Powered By Blogger

السبت، 11 فبراير 2012

هل يمكن تمييز الشخص من صوته المسجل

يقبل القضاء الصوت المسجل كبينة لتحديد شخصية المتحدث . وقد اعتمد القضاء بالفعل رأي " الخبراء " لاصدار أحكام على متهمين في قضايا جزائية . وكان ذلك أحيانا اعتمادا على تسجيلات رديئة النوعية وقصيرة جدا . لكن العلماء يطالبون منذ عدة سنوات بوقف هذه الممارسات باعتبار أن الصوت المسجل أو الصوت على الهاتف لا يمكن أن يمثل بينة قطعية تحدد شخصية المتحدث . ولا يمكن اعتبار الصوت علامة مميزة لكل شخص كما هو الحال في بصمة الابهام أو البصمة الجينية ( الحامض النووي ) .
ولا تخلو المسلسلات التلفازية والافلام السينمائية من عرض لقضايا محاكم اعتمدت فيها تسجيلات صوتية لإثبات تهمة أو لكشف مجرم أو مذنب .
كما أن بعضنا قد يعتقد بأنه قادر تماما على تحديد هوية الشخص بمجرد سماع صوته على الهاتف أو اعتمادا على تسجيل صوتي .
الواقع أن التجارب التي أجريت في المختبرتدل على عكس ذلك . فمثلا اذا سمعنا شخصا يقول كلمة " ألو أو هلو " على الهاتف ، فاننا لا نحدد شخصيته الا في ثلث الحالات فقط (على افتراض أننا قد سبق وتحدثنا مع هذا الشخص أو سمعنا صوته ) . واذا زادت مدة الاستماع للصوت على الهاتف أو للصوت المسجل الى 30 ثانية ، فان امكانية التعرف على المتحدث ترتفع الى الثلثين ، أي حالتين من ثلاث .
ليست آذاننا هي الملومة في هذا القصور والعجز عن التمييز الدقيق والتعرف على صاحب الصوت ، وانما يعود السبب للصوت الانساني نفسه . فهو يتغير مع تقدمنا في العمر . وحسب وضعنا الصحي والعاطفي , وحتى حسب نوعية الشخص الذي يوجه له الحديث . فنبرة صوتنا تختلف فيما اذا كنا نخاطب صديقا أو شخصا غريبا ، رئيسا أو مرؤوسا ، طفلا أو شخصا أكبر سنا ، شخصا نحبه أو نكرهه .



تحليل وليس تحديد :

هناك عامل آخر مهم يؤثر على امكانية التعرف على شخصية المتحدث ، وهو نوع الجهاز المستخدم . فاذا كان تسجيل الصوت يجري مثلا في ستوديو اذاعي معزول عن الخارج عزلا تاما ، وبواسطة أجهزة تسجيل راقية متخصصة ، فان نوعية الصوت تكون ممتازة . وهذا يختلف كثيرا عن سماع الصوت عبر الهاتف الأرضي .وتكون النوعية اسوأ عبر الهاتف الخلوي ، لكن لحسن الحظ فان الهاتف الخلوي ، وحتى الأرضي حاليا، يكشف لنا فورا عن رقم هاتف المتحدث وعن اسمه اذا كان مخزنا لدينا ، لكننا كثيرا ما نميز المتحدث عبر الهاتف لأننا نستعين تلقائيا بعناصر متنوعة ، منها وقت الاتصال ( نتوقع عادة اتصال اشخاص معينين في ساعات معينة ) ، أو اسلوب المتحدث أو الموضوع ، اضافة الى أن معظم الاتصالات الهاتفية التي نتلقاها تكون من قبل مجموعة محدودة من الاقارب أو المعارف .
هل يستطيع الحاسوب أن يتفوق على اذن الانسان في تحديد شخصية المتحدث ؟ ذكرنا أن صوت الانسان لا يشبه البصمة الجينية أو بصمة الاصبع اللتين تميزان كل شخص عن غيره . وكان تعبير البصمة الصوتية قد ظهر في ستينيات القرن الماضي حين ادعى لورنس كيرستا ، المهندس في مختبرات بل الاميركية ، أنه قادر على تحديد شخصية المتحدث اعتمادا على التحليل الطيفي لمخطط صوته. فكما يرسم الاطباء حاليا مخططا للقلب أو للدماغ ، كذلك عمد كيرستا الى رسم مخطط للصوت ثم تحليله بهدف التعرف على نمط صوتي معين لكل شخص .
والواقع انه بفعل التقدم المتواصل في عالم الحواسيب وبرمجتها والكترونياتها ، فان التمييز الآلي للصوت يتحسن يوما بعد يوم . وقد يصل قريبا من 100% اذا تمت التجربة في مختبر أو ستوديو معزول . لكن قدرة هذه الأجهزة تنخفض كثيرا اذا وجد المتحدث وسط ضوضاء وتشويش ، وهنا قد تكون اذن الانسان أقدر على التمييز بفعل مهارة الدماغ في التحليل وحذف الضوضاء المرافقة للصوت.

Science et Vie

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق