Powered By Blogger

الأربعاء، 15 فبراير 2012

عالم من البلاستيك

إن البترول لا يعني فقط الوقود الذي يحرق لتوليد الطاقة الكهربائية أو للتدفئة و تحريك وسائل النقل... و إنما هو أيضا ًمصدر رئيسي لصناعة مواد بالغة الأهمية في حضارتنا المعاصرة، مثل المطاط الصناعي الذي تصنع منه عجلات السيارات، ومثل أكياس البلاستيك والغراء والدهانات والأحذية، الخ . قبل 20 سنة لم يكن أحد يتوقع أن تحل هذه المواد محل المنتجات التقليدية المصنوعة من الزجاج أو الفولاذ أو الفخار. وقد أصدرت مجلة البحث الفرنسية (لارشيرش) ملحقا خاصا للعدد 417 عنوانه "البترول عام 2030 ". يقع الملحق في مئة صفحة، وقد اخترنا منه موضوعا غطي في عشر صفحات يتحدث عن المبلمرات (ومنها المواد البلاستيكية) التي دخلت جميع مجالات الحياة وصنعت منها منتجات بالغة التنوع، تتراوح بين العلكة وأحمر الشفاه إلى مواد التنظيف والملامين (الذي لوث به الحليب الصيني مؤخرا) والدهان والأدويــة مثل الأسبرين والبنسلين. ويدخل 8% من البترول المستهلك في العالم حاليــا في الصناعــات البتروكيماوية التي تنتج المبلمرات.

ينتمي المطاط الصناعي لفئة من المواد المصنعة تدعى الإلاستومرات (إلاستو = مرن ) أو المطاطيات، فهو يتميز بمرونته ومقاومته العالية. وتحتوي السيارة الحديثة مثلا على نحو 1400 قطعة مصنوعة من المطاطيات، تتوزع بين المحرك وأدوات نقل الحركة ووسائل العزل أو امتصاص الهزات. ويصل إجمالي وزن هذه القطع إلى 70 كغم. ويتطلب تثبيت هذه القطع نحو 40 كغم من المواد اللاصقة المشتقة هي أيضا من البترول. وقد أسهم استخدام هذه المواد المطاطية بدل المعادن في تخفيض وزن السيارات (والقطارات والطـائرات) وبالتالـــي تخفيض استهلاكها للطاقـــة. ( يقدر هذا التخفيض في أوربا ب (12) مليون طن من النفط سنويا، بينما تطلب صنع هذه المواد 25ر3 مليون طن فقط من النفط )
وتجري الأبحاث باستمرار لتحسين مواصفات وأداء هذه المواد ولتخفيف وزنها. مثلا الغراء المستخدم لتثبيت الملصقات على بعض المنتجات مثل قناني الماء يجب أن يجف خلال جزء بالمائة من الثانية.
تواجه هذه المواد المصنعة من البترول تحديا كبيرا خلال السنوات القادمة، وهو تخليصها من مختلف المواد الضارة بالبيئة أو بصحة الإنسان.وقد حدد الاتحاد الأوروبي النسب القصوى للمواد الضارة المنبعثة من المبلمرات، ووضعت فرنسا لنفسها هدفا بتخفيض الانبعاثات الضارة بنسبة 57% بحلول عام 2010 مقارنة مع عام 1997 .ويتعلق هذا الأمر بشكل خاص بالدهانات التي تباع للأفراد، حيث سيصبح محتواها من (COV) في عام 2010 (3%) مقابل 40% حاليا .

البلاستيك أخف باستمرار

يستخدم المواطن في أوربا الغربية حاليا ما معدله 100كغم من البلاستيك سنويا، مقابل 40 كغم عام 1980. ولعل معدلات الاستهلاك في الدول النامية أو لدينا في الأردن لا تقل كثيرا عن ذلك.
ويبلغ الإنتاج العالمي من البلاستيك حاليا 250 مليون طن سنويا.

تعني كلمة البلاستيك لغويا "اللدن" أو القابل للتشكّل دون أن يعود لشكله الأصلي ولهذا تسمى المواد البلاستيكية باللدائن.وهذه الصفة عكس صفة المرونة في المطاط الذي يستعيد شكله بعد زوال القوة المؤثرة عليه.
أكثر المواد البلاستيكية استخداما هو البولي اثلين الذي تصنع منه أكياس التسوق والتي نراها تتطاير في أيام الريح في كل اتجاه في شوارعنا وطرقنا الخارجية.

وتصنع أواني المطبخ التي يمكن وضعها في أفران الميكروويف من مادة أخرى مشتقة من البترول تدعى بولي بروبلين، والتي يصنع منها صدام السيارة أو حفاظات الأطفال .
وتصنع أطر النوافذ من مادة بلاستيكية أخرى تدعى بي في سي (PVC)
أو بولي كلوريد الفنيل. وهناك أيضا البولسترين الذي تصنع منه عبوات الفواكه و الخضار و البيض، الخ.

و نظراً للتلوث البيئي الضخم الذي اصبحت تحدثه المنتجات البلاستيكية المختلفة (30% من وزن القمامة المنزلية و 50% من حجمها) تسعى الأبحاث حالياً الى تخفيف وزنها دون التأثير على متانتها.

و قد أمكن تخفيف وزن مواد التغليف بنسبة 5% حالياً مقارنة مع عام 1997.
و تبقى القضية الشائكة و المثيرة للجدل حول المواد البلاستيكية، وهي امكانية تصنيع بلاستيك قابل للتحلل في البيئة. و قد أنتجت بالفعل أنواع تتحلل، لكنها مصنوعة من النباتات، وهي لا تمثل حالياً أكثر من واحد بالألف من الإنتاج العالمي. أما تدوير (إعادة تصنيع) البلاستيك فلا يمثل حالياً أكثر من 17% من فضلاته (في فرنسا) مقابل 65% للزجاج و 84% للفولاذ. ويجدر بالذكر أن عدة دول أوربية تسعى حاليا لحثّ المستهلكين على استخدام أكياس قماشية للتسوق. وأصبح المتسوق يدفع تأمينا ماليا مقابل كل كيس بلاستيكي يزوده به المتجر، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعبوات البلاستيكية المختلفة.

La Recherche

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق