Powered By Blogger

الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

في المصطلحات العلميّة (3)تعابير بُنِيتْ على خطأ

لنتفق أولا على أن اللغة، أية لغة، ليست مُنزلة، بل أن مفرداتها وقواعدها قد نشأت وتطورت اتفاقا بين متحدثيها. ولنتفق أيضا على أن لغتنا العربية تحتاج حاليا إلى المئات، إن لم يكن الآلاف من الكلمات الجديدة، ذات الجرس العربي، لتعبر عن مبتكرات الحضارة. وعلى الرغم من – أو ربما بسبب – وجود عدة مجامع لغوية عربية، فإننا لا نجد بعد مصطلحات متفقا عليها عبر ارجاء الوطن العربي. ويبدو أن الكلمة، أو المصطلح، تكتسب قوتها وشرعيتها من الاستخدام والشيوع أكثر مما تكتسبهما من "صحتها" اللغوية. ونقدم البينة على ما نقول من خلال عدد من الكلمات والتعابير، العلمية وغير العلمية، التي شاعت وترسخت، رغم أنها بنيت على سوء فهم وعلى خطأ. ولم يحاول أحد أن يصحح هذه الأخطاء الجسيمة بإلغاء هذه الكلمات أو بمنحها معاني مخالفة. الأكسجين: تتكون هذه الكلمة من مقطعين من أصل يوناني، وتعني مولد الحمض. وهو الاسم الذي أطلقه عليه الكيميائي الفرنسي لافوازييه الذي نشر نتائج أبحاثه واكتشافه لهذا الغاز عام 1774، وقد اعتقد خطأ أن كافة الحموض تحتوي لزاما على هذا الغاز، أي أنه هو الذي يولّد الحمض، أي حمض. وفي عام 1812 أثبت الانجليزي همفري دافي أن ذلك خطأ، وأن الهيدروجين هو العنصر الأساسي في الحموض، لكن الوقت كان متأخرا لتغيير اسم هذا الغاز. الملاريا: يعاني البشر من الملاريا منذ خمسين الف سنة على الأقل. ويعتقد أنها كانت أحد عوامل انهيار الامبراطورية الرومانية. وتعني كلمة ملاريا باللغة الايطالية في القرون الوسطى الهواء الفاسد، إذ كان يعتقد أن سببها الهواء المتعفن الفاسد فوق المستنقعات. ونعلم حاليا أن المستنقعات مسؤولة حقا عن الملاريا، لكن ليست بسبب هوائها الفاسد، وإنما لأن البعوض يتكاثر فيها، وهو الذي ينقل المرض للانسان. وفي أواخر القرن التاسع عشر أوضح رونلد رُس (جائزة نوبل 1902) دورة حياة الطفيلي الذي يسبب الملاريا. لكن اسم المرض بقي مستخدما على الرغم من خطأ معناه. قلم الرصاص نعلم أن ذلك العود الأسود الرفيع في قلم الرصاص هو من الغرافيت، وهو أحد الأشكال المتبلورة للكربون أو الفحم. فلماذا ندعوه إذن قلم الرصاص؟ قبل خمسة قرون، اكتشف سكان مقاطعة كمبريا في انجلترا خامات سوداء تصلح لوسم أغنامهم وللكتابة على الورق. كانت هذه الخامات من الغرافيت النقي، لكنهم اعتقدوا خطأ انها أحد أشكال الرصاص، وأسموها Plumbago أي خام الرصاص. ومنذ ذلك الحين انتشر هذا التعبير في مختلف اللغات، فالقضيب الغرافيتي الأسود الرفيع، المحاط بالخشب، في القلم الذي يستخدمه أطفالنا، يدعى بالانجليزية Lead أي رصاص؛ واسم القلم بالآلمانية والايرلندية يعني قلم الرصاص، كما هو الأمر في اللغة العربية. الهنود الحمر ما زال الأمريكان، والعالم كله تبعا لذلك، يطلقون على سكان الأمريكتين الأصليين اسم الهنود على الرغم من أن لا علاقة لهم بالهند لا من قريب ولا من بعيد. في عام 1492 شرع كولمبس في رحلته نحو الغرب متجها نحو الهند، بفضل إدراكه لكروية الأرض. وعندما وصل جزر بحر الكاريبي، على مشارف أمريكا، وبسبب خطأ جسيم ارتكبه علماء اليونان ومن تلاهم في تقدير المسافة التي تفصل بين كل خطي طول، اعتقد كولمبس أنه وصل الهند، وسمى تلك الجزر جزر الهند الغربية. وأطلق على سكانها ثم على سكان القارتين الجديدتين اسم الهنود. ثم سرعان ما تبين خطأ هذا الاعتقاد، لكن الاسم الخطأ ثبت والتصق اسم الهنود بهؤلاء الشعوب. خلاصة الحديث أن المصطلح يأخذ شرعيته من شيوعه وكثرة استخدامه. وأن بإمكان مجامع اللغة العربية أن تضع وأن تعتمد وأن تنشر وتعمم آلاف المصطلحات الجديدة في مختلف مجالات الحياة، خاصة في العلوم والتكنولوجيا، دون أن تضطر لعناء البحث في بطون معاجم اللغة القديمة عما يبرر اختيار هذه الكلمات. وما أروع أن تكون هذه المصطلحات ذات بناء بسيط ولفظ سهل وجِرس عربيّ مستساغ.

هل حقا اغتيل هؤلاء العلماء العرب؟

م. سائد مدانات القتل سهل، خاصة إذا كانت تقف وراءه قوى كبرى. وعلى مدى عشرات السنين، توفي أو قتل عدد من علماء العرب في ظروف غير طبيعية، واتهم الموساد الإسرائيلي أو مخابرات دول عظمى في ذلك. على الرغم من أن البعض يجادل بأن هذه الجهات ليست بحاجة إلى قتل هؤلاء العلماء. فإذا كانوا يعملون في جامعات ومراكز بحث أجنبية، كما هو الحال غالبا، فإن ثمار إبداعهم تقطفها هذه الدول. وإذا عادوا إلى بلادهم، فإن الأنظمة البيروقراطية كفيلة بشل فعالياتهم؛ إلا إذا توصل أحدهم إلى بناء علاقة مباشرة مع رأس الدولة، وضمان دعمه، كما حصل مع الباكستاني محمد عبد السلام عندما دعمه الرئيس محمد أيوب خان في الستينيات وأوائل السبعينيات، فبنى القدرة العلمية الباكستانية في الفيزياء النووية. وعلى الرغم من أن وجهة النظر هذه تبدو مقتعة، إلا أن ما حصل ويحصل مع علمائنا وباحثينا الذين توفوا في ظروف غامضة، يثير علامات استفهام. ولا ننسى أن ما ينوف على 500 عالم أو أستاذ جامعي عراقي قد قتلوا منذ احتلال العراق عام 2003. على أية حال، نستعرض فيما يلي باختصار حالات وفاة يحوطها الغموض لعدد من أبرز علمائنا. ونترك لك عزيزنا القارىء الحكم أو محاولة البحث بشكل أوسع إذا أثار الموضوع اهتمامك، علما أن المواقع العربية على الانترنت لن تفيدك كثيرا. ويدعم ادعاءنا هذا أننا بحثنا عن معلومات عن د. سلوى حبيب التي عثر عليها مذبوحة في شقتها، ووجدنا النص نفسه مكررا في عشرات المواقع، دون أية معلومة عن تاريخ قتلها أو موضعه أو أية تفصيلات شخصية عنها. حسن كامل الصباح عثر على سيارته في قاع حفرة في نيويورك عام 1935. وكان ما زال حيا عندما نقل إلى المستشفى حيث توفي. والصباح مخترع فذ له قرابة المئتي اختراع في مجالات الهندسة الكهربائية والأجهزة الكهربائية المتنوعة وتوليد الطاقة. يحيى المشدّ في 13 حزيران 1980 عثر على د. المشد مهشم الرأس في غرفته في فندق المريديان في باريس. وكان المشد يعمل في البرنامج النووي العراقي. الذي كانت تنشئه شركات فرنسية بناء على اتفاقية وقعها صدام حسين مع فرنسا عام 1975 . وكان وجوده في باريس لمتابعة استيراد شحنة من اليورانيوم، علما بأن طائرات " اسرائيلية" قصفت المفاعل ودمرته بعد شهرين من مقتل المشد. ولد المشد في الاسكندرية عام 1932 ودرس الهندسة الكهربائية فيها ثم تخصص في المفاعلات النووية في الاتحاد السوفياتي. علي مصطفى مشرّفة ( 1898 – 1950) فيزيائي نظري مصري بارز. أول عميد لكلية العلوم في جامعة القاهرة . مات مشرفة مسموما عام 1950، ولم يعرف قاتله. وقد ساهم في تطوير النظرية الكمومية ونظرية النسبية. سمير نجيب فيزيائي مصري، أكمل دراسته العليا في أمريكا ومارس التدريس في جامعة دترويت. كان ينوي العودة إلى مصر، وقبل موعد مغادرته في 13 آب 1967 اصطدمت شاحنة بسيارته وقتل فورا. نبيل القليني فيزيائي مصري حصل على الدكتوراه من جامعة براغ واختفى هناك عام 1975 دون أن يترك أي أثر. سعيد السيد بدير عمل في أبحاث الفضاء في المانيا، ثم تعاقد مع مؤسسة بحثية أمريكية. فتعرض لمضايقات وسرقت أوراقه، حسب ما قالت زوجته. ثم عاد إلى مصر ليرتب أموره قبل السفر إلى أمريكا، لكنه قتل في الاسكندرية وكان ذلك عام 1988. سميرة موسى عام 1951 كانت تجري بحوثا في الفيزياء في جامعة سان لويس/ ولاية ميسوري؛ ورغبت في العودة إلى مصر. وقبل مغادرتها أمريكا وجهت لها دعوة لزيارة مفاعل نووي. اصطحبها سائق قال لها أنه من طرف المفاعل. عُثر على السيارة في قاع واد، بينما لم يكن للسائق من أثر. وأنكر مسؤولو المفاعل أن يكونوا قد بعثوا لها بسيارة. جمال حمدان (1028 – 1993) عثر عليه ميتا في شقته وقد احترق النصف الأسفل من جسده، لكن الطب الشرعي نفى أن يكون الحرق هو سبب الوفاة. وصرح رئيس المخابرات المصرية آنذاك أن لديه ما يثبت أن الموساد هو الذي قتله. وقد اختفت مسودات كتب كان بصدد تأليفها، منها كتاب " اليهودية والصهيونية". وجمال حمدان جغرافي مصري متميز ومنظّر استراتيجي؛ اثبت أن اليهود الحاليين أصلهم شعوب من الخزر، اعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي. ألف جمال حمدان 29 كتابا وعشرات البحوث؛ ورفض مناصب عدة مفضلا التفرغ للبحث والتاليف. وتورد مصادر الإنترنت أسماء علماء عرب آخرين ماتوا مقتولين، منهم سلوى حبيب التي كانت على وشك نشر كتاب بعنوان " التغلغل الصهيوني في إفريقيا"؛ وعبير أحمد عياش التي طورت علاجا للالتهاب الرئوي سارس؛ ورَمال حسن رمال الفيزيائي الذي عمل في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي. والفيزيائي نبيل أحمد فليفل، من مخيم الأمعري في فلسطين المحتلة، الذي وجد مقتولا في منطقة بيت عور؛ وجرّاحة الدماغ السعودية سامية عبد الرحيم ميمني، التي عثر عليها مخنوقة في شقتها في أمريكا. يبقى أن العامل المشترك بين هؤلاء جميعا أن مقتلهم بقي لغزا، ولم تكتشف الشرطة القاتل في أي من هذه الجرائم.

الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

الخبز والقمح: قوام حياتنا

القاموس العلمي (8)

العرب اليوم، 11 أيلول/ سبتمبر 2012 أسمهان طعيمة
asmahan.t@hotmail.com
لعل أشقاءنا المصريين لم يجانبوا الحقيقة عندما أطلقوا على الخبز اسم "العيش". فيقولون مثلا: "أنا واكل معاه عيش وملح". كما أن كلمة Companion: رفيق بالانجليزية أصلها لاتيني وتعني شريك الخبز.
والخبز بلا شك سلعة الأساس وقوام العيش لبلايين البشر. فما السر في ذلك؟ وهل سيبقى كذلك في المستقبل؟
أشكال الخبز وأنواعه:
عندما تذكر الخبز تذكر القمح بالضرورة، فهو الذي يطحن ويعجن ويصنع منه معظم خبز العالم ومعجناته. فكيف اهتدى أجدادنا القدماء إلى هذا النبات من بين آلاف النباتات؟ ثم كيف توصلوا إلى تقنية طحنه وعجنه ثم خبزه بطرق وأشكال مختلفة. وما يؤكد حسن اختيارهم أن القمح قد بقي مقوّم الحياة الأول طوال آلاف السنين؛ كما أنه لا يوجد يبدو أنه سيتخلى عن موقعه هذا في المستقبل القريب أو البعيد.
صُنع الخبز أيضا من طحن حبوب متنوعة عدا القمح، مثل الشعير والذرة والشوفان، وقد تخلط هذه الحبوب معا بنسب وطرق مختلفة، كما أن الخبز يصنع بأشكال ووسائل متنوعة. فقد عرفنا تقليديا خبز الطابون والصاج والتنور، ثم الخبز المنقوش والكماج (الأرمني) والشراك والخبز اللبناني الرقيق، والخبز الحمام والخبز الفرنسي الذي يشبه العصا الطويلة. وقوالب الخبز التي تقطع إلى شرائح، وأنواعا وأشكالا أخرى عديدة.
وتضاف للعجين عادة خميرة جاهزة أو من بقايا عجينة الأمس، وهي تضفي على الخبز حموضة مستحبة وقواما خفيفا. وقد يخبز الخبز عويسا غير خامر.
ولا شيء يمنع من قلي الخبز بالزيت، ومن إضافة منكهات وملونات للعجين. ولسوء الحظ فقد انتشر لدينا استهلاك الخبز الأبيض المنزوع القشرة والجنين، والذي يكاد محتواه يقتصر على النشا. وعلينا أن لا ننسى منتجات أخرى متنوعة نصنعها من العجين: مثل البسكوت والكعك والمعجنات والمعكرونة والمفتول (الكسكسي) والشعيرية؛ ومن القمح: كالفريكة والسميد والجريشة والبرغل والسليقة والقلية.
لمحة تاريخية ولغوية:
تدل مخلفات العصر الحجري الحديث على أن الانسان عرف القمح وطحن الحبوب وعجنها وتخميرها قبل عشرة آلاف سنة. موطن القمح الأصلي هو الهلال الخصيب ودلتا النيل. وكان له دور رئيسي في استقرار الانسان في القرى بسبب سهولة انتاجه وتخزينه بكميات كبيرة ولمدة طويلة.
عرفت انجلترا القمح عام 3000 ق.م، وعرفته الصين عام 2000 ق.م. وزاد انتاج القمح بعد أن تطورت أساليب الحراثة بمساعدة الحيوانات، وإضافة السماد، والتهجين لتحسين الأصناف، وتدوير المحاصيل وأخيرا استخدام الحصادات الآلية.
وللخبز دلائل دينية، ويرتبط بطقوس تراثية ودينية متنوعة.
نجد في مختلف اللغات عشرات التعابير المرتبطة بالخبز، فمثلا ترد كلمة الخبز كناية عن القوت والطعام بشكل عام أو عن النقود وكلمة dough الانجليزية تعني العجينة، وتعني النقود أيضا.
أصناف القمح ومكوناته:
التركيب الجيني للقمح أو الحنطة معقد نسبيا. وتتنوع أصنافه حسب عدد أزواج الصبغيات (الكروموسومات) في نواة خليته، وهي تراوح بين 2 أو 4 أو ستة أزواج.
ويختلف القمح حسب موسم زراعته في الشتاء أو الربيع، كما يختلف حسب قساوته، ولونه ونوعية بروتينه (الغلوتين) ونسبته.
تتراوح نسبة الغلوتين في القمح القاسي بين 10-15%، والنشا قرابة 70% ، والألياف 12%، ويحتوي القمح على العديد من المعادن، فمثلا يعطيك رغيف اسمر صغير خُمس حاجتك اليومية من الحديد.
إنتاج القمح واستهلاكه في العالم:
في عام 2009 انتج العالم 650 مليون طن من القمح واحتلت الصين المرتبة الأولى بانتاجها 115 مليون طن، أي سدس الانتاج العالمي وهذا قد يفاجىء البعض لأن الاعتقاد السائد هو أن الصين تعتمد أساسا على الرز.
وتلتها الهند 80 مليون طن، روسيا: 62، ثم الولايات المتحدة، فرنسا، المانيا، باكستان، كندا، استراليا، وتركيا. وحققت هولندا أكبر إنتاجية في عام 2010 بمعدل 890 كغم قمح للدونم، بينما الانتاجية في روسيا والهند لا تزيد عن ثلث هذا الرقم. وتهدر الهند قرابة أربعة أعشار انتاجها بسبب سوء طرق الحصاد والنقل والتخزين والتوزيع.
وقد تضاعفت انتاجية القمح خمس مرات منذ النصف الثاني من القرن العشرين مع انتشار الآلات والتسميد. لكن مجمل الانتاج العالمي من القمح يتراجع حاليا لصالح فول الصويا والذرة.
أما من حيث الاستهلاك فقد كان المعدل العالمي للفرد 67 كغم عام 2003، لكن المعدل وصل إلى 240 كغم في قرقيزستان (من جمهوريات آسيا الوسطى) ويلاحظ أن معدل الاستهلاك العالمي للفرد يتناقص مع تحسن مستوى المعيشة والتحول إلى تناول اللحوم بأنواعها.
وينتج الأردن قرابة خمسة آلاف طن من القمح، ويستورد قرابة المليون طن، أي أن الانتاج لا يكفينا لأكثر من يومين.
وإذا اعتبرنا أن عدد السكان هو ستة ملايين نسمة، وأنقصنا منه عدد الأطفال الرضع لنعتمد الرقم خمسة ملايين ممن يستهلكون الخبز، نستنتج أن معدل استهلاك الفرد لدينا هو 200 كغم سنويا، أي أكثر من نصف كيلوغرام يوميا. وهذا رقم كبير وغير معقول. والمرجح أن نسبة كبيرة من استهلاكنا مصيرها حاويات القمامة أو علفا للمواشي والدواجن، لأن سعر الخبز مهمل. ونذكر هنا أننا كنا إذا رأينا شقفة خبز على الأرض رفعناها وقبّلناها، ثم نضعها فوق سور أو أي موضع مرتفع آخر. نشير هنا إلى ممارسة خاطئة لدى من يتجنبون رمي الخبز في الحاوية: إنهم يضعونه في كيس بلاستيكي مربوط ومغلق بجانب الحاوية، وتجده غالبا قد تعفن قبل أن يستفد منه أحد، مثل مربي المواشي. ألا يمكننا أن نتركه ينشف قبل وضعه داخل الكيس إذا كنا نهتم حقا بالمحافظة على هذه النعمة؟ والواقع أن حفظ الخبز في المجمدة (الفريزر) أو حتى في الثلاجة، يحفظه شبه طازج بحيث لا نضطر لرمي أي قطعة خبز.
معلومة أخيرة نأخذها عن العرب اليوم- الاقتصادي بتاريخ 9/9/2012 عن أسعار السلع الأساسية: القمح:905 $ للطن، البن 2048، الذرة:797، والسكر: 556 دولارا للطن. لاحظ أن القمح أغلى من كل من الذرة والسكر، وقارن ذلك بسعر الخبز المدعوم والمهدور لدينا.

ورود وأشواك – بمناسبة بدء العام الدراسي


المحرر العلمي، العرب اليوم، 11 أيلول 2012
 نطلب العلم في المدرسة، وبالطبع فهذا العلم لا يقتصر على العلوم الطبيعية، بل يشمل كافة المواضيع التي تتضمنها المناهج الدراسية فهي جميعها من العلم.
 رغم المتعة التي يجدها الطفل مع أقرانه، إلا أن المدرسة لا تمثل لمعظم أطفالنا مكانا ممتعا يتشوقون للذهاب إليه. فما الذي يمنع ذلك؟
 ولنتطرق مباشرة إلى العلوم الطبيعية. نعلم أن التجارب المخبرية جزء أساسي من تدريس هذه المواد. ونعلم أيضا أن مختبرات الكثير من المدارس الحكومية والخاصة مغلقة يكسو الغبار محتوياتها. فما الذي يمنع من تفعيلها؟ ومتى يحصل ذلك؟
 ممارسة غريبة، بل خطيرة، لاحظتها منذ سنوات عديدة في مدارس خاصة عريقة، وأخشى أن تكون ظاهرة عامة في المدارس الخاصة كافة، وهي منع الطلبة من استخدام الكتاب المدرسي المقرر والاقتصار على المادة الملخصة التي ينسخها الطفل عن اللوح، مع ما قد يكتنف كتابته من أخطاء. وهذا يذكرني بممارسة الدولة العثمانية خلال بضعة قرون حين حظرت المطابع ومنعت حيازة الكتب المطبوعة تحت طائلة الإعدام.
 معظم أهالي الطلبة يمضون معهم ساعات طوالا في حل الواجبات المدرسية والاستعداد للامتحانات. وقد يستعينون بمدرسين خصوصيين لمعظم المواد؛ وحتى أوائل الطلبة أصبحوا يعتمدون على المدرّس الخصوصي. ونتساءل هنا ماذا يفعل الطفل في الصف، بل ماذا يفعل المعلم؟ ولماذا يذهب أطفالنا للمدارس أساسا إذا كان عبء تدريسهم يقع علينا؟ لا نميل إلى تصديق التهمة القائلة أن معلم المدرسة الخاصة يعمل ما في وسعه حتى لا يفهم الطفل الدرس، وحتى يضطر للاستعانة بمدرس خصوصي. لكن انتشار ظاهرة التدريس الخصوصي، حتى لدى أوائل الطلبة، تجعلنا نشك بالأمر.
 تمتد المرحلة الالزامية لدينا حاليا حتى الصف العاشر. وهذا يعني التزام الدولة بتوفير متطلبات الدراسة في هذه الصفوف وعدم تحميل أهل الطالب كلفة مالية. وهذا أمر رائع ويحمد للدولة في بلد نام كالأردن. فالطالب لا يدفع رسوما بل حتى أن طلبة المدارس الحكومية قد أعفوا من التبرعات المدرسية الرمزية.
لكن هل تحققت متطلبات هذا الالتزام الحكومي حقا. خاصة في عمان والمدن الكبيرة؟
المدارس الحكومية العامة في الدول الغربية هي السائدة. وهي موجودة في كل حي حتى لا يضطر الطفل وأهله إلى تحمل مشقة المواصلات إلى مدرسة بعيدة.
وفي الولايات المتحدة، توفر المدارس الحكومية باصات مجانية لنقل طلبتها. وإذا كان سكن الطفل أبعد من أن يصله الباص المدرسي فإن ولي أمره يوصله إلى أقرب نقطة لمرور الباص، وتعوضه الدولة عن التكلفة التي تحملها في سبيل ذلك.
الواقع أن المدارس الحكومية في عمان غير كافية وغير موزعة توزيعا ملائما في الأحياء السكنية. كما أنها لا توفر باصات لنقل طلبتها البعيدين. ولعل هذا هو أحد أسباب توجه معظم أهالي عمان، خاصة عمان الغربية، نحو المدارس الخاصة ذات الرسوم الباهظة للغاية.
 لا شك أن المدارس الخاصة قد سدت ثغرة كبيرة وحملت عبئا ضخما نيابة عن وزارة التربية، رغم أن البعض يشكك في مدى مصداقية مؤسسة ربحية تجارية في تقديم العلم بتجرد وإخلاص.
 ترضي الرسوم العالية في المدارس الخاصة الرغبة بالمباهاة السائدة لدينا. ونميل عادة إلى الانتقاص من مستوى المدارس الحكومية، رغم أن معلميها لديهم مؤهلات عالية ويشاركون في دورات تدريبية صيفية لا يحظى بمثلها معلموا المدارس الخاصة.
 ولنحاول بحسبة بسيطة تقييم مدى معقولية أقساط المدارس الخاصة. إذا فرضنا أن الطالب يدفع 2000 دينار رسما سنويا. فإن صفا مكونا من 20 طالبا يدفع 000 40 دينار. ويتلقى الصف ما مجموعه 36 حصة اسبوعيا أي ما يعادل النصاب المقرر لمعلمين اثنين، فإذا كان راتب المعلم 500 دينار شهريا، فإن راتبهما الشهري يكون ألف دينار، والراتب السنوي 000 12 دينار. وبطرح 12000 من 40000 يكون نصيب الإدارة من صف واحد 28000 دينار!
ولا ننسى أن رسوم الأنظمة غير الأردنية كالنظام الدولي أو برنامج كمبرج هي رسوم عالية وقد تصل 4000 أو 5000 دينار للطفل .

 وأخيرا نشير إلى مادة تدرّسها عدة مدارس خاصة وتشكل معاناة للطفل ومعلّمه وللأهل وللمعلم الخاص الذي قد يساعد الطفل. إنها اللغة الفرنسية التي تحظى بحصة واحدة أو حصتين اسبوعيا دون أية جدوى إطلاقا. لأن اللغة يجب أن تأخذ حقها بست حصص أو سبع أسبوعيا، وإلا فلا مبرر لها. (أنظر عدد شهر أيلول من ملحق الناشئة).