Powered By Blogger

الأربعاء، 15 فبراير 2012

محو الذاكرة يشفي من الرهاب

لعل كلا منا قد عانى من مشاعر الخوف عدة مرات، سواء في طفولته أو ما بعدها. وعندما يتحول الخوف إلى وسواس ملح وغير منطقي يصبح مرضا. وعندما ينحصر الخوف في شيء بذاته، يصبح رهابا. وهناك أنواع وأنواع من الرهاب أو الفوبيا. ويطلق على كل نوع منها في الانجليزية اسم مشتق من اللاتينية. ومنها رهاب الاحتجاز ( الخوف المرضي من الأماكن المغلقة أو الضيقة) ، ورهاب الأجانب ( الخوف من كل أجنبي أو غريب) ورهاب المرتفعات، ورهاب الأفاعي أو العناكب أو الكلاب أو الفئران أو الصراصير.

طرق العلاج:
يعتمد بعض الأطباء طريقة لعلاج الرهاب تدعى العلاج بالتعرض (exposure therapy) أي مواجهة ما تخاف منه. فإذا كنت تخاف العناكب. فالعلاج عندئذ هو أن تجلس في حوض مملوء بالعناكب، ومراقبتها وهي تزحف على جسدك العاري دون أن تسبب لك أي أذى.. فتحصل المعجزة وتشفى من خوفك الأحمق منها.
لكن يبدو أن هذا الأسلوب لا يجدي دائما، عدا عن أن البعض لا يجرؤ حتى على مجرد التفكير في التعرض لهذه التجربة أو المرور بها.
ولحسن الحظ، فان العلماء والباحثين لا يكفون عن التجربة ومحاولة إيجاد وسائل أخرى لعلاج الرهاب. ومن ذلك ما نشرته مجلة العلم الشعبي الأمريكية عن تجارب جوزف لدو J.Ledoux، عالم الأعصاب في جامعة نيويورك، والتي أجراها على الجرذان . وإذا دخلت مختبره فانك تشاهد ثلاثمائة قفص ذات جدران شفافة، يعيش داخل منها جرذ تقدم له كافة وسائل الرفاهية. ثم يعرض الجرذ لتجربة مخيفة مثل سماعه صوت نغمة موسيقية ثم تعريضه لصدمة كهربائية متوسطة الشدة. وبعد أن يمر الجرذ بهذه المعاناة عدة مرات، يصبح مجرد سماعه للنغمة سببا لإصابته بالرعب.
توقع لدو أن مصدر الشعور بالخوف هو اللوزة الدماغية وهي كتلة من الخلايا العصبية في مقدمة الدماغ تشبه اللوزة في شكلها. وللتأكد من صحة نظريته، فانه قطع الاتصال العصبي بين هذه اللوزة وبين المهاد السمعي في الدماغ، وهو جزء الدماغ الذي يتلقى الإشارات السمعية من الأذنين. فلاحظ بعد فصل اللوزة عن المهاد أن الجرذ لم يعد يشعر بالخوف عند سماعه تلك النغمة الموسيقية المرتبطة بالصدمة الكهربائية.
يعتقد لدو أن اللوزة الدماغية تحتفظ بذاكرة الخوف، فإذا أمكن محو هذه الذاكرة، فان الخوف أو الرهاب يزول. ورغم الاعتقاد السائد لدى علماء الأعصاب بأنه يستحيل إزالة ذكرى أو ذاكرة معينة بالذات دون غيرها، فان لدو يؤمن برأي مختلف. وهو يسعى لأن يجعل محو الذاكرة انتقائيا. بحيث يزيل ذكرى المحفز الذي يسبب الشعور بالخوف لدى الجرذان. وإذا نجحت التجارب فهو يأمل في تطبيقها على الإنسان.

الخوف المستمر يؤذي

قبل عشرات آلاف السنين ، عندما كان الإنسان يعيش على جمع الثمار والصيد ، محاطا بوحوش من مختلف الحجوم والأنواع، كان الخوف شعورا طبيعيا وإيجابيا يعاني منه عند تعرضه لخطر. وكان رد فعله عندئذ هو الهرب أو المواجهة. وكلا السلوكين يتطلب تزويد عضلات الجسم بكميات أكبر من الدم والأكسجين. والشعور بالخوف يحقق هذا الغرض. ويبدو أن جسمنا ما زال يظهر رد الفعل نفسه. فعندما تشعر بالخوف، لأي سبب كان: فان جسمك يتصرف بطريقة تمكنك من الهرب أو الدفاع عن نفسك بضراوة. وما يحصل عندئذ يؤثر على مختلف أعضاء الجسم . لكن هذا التأثير يضر بهذه الأعضاء إذا استمر أو تكرر كثيرا. وفيما يلي بعض هذه الأضرار الناتجة عن الخوف أو التوتر والقلق.

• العينان : يتوسع البؤبؤ بتأثير الهرمونات حتى ترى بشكل أفضل مما يساعدك على الهرب أو الهجوم. لكن اتساع البؤبؤ لفترة طويلة، رغم سطوع الضوء، يتعب العينين.

• القلب: يزيد نبض القلب ويرتفع ضغط الدم من أجل تزويد العضلات بكمية إضافية من الدم. لكن استمرار ارتفاع الضغط يزيد احتمال الإصابة بذبحة صدرية أو دماغية.

• الرئتان: يتسارع التنفس حتى تحصل الرئتان على كمية أكبر من الأكسجين. وإذا كنت تعاني من الربو فان أعراضه تتفاقم . كما أن تواصل اللهاث، أي تسارع النفس، قد يسبب نوبة فزع.

• الجلد : تنشط الغدد العرقية لتفرز عرقا أكثر حتى يبرد الجسم، لأن الجهد الكبير المبذول( في الهرب أو الهجوم) سيسخنه. لكن استمرار التوتر قد يقلل من قدرة الجسم على شفاء الجراح والتئامها،مما يعرضه للإصابة بالتهابات.

• الهرمونات: تطلق الغدد الكظرية فوق الكلوية هرمون الكورتزول، لكن فرط إفرازه ولفترة طويلة يضعف كلا من العظام والعضلات ومناعة الجسم.

• المعدة : تتوقف المعدة عن الهضم حتى تتيح للجسم تحويل الطاقة والدم إلى العضلات. لكن بطء الهضم قد يجعل الحامض الذي تفرزه المعدة يسبب الغثيان أو يزيد من أعراض قرحة المعدة إذا كان الشخص مصابا بها.

• الأمعاء: يقل نشاط الأمعاء بامتصاص الغذاء. وإذا استمر هذا الوضع بسبب تواصل التوتر، فقد تصاب الأمعاء والقولون باضطراب مؤقت أو مزمن.


Popular science (1/2008) P 52/53

3/12/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق