكن فريق الدكتور فنتر من تحقيق هذا الانجاز ، فانهم قد صنعوا أجزاء قصيرة من الحمض النووي دنا ، ثم جمعوها معا في أنابيب مخبرية باستخدام انزيمات خاصة ، حتى حصلوا على ما يعادل ربع الجينوم المطلوب. وكانت الخطوة التالية وضع هذه القطع ضمن خمائر تحتوي انزيمات قادرة على اصلاح أخطاء الكروموسومات وعيوبها .
وستكون الخطوة التالية هي استخلاص أجزاء الحمض النووي دنا من الخمائر وزرعها في خلية واحدة .. في بكتيريا نزع منها الجينوم . لكننا نجهل حاليا اذا كان هذا النقل سينجح ، علما بأن نفس الفريق قد حقق في عام 2007 عملية نقل الجينوم من بكتيريا الى أخرى .

نحــو ادارة سيـر فعالــة

من التجارب العالمية في الادارة الحديثة للسير :

حسام جميل مدانات

في يوم السبت، الثاني من آب 1975، شهد الطريق الوطني رقم 10 بين باريس وبايون في فرنسا توقفا كاملا لحركة السير شمل (60000) ستين الف سيارة، وعلى امتداد (600) كم. بعد عام واحد من هذه الأزمة الخانقة أطلقت فرنسا خدمة معلومات الطرق المسماة: ( بيزون فوتيه ) أو "الثور الداهية". وكان هدف هذه الخدمة تقديم المعلومات اللازمة للسائقين لتجهيز رحلاتهم على احسن وجه، وخاصة عند الانطلاق الكبير نحو الجنوب، في بداية موسم العطلات الصيفية. فينصح السائقون بأنسب الاوقات لبدء الرحلة، وبالطرق البديلة حتى لا يعلقوا بأزمات السير في الطرق الرئيسية. وتستخدم كافة وسائل الاعلام لنشر هذه المعلومات .
ظهرت ثمار هذه الخدمة فورا. ففي يوم السبت 31 تموز 1976 انخفض مقدار الوقت الضائع في "جلطات " السير بنسبة 73% مقارنة بما كان عليه الوضع قبل سنة .

ادارة سير ديناميكية – أحدث التقنيات لادارة السير
منذ عام 1999، ومع انشاء النظام المعلوماتي سيريوس (Sirius) ،أصبحت ادارة السير في فرنسا تعتمد بشكل متزايد على التقنيات المحوسبة والرقمية والادارة التلقائية أو الاتوماتيكية. وذلك يشمل جميع المناحي والمراحل، من جمع البيانات وحتى تقديم المعلومات للمستخدمين. تقوم بهذه المهمة 7 مراكز موزعة في مختلف انحاء فرنسا، وترسل بياناتها الى المركز الرئيسي المسؤول عن نظام "الثور الداهية". يتم جمع البيانات بمختلف الطرق والتقنيات المتاحة: كمرات فيديو للمراقبة(نحو 800 كمرة في المنطقة الباريسية)، اضافة الى نظام المجسات المزروعة على عمق 7سم من سطح الطريق، وعددها أكثر من (6000) مجسّ في المنطقة الباريسية وحدها. تفصل بين كل مجسين متتاليين مسافة 500 متر .
يشكل كل مجس مجالا مغنطيسيا، وعند مرور سيارة فوق المجس فانه يدرك مختلف مواصفات السيارة: السرعة، وزنها، حجمها، وحتى شكلها. ترسل هذه البيانات فورا نحو مركز قريب، حيث تحلل قبل أن تنقل الى حاسوب مركزي في ادارة السير الرئيسية. وتغطي هذه المجسات والكمرات حاليا 2500 كم من الطرق الرئيسية ويخطط لمضاعفتها بحلول عام 2013 .
تستخدم اللوحات أو الشاشات الالكترونية المتغيرة على الطرق لعرض المعلومات حول حالة السير وحول أية أشغال أو حفريات تتعرض لها الطريق، والتحويلات وأية حوادث على الطريق ومستوى التلوث وأية ظروف طقس استثنائية كالضباب أو الجليد ... الخ .
تغذى هذه اللوحات بالمعلومات كل 20 ثانية، ويقدر انها تساهم بتخفيض مستوى الاختناق المروري بنسبة 5%. كما يستخدم نظام التوضيع العالمي ( بواسطة التوابع الفضائية ) جبس (GPS) لتقديم معلومات تحدّث مرة كل 3 دقائق .
تطبق الادارة الدينامية (الديناميكية) أو المرنة للسير باستخدام مختلف الوسائل المتاحة، وذلك حسب كثافة السير في أي منطقة وفي أي اتجاه. فيمكن مثلا تغيير اتجاه السير في الشوارع ذات الاتجاه الواحد حسب الظروف، أو تعديل السرعة المسموحة لضمان انسياب مثالي للسير .
وفي تجربة طبقت في جنوب فرنسا (بين فْين وأورنج)،خفضت السرعة القصوى بنسبة 20% على السراط (الطريق السريع)، فقلت الحوادث بنسبة 20 – 40%. ونتيجة لذلك انخفض اختناق السير بنسبة 15% أي ما يعادل توفير 200000 ساعة على السائقين-لأن كل حادث سير يسبب اغلاقا جزئيا أو كليا للطريق وبالتالي تعطل السيروساعات ضائعة على السيارات المتواجدة على الطريق- (العبرة من ذلك : اذا ابطأت فانك تصل أسرع !).


العلم والحياة الفرنسية آب 2007


لمحة تاريخية عن أنظمة السير

في عام 1539 صدر مرسوم ملكي في فرنسا لتنظيم سير عربات الخيل وغيرها في شوارع المدن . منع المرسوم التجاوز أو الدوران للآتجاه المعاكس . وكلفت شرطة السير بتطبيق هذا المرسوم .
لم تظهر الاشارات الضوئية لتنظيم السير الا عام 1868،وكان ذلك في لندن على شكل مصباح يعمل على الغاز ويحمله شرطي . واعتمدت باريس نظاما يشمل قرصين: أحمر وأبيض يبدل بينهما يدويا .
في 5 آب 1914 نصبت اول اشارة مرور كهربائية في مدينة كليفلاند الامريكية . كانت الاشارة تتضمن لونين فقط أحمر وأخضر اضافة الى منبه صوتي . وكان يفترض في العربات والسيارات ان تتوقف بمجرد تحول الأخضر الى الأحمر ، مما كان يسبب حوادث ومشاكل بسبب التوقف المفاجئ . وكان الحل ادخال لون ثالث ، برتقالي، وتم ذلك عام 1923 في تنيسي/ الولايات المتحدة .
بدا بث معلومات السير في فرنسا عام 1958. عندما كان العمال الباريسيون يخرجون من باريس للنزهة يوم عطلتهم ، الأحد ، الى غابة فنتين بلو المجاورة . وعند عودتهم مساء، في نفس الوقت تقريبا، كانت الطرق تختنق وتتوقف حركة السير . فبادرت اذاعة فرنسا ( فرانس أنتير ) بالتعاون مع الشرطة الى مراقبة حركة السير وبث المعلومات الى شرطة المرور. ثم انشئ المركز الوطني لمعلومات الطرق عام 1968 وتبعه انشاء سبعة مراكز اقليمية تبث بياناتها نحو المركز الوطني .
عن "العلم والحياة" الفرنسية

الضجيج يدمر أعصابنا وصحتنا

حسام جميل مدانات

نترقب جميعنا بقلق يقارب الهلع قدوم الصيف وما تحمله أمسياته و لياليه من تفجيرات متواصلة للألعاب النارية المرافقة للأعراس ولمناسبات أخرى عديدة. فأين المفر؟

لا شك أن الضجيج أو الضوضاء أصبح آفة عامة ابتلت بها مدن العالم المعاصرة. ورغم أن مدن الدول الأخرى قد لا تشهد مثلنا تفاقم ظاهرة الألعاب النارية المتواصلة طوال ليالي الصيف، إلا أن لديها ما يكفي من مصادر الضجيج الأخرى.

للضجيج تأثيرات خطيرة

لا يقتصر التأثير السلبي على الأذن. مسببا ضعف السمع أو حتى الصمم. وإنما يتعدّى ذلك إلى التسبب بمشاكل في القلب وجهاز المناعة والقدرة على التركيز أو النوم ومشاكل نفسية وعقلية.

ولعل الطرفة التالية تعطي مؤشرا على الآثار العقلية للضجيج، حيث يروى أن مراهقين نظموا حفلا موسيقيا راقصا في شقتهم. وعانى شاغل الشقة السفلى من الضجيج لعدة ساعات، حتى فاض به الكيل. فصعد إلى شقة المراهقين وطرق الباب بعنف. وما أن فتح له الباب حتى بادر بالتوسل أن يوقفوا الموسيقى وإلا فانه سيفقد عقله. وكان الرد: يبدو أنها راحت عليك، فقد انتهت الحفلة وتوقفت الموسيقى قبل ساعة!.

وقد نشرت مجلة " هذا يهمني " الفرنسية تحقيقا عن التلوث الصوتي وعواقبه الجسدية والنفسية، نعرض فيما يلي ملخصا له:

يعتبر شارع شارل ديغول أو شارع الشانزليزيه في باريس من أكثر الشوارع كثافة في حركة السير، حيث تعبره يوميا نحو 160000 سيارة، والنتيجة الحتمية لهذا الطوفان من السيارات مستوى لا يحتمل من الضجيج. مما دفع بالبعض لاقتراح حل جذري لهذه المشكلة وهو بكل بساطة طمر الشارع تحت مستوى الأرض، أي جعل حركة السيارات محصورة داخل نفق تحت الشارع الحالي، والذي سيبقى مخصصا للمشاة.

قدرت كلفة المشروع في البداية بمليار يورو، ثم جرى اعتبار دمج المشروع مع خط قطار أنفاق جديد فخفف الكلفة المقدرة إلى 300 مليون يورو. فهل يستحق تخليص الناس من إزعاج حركة السير كل هذه الكلفة.

تمثل الضوضاء مصدر الإزعاج الأول لسكان المدن المعاصرة التي يزيد عدد سكانها عن 50000 نسمة ، وهذا ما يؤكده استبيان أجراه المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية. ويأتي التلوث في المرتبة الثانية.. ثم انخفاض مستوى الأمن. ويقدر 78% من الفرنسيين أن مصدر الإزعاج الصوتي الأهم هو من خارج منازلهم. وتأتي حركة السير في المرتبة الأولى كمصدر للضجيج. وعلى المستوى الأوربي يقدر بأن 17% من السكان، أي نحو 113 مليون نسمة يتعرضون يوميا لمستوى أصوات ذات شدة أعلى من 65 ديسبل وإذا تجاوزت شدة الصوت هذه النتيجة، فانه يعتبر ضجيجا مزعجا.
وعلى سبيل المقارنة نورد الأرقام التالية لشدة صوت بعض مصادر الضجيج مقاسة بوحدة الديسبل:

القطار (الصوت داخل العربات): 90، مطرقة حفر الشوارع: 120 ( أو 102 على بعد 8 أمتار)، دراجة نارية: 92( على بعد مترين)، نائم يشخر: 45-90،رضيع يبكي بشدة: 90، حفل موسيقي: 105، راديو محمول بسماعات: حتى 110 ديسبل. وبجدر بالذكر أن مدى تحملنا للضجيج الصادر من مصدر معين لا يعتمد فقط على شدة الصوت، وإنما أيضا على المدة الزمنية التي يتواصل فيها الصوت. فالمدة القصوى لتحمل صوت مطرقة الحفر هو 9 ثوان. والقانون يلزم العامل على هذه الأداة بوضع خوذة واقية للأذنين.. ويمكننا تحمل نباح كلب متواصل حتى 10 دقائق. وحفلة موسيقية في الأعراس لدينا حتى 5 دقائق!
ونعني بالتحمل الفترة التي يمكن للأذن أن تتعرض فيها للصوت دون حصول أذى وضرر فيها. ويعتبر الصوت خطرا على الأذن إذا زادت شدته عن 85 ديسبل، ورغم أن شكوانا تركز على الإزعاج القادم من خارج المنزل، فان منازلنا تعاني من مصادر إزعاج لا يستهان بها.
ففي كل لحظة نجد واحدأ أو أكثر من أفراد العائلة يتحدث على الهاتف الأرضي أو الخلوي. ويواصل التلفاز مهمته الإزعاجية طوال 24 ساعة، وسواء كان هناك من يشاهده أو لا. ويتحول المنزل إلى ورشة أشغال عامة أثناء أعمال التنظيف اليومي باستخدام المكنسة الكهربائية. ويساهم مجفف الشعر (السشوار) والخلاط الكهربائي بدورهما في هذه السيمفونية المتناغمة والتي تدعمها الألعاب الحاسوبية أو محطة الألعاب (بلي ستيشن) التي يدمن عليها أطفالنا. ولا ننسى أجهزة كهربائية أخرى تثبت حضورها عن طريق الضجيج كالثلاجة والغسالة ومكيف الهواء وجرس الباب ورنين الهاتف بنوعيه وبنغماته المتنوعة.

ألا يحق لنا إذن أن ندعي بأن السكينة والهدوء أصبحا مطلبا عزيز المنال في مدننا العصرية الراقية.

Ca M'INTERESSE. Sept 2008

محو الذاكرة يشفي من الرهاب

لعل كلا منا قد عانى من مشاعر الخوف عدة مرات، سواء في طفولته أو ما بعدها. وعندما يتحول الخوف إلى وسواس ملح وغير منطقي يصبح مرضا. وعندما ينحصر الخوف في شيء بذاته، يصبح رهابا. وهناك أنواع وأنواع من الرهاب أو الفوبيا. ويطلق على كل نوع منها في الانجليزية اسم مشتق من اللاتينية. ومنها رهاب الاحتجاز ( الخوف المرضي من الأماكن المغلقة أو الضيقة) ، ورهاب الأجانب ( الخوف من كل أجنبي أو غريب) ورهاب المرتفعات، ورهاب الأفاعي أو العناكب أو الكلاب أو الفئران أو الصراصير.

طرق العلاج:
يعتمد بعض الأطباء طريقة لعلاج الرهاب تدعى العلاج بالتعرض (exposure therapy) أي مواجهة ما تخاف منه. فإذا كنت تخاف العناكب. فالعلاج عندئذ هو أن تجلس في حوض مملوء بالعناكب، ومراقبتها وهي تزحف على جسدك العاري دون أن تسبب لك أي أذى.. فتحصل المعجزة وتشفى من خوفك الأحمق منها.
لكن يبدو أن هذا الأسلوب لا يجدي دائما، عدا عن أن البعض لا يجرؤ حتى على مجرد التفكير في التعرض لهذه التجربة أو المرور بها.
ولحسن الحظ، فان العلماء والباحثين لا يكفون عن التجربة ومحاولة إيجاد وسائل أخرى لعلاج الرهاب. ومن ذلك ما نشرته مجلة العلم الشعبي الأمريكية عن تجارب جوزف لدو J.Ledoux، عالم الأعصاب في جامعة نيويورك، والتي أجراها على الجرذان . وإذا دخلت مختبره فانك تشاهد ثلاثمائة قفص ذات جدران شفافة، يعيش داخل منها جرذ تقدم له كافة وسائل الرفاهية. ثم يعرض الجرذ لتجربة مخيفة مثل سماعه صوت نغمة موسيقية ثم تعريضه لصدمة كهربائية متوسطة الشدة. وبعد أن يمر الجرذ بهذه المعاناة عدة مرات، يصبح مجرد سماعه للنغمة سببا لإصابته بالرعب.
توقع لدو أن مصدر الشعور بالخوف هو اللوزة الدماغية وهي كتلة من الخلايا العصبية في مقدمة الدماغ تشبه اللوزة في شكلها. وللتأكد من صحة نظريته، فانه قطع الاتصال العصبي بين هذه اللوزة وبين المهاد السمعي في الدماغ، وهو جزء الدماغ الذي يتلقى الإشارات السمعية من الأذنين. فلاحظ بعد فصل اللوزة عن المهاد أن الجرذ لم يعد يشعر بالخوف عند سماعه تلك النغمة الموسيقية المرتبطة بالصدمة الكهربائية.
يعتقد لدو أن اللوزة الدماغية تحتفظ بذاكرة الخوف، فإذا أمكن محو هذه الذاكرة، فان الخوف أو الرهاب يزول. ورغم الاعتقاد السائد لدى علماء الأعصاب بأنه يستحيل إزالة ذكرى أو ذاكرة معينة بالذات دون غيرها، فان لدو يؤمن برأي مختلف. وهو يسعى لأن يجعل محو الذاكرة انتقائيا. بحيث يزيل ذكرى المحفز الذي يسبب الشعور بالخوف لدى الجرذان. وإذا نجحت التجارب فهو يأمل في تطبيقها على الإنسان.

الخوف المستمر يؤذي

قبل عشرات آلاف السنين ، عندما كان الإنسان يعيش على جمع الثمار والصيد ، محاطا بوحوش من مختلف الحجوم والأنواع، كان الخوف شعورا طبيعيا وإيجابيا يعاني منه عند تعرضه لخطر. وكان رد فعله عندئذ هو الهرب أو المواجهة. وكلا السلوكين يتطلب تزويد عضلات الجسم بكميات أكبر من الدم والأكسجين. والشعور بالخوف يحقق هذا الغرض. ويبدو أن جسمنا ما زال يظهر رد الفعل نفسه. فعندما تشعر بالخوف، لأي سبب كان: فان جسمك يتصرف بطريقة تمكنك من الهرب أو الدفاع عن نفسك بضراوة. وما يحصل عندئذ يؤثر على مختلف أعضاء الجسم . لكن هذا التأثير يضر بهذه الأعضاء إذا استمر أو تكرر كثيرا. وفيما يلي بعض هذه الأضرار الناتجة عن الخوف أو التوتر والقلق.

• العينان : يتوسع البؤبؤ بتأثير الهرمونات حتى ترى بشكل أفضل مما يساعدك على الهرب أو الهجوم. لكن اتساع البؤبؤ لفترة طويلة، رغم سطوع الضوء، يتعب العينين.

• القلب: يزيد نبض القلب ويرتفع ضغط الدم من أجل تزويد العضلات بكمية إضافية من الدم. لكن استمرار ارتفاع الضغط يزيد احتمال الإصابة بذبحة صدرية أو دماغية.

• الرئتان: يتسارع التنفس حتى تحصل الرئتان على كمية أكبر من الأكسجين. وإذا كنت تعاني من الربو فان أعراضه تتفاقم . كما أن تواصل اللهاث، أي تسارع النفس، قد يسبب نوبة فزع.

• الجلد : تنشط الغدد العرقية لتفرز عرقا أكثر حتى يبرد الجسم، لأن الجهد الكبير المبذول( في الهرب أو الهجوم) سيسخنه. لكن استمرار التوتر قد يقلل من قدرة الجسم على شفاء الجراح والتئامها،مما يعرضه للإصابة بالتهابات.

• الهرمونات: تطلق الغدد الكظرية فوق الكلوية هرمون الكورتزول، لكن فرط إفرازه ولفترة طويلة يضعف كلا من العظام والعضلات ومناعة الجسم.

• المعدة : تتوقف المعدة عن الهضم حتى تتيح للجسم تحويل الطاقة والدم إلى العضلات. لكن بطء الهضم قد يجعل الحامض الذي تفرزه المعدة يسبب الغثيان أو يزيد من أعراض قرحة المعدة إذا كان الشخص مصابا بها.

• الأمعاء: يقل نشاط الأمعاء بامتصاص الغذاء. وإذا استمر هذا الوضع بسبب تواصل التوتر، فقد تصاب الأمعاء والقولون باضطراب مؤقت أو مزمن.


Popular science (1/2008) P 52/53

3/12/2009

كيف يؤثر الطقس على أجسامنا؟

م





قيظ الصيف وزمهرير الشتاء، واعتدال الربيع ورياح الخريف، لا تؤثر فقط على مزاجنا ونفسيتنا، وإنما على أجسامنا أيضا. ويبدو أن هذه التأثيرات مهمة لدرجة دفعت وزارة الصحة الفرنسية، بالتعاون مع دائرة الأرصاد الجوية، إلى تأسيس لجنة الصحة الحيوية الطقسية لمراقبة ومتابعة التغيرات في الطقس وتأثيرها على الصحة.

الشتاء: القلب يعاني

قد يكون فصل الشتاء باردا وقارص البرودة، وتزداد برودته كلما ابتعدنا عن خط الاستواء واقتربنا من أحد القطبين، شمالا أو جنوبا. وتتفادى بعض الحيوانات هذه البرودة ونقص الغذاء بلجوئها إلى السبات الشتوي، كما يفعل الدب القطبي (رغم أن ما يفعله الدب ليس سباتا بمعنى الكلمة)،والمرموط، والفقمة. لكن جسم الإنسان ليس مصمما أو متكيفا لممارسة السبات، فدرجة حرارته ثابتة في حالة الصحة على 37.5ºس. ويعمل منظم الحرارة الداخلي لدينا على تثبيت هذه الدرجة. يوجد هذا المنظم في غدة تحت المهاد ( هيبوثالمس).
في درجات الحرارة المعتدلة أو المثالية( نحو º20) يعمل الكبد والقلب والدماغ والعضلات والغدد الصماء، من خلال عمليات الأيض أي حرق الغذاء، على توليد الطاقة لضبط درجة حرارة أجسامنا. لكن عندما تنخفض درجة الحرارة كثيرا يلجأ الجسم إلى آليات ووسائل أخرى لتوليد الطاقة: فالعضلات تهتز لا إراديا، وهذه هي القشعريرة، والشعر ينتصب ليشكل طبقة عازلة حول الجلد، كما أننا نميل إلى ضمّ أرجلنا إلى أجسامنا، أثناء النوم مثلا لتقليل مساحة الجسم المعرضة للجو. وتتقلص الأوعية الدموية تحت الجلد لتقليل فقد الحرارة عبر الجلد، فتقل تروية الجلد بالدم ويبرد بينما يتوجه الدم بتركيز أكبر نحو الأعضاء المهمة والحيوية، ويرتفع الضغط الدموي، مما قد يضر بكبار السن الذين يعانون من مشاكل في القلب والأوعية الدموية. وتدل دراسة تدعى "مونيكا" أجريت عام 1999 في 21 دولة أوروبية على ارتفاع نسبة الوفيات في فصل الشتاء، خاصة بين كبار السن والأطفال. وان كل انخفاض قدره درجة واحدة يرفع إصابات الذبحة الصدرية بنسبة 2.8%. وإذا برد الطقس فجأة بمقدار 10 درجات، زاد ترسب الدهون في الشرايين بنسبة قد تصل إلى 5%.

ولا شك أن لتمدن الإنسان و حضارته دورا في جعله هشاً ضعيفا في مواجهة البرد. إن تقلبات الطقس التي تواجهها الحيوانات البرية وهي عارية عزلاء أصبحت قاتلة للإنسان الذي يرتدي ملابس ثقيلة ويحتمي داخل منازل مدفأة...!

يؤثر برد الشتاء أيضا على جهازنا التنفسي، حين نستنشق الهواء البارد، فتضعف مقاومتنا للمكروبات ويزداد احتمال الإصابة بالرشح والأنفلونزا، أو نوبات الربو. وقد يؤدي هذا إلى صعوبة في التنفس. فيقل تزويد الجسم بالأكسجين. ولتدارك هذا النقص، يزيد القلب ضخه للدم مما يشكل خطرا على مرضى القلب.

الربيـــــع: الشمس تقوي عظامنا

يحل الدفء ويطول النهار وتزدهر الحياة وتزهو بمختلف أشكالها حولنا. ومع تعرضنا لأشعة الشمس يصنع جلدنا فيتامين د الضروري لصحة عظامنا.

لكن شمس الربيع قد تخدع أحيانا، فقد تغادر منزلك بملابس خفيفة لتفاجأ ببرودة الطقس في الخارج، ويعاني جسمك من نتائج البرودة.

ولا ننسى تأثير حبوب الطلع أو اللقاح على من يعانون من حساسية الربيع (وهو ما برر لأمانة عمان لدينا تنفيذ مجزرة أشجار الزيتون في العاصمة).

الصيف : التعرق يحفز الطاقة

مع الدفء والتشمس تتوسع مسامات الجلد والأوعية الدموية، ويرافق ذلك تسارع نبض القلب، وهذا يعني أن الحرارة العالية، مثل البرودة البالغة، غير ملائمة لمرضى القلب. ومع توسع المسامات يزيد إفراز العرق الذي يتبخر عن الجلد ليلطف تأثير الحرارة على الجسم ويبرده.
ويصاحب العرق أملاح معدنية ذائبة فيه، ونقص الأملاح قد يسبب تشنجات في العضلات. ويجب أيضا شرب كميات كافية من الماء (3 لترات في بلادنا)، حتى لا تصاب بحصى في الكلى، وتناول الفواكه والخضار لتعويض الأملاح المفقودة، وهذا ينطبق بشكل خاص على كبار السن والأطفال. مع تقدم السن يتناقص عدد غدد العرق لدى النساء بشكل خاص وبالتالي يقل التعرق، فيفقد الجسم وسيلة فعالة لتبريده في الطقس الحار، ويتعرض الإنسان عندئذ لمخاطر صحية.

وأخيرا نذكر مصدر مضايقة للمصابين بالصداع النصفي (الشقيقة)، فالرياح الخماسينية الحارة تكون مشحونة كهربائيا مما قد يطلق نوبات الصداع.

الخريف: هبوط المعنويات

توالي درجات الحرارة انخفاضها (وهذا محبط لسكان القارة الأوروبية الباردة وليس لنا بالضرورة). ويرافق ذلك عادة انتهاء إجازة الصيف للطلبة والمعلمين ولمختلف الفئات في عصرنا هذا. ويميل النهار للقصر، مما يحفز زيادة إفراز هرمون الميلاتونين الذي يفرز في الظلام ويدفع الإنسان للنوم. وكل هذا يساهم في اختفاء مشاعر البهجة والانطلاق التي قد يتمتع بها الناس خلال العطل الصيفية.
عن مجلة Ca M'INTERESSE

ماذا يخبرنا اللعاب؟

أثناء قيادتك على طريق خارجية، قد يشير لك شرطي الدوريات الخارجية بالوقوف، إذا لاحظ ما يوجب ذلك. ثم يأتيك الشرطي حاملا عودا قطني الطرف، مثل ذلك المستخدم لتنظيف الأذن، ليطلب منك أن تضعه في فمك حتى يتبلل القطن باللعاب. وخلال 10 دقائق تظهر نتيجة الفحص عند الدورية نفسها. يهدف الفحص إلى كشف تناول السائق للمخدرات، والتي قد تعرضه لارتكاب حادث سير يقتل فيه نفسه أو غيره. وهذا الإجراء مطبق في فرنسا منذ العام الماضي 2008.
لكن هذا ليس المجال الوحيد للاستفادة من الإمكانيات الكبيرة الموجودة في اللعاب. ففي مؤتمر عقد في نيسان 2009 في ميامي/أمريكا. أعلن باحثون من جامعتي لوس أنجلس وأوستن/تكساس عن إمكانية كشف الإصابة بسرطان الثدي أو البنكرياس في مراحلهما الأولى عن طريق فحص اللعاب. وقد توصل الفريق نفسه في العام الماضي إلى تشخيص الإصابة بجلطة قلبية لم يكشفها التصوير الكهربائي للقلب، وذلك عن طريق تحليل اللعاب، حيث ظهرت النتيجة خلال 15 دقيقة، علما أن تحليل الدم التقليدي للغرض نفسه يستغرق 90 دقيقة. وفي كانون أول/2008 تمكن البريطاني د. مايكل غليسن من توقع إصابة شخص بالرشح خلال الأسبوعين التاليين بفضل تحليل لعاب 40 رياضيا.
كيف تعمل الغدة اللعابية؟
تتواجد الغدد اللعابية في 3 مواقع في الفم. وهي تفرز اللعاب الذي يتكون من ماء، مذابا فيه أملاح معدنية وبروتينات. تروي شرايين الدم هذه الغدد مما يسمح لمكونات الدم بالتسرب إلى داخلها، وهكذا فان الغدد اللعابية تتلقى عبر الدم بروتينات قادمة من مختلف أنحاء الجسم. كما يجري تبادل الايونات بين اللعاب والدم من خلال القنوات اللعابية، مما يحافظ على تعادل اللعاب حيث أن الرقم الهيدروجيني للعاب يزيد قليلا عن 7، فهو يميل للقاعدية حتى يعادل حموضة إفرازات البكتيريا. وعندما تموت بعض خلايا الغدد اللعابية، فإنها تنفصل عن الغدة وتنجرف مع اللعاب. وهذا أيضا أحد مصادر البروتينات في اللعاب




اللعاب مرآة الجسد
ينتج الإنسان في المتوسط 700 مليلتر من اللعاب يوميا (أي نحو 3 كؤوس كبيرة) وقد توصل فريق من جامعة لوس انجلس إلى تحديد 1166 بروتينا مختلفة في اللعاب. ولا يقتصر دور اللعاب على ترطيب الفم ولقمة الطعام فيه، وتحليل المواد النشوية لتتحول إلى سكر الملتوز (ولهذا السبب ينصح بإبقاء لقمة الخبز أطول فترة ممكنة في الفم)، فاللعاب يقوم بمهمات أخرى قد لا تخطر ببالك. فهو يقاوم البكتيريا ويحد من انتشارها وتكاثرها في الفم. ويساعد على سرعة التئام أي جرح يحصل في الفم ويحميه من إفرازات البكتيريا، كما أنه يخفف حموضة إفرازات البكتيريا التي قد تضر بمينا الأسنان.
يحتوي اللعاب على العديد من الهرمونات والأنزيمات والجسيمات المناعية، ونجد فيه معظم مكونات الدم. وهذا يفسر إمكانية استغلاله لتشخيص اختلالات أو أمراض أو لكشف تناول مخدرات أو أدوية أو سموم أو كحول. كما يستخدم اللعاب لكشف فيروسات أمراض مثل الحصبة أو الهربس أو النكاف (التهاب اللوز). أما فحص الهرمونات بوساطة اللعاب فلا ينصح به بسبب تركيزها الضعيف فيه. ولهذا يلزم 3 مليلتر على الأقل من اللعاب لهذا الغرض.

يستخدم فحص اللعاب المسمّى Oraquick (أي الفحص الفموي السريع) لكشف الإصابة بفيروس هيف، المسبب للايدز، خلال 20 دقيقة. لكنه غير مصرح باستخدامه في فرنسا رغم موافقة المفوضية الأوروبية عليه عام 2007. تبرر فرنسا موقفها هذا بأن موثوقية التشخيص بفحص اللعاب لا تتعدى 80% مقابل 100% لفحص بلازما الدم، فيما يتعلق بفيروس الايدز. لكن فحص اللعاب يتميز بسهولة إجرائه، وخاصة إذا لم يكن فحص الدم متاحا أو ميسرا. وقد قامت مدينة روما في العام الماضي بفحص لعاب 500 تلميذ، وتبين إصابة 33 طفلا منهم بمرض يدعى كولياك، أي الحساسية ضد الغلوتين الموجود في طحين القمح، ولم يكن أهاليهم على معرفة بحالة أطفالهم هذه.
لعل الخطوة الأولى نحو استخدام اللعاب لتشخيص الأمراض هي إعداد خريطة كاملة للبروتينات المتواجدة في اللعاب وتعرف النسبة الطبيعية لكل منها لدى الإنسان السليم، وذلك على غرار خريطة الجينات – الجينوم البشري. ويتطلب تحقيق هذه الخريطة إجراء مسوحات لأعداد كبيرة من الناس. لكن هذا الأمر لم يحصل حتى الآن.
بالإضافة إلى دراسة بروتينات اللعاب، يسعى بعض الباحثين إلى دراسة الحمض النووي رنا في اللعاب، وهو ينقل المعلومات من الجينة إلى البروتين المتعلق بها. وقد أمكن بالفعل الكشف المبكر عن سرطان الفم عن طريق فحص الحمض رنا. ويعمل الباحثون حاليا على تصميم جهاز بحجم الهاتف الخلوي لتحليل اللعاب خلال دقائق بهدف تشخيص الأمراض. ويمكن توفير الجهاز في عيادات الأطباء والمستشفيات وحتى في المنازل. ومن المتوقع أن يجهز أول نموذج منه في عام 2011.

Ca M'Interesse 7/2009

ما هو مصدر الهيليوم؟

يبدو هذا السؤال منطقيا ومحيرا. فالهيليوم هو ثاني أخف الغازات ( بعد الهيدروجين) وهو غير متوافر في الهواء من حولنا لأنه لو وجد فيه فانه يجب أن يتصاعد للأعلى فورا ليصل أعلى طبقات الجو تماما كما يصعد البالون المنفوخ بالهيليوم اذا أفلتناه.
كما أن الهيليوم غاز خامل لا يتفاعل مع العناصر الأخرى، وهذا يعني عدم امكانية الحصول عليه من تحليل أية مركبات كيميائية متوفرة في الطبيعة.

فمن أين اذن نحصل عليه؟

ينتج الهيليوم من التحلل الاشعاعي الطبيعي لليورانيوم والذي يوجد بعضه ضمن آبار الغار الطبيعي. فأشعة الفا المنبعثة عن هذه الذرات المشعة ليست سوى أنوية ذرات الهيليوم.
وعندما يتبخر الغاز من جوف الأرض ويحول الى سائل (بواسطة الضغط) يبقى الهيليوم غازيا مختلطا مع النيتروجين وبعض الغازات الهيدروكربونية، والتي تفصل وتزال بامرار المزيج على الفحم. ثم يسيل النيتروجين بالتبريد والضغط. ليبقى الهيليوم نقيا في الحالة الغازية، فهو لا يتحول الى سائل الا عند درجة سالب 269 سلسيوس. أما عن استخدامات الهيليوم، فبالاضافة الى نفخ البالونات والمناطيد، فإنه يستخدم في تبريد المغانط الفائقة الموصلية المستخدمة في أجهزة التصوير الطبي أو العلمي (مثل الرنين المغنطيسي أو الرنين المغنطيسي الذري). وهذه الأجهزة تستهلك ربع الانتاج العالمي من الهيليوم. علما أن الولايات المتحدة تنتج لوحدها نحو 70% من الانتاج العالمي من هذا الغاز الخامل.

هل يجب تسخين الماء في الغسالة؟

علينا أولا أن نوضح أن الحرارة العالية تزيد من سرعة التفاعلات الكيميائية بين مواد التنظيف والأوساخ على الملابس (أو الأواني) سواء كانت دهنية أو غير دهنية.
كما أن الماء الساخن يلين الأوساخ الصلبة ويصهر الدهون أو يذيبها. وتبلغ فعالية معظم مواد التنظيف أقصاها عند 40 درجة سلسيوس فيما يتعلق بتفاعلها مع الدهون والبروتينات.. لكن مواد التنظيف الحديثة أصبحت نشطة وفعالة عند درجات الحرارة العادية، أي أنه لا داعي حاليا لتسخين الماء من أجل غسل أواني المطبخ أو الملابس عند استخدام مساحيق وسوائل التنظيف الحديثة.


ما سر اللون الأبيض للثلج ؟

الماء النقي في حالة السيولة شفاف لا لون له. فلماذا يصبح لونه أبيض عندما يتجمد ويتحول الى ثلج، ونعني هنا الثلج الناتج عن الرقاقات المتساقطة أو الصوفان – وليس الجليد.
يكمن السر في ذلك في شيئين: الهواء وظاهرة انكسار الضوء: يحتوي الثلج على نسبة كبيرة من الهواء تصل الى 90% منه بينما الماء المتجمد على شكل بلورات شفافة يشكل 10% منه فقط.
وعندما يسقط الضوء على الثلج، فانه يتعرض لانكسارات متتالية كلما اخترق بلورة جليد، والتي تفصلها جزيئات الهواء عن البلورات الأخرى. وينتهي الأمر بشعاع الضوء بالخروج ثانية الى الهواء من حيث دخل. أي أن الثلج قد عكس فعليا الضوء الساقط عليه، ولم يمرره عبره كما يحصل في حالة الماء النقي الشفاف. ونظرا لنقاء الثلج فانه يعكس 90% من الضوء الساقط عليه ولهذا يظهر لنا ناصع البياض، يغمرنا بالضوء ويبهر العينين. وهذا يفسر لماذا قد يصاب الجلد بالاحمرار أو الحرق بسبب البقاء لفترة طويلة في الخارج عندما تكون الأرض مغطاة بالثلج و الشمس ساطعة.
ويمكننا أيضا أن نفهم سبب شفافية الجليد فهو متراص وكثيف ولا يحتوي تلك النسبة العالية من الهواء كالموجود في الثلج. وبالتالي فان أشعة الضوء تخترق الجليد دون انكسارات مشابهة لانكساراته داخل الثلج. وبالتالي يظهر الجليد شفافا دون لون.

النهاية المروعة للاعبي كرة القدم الطليان
حسام جميل مدانات
التاثيرات المرعبة للمنشطات
حتى الآن أصيب 39 لاعب كرة قدم ايطالي بمرض مدمر وقاتل لا علاج له، مما أبعدهم نهائيا عن الملاعب. كما شخصت بداية اصابة عدد آخر منهم بنفس المرض.
انه التصلب الجانبي أو التصلب اللويحي المقترن بضمور العضلات، أو مرض لوغيرغ. ومن هؤلاء الضحايا التعسين مهاجم نادي اي سي ميلان السابق ستفانو برغونوفو، الذي يبلغ من العمر حاليا 44 عاما وقد فقد القدرة على تحريك أي عضلة في جسمه باستثناء عضلات العينين كما أن أيامه أصبحت معدودة. وقد أقام ناديه في 8 تشرين أول الماضي مباراة تكريمية على شرف لاعبه السابق.
إن هذا المرض نادر بشكل عام، على مستوى اجمالي السكان في ايطاليا أو في العالم على السواء. اذ أنه لم تسجل في ايطاليا ( باستثناء اصابات لاعبي كرة القدم) الا حالة أو اثنتان خلال الثلاثين سنة الماضية.
فما هو السر في اصابة هؤلاء الرياضيين بهذا المرض الذي يستحق أن يسمى مرض لاعبي كرة القدم الايطاليين؟
ما هو مرض لوغيرغ؟ (Lou Gehrig)
يدعى هذا المرض أيضا بأسماء أخرى: متلازمة شاركو Charcot ، أو مرض دجرين Dejerine أو التصلب الجانبي المقترن بضمور العضلات (ALS). ويتميز المرض بانحطاط تدريجي ومتواصل للعصبونات (الخلايا العصبية) التي تتحكم بالحبل الشوكي، وأيضا انحطاط وتآكل الخلايا الحركية في الدماغ وفي الحبل الشوكي مما يسبب شللا كاملا لعضلات الجسم جميعها وينتهي المرض عادة بالموت بعد سنتين أو ثلاث من بدء ظهور اعراضه.
ما سر اصابة اللاعبين به ؟

انتشر مرض التصلب بين اللاعبين الطليان لدرجة جعلت البعض يعتبره وباء خاصا بهم ويستشري بينهم. وقد حصر الخبراء أسباب المرض المحتملة بثلاثة عوامل:
العامل الأول هو كثرة الاصابات والرضوض التي يتعرض لها لاعبو كرة القدم. والواقع أنه عندما تتمزق خلية عضلية، فانها تحرر مركبات مثل الميوغلوبين، والتي تسبب حصول التهاب قد يضعف الأعصاب المجاورة. لكن هذا العامل لا يقتصر على لاعبي كرة القدم، ومع ذلك فان المرض لم يصب لاعبي الرياضات الأخرى العنيفة.
العامل الثاني المطروح هو استخدام مواد سامة مثل المبيدات الحشرية والفطرية من أجل صيانة النجيل والعشب الذي يغطي ملاعب كرة القدم. واحتمال تأثر اللاعبين بهذه السموم.
لكن هذا التبرير مردود أيضا، لأن لاعبي الرغبي (كرة القدم الأميركية) الطليان يستخدمون الملاعب نفسها ولم يصب أحد منهم بهذا المرض.
يبقى العامل الثالث والأكثر احتمالا: انه استخدام المنشطات.
ممارسات قاتلة
في عام 1998 قام القاضي الايطالي رفائيل غوارينلو بتحقيق عن استخدام المنشطات لدى لاعبي كرة القدم في ايطاليا. وتبين له أن أندية كرة القدم تمتلك صيدليات مملوءة بعقارات ومنشطات بلغ عددها 281 منتجا.
يرفض أحد الخبراء قبول هذا التفسير، مذكرا بأن المشاركين في رياضات أخرى كسباق الدراجات، يستخدمون مثل هذه المنشطات وبدلا من ذلك يوجه أصبع الاتهام لأنواع من المنشطات الشعبية التي شاع استخدامها في السبعينات والثمانينات بين لاعبي كرة القدم. فقد اعتاد اللاعبون في ذلك الحين على تلقي حقن من خليط من المواد المصنعة منزليا أو لدى أطباء شعبيين، مثل الفيتامينات وخلايا جذعية انسانية ومصل العجل وغيرها من المواد غير المأمونة أو المصرح باستخدامها طبيا.
وعلى أية حال فقد شكل اتحاد كرة القدم الايطالي في تشرين ثاني 2008 لجنة علمية لدراسة سر هذا الوباء الايطالي بامتياز.

Science et Vie 2/2009


حل مثالي لتوفير الماء

لعل هذا الابتكار الاسترالي لتجهيزات الحمام ، والمكون من مغسلة ومرحاض متصلين معا، هو الأنسب لبلد كالأردن يصنف باعتباره رابع أفقر بلد في المياه في العالم. يتمتع هذا التصميم بميزتين: أولاهما صغر حجمه مما يجعله مناسبا لغرف الحمام الصغيرة المساحة. وثانيتهما أن الماء المتخلف عن غسل الوجه واليدين في المغسلة يحفظ في خزان المرحاض ليستغل في شطفه بعد الاستخدام.
صممت هذا الطقم المبتكر المؤسسة الاسترالية كاروما وسيطرح في الأسواق العالمية خلال العام الحالي بسعر نحو 400 دولار.

ابتكار طريف لضمان سلامة الأغذية المجمدة
من أجل المحافظة على سلامة المواد الغذائية المجمدة داخل المجمدة أي الفريزر، يجب ابقاؤها في درجة حرارة معينة، واذا حصل ان ارتفعت درجة الحرارة بسبب انقطاع الكهرباء أو بقاء باب الفريزر مفتوحا دون أن تلاحظ ذلك، فان بعض هذه الأطعمة قد تفسد مما يعرضك لخطر التسمم.
وربما يحصل انقطاع الكهرباء لفترة معينة قد تطول، ثم يعود التيار، فيجمد الطعام ثانية. لكنه ربما يكون قد فسد خلال تلك الفترة، ولا تتاح لك امكانية معرفة ذلك، خاصة إذا كنت خارج المنزل لبضعة أيام مثلا.
لتلافي هذه المشكلة يمكنك استخدام كاشف الانصهار المسمى مكعب الجليد Freezcube . وهو شبيه بساعة الرمل المكونة من وعائين متصلين. لكن الوعاء هنا مقسم الى أربعة أجزاء. يوضع فيها أربع مواد تنصهر على درجات حرارة مختلفة، الأزرق على درجة سالب 10، الأخضر سالب 6، الأصفر سالب 2 والأحمر صفر.
يجب أولا تجميد هذه السوائل خلال 24 ساعة في المجمدة (على درجة - 18° عادة أو أقل) ثم يقلب الكاشف رأسا على عقب ويوضع في المجمدة.
فاذا لاحظت فيما بعد أن أيا من هذه السوائل الملونة قد تسرب الى المكعب السفلي من الكشاف، أمكنك أن تعرف درجة الحرارة التي وصلت اليها المجمدة خلال فترة انقطاع التيار ( حسب لون السائل المتسرب)، وأن تحدد الأطعمة التي تعرضت للفساد، حتى لو كانت درجة الحرارة قد عادت الى حدها الأدنى ثانية.
الثمن في السوق العالمية نحو 20 دولارا ( 15 دينارا).

ماذا تعرف عن الغوص البحري؟

ما رأيك بممارسة رياضة الغوص لاستطلاع عالم البحر الساحر بمرجانه وأسماكه ذات الألوان الرائعة. أو للتنقيب في حطام سفن قديمة غارقة أو للعمل في صيانة السفن أو حتى لمجرد الاستمتاع بهذه الرياضة التي تكاد تكون محصورة في عدد قليل في بلادنا، ولكنها تصادف رواجا وانتشارا كبيرين في العالم اليوم. ففي فرنسا مثلا يمارس الغوص نحو 300000 شخص.

الغوص علم وفن
أصبح للغوص، مثله في ذلك مثل أية رياضة أخرى، أصول وقواعد يجب تعلمها والتدرب عليها والالتزام بها. ويحصل المتدرب على شهادة تؤهله لممارسة هذه الرياضة. والشهادة الأشهر في العالم هي تلك التي تمنحها المؤسسة الأمريكية بادي Padi. وفي فرنسا تصدر الشهادة عن الاتحاد الفرنسي لدراسات ورياضة أعماق البحر FFESSM. ولهذه الشهادة 4 مستويات، لكن معظم المتدربين يكتفون بالمستوى الأول، والذي يتطلب تدريبا من 6 – 10 ساعات ويمكن المتدرب من الغوص الى عمق 20 مترا. ويجدر بالذكر أن أقصى عمق بلغه غواص هو 330 مترا،وتم ذلك عام 2005. الغواص هو الفرنسي بسكال برنابي، حيث استخدم 20 أسطوانة تحتوي خليطا من الأكسجين والهيليوم. وقد استغرق 8 ساعات في رحلة الصعود إلى السطح.
استغلت الشركات السياحية هذه الرياضة لتروّج لنمط جديد من سياحة النقاهة والاستجمام، وهي سياحة الغوص. ويتمتع البحر الأحمر بشهرة عالمية في هذا المجال. يمثل غواصو الاستجمام نحو نصف عدد المتدربين على الغوص. أما الرياضيون الغواصون فهم عادة لا يمارسون الغوص أكثر من 8 مرات في السنة.
يبدأ التدريب بدرس في علم الفيزياء، وخاصة ما يتعلق بالضغط. اذ يجب معرفة أن كل 10 أمتار من العمق داخل الماء تعادل ضغطا جويا واحدا، أي بارا واحدا، وبما أن جسم الانسان ليس مصمما لتحمل هذا الضغط الإضافي المفرط، فانه يجب مراعاة قواعد أساسية لحماية الجسم، والأذنين خاصة أثناء الغوص العميق. ولهذا السبب يجب أثناء الهبوط اغلاق الأنف من وقت لآخروالتنفس. وفي المقابل، وعند الصعود من عمق 20 مترا مثلا فان الهواء داخل الرئتين يتضاعف 3 مرات في الحجم، واذا لم يفرغ فان الحويصلات الرئوية قد تنفجر. ولتفادي ذلك يجب الصعود ببطء وعلى مراحل، والا فان فقاعات النيتروجين قد تتكون داخل الدم وتبقى هناك. ولهذا السبب يوجه المتدرب للالتزام بالقواعد الأساسية للصعود للسطح وعدم الاسراع في ذلك حتى لو حصل طارئ في الأعماق جعله يصاب بالفزع.
معدات الغوص
يجب أن يرتدي الغواص سترة خاصة تنفخ الى الدرجة المناسبة لتساعده على المحافظة على توازنه حسب العمق المطلوب. أما البنطال فهو قد يكون عازلا تماما للماء أو يسمح بتسرب طبقة من الماء يتراوح سمكها بين 3 – 7 ملم. ويحمل الغواص على ظهره صفيحة أو أسطوانة تحوي ما بين 10 و 15 لترا من الهواء تحت ضغط 200 بار (200 ضعف الضغط الجوي) مما يتيح له البقاء ما بين 30 – 40 دقيقة على عمق 20 مترا. ويحمل الغواص ضمن قناع الوجه ما يسمى بالممدد، وهو نظام يسمح بتمدد الهواء الذي يتنفسه حتى يتناسب ضغطه مع الضغط المحيط به. ويحيط برسغ الغواص، مثل الساعة، حاسوب صغير يحدد له مواقع مراحل التوقف أثناء الصعود ويعرض العمق في كل لحظة والعمق الأقصى المسموح به والزمن الباقي ... الخ.
ويحتوي حزام الغواص على عدة كيلوغرامات من الرصاص للمساعدة في الهبوط داخل الماء في بداية الغوص، ثم البقاء في الأسفل. وقد يكون الحزام جزءا لا يتجزأ من سترة الغوص. وحتى يزيد الغواص سرعته داخل الماء، يجب ارتداء الزعانف على القدمين. وتبقى أداة أخيرة يحملها العديد من الغواصين، وهي كمرة التصوير داخل الماء، والتي قد تكلف 2500 دينار أي قدر البذلة وكافة المعدات الأخرى مجتمعة.
لمحة تاريخية
يقال أن الاسكندر المقدوني (356-323 قبل الميلاد) قد أمر بصنع برميل زجاجي يضعه الغواص حول جسمه وفوق رأسه بحيث يحجز كمية من الهواء تساعده على التنفس والبقاء داخل الماء عدة دقائق. وقد صمم الفنان والمخترع الايطالي ليوناردو دافنشي (1452-1519) اسطوانة للتنفس داخل الماء. لكن التطوير الأساسي في هذا المجال تم على يدي الفرنسيين جاك كوستو واميل غنيان عام 1943.
يحمل الغواصون حاليا نظام تدوير لاستغلال الأكسجين المرافق لهواء الزفير. نعلم أن الهواء من حولنا يحتوي على الأكسجين بنسبة 21% وهذا هو الهواء الذي نستنشقه أثناء الشهيق. أما هواء الزفير فيحتوي نحو 16% أكسجين. وحتى يستفيد الغواص من هذا الأكسجين الذي يخرج مع هواء الزفير، فانه يحمل جهاز تدوير يحتوي على الكلس الحي، والذي يمتص ثاني أكسيد الكربون من هواء الزفير، ثم يحقن بدلا منه كمية من الأكسجين، مما يمد فترة البقاء داخل الماء.



احصاءات وطرائف عن الغوص
يمارس الأردنيون والسياح رياضة الغوص في ثغر الأردن، العقبة. وبالاستعانة بالانترنت، أمكننا التعرف على أسماء ثماني مؤسسات تهتم بالغوص والتدريب عليه، وهي:
- نادي الغوص الملكي
- مركز البحر الأحمر للغوص
- مركز العقبة الدولي للغوص
- مركز غوص العقبة
- مركز النجم البحري
- نادي غوص اكوامارينا
- مؤسسة الضفدع البشري، للتدريب على الغوص من أجل كشف وفحص أجسام السفن تحت الماء وتنظيفها.
وفي المقابل نجد أن بلدا مثل فرنسا يعد 350 مؤسسة و1500 ناد و 1000 مدرب مستقل في مجال الغوص. تكلف الغطسة الواحدة(عملية الغوص) بين30 و 40 يورو (30 إلى 40 دينارا). وتدوم نحو 30 دقيقة تحت الماء. يبلغ إجمالي عدد الغطسات في فرنسا 4,5 مليونا كل سنة، اضافة الى 40000 فرنسيا يمارسون سياحة الغوص في الخارج، وخاصة في البحر الأحمر. وتحقق وكالات السياحة من هذا النشاط نحو 50 مليون يورو سنويا.
يبلغ عدد حوادث الغوص الخطيرة في فرنسا 300 حادث سنويا. تتراوح بين مشاكل في الأذنين، والانخفاض المفاجئ في الضغط عند الصعود السريع. وتحصل معظم الحوادث بسبب معدات سيئة أو تصرف طائش أو مشاكل صحية كان يعاني منها الغواص. لكن الحوادث لم تنتج أبدا عن هجوم سمك القرش.
وأخيرا نورد هاتين الطرفتين عن الغوص والغواصين:
في نيسان 2009 تجمع 114 مشجعا لفريقي كرة قدم على عمق 6 أمتار تحت الماء ليشجعوا فريقيهما أثناء لعب مباراة تحت الماء، حيث فازت انجلترا على أوكرانيا 2-1. وبالطبع استحال على المشجعين الهتاف لكنهم اكتفوا بالتلويح بالاعلام.
وبهدف دخول كتاب غنس للأرقام القياسية، غاص 128 بريطانيا الى أعماق تتراوح بين 6 – 55 مترا – ليكووا ثيابهم ويحطموا الرقم السابق الذي حققه الاستراليون. ولم يصبروا حتى يحل الصيف، بل غاصوا في الماء في الفصل البارد حيث كانت درجة حرارة الماء 5 س! .
Ca m’interesse

ماذا لو لم يوقف شارل مارتل العرب في بواتييه؟ وماذا لو لم تقصف هيروشيما بالقنبلة النووية؟

هل فكرت يوما في النتائج الممكنة لو كان الإنسان مثلا قادرا على الطيران بنفسه مثل الطيور، أو السباحة داخل البحر مثل الحوت ؟ أو لو أن العرب هم الذين اكتشفوا أمريكا ! أو لو أن البكتيريا لم توجد ... أو ...
تمثل صيغة هذا التساؤل: " ماذا لو ؟" مدخلا لمواضيع بحث وتحليل وتخيل واسعة وفي مختلف المجالات والعلوم. وقد تشكل مصدرا جيدا لاختبار معارف الطلبة وقدراتهم التخيلية إذا طلب منهم كتابة مواضيع إنشائية تبدأ بهذا التساؤل.
وقد لفت نظري في المجلة الفرنسية: هذا يهمني Ca m'interesse في عددها لشهر آب 2009 ثلاثة تساؤلات من هذا النمط. اخترت منها الاثنين التاليين:
ماذا لو لم يوقف شارل مارتل زحف العرب في بواتييه؟
* الوقائع التاريخية:
في ربيع عام 732م، تقدم عبد الرحمن الغافقي بجيشه الأندلسي مكتسحا أراضي فرنسا. فهزم "أود" دوق مقاطعة الأكيتين (جنوب غرب فرنسا)، في مدينة بوردو على ضفاف الأطلسي .هرب أود وطلب مساعدة شارل مارتل رغم أنه عدوه اللدود! فتعاون جيشاهما وهزما عبد الرحمن في بواتييه غرب مدينة تور (معركة بلاط الشهداء) فكانت هذه آخر محاولة عسكرية قام بها العرب لاحتلال أوربا. ( بعد ذلك بعدة قرون زحف الأتراك العثمانيون من الشرق واحتلوا أجزاء كبيرة من أوربا وضموها لدولتهم).
* فرضية محتملة (لكنها لم تحصل): بعد هزيمة أود، كان أمامه خياران: عقد هدنة مع العرب والتعاون معهم ضد عدوه شارل مارتل، أو الاستعانة بهذا الأخير والتحالف معه. لكن الذكرى المريرة لغزوات شارل مارتل لأراضيه في العام السابق تجعله يفضل التعاون مع عبد الرحمن
( كما حصل عند غزو العرب لاسبانيا) وبالتالي فان معركة بواتييه لا تحصل.

o النتائج
1) تتضاعف قوة العرب بعد تحالفهم مع أود، دوق الأكيتين، فيتابعون زحفهم في فرنسا ويهزمون جيش شارل مارتل شمال نهر اللوار، فتنفتح أمامهم الطريق إلى باريس. ثم يتابع عبد الرحمن تقدمه ليحتل معظم القارة الأوربية، وربما أيضا انجلترا.

2) إشعاع الحضارة العربية الإسلامية في أوربا
امتد العصر الذهبي للحضارة العربية حتى القرن الرابع عشر، بينما كانت أوربا في عصور الظلام. وهكذا فان الفتح العربي لأوربا سيجعلها تتقدم أشواطا في مختلف العلوم كالرياضيات والكيمياء والطب كما كان الحال في الأندلس منذ عام 711 وينتشر فيها الأدب وفن العمارة العربيان.

3) الإسلام والمسيحية يتعايشان بسلام، كما كان الحال في الأندلس وكما هو في المشرق العربي. المسيحيون الأوربيون يتمتعون بحرية كاملة في ممارسة شعائر عبادتهم. كما أن بعضهم يعتنق الإسلام ويتسلم مناصب إدارية عليا في الدول العربية الإسلامية. . وهكذا فان تاريخ العالم يتغير وبالتالي فان غزوات الفرنجة للشرق العربي باسم الدين لا تحصل.

ماذا لو لم تقصف هيروشيما بقنبلة ذرية ؟
الوقائع : في 8 أيار 1945 وقعت الدول الأوربية اتفاقية السلام لإنهاء الحرب العالمية الثانية. لكن اليابان واصلت حربها ضد الحلفاء وتجاهل إمبراطورها الإنذار الموجه له.
وفي 6 آب القت الولايات المتحدة أول قنبلة ذرية على هيروشيما، ثم أتبعتها بعد ثلاثة أيام بأخرى على نغزاكي. في 2 أيلول أعلنت اليابان الاستسلام ( هذا الأمر كان يعتبر مستحيلا لولا القنبلة النووية، فالياباني ينتحر ولا يستسلم).

o فرضية (لم تحصل) : لم يستجب الرئيس الأمريكي فرانكلن روزفلت لمطالب علماء أمريكيين، ومنهم ألبرت أينشتين، لصنع القنبلة الذرية، وبالتالي فانه لم يخصص أموالا كافية لتمويل الأبحاث والتجارب الهادفة لإنتاجها. ويؤدي ضعف الدعم إلى فشل أول تجربة لهذه القنبلة في صحراء نيومكسيكو في تموز 1945. كما أن الرئيس الأمريكي الجديد هاري ترومن لديه أولويات أخرى في الحرب غير دعم إنتاج هذه القنبلة.

o النتائج

1) أمريكا وروسيا تحتلان اليابان
يجهز الرئيس الأمريكي جيشا عدده 5 ملايين جندي لاحتلال اليابان. انطلاقا من سواحلها
الجنوبية. وبناء على اتفاق يالطا، يشارك ستالين زعيم الاتحاد السوفيتي في غزو
شمال اليابان.
2) اليابانيون يتعرضون للمجازر: خلال شهرين تسبب الغارات الجوية والقصف بالقنابل
مقتل مليون ياباني. وينتحر الآلاف غيرهم بسبب العجز عن المقاومة. يؤدي احتلال
السوفيات لجزيرة هوكايدو/ مصدر معظم إنتاج الرز الياباني، إلى حصول مجاعة.
تنتشر الأمراض كالكوليرا والتيفوئيد. في عام 1946 تبلغ الخسائر البشرية 6
ملايين. تحاصر طوكيو ويستسلم الإمبراطور بعد ستة أشهر.

3) تقسيم اليابان: بعد الاستسلام، تقسم اليابان بين المحتلين. وبعد سنتين يعلن الجزء
الشمالي اقامة نظام شيوعي على غرار ما حصل في أوربا الشرقية التي احتلتها القوات
السوفياتية في نهاية الحرب. ثم تقوم الحرب بين الجزئين. كما حصل في كوريا التي
قسمت الى شمالية وجنوبية.

عالم من البلاستيك

إن البترول لا يعني فقط الوقود الذي يحرق لتوليد الطاقة الكهربائية أو للتدفئة و تحريك وسائل النقل... و إنما هو أيضا ًمصدر رئيسي لصناعة مواد بالغة الأهمية في حضارتنا المعاصرة، مثل المطاط الصناعي الذي تصنع منه عجلات السيارات، ومثل أكياس البلاستيك والغراء والدهانات والأحذية، الخ . قبل 20 سنة لم يكن أحد يتوقع أن تحل هذه المواد محل المنتجات التقليدية المصنوعة من الزجاج أو الفولاذ أو الفخار. وقد أصدرت مجلة البحث الفرنسية (لارشيرش) ملحقا خاصا للعدد 417 عنوانه "البترول عام 2030 ". يقع الملحق في مئة صفحة، وقد اخترنا منه موضوعا غطي في عشر صفحات يتحدث عن المبلمرات (ومنها المواد البلاستيكية) التي دخلت جميع مجالات الحياة وصنعت منها منتجات بالغة التنوع، تتراوح بين العلكة وأحمر الشفاه إلى مواد التنظيف والملامين (الذي لوث به الحليب الصيني مؤخرا) والدهان والأدويــة مثل الأسبرين والبنسلين. ويدخل 8% من البترول المستهلك في العالم حاليــا في الصناعــات البتروكيماوية التي تنتج المبلمرات.

ينتمي المطاط الصناعي لفئة من المواد المصنعة تدعى الإلاستومرات (إلاستو = مرن ) أو المطاطيات، فهو يتميز بمرونته ومقاومته العالية. وتحتوي السيارة الحديثة مثلا على نحو 1400 قطعة مصنوعة من المطاطيات، تتوزع بين المحرك وأدوات نقل الحركة ووسائل العزل أو امتصاص الهزات. ويصل إجمالي وزن هذه القطع إلى 70 كغم. ويتطلب تثبيت هذه القطع نحو 40 كغم من المواد اللاصقة المشتقة هي أيضا من البترول. وقد أسهم استخدام هذه المواد المطاطية بدل المعادن في تخفيض وزن السيارات (والقطارات والطـائرات) وبالتالـــي تخفيض استهلاكها للطاقـــة. ( يقدر هذا التخفيض في أوربا ب (12) مليون طن من النفط سنويا، بينما تطلب صنع هذه المواد 25ر3 مليون طن فقط من النفط )
وتجري الأبحاث باستمرار لتحسين مواصفات وأداء هذه المواد ولتخفيف وزنها. مثلا الغراء المستخدم لتثبيت الملصقات على بعض المنتجات مثل قناني الماء يجب أن يجف خلال جزء بالمائة من الثانية.
تواجه هذه المواد المصنعة من البترول تحديا كبيرا خلال السنوات القادمة، وهو تخليصها من مختلف المواد الضارة بالبيئة أو بصحة الإنسان.وقد حدد الاتحاد الأوروبي النسب القصوى للمواد الضارة المنبعثة من المبلمرات، ووضعت فرنسا لنفسها هدفا بتخفيض الانبعاثات الضارة بنسبة 57% بحلول عام 2010 مقارنة مع عام 1997 .ويتعلق هذا الأمر بشكل خاص بالدهانات التي تباع للأفراد، حيث سيصبح محتواها من (COV) في عام 2010 (3%) مقابل 40% حاليا .

البلاستيك أخف باستمرار

يستخدم المواطن في أوربا الغربية حاليا ما معدله 100كغم من البلاستيك سنويا، مقابل 40 كغم عام 1980. ولعل معدلات الاستهلاك في الدول النامية أو لدينا في الأردن لا تقل كثيرا عن ذلك.
ويبلغ الإنتاج العالمي من البلاستيك حاليا 250 مليون طن سنويا.

تعني كلمة البلاستيك لغويا "اللدن" أو القابل للتشكّل دون أن يعود لشكله الأصلي ولهذا تسمى المواد البلاستيكية باللدائن.وهذه الصفة عكس صفة المرونة في المطاط الذي يستعيد شكله بعد زوال القوة المؤثرة عليه.
أكثر المواد البلاستيكية استخداما هو البولي اثلين الذي تصنع منه أكياس التسوق والتي نراها تتطاير في أيام الريح في كل اتجاه في شوارعنا وطرقنا الخارجية.

وتصنع أواني المطبخ التي يمكن وضعها في أفران الميكروويف من مادة أخرى مشتقة من البترول تدعى بولي بروبلين، والتي يصنع منها صدام السيارة أو حفاظات الأطفال .
وتصنع أطر النوافذ من مادة بلاستيكية أخرى تدعى بي في سي (PVC)
أو بولي كلوريد الفنيل. وهناك أيضا البولسترين الذي تصنع منه عبوات الفواكه و الخضار و البيض، الخ.

و نظراً للتلوث البيئي الضخم الذي اصبحت تحدثه المنتجات البلاستيكية المختلفة (30% من وزن القمامة المنزلية و 50% من حجمها) تسعى الأبحاث حالياً الى تخفيف وزنها دون التأثير على متانتها.

و قد أمكن تخفيف وزن مواد التغليف بنسبة 5% حالياً مقارنة مع عام 1997.
و تبقى القضية الشائكة و المثيرة للجدل حول المواد البلاستيكية، وهي امكانية تصنيع بلاستيك قابل للتحلل في البيئة. و قد أنتجت بالفعل أنواع تتحلل، لكنها مصنوعة من النباتات، وهي لا تمثل حالياً أكثر من واحد بالألف من الإنتاج العالمي. أما تدوير (إعادة تصنيع) البلاستيك فلا يمثل حالياً أكثر من 17% من فضلاته (في فرنسا) مقابل 65% للزجاج و 84% للفولاذ. ويجدر بالذكر أن عدة دول أوربية تسعى حاليا لحثّ المستهلكين على استخدام أكياس قماشية للتسوق. وأصبح المتسوق يدفع تأمينا ماليا مقابل كل كيس بلاستيكي يزوده به المتجر، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعبوات البلاستيكية المختلفة.

La Recherche

النهاية المروعة للاعبي كرة القدم الطليان: التاثيرات المرعبة للمنشطات

حسام جميل مدانات

حتى الآن أصيب 39 لاعب كرة قدم ايطالي بمرض مدمر وقاتل لا علاج له، مما أبعدهم نهائيا عن الملاعب. كما شخصت بداية اصابة عدد آخر منهم بنفس المرض.
انه التصلب الجانبي أو التصلب اللويحي المقترن بضمور العضلات، أو مرض لوغيرغ. ومن هؤلاء الضحايا التعسين مهاجم نادي اي سي ميلان السابق ستفانو برغونوفو، الذي يبلغ من العمر حاليا 44 عاما وقد فقد القدرة على تحريك أي عضلة في جسمه باستثناء عضلات العينين كما أن أيامه أصبحت معدودة. وقد أقام ناديه في 8 تشرين أول الماضي مباراة تكريمية على شرف لاعبه السابق.
إن هذا المرض نادر بشكل عام، على مستوى اجمالي السكان في ايطاليا أو في العالم على السواء. اذ أنه لم تسجل في ايطاليا ( باستثناء اصابات لاعبي كرة القدم) الا حالة أو اثنتان خلال الثلاثين سنة الماضية.
فما هو السر في اصابة هؤلاء الرياضيين بهذا المرض الذي يستحق أن يسمى مرض لاعبي كرة القدم الايطاليين؟
ما هو مرض لو غيرغ؟ (Lou Gehrig)
يدعى هذا المرض أيضا بأسماء أخرى: متلازمة شاركو Charcot ، أو مرض دجرين Dejerine أو التصلب الجانبي المقترن بضمور العضلات (ALS). ويتميز المرض بانحطاط تدريجي ومتواصل للعصبونات (الخلايا العصبية) التي تتحكم بالحبل الشوكي، وأيضا انحطاط وتآكل الخلايا الحركية في الدماغ وفي الحبل الشوكي مما يسبب شللا كاملا لعضلات الجسم جميعها وينتهي المرض عادة بالموت بعد سنتين أو ثلاث من بدء ظهور اعراضه.
ما سر اصابة اللاعبين به ؟

انتشر مرض التصلب بين اللاعبين الطليان لدرجة جعلت البعض يعتبره وباء خاصا بهم ويستشري بينهم. وقد حصر الخبراء أسباب المرض المحتملة بثلاثة عوامل:
العامل الأول هو كثرة الاصابات والرضوض التي يتعرض لها لاعبو كرة القدم. والواقع أنه عندما تتمزق خلية عضلية، فانها تحرر مركبات مثل الميوغلوبين، والتي تسبب حصول التهاب قد يضعف الأعصاب المجاورة. لكن هذا العامل لا يقتصر على لاعبي كرة القدم، ومع ذلك فان المرض لم يصب لاعبي الرياضات الأخرى العنيفة.
العامل الثاني المطروح هو استخدام مواد سامة مثل المبيدات الحشرية والفطرية من أجل صيانة النجيل والعشب الذي يغطي ملاعب كرة القدم. واحتمال تأثر اللاعبين بهذه السموم.
لكن هذا التبرير مردود أيضا، لأن لاعبي الرغبي (كرة القدم الأميركية) الطليان يستخدمون الملاعب نفسها ولم يصب أحد منهم بهذا المرض.
يبقى العامل الثالث والأكثر احتمالا: انه استخدام المنشطات.
ممارسات قاتلة
في عام 1998 قام القاضي الايطالي رفائيل غوارينلو بتحقيق عن استخدام المنشطات لدى لاعبي كرة القدم في ايطاليا. وتبين له أن أندية كرة القدم تمتلك صيدليات مملوءة بعقارات ومنشطات بلغ عددها 281 منتجا.
يرفض أحد الخبراء قبول هذا التفسير، مذكرا بأن المشاركين في رياضات أخرى كسباق الدراجات، يستخدمون مثل هذه المنشطات وبدلا من ذلك يوجه أصبع الاتهام لأنواع من المنشطات الشعبية التي شاع استخدامها في السبعينات والثمانينات بين لاعبي كرة القدم. فقد اعتاد اللاعبون في ذلك الحين على تلقي حقن من خليط من المواد المصنعة منزليا أو لدى أطباء شعبيين، مثل الفيتامينات وخلايا جذعية انسانية ومصل العجل وغيرها من المواد غير المأمونة أو المصرح باستخدامها طبيا.
وعلى أية حال فقد شكل اتحاد كرة القدم الايطالي في تشرين ثاني 2008 لجنة علمية لدراسة سر هذا الوباء الايطالي بامتياز.

Science et Vie 2/2009

مئة فكرة لتغيير حياتك

حسام جميل مدانات

هذا هو عنوان موضوع نشر في مجلة "هذا يهمني" Ca m’ interesse الفرنسية في عددها لشهر ايلول 2009. لن نستعرض هنا هذه الأفكار المئة فالكثير منها قد يناسب المواطن الفرنسي أكثر مما يناسبنا . لكننا سنحاول تلخيص المقال بالشكل الذي يزودنا بأكبر فائدة ممكنة منه.

تتوزع الأفكار المئة التي أوردتها المجلة على سبعة مجالات:
- 21 فكرة لتغيير المهنة
- 22 فكرة للعيش في الريف
- 9 أفكار للعيش في الخارج
- 13 فكرة للحياة البيئية
- 20 فكرة للعمل الاجتماعي
- 9 أفكار للدراسة من جديد
- 6 أفكار للعيش بأسلوب مختلف

لماذا تغير حياتك ؟ ونعني بذلك اسلوب معيشتك أو مهنتك أو مكان سكنك، أو حتى الأشخاص الذين تعيش معهم أو تتعامل معهم ؟
ماذا تفعل اذا أصبحت تسيطر على تفكيرك رغبة ملحة تلاحقك ليل نهار بتقديم استقالتك من عملك أو طلب التقاعد اذا كنت قد بلغته. أو حلم تراه في ليلك ونهارك حلم يتمثل بترك المدينة المكتظة بالكتل البشرية والهواء الملوث والضجيج لتستقر في الريف، تصحو على صوت العصافير وتتنفس هواء نقيا وتأكل طعاما طبيعيا: خضروات زرعتها بنفسك أو بيض دجاج تربيه لديك ويأكل علفا نباتيا أو تشرب حليبا طازجا حقا.

انك تعيش حياة واحدة – لكن حياة بعضنا قد لا تتعدى كونها يوما واحدا منسوخا ومكررا. العمل نفسه والروتين نفسه والهموم نفسها..

ربما كان مثل هذا الوضع مقبولا قبل مئة سنة أو ، قبل امتلاكنا للتلفاز الذي يكشف لنا عن عالم بالغ التنوع والروعة. وامكانيات للعيش السعيد والعمل الممتع تنتظر منا المبادرة والمغامرة لتجربتها وبلوغها.

معظمنا غير راض عن عمله

بشكل عام، يندر أن تجد في مجتمعنا شخصا راضيا بوضعه في العمل، فهو قد يحب عمله لكنه لا يتلقى اجرا كافيا أو أنه يضيق ذرعا ببيئة العمل أو بمديره أو بالروتين وضغط المراجعين. وهو قد يكره وظيفته ويحلم بممارسة مهنة أخرى لأنها تدر دخلا أكبر أو لأنها تمنحه حرية أكبر وامكانية أكبر في اظهار قدراته ومهاراته التي يعتقد أنها مكبوتة وغير مقدرة في موقعه الحالي. وهذا يذكرنا بالمثل القائل: حديقة الجيران أجمل دائما وأكثر خضرة. فالمهن الأخرى دائما تبدو جذابة.
ولعل أحد الأوهام الشائعة لدينا ذلك الناتج عن استخدامنا لتعبير مغلوط، أعني بذلك " العمل الحر". فكثيرا ما يسعى الموظف سواء كان حكوميا أو في شركة، الى ترك وظيفته لدخول مجال " العمل الحر". كأن يؤسس مصلحة تجارية أو مهنية مستقلة الخ. ليكتشف عندئذ أن العمل الحر الحقيقي هو الوظيفة، حيث يحظى باجازة سنوية وعطل رسمية ونهاية الاسبوع واجازات مرضية.. وحيث يمكنه أن يمضي ساعات العمل السبع اليومية في الثرثرة على الهاتف اضافة الى ميزة التأمين الصحي والتقاعد. بينما اذا فتحت متجرا أوة بقالة خاصة بك مثلا، ستضطر للعمل 16 ساعة في اليوم وفي كل يوم. ولن يكون لك الحق في أن تمرض وتغلق مصلحتك ولو ليوم واحد..
في كل عام يهجر مئة الف شخص فرنسي الحياة في المدن الكبيرة ليستقروا في الأرياف. انها ظاهرة جديدة وفريدة من نوعها. فقد اعتدنا في مختلف دول العالم على الهجرة الكثيفة المتواصلة من الريف الى المدن، حيث فرص العمل أكثر وأضواء الليل البراقة تعد بحياة ترفيه ومتعة يخلو منها الريف.
ولا نعني بهذه الهجرة الجديدة مجرد ترك مراكز المدن للعيش في ضواحيها، مع استمرار موقع العمل داخل المدينة والتنقل اليومي بين المسكن والمكتب.
بل ان ما يحصل حاليا في فرنسا يتجاوز ذلك الى مغادرة المدن ومحيطها وضواحيها، والانتقال للعيش في قلب الريف والعمل فيه أيضا. مما يشجعهم على هذه الهجرة كون أسعار الأراضي في الر يف أقل كثيرا منها في المدن ( كما هو الحال لدينا).
وقد أجرت مجلة " هذا يهمني" استبيانا موجها لقرائها في هذا الموضوع، فأظهر 43% منهم رغبتهم في تغيير حياتهم، سواء ذلك بالمهنة أم بمكان السكن أو أسلوب الحياة. وقد غير 55% من الفرنسيين بالفعل مهنتهم. ومن بين هؤلاء تجد أن 71% منهم راضون عن مهنتهم الجديدة.

ولنستعرض الآن بعض الأفكار الواردة في المجلة الفرنسية وبعض الامكانيات المحتملة لدينا:

تغيير المهنة

مع التطور المتسارع والمذهل في حياتنا المعاصرة، تندثر مهن وتختفي وتظهر دائما مهن جديدة واعدة ومريحة. ولحسن الحظ أن تشريعاتنا تتيح ظهور مهن جديدة يحتاجها المجتمع مغ تغير الحياة، ومن ذلك مئات أو ربما آلاف متاجر الهواتف الخلوية التي ظهرت خلال السنوات العشرة الأخيرة، وبالمثل فيما يتعلق بمؤسسات بيع قوارير مياه الشرب. ومهنة بيع الماء مهنة قديمة، كانت رائجة قبل انشاء شبكات توزيع الماء في مدننا – ونذكر هنا المثل القائل: كمن يبيع الماء في حارة السقايين. وكنا نتصور أن بيع الماء مهنة بائدة عفى عليها الزمن حتى حصل تلوث شبكة الماء لدينا عام 1998 فازدهرت مهنة فلترة الماء وبيعه للناس بمئة ضعف كلفته. فهي اذن مهنة مربحة للغاية وهذا يفسر الانتشار المذهل لمحلات فلترة الماء.
وليست حرية ممارسة مهنة أو حرف جديدة، أو ترخيصها بهذه السهولة في كافة الدول أو في مختلف العصور. وأشهر مثال على ذلك منع الدولة العثمانية لانشاء المطابع أو حتى حيازة كتب مطبوعة في كافة أرجاء الامبراطورية وذلك طوال نحو أربعة قرون من الزمان، حتى لا تنافس الطباعة آلاف الخطاطين المقيمين في اسطنبول. وكانت النتيجة الكارثية لهذا المنع تخلف الدولة العثمانية وشعوبها المريع في الوقت الذي ساهمت الطباعة في انتشار العلم في أوربا وغيرها وتحقيقها للنهضة العلمية والصناعية التي جعلتها تتفوق علينا تفوقا هائلا.
وتتصف المهنة التي تقترحها المجلة الفرنسية بأنها تتطلب تدريبا أو دراسة لأقل من سنة وهي مهنة تقليدية أو مبتكرة لم تنتشر بعد. رغم تنامي الحاجة اليها. كما أنها تقدم مع كل مهنة العنوان الالكتروني لجهات توفير التدريب وأخرى تدعم التدريب أو تمولـــه في كل مجال. علمـــا بــــأن التعليم الجامعـــــي ( والمدرسي طبعا) في فرنسا مجاني للطالب الفرنسي والأجنبي على السواء ! اضافة الى السكن الجامعي المخفض الكلفة والوجبات شبه المجانية.

العودة الى الريف

أما فيما يتعلق بالعيش في الريف فالمجلة تقترح مهنا أو أنشطة مناسبة مثل زراعة اللفندر لصناعة العطور والأعشاب الطبية. أو تربية الحلزون أو الفطر أو النحل أو الدجاج والدواجن الأخرى أو الضفادع التي تمثل طبقا شهيا لديهم.
وبالطبع، فان بامكان أصحاب مختلف المهن أن يمارسوا مهنتهم في الأرياف، رغم أن الدخل الاجمالي قد يكون أقل مما هو في المدينة.
أما العمل في خارج فرنسا، فان المجلة تقدم عناوين جهات توفر فرصا مثل تدريس اللغة الفرنسية في الخارج، أو صيد اللؤلؤ في المحيط الهادي أو القيام برحلة حول العالم بأقل التكاليف.
وفي مجال الحياة البيئية نجد أفكارا طريفة، مثل شراء قطعة من غابات الأمازون من السكان الأصليين. وتباع القطعة التي مساحتها دنمان بسعر رمزي قدره 40 يورو ( نحو 40 دينارا) وتتاح لك متابعة هذه القطعة عن طريق الانترنت (غوغل ايرث). والهدف من هذا المشروع هو منع استيلاء الشركات الكبرى على هذه الغابات وحرقها أو قطعها. وتشرف على المشروع مؤسسة تدعى Cool Earth .
ومن الأنشطة الأخرى المساهمة في تنظيف الشواطئ ضمن مؤسسة لها فروع في مختلف المدن الشاطئية.

أما العمل الاجتماعي والتعاوني : فيتضمن التطوع في مهام تستغرق منك ساعات أو بضعة أيام في الاسبوع مثل رعاية العجزة في منازلهم أو التراسل مع سجين أو " أبوة طفل يتيم" أو مريض في حيك أو اعداد وجبات طعام للمحتاجين والمساهمة في توزيعها عليهم.
ومن ذلك أيضا ممارسة المقايضة ، عن طريق مؤسسات لها مواقع على الانترنت. وتشمل المقايضة تبادل السلع والخدمات دون استخدام النقود. كما يمكنك التبرع بكل ما لا تحتاجه من ملابس أو أثاث لمنظمات خيرية. أو الاشتراك في جمعيات عمل اجتماعي أو علمي مثل حماية المستهلك أو حماية البيئة والشرطة البيئية أو حقوق الانسان.

أية أفكار خاصة بنا ؟

جرت العادة لدينا على " تغيير الجو " بمعنى المشاركة في رحلة منظمة الى بلد مجاور غالبا ولمدة 4 أيام أو أكثر قليلا. وهي غالبا رحلة معاناة تحتاج بعدها الى فترة نقاهة واستجمام واستعادة لقواك. ان ما نفتقده هنا هو تغيير الحياة، أي التغيير الدائم أو المتواصل لبضع سنوات على الأقل وليس مجرد السفر المرهق لبضعة أيام. فما امكانية تغيير الحياة لدينا؟
نتفق على أن المعيشة في مدننا، وفي العاصمة بالذات، لم تعد تطاق.. ولا يوجد مؤشر على انفراج قريب، بل أن الأمور تتزايد سوءا من حيث زحمة السير والتلوث والضجيج والغلاء وتوتر أعصاب الجميع فهل يكون الانتقال للريف هو الحل؟ وهل لدينا ريف يستحق هذه التسمية؟ وما هي فرص العمل المتوفرة في ريفنا؟
وهل يحسن بك أن تغير مهنتك؟ ومن سيوجهك ويساعدك اذا أقدمت على هذه الخطوة المصيرية. ولعل احدى النقاط المضيئة هنا ما تقوم به الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب اذ تخرج الشباب في مهن البناء المختلفة، أما العمل الاجتماعي فهو متاح، أو يفترض فيه ذلك، من خلال عدة جمعيات ومراكز وأندية. لكن هنا أيضا نكتشف أن العديد من هذه المؤسسات، وخاصة أندية الخريجين أو الأندية النقابية أو الجمعيات العائلية، تكتفي بنشاط أو اثنين في العام رغم امتلاكها مقرات لا تفتح أبوابها الا عند اجتماع الهيئة العامة السنوي. وهذا يمثل مجالا للمارسة نشاط مثمر ومفيد، وهو أن تتولى تفعيل ناد أو جمعية تربطك بها علاقة، أو تقع ضمن حيك أو مجال اهتمامك.
كما يمكنك أن تشارك انت وأطفالك في احدى الجمعيات العلمية النشطة وأبرزها جمعية الفلك الأردنية. أو أن تنظم لجنة مراقبة بيئية في حارتك أو حيك، لمتابعة النظافة العامة ولضبط هدر الماء في الشوارع.. فاذا علمت أن كل حارس عمارة يهدر نحو (500) متر مكعب من الماء سنويا، وباعتبار أن عدد الحراس هو نحو 40 ألفا، فهذا يعني اهدار نحو 20 مليون متر مكعب ماء سنويا على يد حراس العمارات.
وهذا عدا عن كمية مماثلة أو أكثر تهدرها الخادمات الوافدات وعلى أية حال، اترك المجال لخيالك ليحّلق ويبحث عن فرص للتغيير تجد فيها نفسك وتستثمر فيها قدراتك بأقصى وأفضل مستوى، وتمارس حياة صحية جسميا وعقليا عن طريق ممارسة الرياضة أو العاب التفكير والشطرنج. فتغيير الحياة لا يعني فقط تغيير المهنة أو مكان السكن وانما أيضا اسلوب حياتك ومستوى نشاطك ومدى محافظتك على صحتك وصحة ابنائك وتوفير أفضل الظروف لهم للدراسة واللعب والنمو السليم.

Ca m’ interesse Sep 2009

54 - 65

لماذا يرتدي الجراح مريولا أخضر

رغم انتشار استخدام الجراحين للملابس الخضراء اللون حاليا، فانهم في السابق، نحو أواخر القرن التاسع عشر، كانوا يستخدمون الملابس البيضاء، والتي كانت تعتبر رمزا للنظافة لأن أية ملوثات تظهر عليها بوضوح، كما أنها يمكن غسلها في الماء المغلي دون خشية تغير اللون كما هو الحال في الملابس الملونة.
لكن اللون الأخضر بدأ بالانتشار في غرفة العمليات في القرن العشرين. فهو يسهل عمل الجراح. وتفسير ذلك يكمن في خواص العين وطبيعة تركيب الشبكية.
تحتوي شبكية العين على نوعين من الخلايا: عصي حساسة للضوء وتظهر فعاليتها عندما يحل الظلام. ومخاريط حساسة للألوان، وهي تحتوي على صبغات حساسة للألوان الأساسية الثلاثة: الأزرق والأخضر والأحمر. وأثناء العملية الجراحية يحدق الجراح تحديقا متواصلا في موضع العملية داخل الجسم وما يحيط به من دم أحمر. فتشبع صبغات المخاريط الحمراء وتقل فعاليتها في نقل الاشارة الى الدماغ ، فيجب عندئذ أن ينظر الجراح الى لون آخر لا يحفز نفس الصبغات أو نفس المخاريط. وهذا اللون هو الأخضر أو الأزرق. كما أن للون الأخضر فائدتين أخريين. أولاهما أن بقع الدم عندما تقع على المريول الأخضر فانها لا تكون بنفس وضوحها أو نفس المنظر المزعج فيما لو كانت على مريول أبيض. ثم أن اللون الأخضر معروف بتأثيره المهدئ. وهذا أمر مهم للجراح وزملائه في غرفة العمليات .

Science Et Vie Aout 2009

عندما يصبح الخيال العلمي حقيقة : نحو الانسان المتفوق

عندما يصبح الخيال العلمي حقيقة :
حسام جميل مدانات

يذكر الكهول منا الأبطال الذين استحوذوا على خيالنا وأحلامنا في مرحلة الطفولة، مثل سوبرمان الذي كنا نقرأ عنه في المجلات المصورة. وهو البطل الخارق للعادة والذي قدم من كوكب يدعى كربتون. وهو قادر على الطيران مرتديا بذلته الزرقاء والحمراء ليحارب الأشرار وينقذ العالم.
منذ ذلك الحين ظهر أبطال كثيرون في أفلام ومسلسلات الخيال العلمي التي يتابعها أطفالنا على شاشة التلفاز، وعلى أرض الواقع حقق الانسان قفزات هائلة في مختلف مجالات العلم والتقنية، وليس أقلها غزو الفضاء والحاسوب وثورة الاتصالات والانترنت والخلوي والرابوطات ولكن أيضا في مجالات مثل أطفال الأنابيب والاستنساخ والخلايا الجذعية وهندسة الجينات. فالى أين يتجه الانسان، وهل يحتمل أن يشهد المستقبل ابتكار الرابوط أي الانسان الآلي، القادر على منافسة الانسان، بل حتى السيطرة عليه؟
في شباط 2009 اجتمع المختصون بالذكاء الاصطناعي في اسيلومار/كاليفورنيا لمناقشة المخاطر المحتملة لتفوق الآلة أو الانسان الآلي على الانسان، وأعلن المجتمعون أن الذكاء الآلي أو الذكاء غير الانساني قادم لا محالة. وقد أجرت مجلة " هذا يهمني" الفرنسية لقاء مع جون مشيل بنييه Besnier استاذ الفلسفة في جامعة السوربون، والمدير العلمي لقطاع العلم والمجتمع في وزارة التربية والبحث الفرنسية، والذي أصدر كتابا في عام 2009 بعنوان " غدا، ما بعد الانسان". ونعرض فيما يلي لما جاء في هذا اللقاء.
سؤال : تصف في كتابك مستقبلا غريبا للبشريةـ مخلوقات تطلق عليها اسم ما بعد الانسان (Posthuman) أو الانسان المتفوق. فماذا تعني بهذا التعبير؟
بنييه : أعني بذلك مخلوقات فقدت بعض الخواص الحالية للبشر، لكنها تبقى انسانية في جوهرها. في المستقبل سيصبح الحمل والولادة من ذكريات الماضي. سيصنع أفراد البشر بواسطة الاستنساخ أو داخل رحم اصطناعية. سيكون هذا الانسان متفوقا فعلا، فهو لن يتعرض للمرض وذلك بفضل هندسة الجينات، وسيمكن نسخ محتويات دماغ الانسان على مواد تخزين لا تتلف (دسكات فائقة الثبات والمتانة) مما يجعل الانسان خالدا بالفعل اذ تخزن أفكاره وشخصيته للأبد، يمكننا أن نطلق على انسان المستقبل الاسم (cyborg) أو" رابسان"، أي نصف رابوط ونصف انسان. (ونذكر هنا وصف انسان المستقبل كما ورد في رواية برناردشو: العودة الى ميتوشالح، حيث يخرج الإنسان من بيضة، ويكون بسن الثامنة عشرة مباشرة)، فهل هذا محتمل حقا؟

بنييه: ما زال هذا حلما. لكن هذا المخلوق الهجين، الرابسان، قد ظهر بشكل أو بآخر منذ هبط الانسان على سطح القمر. ففي ذلك الحين زود اولئك الرواد بوسائل كهربائية آلية حتى يحققوا مهمتهم في تلك البيئة القاسية المعادية. ومنذ ذلك الحين انتشر استخدام الوسائل الآلية المساعدة، رغم أنها لا تحظى بالقبول أحيانا. ومن ذلك أن العداء الجنوب افريقي اسكار بستوريوس والذي بترت قدماه، لم يسمح له بالمشاركة في سباقات الجري في الألعاب الأولمبية عام 2008 لأن قدميه الاصطناعيتين تمنحانه سرعة فائقة.
سؤال: وكيف تصف علاقة الانسان بالألات الذكية؟
بنييه: تذهلنا حاليا الرابوطات التي يبتكرها اليابانيون كل يوم. وخاصة تلك التي تشبه الانسان في شكلها، لدرجة تجعلنا نتساءل: هل لها روح مثلنا؟ فهي تظهر ذكاء انسانيا وعواطف انسانية، ونحن نشاهد على وجوهها ملامح الدهشة أو الغضب أو الحب. وقد نطور معها علاقات مشابهة لتلك التي نبنيها بين بعضنا البعض. وهنا يثار تساؤل حول قدرة الرابوط على السلوك المستقل. كما تطرح حاليا قضية الاخلاقيات والقيم التي يجب أن يلتزم بها الرابوط. ونتساءل هل يجب أن نفرض عليه واجبات وأن نمنحه حقوقا؟
وقد صاغ علماء ذكاء اصطناعي كوريون وانجليز بالفعل وثيقة سلوك خاصة بالرابوطات، استوحيت من كتابات اسحق عظيموف، كاتب الخيال العلمي.

سؤال: ما التأثير المحتمل لهذه الثورة؟
بنييه: نخشى أن ينقسم بشر المستقبل الى مجموعتين: تمتلك احداهما جميع المزايا وتحرم الأخرى منها. وقد ناقش الفيلسوف بيتر سلوتردك هذه المسألة المتمثلة بكيفية تنظيم العلاقة بين أشخاص ناتجين عن الاستنساخ وهندسة الجينات والتكنولوجيا، وآخرين ناتجين عن الصدفة أي التزاوج العادي الطبيعي الذي تعتمد طبيعة الاطفال الناتجين عنه على دور الاحتمالات في ظهور بعض صفات الأبوين في الجنين، وأيضا العلاقة مع الرابوطات الذكية ومع حيوانات زودت بذكاء انساني. يجب الآن صياغة اخلاقيات تنظم العلاقات المتبادلة بينها بهدف تحقيق الرفاه والسعادة للجميع.
وهل سيبقى وجود للروحانيات في عالم الرابسان هذا؟
بنييه : هذا تساؤل جوهري. منذ عصر جليليو وديكارت أعتقد الانسان أنه بدأ يفهم الطبيعة ومن ثم أصبح بامكانه أن يسيطر عليها. لكن نلاحظ أن العلم والتكنلوجيا لم يستطيعا حتى الآن الغاء الروحانيات.
في عام 1967، عندما زرع أول قلب لانسان، اعتبر البعض ذلك تجاوزا من الانسان على قوانين الطبيعة. وقيل الشيء نفسه عن غزو الفضاء وعن أطفال الأنابيب والاستنساخ. أن العلم يرعب البعض لأنه يزعزع أحيانا بعض معتقداتنا. لكن هذا التأثير وقتي وعابر عادة. ونلاحظ أن تكنلوجيا المعلومات والاتصالات تعمل على توحيد العالم وهو هدف تجده في جوهر جميع الأديان.

Ca m’interesse/Sep/2009

عندما يسبب الإنسان الزلازل

حسام جميل مدانات

قد يرفع البعض حاجبيه مستغربا هذا العنوان ومستهجنا فكرة أن يتمكن الإنسان من أحداث الزلازل، هذه الظاهرة البالغة العنف والتي تحمل طاقة هائلة لدرجة يصعب أن نتخيل قدرة الإنسان على إحداثها. ومن المتفق عليه حاليا أن الزلازل تنتج بشكل عام عن حركة صفائح القشرة الأرضية ومنها الصفائح الرئيسية للقارات والمحيطات.

لكن يبدو أن المنشآت البشرية الضخمة، مثل السدود وما تحجز خلفها من بحيرات اصطناعية، والمناجم الكبيرة، وحتى المشاريع الهندسية العملاقة مثل ناطحات السحاب، قد تولد هزات أرضية مدمرة أو تعجل في حدوثها إذا كانت المنطقة تتصف بنشاط زلزالي.

وقد حدثت بالفعل عدة زلازل في مختلف أنحاء العالم، وألقى العلماء باللائمة في حدوثها على مشاريع ضخمة. ولن هذه الزلازل من صنع البشر، فإن البعض يطلق عليها اسم "الزلازل البشرية".

ومن ذلك مشروع الحفر العميق لاستغلال الطاقة الحرارية الجوفية في مدينة بال السويسرية والهزات التي حصلت هناك في كانون أول 2006، ومناجم الفحم في ولاية أوتا الأمريكية والهزات المسجلة في آب 2007. ولعل أخطر هذه الزلازل البشرية ذلك الذي حصل في مقاطعة سشوان الواقعة غرب الصين في 12 أيار 2008 وقتل 88000 شخصا وجرح 000 400 آخرين، ودمر خمسة ملايين مبنى. ويوجه بعض العلماء أصبع الاتهام في هذا الزلزال إلى سد" زبنغ بو" الذي أنشيء على نهر "من" بارتفاع 156 مترا. وتتسع البحيرة الاصطناعية الواقعة خلفه لنحو مليار متر مكعب ( أي مليار طن) من الماء، وقد أنجز السد في أواخر عام 2004، أي قبل حصول الزلزال بنحو 4 سنوات. وإذا لم يكن هذا السد لوحده قادرا على إحداث زلزال ضخم فانه قد يكون ساعد على حدوثه لأنه يقع على بعد نصف كيلو متر فقط من مجموعة فوالق زلزالية. وكانت شدة الزلزال المدمر 7.9 على مقياس رختر، وبؤرته على بعد بضعة كيلومترات من السد.

وهذا يذكرنا بالنقد الذي وجهه الغرب للسد العالي الذي أنشيء في مصر قرب مدينة أسوان قبل نحو نصف قرن بدعم سوفيتي. إذ أثير احتمال أنه سيسبب زلازل مدمرة في المنطقة ( إضافة إلى سلبيات أخرى مثل كونه يمنع وصول الطمي الغني لأراضي مصر الزراعية مما سيدمر الزراعة في مصر على المدى البعيد حسب رأيهم، كما أن البحر المتوسط قد يغمر الساحل المصري والدلتا الذي سينخفض مستواه لحرمانه من الطمي...!).

الاستدلال بالتاريخ الزلزالي للمنطقة

حتى يتمكن الجيولوجي من تبرير شكوكه أو اتهامه لمنشآت معينة بأنها هي التي أطلقت العنان لهزات أرضية في المنطقة، فإن عليه أن يتفحص التاريخ الزلزالي لهذه المنطقة، وأن يكون هذا التاريخ معروفا بالتفصيل خلال فترة طويلة سابقة للمشروع الإنشائي الضخم والمتهم بإحداث الهزات. وتملك فرنسا سجلا مفصلا بالهزات المحسوسة، أي التي شعر بها الناس، والتي حدثت خلال القرون الخمسة الماضية . وقد اعتمد جون – روبير غرسّو على هذا السجل لإثبات أن الهزات التي حدثت وما زالت تحدث في منطقة بو Pau الفرنسية منذ أربعين سنة، والتي بلغت شدة بعضها 4، سببها هو آبار الغاز الطبيعي الضخمة التي استغلتها شركة النفط إلف أكيتين منذ عام 1969 في منطقة " لك " المجاورة. إذ كان المعروف أن هذه المنطقة، حوض أكيتين ، من أكثر بقاع فرنسا استقرارا من الناحية الزلزالية.

ويقال الأمر نفسه عن منطقة شمال شرق الولايات المتحدة حيث تتهم مشاريع المناجم الضخمة بأنها وراء حدوث هزة من كل ثلاث هزات تحدث هناك منذ الثمانينات.

الزلازل البشرية في العالم

في عام 2007 نشر الجيولوجي الأمريكي كرستيان كلوز، من مرصد جامعة كلومبيا – نيويورك، إحصائية شملت أكثر من 200 موقع في العالم تسبب فيها النشاط الإنساني في حدوث هزات أرضية خلال المائة سنة الأخيرة. وهو يلاحظ أن معظم هذه الهزات قد حصلت في مناطق قارية داخلية ومستقرة زلزاليا عادة، حسب السجلات التاريخية لها. وعلى خلاف المناطق ذات النشاط الزلزالي العنيف والمتكرر تاريخيا، فان هزات المناطق المستقرة زلزاليا تحدث في الكيلومترات القليلة القريبة من السطح، وبالتالي فهي أكثر تأثرا بالأنشطة البشرية الضخمة. وقد تنتج الهزات عن التفجيرات الذرية تحت سطح الأرض، مثل تجربة التفجير الذري التي قامت بها كوريا الشمالية في تشرين أول عام 2006 والتي تسببت في هزة شدتها 4.2. وقد يعاني الموقع نفسه من مئات الهزات، كما هو الحال في هولندا أو الهند حيث سبب سد كونيا 19 زلزالا بشدة أكبر من 5 منذ 44 سنة. كما سبب سد كاريبا في زامبيا في إفريقيا زلزالا عنيفا بشدة 6.2، وحصلت عدة هزات ضعيفة في منطقة الخليج العربي بسبب آبار النفط.

وأخيرا نذكر ظاهرة أخرى ذات صلة، ألا وهي الانهيارات الأرضية التي لاحظنا حدوثها في منطقة البحر الميت لدينا نتيجة انخفاض مستوى سطح الماء فيه باستمرار منذ تحويل إسرائيل، في عام 1964، لمياه نهر الأردن التي كانت تغذيه، فحصل انخساف في الأراضي المجاورة، نتيجة عمليات جيولوجية معقدة تضمنت ذوبان الصخور الملحية الجوفية،. مما أدى مثلا لانهيار أحد سدود شركة البوتاس لدينا قبل بضع سنوات.

وعلى أية حال، فإذا ثبت يقينا مسؤولية المشاريع الضخمة عن حدوث الهزات الأرضية، فان هذا يفرض على المهندسين وأصحاب هذه المشاريع أن يأخذوا بالحسبان هذه المخاطر الزلزالية عند اختيار موقع المشروع وأثناء تصميمه وإنشائه.

Science et Vie

لماذا تصيبنا النقود بالمرض

حسام جميل مدانات

لعل بعضنا يذكر قصة أحد كبار أغنياء اليابان الذي خاب أمله في ابنه الوحيد ذي الطبيعة الحالمة والذي لم يظهر أية رغبة بإدارة شركات والده ومصانعه الضخمة. لكن الوالد لم ييأس، بل عمد إلى منح ابنه مليون دولار ليستثمرها خلال سنة . وبعد بضعة أسابيع انتحر الابن لأنه عجز عن تحمل عبء ومسؤولية استثمار ذلك المبلغ الضخم.
خلال السنة الماضية، ومع كارثة انهيار أسعار العقارات والبورصات العالمية، شعر الفقراء بأنهم محظوظون إذ أن ليس لديهم ما يخسرونه. فهم لم يعانوا من الخسائر التي قصمت ظهر بعض من يملكون الكثير. فالذي كان يملك عقارات قيمتها عشرة ملايين وانخفضت قيمتها إلى خمسة ملايين أصيب بجلطة قلبية أو باكتئاب وإحباط، رغم أنها ربما لم تكلفه في الأساس عشر قيمتها الحالية. ومن وظف أمواله في سوق الأوراق المالية، أمضى أشهرا عصيبة وهو يشاهد أمواله تتآكل أمام عينيه. هذا عدا عن التوتر الدائم الذي يعانيه مضارب الأسهم مع ارتفاع أسعارها وهبوطها يوميا.
إن جوهر مشكلة من يملك المال حاليا ، أن المال يتآكل ويفقد من قيمته مع الزمن .. ولم يكن هذا هو الحال دائما عبر التاريخ.. ولذلك فان عليه أن يستثمره حتى لا يخسر من قيمته يوما بعد يوم. لكن تحقيق استثمار مجد ومربح ليس دائما بالأمر السهل.

محدثو النعمة أكثر عرضة للمرض

قبل عدة سنوات كانت الصورة النمطية للغني الموسر في بلادنا هي "شخص أصلع ذو كرش كبير" ومن ذلك التعبير الشعبي "فلان صحته مليحة" أي أنه بدين. ولحسن الحظ فقد بدأت هذه الصورة بالتغير نحو تفضيل الشخص الرياضي الوسيم. لكن الواقع ما زال بعيدا عن ذلك، فأفراد المجتمعات المحدثة الغنى يعانون من عواقب التخمة والخمول بسبب الاستخدام المفرط للسيارة وعدم ممارسة الرياضة، فنجد مثلا أن أعلى نسبة للإصابة بمرض السكري في العالم هي في دول الخليج العربي وما شابهها من دول أنعم الله عليها بثروات طارئة نتيجة استغلال آبار النفط أو مناجم الفوسفات وغيره من المصادر الطبيعية. ولا ننسى الأمراض الأخرى الملازمة لحياة الخمول والتخمة، كأمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم والدسك، أي إصابة العمود الفقري بسبب البدانة والخمول.
ونلاحظ أن معظم الثروة في الدول النامية تتراكم في أيد قليلة. ومهما كانت الوسائل التي استولى فيها هؤلاء على مقدرات البلد، وسواء كانت ملتوية أو قانونية شكلا، فإنهم يعانون عادة من شعور بالقلق كشعور اللص الذي يبقى متوجسا من كشف فعلته وتعرضه للمحاسبة في أية لحظة. أو لعله شعور بالذنب تجاه الاستيلاء على لقمة عيش الآخرين، وذلك بفضل الوازع الديني الذي قد لا يتمكن المال الوفير من إلغائه لدى البعض. ويؤدي هذا القلق الدائم إلى عواقب وأمراض صحية ونفسية لا تعالجها الأموال الطائلة التي كانت سببا في هذه الأمراض.

المال مصدر قوة ومصدر ضعف معا

المال نعمة . هذا صحيح. والمال والبنون زينة الحياة الدنيا.
لكن كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده، فالطعام مثلا ضروري، لكن الإفراط في تناوله قاتل. وكذلك المال. فتكالبك على جمع المال لا يحصل إلا على حساب أمور أخرى تتفاوت في أهميتها. فقد يكون على حساب الوقت الذي تمضيه مع زوجتك وأطفالك. أو على حساب صحتك ، أو كرامتك، أو على حساب نزاهتك. فكل شيء له ثمن. وتكون النتيجة أنك أصبحت مستعبدا لهوس جمع المال. لقد خسرت حريتك وحياتك لتكدس المال، من أجل ماذا ؟ من أجل معالجة شعور بالنقص تجاه آخرين اعتقدتهم أفضل منك لأنهم أوفر مالا. أو من أجل تأمين مستقبلك ومستقبل أولادك .. فتخسر الحاضر دائما لتكسب المستقبل الذي قد لا يأتي. أو من أجل أن تنفق أكثر وتستهلك أكثر، وتحصل على وسائل رفاهية لست في حاجة لها حقا. أو لمجرد تكديس المال بأشكاله المتنوعة. مالا منقولا أو غير منقول أي عقار.. لتصبح مجرد حارس مال ينطبق عليك بيت الشعر:
كالعير في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول
لا شك أن ما كتب في موضوع المال والثروة والصفات والآفات المتعلقة بهما يعد بملايين الصفحات، سواء في لغتنا العربية أم في غيرها من اللغات.
وقد أخذت عنوان هذا المقال والصورة المرفقة وبعض الأفكار من المجلة الفرنسية "هذا يهمني" عدد أيلول 2009 ، لكني أود أن أشير إلى كتاب لطيف في هذا المجال بعنوان سيكولوجية المال – هوس الثراء وأمراض الثروة – تأليف أكرم زيدان، ضمن سلسلة عالم المعرفة/ العدد 351- أيار 2008. حيث يناقش ويعرض للنظريات النفسية للمال، والسلوكيات المختلفة لجمع المال مثل سلوك الرشوة، أو النصب والاحتيال أو التهرب من الضرائب، أو البخل والتقتير.
كما أن الهوس بالمال أو الطمع قد يسبب السلوك الأحمق أو الغبي. فكم سمعنا عن حوادث نصب حين يوهم محتالون شخصا بأنه سيحصل على الذهب أو الدولارات مقابل جزء بسيط من قيمتها أو أنه سيحصل على نسبة فائدة عالية للغاية من مبلغ يودعه لديهم _ كما في حكاية البورصات العالمية، أو أن تتلقى رسالة توهمك بأنك ربحت 20 مليون دولار، أو أن يطلب منك المساهمة في تبييض مبلغ مماثل مقابل نسبة منه. وفي جميع هذه الحالات تجد أشخاصا ذوي ذكاء طبيعي ينجرون خلف سراب الربح السهل السريع، فيخسرون كل ما يملكون. فطمعهم كان أكبر من ذكائهم. وكان المال سببا للحمق، والحمق سببا للخسارة.
ودعنا لا نهمل سلوكا آخر مرتبطا بالمال لكنه مناقض لهوس جمع المال ، وأعني بذلك سلوك الإنفاق المفرط وتبذير المال. وهذا أيضا سلوك غير سوي وله عادة جذوره من التجارب المؤثرة أثناء الطفولة أو لأسباب أو عوامل أخرى آنية مثل تبذير الزوجة لمال زوجها حتى تحرمه من أية فرصة لزواج أخرى ... ويتخذ التبذير أشكالا متنوعة: شراء سلع لن تستخدم، مثل هوس شراء مئات الملابس والأحذية لدى بعض النساء، أو المبالغة في الإنفاق على وسائل الترفيه والاستجمام كالرحلات أو السهرات والولائم، أو ممارسة العاب الحظ والقمار.
وأخيرا نعرض لبعض الأقوال والأمثال المتعلقة بالمال:
o قد يجعلك ذكاؤك ثريا، لكن المال قد يحولك إلى أحمق
o المهووس بالمال لا يملك المال وإنما هو عبد له
o بسبب المال (والمرأة) انشغلت المحاكم وامتلأت السجون
o حافظ على الفلس، فيحافظ الدينار على نفسه ( مثل انجليزي)
o ما يكسب بسهولة يضيع بسهولة (مثل انجليزي)
o ولم أر مثل جمع المال داء ولا مثل البخيل به مصابا (أحمد شوقي)
o من مفارقات الدنيا: غني يملك الطعام ويفتقد الشهية، وفقير يملك الشهية ويفتقد الطعام
o يقال: كل لتعيش ولا تعش لتأكل، وبالمثل: اجمع المال لتعيش ولا تعش لتجمع المال
o ماذا يفيدك لو كسبت العالم كله وخسرت نفسك؟
o البخيل يعيش فقيرا ويموت غنيا


Ca M'intersse Sept 2009