Powered By Blogger

الاثنين، 30 أبريل 2012

طرق مبتكرة للإخفاء

حقق العلم والتكنولوجيا للبشرية أحلاما كبيرة وكثيرة. لكن طاقية الإخفاء التي أثارت خيالنا في قصصنا الخرافية القديمة وفي قصص عالمية متنوعة مثل "الدكتور جيكل ومستر هايد"، أو أفلام هاري بوتر، ما زالت، كما يبدو حلما بعيد التحقيق، أو لعله ليس بذلك البعد.

الواقع أن مساعي حثيثة تبذل في مختلف مراكز البحث في العالم لابتكار وسائل الإخفاء. وقد ابتكرت بالفعل عدة تقنيات منذ سنوات في هذا الاتجاه. فاين نحن الآن من طاقية الإخفاء.

نستعرض فيما يلي بايجاز بعض التقنيات التي تخفي الأجسام بشكل أو بآخر. وهي تتوزع على عدة أنواع ذات مبادىء مختلفة: جعل الجسم شفافا كالزجاج، أو جعل الجسم يندمج ويضيع في الوسط المحيط به، كما في عملية التمويه؛ أو ابتكار مادة تحني أشعة الضوء بحيث ترى ما خلفها ولا تراها هي نفسها، أو أية تقنية أخرى تجعلك ترى ما هو خلف الجسم ولا تراه.

 التمويه في الطبيعة: إحدى وسائل الإخفاء البسيطة أن تجعل شكل الجسم وألوانه تماثل الخلفية أوالمكان الذي يوجد فيه. وهذه الوسيلة تتوافر في الطبيعة منذ ملايين السنين، وتطبقها حيوانات ونباتات عديدة. يشاع عن الحرباء أنها تغير لونها ليماثل لون ما يحيط بها. ويفوقها في ذلك عدد من الحشرات التي لا تكاد تميزها عن أجزاء النبات المحيطة بها.

وقد قلد الإنسان هذه الخدع، خاصة الجيوش التي تغطي دباباتها بغصون الشجر، أوتجعلها بلون التربة، أوتلبس جنودها ملابس مبرقعة تشبه اشجار الغابة.




 جسيمات دقيقة تحني الضوء تخيل مادة لا تعكس أشعة الضوء الساقطة عليها، ستقول إذن أنها سوداء اللون. فاللون الأسود لا يعكس الضوء. لكن تخيل ايضا أن هذه المادة تحني أشعة الضوء القادمة من خلفها بحيث تصل الى عيني المشاهد. أي أنك ترى ما هو خلفها، وكأنها غير موجودة، أو كأنها خفية.

ويجري جون بندري من الكلية الملكية في لندن، أبحاثا لابتكار ما يطلق عليه اسم الجزيئات الأسمى (ميتامتيريال) وهي جسيمات صغيرة تقاس بالنانومتر، وتمتص الأشعة الساقطة عليها ثم تعيد توجيهها حولها بحيث نرى ما خلفها.

 الطائرة الشبح –: كما في الطائرة الأمريكية Stealth التي لا تكشفها اشعة الرادار، وهي مطلية بطلاء خاص يمتص موجات الرادار فلا تنعكس عنها ولا تكشفها أجهزة الرادار.

 التصوير والعرض: إنها خدعة بسيطة وناجعة لإخفاء أي جسم تريد. وتتلخص في وضع كمرات خلف الجسم تصور المشهد الواقع خلفه مباشرة، ثم تعرض هذه الصورة فورا على شاشات تغطي السطح الأمامي للجسم. أي أنك بكل بساطة تشاهد ما يقع خلفه، وكأنّ الجسم نفسه غير موجود.

طبقت هذه التقنية مؤخرا على السيارات. وتنوي شركات صانعة للطائرات تطبيقها أيضا بحيث يبدو قاع الطائرة وكأنه شفاف أو غير موجود. إذ تزود الطائرة بكمرات تصور ما تحتها، ثم توضع شاشات على أرضية الطائرة من الداخل بحيث تعرض الصورة الملتقطة للأرض في الأسفل. فيتوهم راكب الطائرة أن أرضية الطائرة شفافة فهو يشاهد فعلا سطح الأرض تحتها.

عباءة الإخفاء الزلزالية
طوّر علماء رياضيات في جامعة مانشستر نظرية تتعلق بتقنية تشبه "طاقية الإخفاء، من شأنها أن تحمي البنايات من الزلازل.

عمل فريق وليَم بارنل على الجوانب النظرية من تقنية "عباءات" الإخفاء. وقد بيّنوا أن تغطية بعض مكوِّنات هياكل البناء بمطاط مضغوط يمكن أن تجعل الأمواج الزلزالية القوية عاجزة عن "رؤية" البناء، فتمر من حوله.

وهذه هي أحدث تقنية في الحَجب والإخفاء– وهو أسلوب يخفي كيانا مادياً ويجعله غير منظور للأمواج، سواء أكانت ضوئية أم صوتية أم زلزالية.

وقد ثبت نظرياً أن للتغطية بالمطاط تأثيرا حاجبا عن نوع معين من الموجات. ويجري العمل على تحويل هذه النظريات إلى استخدامات عملية. كما أظهرت الأبحاث إمكانية السيطرة على اتجاه الأمواج وسرعتها. وهذا أمر مهم، لأننا نريد أن نوجّه مثل تلك الأمواج في سياقات متنوعة، خاصة في التطبيقات النانوية، كما هو الحال في الإلكترونيات.

أعظم المخترعين في تاريخ البشريّة

تحدثنا في صفحتنا "علوم وتكنولوجيا"، العرب اليوم، ليوم الجمعة 27/4 عن أعظم الاختراعات وأكثرها تأثيرا عبر التاريخ. وقد طلب مني صديق استكمالا للفائدة، أن أقدّم قائمة بأعظم المخترعين في التاريخ.

وكما هو الأمر فيما يخص أعظم الاختراعات، فإن الجميع لن يتفقوا على قائمة واحدة متطابقة، لكننا أعددنا القائمة التالية بالرجوع الى بضعة مواقع على الانترنت:

1- أرخميدس (287 – 212 قبل الميلاد) : طريقة لحساب النسبة التقريبية، العتلة – آلة لرفع الماء من الآبار وقاعدة أرخميدس في الأجسام المغمورة والطافية.

2- نيكولا تِسلا (1856 – 1943 ): 111 براءة اختراع؛ منها مصباح الفلورسنت، محرك الحث الكهربائي، التيار المتردد، ملف تسلا.

3- توماس أديسون (1847 – 1931): ما ينوف على ألف براءة اختراع (هو ومساعدوه) منها التلغراف، المصباح الكهربائي، اسطوانة تسجيل الصوت، محطة توليد الكهرباء(بالتيار المباشر).

4- الكسندر غراهام بِل (1847 – 1922): الهاتف (وقد رفض وضع هاتف في مكتبه لأنه يشوش عليه تفكيره وأبحاثه)، كاشف المعادن.

5- جورج وِستنغهاوس (1846 – 1912): 361 براءة اختراع منها الفرامل الهوائية للقطار ، التيار المتردد (بالاشتراك مع تسلا).

6- جيروم لِمِلسون (1923 – 1997): 605 براءات اختراع منها مسجل الفيديو، الهاتف اللاسلكي، الرابوط.

7- هيرو الاسكندري (10 – 70 م): الآلة البخارية، المضخة.

8- بِنجامين فرانكلن (1706 – 1790): مانعة الصواعق، المنظار المزدوج، قسطرة المثانة.

9- إدوين بولارويد (1909 – 1991): 535 براءة اختراع منها الصور ذاتية التظهير.

10- ليوناردو دافنشي (1452 – 1519): صمم ورسم نماذج كثيرة أثبتت قابليتها للتنفيذ.

11- تِم بيرنَرْز لي (1955- ): الانترنت.

12- غَليليو غاليلي (1564-1642): المقراب (التلسكوب)، المحرار (ميزان الحرارة).

13) جيمْس واط (1736 – 1819): الآلة البخارية.

14) الأخوان رايت. أورفيل (1871 – 1948)، وِلْبَر (1867 – 1912): الطائرة.

الخميس، 26 أبريل 2012

أعظم الاختراعات وأكثرها تأثيرا

م. سائد مدانات

لو طلبنا منك عزيزي القارىء أن تختار، من بين آلاف الاختراعات التي نراها من حولنا، أفضل عشرة اختراعات تعتقد أنها أفادت البشرية وكان لها أكبر الأثر في تحقيق رفاه الإنسان، لا شك أنك ستجد نفسك أمام مهمة صعبة ومحيرة. قد تبدأ بكتابة أسماء عشرات الاختراعات ثم تعود لتختار من بينها ما تراه الأهم. ثمّ تتذكر فجأة اختراعات أخرى مهمة كنت قد سهوت عنها.

على أية حال، لنفرض أنك توصلت الى تحديد قائمتك هذه. ثم طلبت الأمر نفسه من أحد أفراد عائلتك أو من صديق. فهل تعتقد أنه سيتوصل الى قائمة مماثلة. وبالأحرى ماذا ستكون نسبة الأشياء المتشابهة بين القائمتين؟ لا شك أن ربة البيت تفضل اختراعات منزلية مثل الثلاجة والغسالة، في حين أن أطفالك سيختارون الألعاب الالكترونية مثلا.
تعرض عدة مواقع على الانترنت قوائم عن أعظم الاختراعات عبر التاريخ، أو في القرن العشرين، أو خلال عام 2011. وقد تكون القائمة نتيجة استبيان لعينة من الناس، أو أنها تعبر عن رأي من أعدّها. وفي الحالتين تلاحظ تنوعا وتباينا كبيرين.

أحد المواقع يذكر أفضل خمسة اختراعات: المطبعة، والتلفاز، والانترنت، والآلة البخارية والطائرة. وموقع آخر يعدّ أفضل اختراعات القرن العشرين: آلة الاحتراق الداخلي، والمصباح الكهربائي، وحبوب منع الحمل، والغسالة، والألياف الاصطناعية، والبنسلين، والمحرك النفاث، والهليكوبتر، والرادار، وفرن الميكروويف، والتصوير الملون.
لكن ماذا عن السينما، التلفزة، المسجل، الفيديو، الحاسوب، الإنترنت، الليزر، التصوير الطبي بالأشعة السينية والرنين المغناطيسي، عمليات زرع الأعضاء،...؟



الانسان مخترع منذ وجد

تجلّت عبقرية الانسان وإبداعه عبر العصور، التي يطلق عليها علماء الآثار تسميات مثل: العصر الحجري، أو النحاسي، أو البرونزي، أو الحديدي. إذ إياك أن تعتقد أن دماغ الانسان المعاصر أكبر أو أقدر من دماغ الانسان الأول الذي عاش في الغابة مثلا، وتدبّر أمره رغم كل الصعوبات.

فالأسلحة التي صنعها الانسان الأول من حجارة الصوان ليصطاد طرائده مثلت اختراعا حيويا، وبالمثل فيما يتعلق بالرمح والقوس والسهم. وعندما استقر الانسان وفلح الأرض كان المحراث والفأس والمنجل اختراعات رائعة وفّرت الغذاء للرجل وعائلته. وتطلّب الاستقرار وبناء البيوت استخدام مواعين وأدوات منزلية متنوعة، فابتكر الانسان الفخار والزجاج واستخلص المعادن وطحن الحبوب بالرحى وعرف كيف يشعل النار ليطبخ طعامه وليصنع خبزه. فصناعة الخبز تعدّ اختراعا عبقريا. إذ كيف اختار الانسان القمح من بين آلاف النباتات، ثم فكر في طحنه ثم عجنه ثم خبزه في أفران متنوعة.

ويخطر بالذهن عشرات الاختراعات القديمة: العَجَل، العَتلة، الإبرة، البكرة، الحذاء والملابس، المرآة، سرج الحصان، والصناعات الغذائية مثل الأجبان.

من الصين الى العصر الحديث

يحق للصين أن تعتز باختراعات محورية في حضارة البشر. ونذكر أنه خلال افتتاح الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، قُدّمت عروض راقصة تمثل أربعة اختراعات صينية مهمة:
البوصلة: وكانت أداة أساسية في الملاحة، وقد اخترعت عام 1040،
ملح البارود، اخترع في القرن التاسع الميلادي.
الورق اخترع في القرن الثاني الميلادي.
الطباعة: ظهرت في الصين في القرن التاسع، قبل غوتنبرغ الألماني بستمئة سنة.
كما اخترع الصينيون الحرير والخزف الصيني، أو البورسلين، وآلات متنوعة.




الاختراع يولّد الحاجة

تسجل في العالم سنويا آلاف براءات الاختراع، ومعظمها في أمريكا، وأوربا، واليابان. ولكن أيضا في دول أخرى ناهضة مثل الصين والهند وكوريا. اعتدنا أن نقول: الحاجة أمّ الاختراع. فهل أن الانسان بحاجة الى كل هذه الاختراعات. الجواب الأرجح هو لا! لكن المخترعين والشركات التي تتبنى هذه الاختراعات وتصنعها وتسوّقها تعتقد أن الاختراع نفسه يولّد الحاجة اليه.

أخيرا يخطر بالذهن أن نذكر أسوأ الاختراعات، أو تلك التي تتمنى لو انها لم تتحقق. ومن ذلك معظم الأسلحة المدمرة، خاصة القنبلة النووية، التي تخزّن منها الدول العظمى ما يكفي لتدمير العالم بأكمله.

خير العلم ما أفاد أهله: حلول مطلوبة لقضايا تهمّك

.
علوم وتكنولوجيا، العدد25، 27 نيسان 2012، العرب اليوم
لعل هاجسنا الأول في هذه الصفحة هو أن ننمي مَلَكة التفكير العلميّ المنطقيّ، وأن نحبّب العلم لقلوب قرّائنا. وأن نعرض من وقت لآخر أساسيّات العلوم المهمّة لإنسان القرن الحادي والعشرين.
ولهذا الغرض، سنقدم لك عزيزنا القارىء قضايا جوهرية، ونطلب منك أن تستخدم التفكير المنطقي لتحللها وتقترح حلولا ممكنة لها. سنشير الى الردود التي تصلنا، وسننشر الأفضل منها.

 قضيّة جوهرية وملحّة من واقعنا الصعب: أزمة السير المستفحلة.

- تتزايد أعداد السيارات في شوارعنا يوما بعد يوم وتكبر أحجامها، الموزعات المرورية (التقاطعات ذات الجسور والأنفاق والدواوير) لم تحلّ المشكلة. الوقت المهدور والدخان الملِّوث وحرق الأعصاب أصبحت معاناة يومية لكلّ منا. مبادرات الحكومة تراوح مكانها (القطار الخفيف؛ الباص السريع). وسياسة الدولة والبنوك تروّج لشراء السيّارات وتشجّعها من خلال القروض الميسّرة والفوائد المتدنّية.

- أفكار ناجحة من دول أخرى:
أختيرت فينّا، عاصمة النمسا، هذا العام أفضل مدينة في العالم. وكانت هذه المدينة العريقة قد أصدرت بطاقات للنقل العام، تكلّف البطاقة يورو واحدا في الشهر (أقل من دينار) وتخوّل حاملها استخدام وسائل النقل العام طوال الشهر بقدر ما يريد. فمن الذي سيستخدم سيارته الخاصة في هذه الحال؟
للمقارنة، أجرة باص النقل العام على بعض الخطوط داخل عمان تعادل الأجرة من عمان ( مجمع رغدان) الى السلط. هل من جشع وسوء إدارة أكبر من ذلك؟
من وسائل ترويج النقل العام الممكنة:

- ماذا لو حوّلت الدولة مبالغ دعم مشتقات النفط الى دعم النقل العام؟

- ماذا لو أعفيت سيارات التكسي وباصات النقل العام من الجمارك ورسوم الترخيص، وزيدت هذه الرسوم على السيارات الخاصة؟

- ماذا لو طُبّقت تقنيات الحكومة الالكترونيّة في أقرب وقت ممكن حتى تتدنى حاجة المواطن لمراجعة الدوائر الحكومية أو التنقل بين دائرة وأخرى للحصول على وثائق يمكن للدوائر تبادلها الكترونيّا؟

- ماذا لو جعلنا الأرصفة مصفات رسمية للسيارات، ما دام سكان عمان لا يمشون على أية حال؛ لاحظ أن معارض بيع السيارات تشغل الأرصفة بسيّاراتها.

- ماذا لو حفّزنا الناس على السكن في الضواحي لتخفيف الضغط على مراكز المدن وشوراعها؟

- ماذا لو طبقنا نظام الدوام المرن في المؤسسات الحكومية والخاصة، بحيث يختار الموظف ساعة قدومه ومغادرته، شرط إمضاء الفترة المقررة في الدوام؟

- ماذا لو شجّعنا العمل من المنزل، بواسطة الإنترنت مثلا، للوظائف القابلة لذلك؟
هل لديك، عزيزي القارئ، أفكار أخرى؟ وهل ترغب في مناقشة الأفكار السابقة؟
أسمِعنا صوتك!

الخميس، 19 أبريل 2012

الايجاز أساس العلم والحضارة

المحرر العلمي/ العرب اليوم


تخيل أن علماء الرياضيات والفيزياء والكيمياء... الخ تجنبوا استخدام الرموز والأرقام، والتزموا بكتابة الكلمات كاملة. فالكلمة الكاملة أوضح من الرمز اليس كذلك؟ (لعل هذا هو رأي كتابنا الأفاضل الذين يتجنبون الرموز).


لا أريد أن اضرب أمثلة، فما أطرحه هنا واضح جلي. كما أن كلمات اللغة نفسها، عبارة عن مصطلحات واختصارات. عندما تسمي أي شيء أو جسم باسمه، فإنك تستخدم وسيلة للترميز. فأنت تقول مثلا الجبهة أو الجبين وليس " الجزء من وجهك الذي يقع فوق عضوي الإبصار.

قبل أيام، اطّلعت على العدد الثالث من مجلة "العربي العلمي" التي تصدر عن أعرق المجلات العربية "العربي" الكويتية. وهي بلا شك تسد ثغرة في الصحافة العربية العلمية الجادة والمفيدة. وكنا قد رحبنا بصدور العدد الأول منها في صفحتنا هذه ( العدد 13 بتاريخ 10/2).

لكنني لست هنا بصدد المدح بقدر ما أريد أن أشير الى مقال في العدد الثالث من هذه المجلة ساءني وجعلني أنتهز الفرصة لأثير موضوع الإيجاز والمصطلح في لغتنا العربية الحديثة، وفي لغتنا العلمية، وفي لغتنا الصحفية.

عنوان المقال المقصود "ما هو الايدز والعدوى بفيروس العوز المناعي البشري؟" ضمن زاوية فضاء الأسئلة.

لا شك أن المقال مترجم عن الانجليزية. ويرمز للفيروس المسبب للإيدز بالانجليزية HIV، وهي ثلاثة حروف بسيطة. لكن مترجمنا العزيز فضّل أن يكتب الاسم بالعربية في أربع كلمات: فيروس العوز المناعي البشري. حتى الآن ربما لا تبدو المشكلة خطيرة، سوى أن اسم هذا الفيروس يتكرر في المقال 62 مرة، مضروبة بأربع كلمات كل مرة، أي ما مجموعه قرابة 250 كلمة. وهي تمثل خمس مجموع كلمات المقال. بينما في الأصل الانجليزي اختزل الاسم إلى ثلاثة حروف في كل مرة.

الأحرى أن يعرّب الرمز الانجليزي بكلمة هيف، على غرار ما فعلنا بتعريب AIDS بكلمة ايدز. أو حتى أن يكتب اسم الفيروس بالحروف الإنجليزية في كل مرة إذا اعتقد الكاتب أن العربية لا تقبل الرموز! هل كان قصد المترجم من ذلك أن يزيد قيمة مكافأة المقال، إذا كانت المكافأة تعتمد على عدد الكلمات؟ وإذا كان الكاتب أو المترجم قد أساء، أما كان يجدر بالمراجع والمدقق والمحرر أن يصحح الوضع؟ لا أعلم. لكني أعلم أن لغتنا العلمية والصحافية تعاني من سرطان قاتل. السرطان ورم ينتشر، ويدمر ويقتل، وهذا الورم اللغوي يتجلى في اللغو وفي كثرة الكلمات. إنه يعطل الفهم وينفّر القارىء.

لا شك أن الصغير يلجأ لارتداء ثوب كبير ليبدو كبيرا. والفارغ يميل للإكثار من الكلام.

وهكذا تجد أن ليبيا كانت تسمي نفسها الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى. بينما بريطانيا العظمى هي UK والولايات المتحدة الأمريكية هي USA، بل حتى US. والأمم المتحدة UN. إنها دول عظمى ومؤسسات كبرى، لكن العظمة والكبر ليست في إطالة الإسم.

الحقيقة أن مشكلة اللغو والاسهاب في الكلام بلا مبرر هي ظاهرة عامة في معظم ما نكتب، خاصة في ما تنشره الصحف من أخبار ومقالات. ولا شك أن الصحيفة التي تصدر بمئة صفحة، يمكنها أن تقدم مادة أكثر فائدة وأسهل قراءة في عشرين صفحة فقط. عدا ما يعنيه هذا من وفر وحدّ من التبذير والهدر في بلد يعاني من المديونية. فهل من مجيب؟

لماذا نفرك العينين عند الشعور بالتعب؟

يتغطى سطح العين بغشاء رقيق مكون من ثلاث طبقات. أولاها طبقة بروتينية ملامسة للقرنية، والثانية طبقة رطبة مائية، والطبقة الثالثة الخارجية دهنية.

تمنع هذه الطبقة الأخيرة تبخر الرطوبة من العين، حتى لا تجف العين. كما أنها تصحح أية تشوهات في سطح القرنية وتجلعه أملس لتحسين الرؤية. وحتى تحافظ العين على سلامة هذه الطبقة، فإنها ترمش لا إراديا بمعدل 10-15 مرة في الثانية، فتطرد أية شوائب تلتصق بالعين، وأثناء ذلك يتقلص الجفنان فيفرزان مادة دهنية تدعم هذه الطبقة الخارجية.

لكن أثناء الجهد المتعب للعين، مثل قراءة كتاب أو مشاهدة شاشة الحاسوب أو التلفاز، فإن العين ترمش مرات أقل، وبذلك يقل إفراز المادة الدهنية المزودة للطبقة الخارجية، فيشعر الانسان بشعور غير مريح. وعندما يفرك عينيه فإنه بذلك يشجع إفراز المادة الدهنية اللازمة لهذه الطبقة. كما أنه في الوقت نفسه يدفع أية شوائب عالقة نحو زاوية العين حيث تخرج من خلال مجاري الدمع.

نلاحظ إذن أن فرك العينين مفيد، لكن الافراط فيه قد يؤذيهما.

لماذا يبقى التفاح طويلا؟

بالمقارنة مع الفواكه الأخرى، مثل الإجاص، الجوافة، أو الموز، نلاحظ أن التفاح لا يتلف بسهولة. ويمكنك أن تحتفظ به داخل الثلاجة أو خارجها عدة أشهر، سوى أنه قد يتغضن ويذبل قليلا.

تفسر هذه الخاصية في التفاح بغياب أنزيم يدعى Polygalacturonase، ولنرمز له بالحروف pgr. هذا الأنزيم يخرب البكتين الذي يغلف قشرة الفاكهة بطبقة رقيقة، مثل البشرة التي تغلف جلدك. ويتكون البكتين من سلاسل من جزيئات السكر.

يتغطى قشر الفتاح بطبقة سميكة من البكتين تحميه من الجراثيم وتمنع تبخّر الرطوبة من داخله فتحميه من الجفاف. ولحفظ الفتاح لفترة أطول ينصح بوضعه في مكان بارد وجيد التهوية، مع إبعاد أية حبات يظهر عليها التلف.

إدوين هَبِل (1889 – 1953)

شخصيات علمية -2


نقرأ كثيرا حاليا عن ثابت هبل، وعن المرصد الفضائي هبل. فمن هو هبل هذا؟

يُعد هبل Hubble من أعظم الفلكيين الأمريكيين. حصل أثناء المرحلة الثانوية على منحة الى جامعة شيكاغو، حيث عمل في مجال الفيزياء والفلك مع روبرت ملكان. لكنه توجّه نحو دراسة القانون في الجامعة، وبعد تخرجه مارس المحاماة لفترة قصيرة ثم دفعه حبه للفلك الى العودة لدراسة هذا الموضوع حيث حصل على الدكتوراه في الفلك عام 1917.

في عام 1923 رصد سديم المرأة المسلسلة (أندروميدا) وتوصل الى أن بعده عنا أكبر من مليوني سنة ضوئية. أي أنه يقع خارج مجرتنا، درب التبانة، التي يبلغ قطرها مئة ألف سنة ضوئية فقط. وهكذا اتضح لنا أن الكون أكبر بكثير مما كنا نعتقد.
صنّف هبل المجرات الى أربعة أنواع رئيسية: أهليليجية، حلزونية، حلزونية قضيبية، وغير منتظمة. كما وضع قانونا بسيطا يربط بين تباعد الأجرام الكونية وسرعتها. وفحواه أن سرعة التباعد تتناسب مع المسافة بين الجرمين. وعندما تحول هذه العلاقة من تناسب الى معادلة تصبح على شكل السرعة = المسافة مضروبة في ثابت.

هذا الثابت أصبح شهيرا في علم الفلك حاليا ويطلق عليه اسم ثابت هبل. وتقدر قيمته لمجرة معينة بنحو 16 كم في الثانية للمسافة مقاسة بملايين السنوات الضوئية.

وفي عام 1990 أطلق ناسا الى الفضاء أول مقراب أو تلسكوب فضائي، وسمي مرصد هبل الفضائي تكريما له. وهو يدور حول الأرض خلال 96 دقيقة، في مدار يبعد عنها 593كم.

وقد حقق هذا المقراب بحق ثورة في علم الفلك بفضل ما التقطه من صور ومعلومات عن الكون، تعجز عن التقاطها المراصد الأرضية، وذلك بسبب الغلاف الجوي للأرض.

الأربعاء، 18 أبريل 2012

شخصيات علمية: بول ديراك

Paul Dirac
(برستول ، 1902 – فلوريدا 1984)



فيزيائي نظري انجليزي، ويعتبر أحد أعظم الفيزيائيين في القرن العشرين، كان له مساهمات أساسية في إنشاء وتطوير الميكانيكا الكمومية (الكوانتية)، والكهردينامية الكمومية. شغل كرسي الرياضيات في جامعة كمْبرِج، ثم انتقل إلى جامعة ميامي. وأمضى العقد الأخير من عمره في جامعة ولاية فلوريدا.

صاغ "معادلة ديراك" التي تصف سلوك الفرميونات (وهي جسيمات تتخّلق وتدمّر حسب نظرية بيتا التي صاغها أنريكو فيرمي عام 1934)، وتوقع وجود ضديد المادة (المادة المضادّة).

فاز بجائزة نوبل في الفيزياء لعام 1933 بالتشارك مع إروين شرودِنغر، تقديرا " لاكتشافهما أشكالا منتجة جديدة من النظرية الذرية".
من طرف ديراك
لم يكن ديراك يكثر الكلام، ما دفع زملاءه في جامعة كمبرج الى ابتكار وحدة "ساخرة" تسمى ديراك (مثلما نتحدث عن وحدة المتر لقياس الطول) والديراك الواحد يساوي " كلمة في الساعة"!

انتقد ديراك اهتمام الفيزيائي روبرت أُبِنهايمَر بالشعر قائلا: " هدف العلم هو تسهيل الأمور الصعبة، بعكس الشعر الذي يعمل على صياغة أشياء بسيطة بطريقة غير مفهومة؛ إن العلم والشعر لا يتفقان".

والده سويسري هاجر إلى انجلترا، وكان قاسيا صارما، يصرّ على أن يتحدث أولاده الفرنسية في البيت. كان ديراك ووالده مصابين بالتوحد، بدرجتين مختلفتين. ويبدو أن صفة التوحد هذه كانت عاملا حاسما في إبداعه في الرياضيات والفيزياء.

تزوج شقيقة الرياضي والفيزيائي المجري يوجين فِغنَر الذي فاز بجائزة نوبل عام 1963 تقديرا لمساهماته في نظرية نواة الذرة والجسيمات الأولية. ويروي صديق لديراك أنه زاره، ولم يكن يعلم أنه قد تزوج. فقال ديراك متلعثما: أقدم لك شقيقة فغنر... وهي الآن زوجتي.

سُئل ديراك عن معتقده الأساسي فذهب الى اللوح وكتب: إن قوانين الطبيعة يجب أن يعّبر عنها بمعادلات جميلة".

بعد وفاته قرر معهد الفيزياء في بريطانيا تخصيص جائزة سنوية باسم ميدالية بول ديراك. وكان الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنغ أول الفائزين فيها عام 1987.

ويمنح مركز عبد السلام الدولي للفيزياء النظرية في تريستا/ايطاليا، ميدالية ديراك في الثامن من آب كل سنة، وهو تاريخ ميلاد ديراك . كما يقدم المركز الدولي للفيزياء النظرية جائزة ديراك تكريما لذكراه. وقد كرمت جامعة ولاية فلوريدا ذكراه ايضا بعدة مبادرات، منها تسمية مكتبة العلوم فيها باسمه حيث نصب على بابها تمثال له.

الثلاثاء، 17 أبريل 2012

مشروعات طموحة برسم التحقيق في القرن الحادي والعشرين

العرب اليوم، 17/4/2012


في 1/1/2001 أوردت مجلة "العلم والحياة" الفرنسية في عددها الممتاز رقم (1000)، أسماء (21) مشروعا تتوقع أن يسعى الباحثون لتحقيقها خلال قرننا الحالي. وكانت المجلة الثقافية الفصلية الصادرة عن الجامعة الأردنية قد أشارت لهذا الموضوع في عددها رقم 52 (12/2000 – 2/2001).
وها قد مضى من قرننا الجديد أحد عشر عاما ونيف. فماذا تحقق من هذه المشروعات؟ وأيها يتلقى اهتماما ودعما جديا بهدف تحقيقه خلال هذا القرن؟
لقد سعينا، باذلين بعض الجهد، لمعرفة ما تحقق من هذه المشروعات، أو إلى أين وصلت حاليا.

1) رصد بوزون هِغْز
تكثفت الجهود مؤخرا لكشف هذا الجسيم. وقد نشرت صفحتنا هذه مقالا للدكتور سائد دبابنة بتاريخ 15/1/2012 بعنوان " لمحات هغز" يعبّر عن تفاؤله بتحقيق ذلك خلال عام 2012 في المصادم الهادروني الكبير في سويسرا.

2) التنبؤ بطقس المحيطات:
أصبح مألوفا لدى من يستخدم الانترنت أن يرجع إلى موقع يعطيه توقعات الطقس بدقة كافية لأسبوع أو أكثر. لكن توقع الطقس فوق المحيطات يتضمن تعقيدات وصعوبات كبيرة.

3) صناعة نجم في أنبوب اختبار:
هذا هو هدف مشروع الميغاغول الليزري في مدينة بوردو الفرنسية، ويهدف الى تهيئة الظروف المتطرفة التي سبقت ولادة الكون.

4) ابتكار لغة رياضية موحدة، أي لغة عامة واحدة لمختلف تخصصات الرياضيات: الهندسة ، الجبر ، التحليل، ونظرية الأعداد. وفي القرن الماضي ساعدت الرياضيات المعاصرة ونظرية المجموعات والمنطق الرياضي على بدء صياغة هذه اللغة الموحدة.

5) اكتشاف الآثار دون حفر:
تستخدم وسائل التصوير الجوي والفضائي منذ سنوات لكشف الآثار الدفينة. وقد استخدمت مختلف أنواع الأشعة الكهرطيسية، ومنها الأشعة الرادارية وتحت الحمراء، وحققت نجاحات متفاوتة. ونتساءل هنا، ماذا عن تحديد مكامن النفط والغاز ومختلف الموارد الطبيعية دون حفر آبار تنقيب مكلفة؟

6) حفظ التنوع الحيوي:
باستخدام مختلف أنماط التكاثر مثل الاستنساخ والأجنّة المجمّدة والإخصاب خارج الجسم والأم البديلة، وذلك لحفظ الحيوانات المهددة بالانقراض أو حتى إعادة حيوانات منقرضة إلى الوجود.

7) صناعة الخلية الحية:
رصد مئة مليون دولار لهذا المشروع. وقد نشرت صفحتنا في عددها الخامس بتاريخ 30/12/2011 مقالا للسيدة بثينة معمّر بعنوان "تصنيع خلايا حية لأول مرة".

8) إنتاج خريطة للبروتينات:

بعد أن رسم العلماء الخريطة الجينية للانسان، الجينوم، انطلقوا في مهمة أضخم: تحليل البروتينات ورسم خريطة شاملة لها. وقد أمكن كشف تركيب آلاف البروتينات، لكن نسبة بسيطة منها تخص الجسم البشري.

9) زراعة الأعصاب – لتعويض التالف منها.

10) التغلب على الشيخوخة وأمراضها.

حلم البشرية الأزلي. الخلود أو على الأقل العيش لمدة أطول بصحة حيدة. لكن أمراض حضارتنا ما زالت مستعصية على العلاج. مثل تصلب الشرايين والسرطان والانسداد الرئوي المزمن بسبب التدخين.

11) البحث عن كواكب تشبه الأرض:
والبحث عن كائنات حية عاقلة في الكون. نشرت مجلة العربي العلمي في عددها الثالث، آذار/مارس 2012، مقالا بعنوان "كبلر يكتشف (11) مجموعة شمسية جديدة".

12) تغيير الصفات الوراثية للكائنات الحية:
تحققت انجازات كبيرة حتى الآن في هذا المجال، وانتجت محاصيل نباتية معدلة جينيا لتقاوم الآفات أو لتحمل صفات مرغوبة. لكن هذه المشاريع تواجه مقاومة كبيرة من المنظمات البيئية، التي تخشى ظهور كائنات خطيرة.

13) الرابوط الحي:
الهدف هو بناء إنسان آلي أقرب ما يكون للإنسان. ويبدو أننا نقترب من هذا الهدف يوما بعد يوم. إذ لا يكاد يمر أسبوع دون أن نقرأ عن رابوط جديد يقوم بمهام معقدة "وبشرية". ولعل اليابان هي الأكثر اهتماما بهذا المجال.

14) بطارية تستخلص طاقة الوقود الأحفوري كيماويا:

هذه البطارية لن تحل محل النفط والغاز، لكن الهدف هو أن تحصل منهما على الطاقة الكامنة بتفاعل كيميائي، دون حرق ودون تلويث للجو. إنه حلم أخضر جميل!.

15) حفظ معلومات الانترنت والمعلومات الرقمية عامة:

يسعى الجميع للتخلي عن الورق واعتماد الحاسوب والانترنت والوسائل الرقمية لتبادل المعلومات ونشرها وحفظها. لكن هل نضمن أن لا تتلف المعلومات الرقمية المخزنة وتزول بعد بضع سنوات؟

16) حفظ البيئة وإلغاء التلوث:
قضية الساعة وكل ساعة، لكن الجعجعة كثيرة والطحن قليل حتى الآن.


17) صنع طائرة تتسع لألف راكب:

بدأت شركة ايربص الفرنسية عام 1998 مشروعا لصناعة طائرة ايربص 380 التي تحمل الف راكب وبكلفة 13 مليار. وقد تلقت نحو 160 طلبا حتى الآن. لكن شركة بوينغ الأمريكية بدأت مشروعها المنافس بطائرتها رقم 797.

18) انتاج آلات منمنمة:

تحققت انجازات كبيرة في مجال المواد النانوية، وتم بالفعل انتاج محركات على مستوى الجزيئات.

19) شبكة مواصلات بين الكواكب:
رغم تراجع مشاريع وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، فإن أبحاث الفضاء لم تتوقف؛ ولعل هذا الهدف يتحقق خلال هذا القرن.

20) وقف دمار الغابات والريف:
ما زالت غابات العالم تعاني من التدمير والحرق لاستغلال اخشابها ولفلاحة أراضيها وللتعدين فيها. فمصالح الشركات الكبرى أقوى من أحلام البيئيين.

21) تنظيم حركة السير وتخفيض الحوادث:
اعتمادا على أنظمة مثل جبس GPS أي نظام تحديد الموقع بواسطة السواتل (الأقمار الصناعية). نجد حاليا سيارات تكسي دون سائق في بعض المدن الأوربية. كما أن نظام جبس أصبح يستخدم حاليا في مختلف دول العالم، في السيارات والطائرات والسفن.





ويخطر بأذهاننا أهداف ومشروعات أخرى يفترض بالبشرية السعي لتحقيقها، فهل نعيش لنرى بعضها يتحقق خلال هذا القرن؟

 تطوير تقنيات كفؤة ورخيصة لاستغلال الطاقة الشمسية والريحية.
 جعل مرض السرطان من ذكريات الماضي، كما هو حال الجدري مثلا.

الجمعة، 13 أبريل 2012

حَصادُ القَرْنِ العشرين-العلوم الأساسية والتكنولوجيا- مقدمة المحرر أ.د.هُمَام غصيب

من صفوة ثمار مطابعنا في العلم والتكنولوجيا:


المنجزاتِ العلميّة والإنسانية في القرن العشرين
المجلد الثالث

التحرير والمراجعة والإشراف: أ. د. هُمام غصيب
مقدّمة المحرّر

وأخيراً يصدرُ هذا المجلّد الذي انتظرناه طويلا. وهوالثالث والأخير في هذا العمل الموسوعيّ التنويريّ. ويسلّط الضوء على أهم منجزات القرن العشرين في العلوم والتكنولوجيا. وكان المجلّدان: الأوّل ( العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة: تحرير: أ. د. فَهمي جَدعان)؛ والثّاني (الأدب والنّقد والفنون: تحرير: أ.د. محمد شاهين) قد صدرا عامي 2007 و 2008 على التّوالي.

والمشروع مدين – في المقام الأول – لثلاثة أقطاب ذوي رؤية نافذة وعزيمة ماضية: الأستاذ الدكتور فهمي جدعان، صاحب الفكرة، والمشرف العام على المشروع؛ ومعالي الأستاذ ابراهيم عزّ الدين، الذي تبنى الفكرة من دون أدنى تردد أو تحفظ، باسم مؤسسة عبد الحميد شومان، وكان مديرَها العام آنذاك، وأقبل على تنفيذها بكل همّة؛ ومعالي الأستاذ ثابت الطاهر، المدير العام للمؤسّسة منذ عام 2003، الذي أحيا المشروع بعد بيات وسبات، ورعاه بحماسةٍ ومحبة حتى رأى النور.

وقد أعفاني الأخ والصديق الأستاذ الدكتور فهمي، في مقدمته الضافية، من مؤونة الحديث عن فلسفة المشروع، وأهدافه، وتاريخه، والتحديات التي واجهته. وتكرم فأشار إلى بعض ما قلته غير مرّة عن هذا المشروع الجليل؛ وعلى وجه التحديد، حين أُشهر في مؤتمر صحافي قبل ستّ سنوات. والحق أنها كانت سنواتٍ خصبةً مثيرة تلك التي نسقنا فيها العمل وهندسناه وتابعناه – معالي الأستاذ ابراهيم عز الدين، ومعالي الأستاذ ثابت الطاهر، والأستاذ الدكتور فهمي جدعان، والأستاذ الدكتور محمد شاهين، وكاتبُ هذه السطور – حتى شبّ عن الطوق وتجسّد في هذه المجلّدات الثّلاثة الأنيقة.

أما دوري في هذا المجلّد، فكان على النحو الآتي:

- اخترتُ الموضوعاتِ والكُتّابَ بعناية فائقة. بدأنا بستّةِ موضوعات. لكن، بعد تقليب النّظر واستشارة عددٍ من الزملاء، انتهينا إلى ثلاثةَ عشرَ موضوعا. وكان لا بد من عمليّة إنقاذٍ لعدد من الموضوعات، بعد اعتذار بعض الكُتّاب المكلَّفين، وتلكّؤ بعضهم الآخر، وعدم إتقان العمل أحيانا. وأخصّ بالذكر هنا ( العلوم الطبيّة) و(التكنولوجيا). ويلاحظ القارىء أن فصلَيْ (التكنولوجيا) و(تكنولوجيا النانو) كُتبا باللغة الإنجليزيّة؛ ثم تُرجما إلى العربيّة.

- حرّرْتُ المادة أولا بأول، لدى تسلّمها. واقتضى ذلك مني ليس فقط التصويبَ اللغويّ، والعناية بالترقيم والمصطلحاتِ العلميّة، وما إلى ذلك؛ وإنما أيضا إعادة الصياغة في كثير من المواضع، سعيا وراءَ الوضوحِ والسلاسة والطلاوة. وفي المراحل المبكّرة من المشروع، استعنتُ بمهارات الأَخَوَين الأستاذ حيدر جميل مدانات والمهندس حسام جميل مدانات، قبل أن يأتي دوري. أما في المراحل المتأخّرة، فقد استعنت بالمهندس حيدر عبد المجيد المومني، الذي نظر ببراعة في بضعةِ فصول. كما أعاد صياغة الترجمة التي وردتني من الأستاذ الدكتور وهيب الناصر لفصلي (التكنولوجيا) و(تكنولوجيا النانو). فالشّكر – كلّ الشّكر – لهؤلاء الزملاء الأربعة على جهودهم الخيرة، التي وفّرت عليّ الكثيرَ من العَنْتِ والمعاناة في هذا المشروع الضخم. وكان عليّ أن أقرأ المخطوط – بعد كل هذا – أكثرَ من مرة، وأن أُعمل قلمي الأحمرَ في عمليّة تحريريّة مُضنية لتوحيد المصطلحات – ما أمكن – وتوحيد اللغة العلميّة ورفع مستوى الكتابة العلميّة؛ على أمل أن يكون النِّتاجُ النهائيُّ قدوةً تُحتذى في هذا المجال.

- كذلك، راجعت المخطوط مراجعة دقيقة؛ من حيث المحتوى (في الموضوعاتِ التي أعرف عنها شيئا!)، والكلماتُ والأسماءُ الأجنبيّة، والمعلومات والحقائق الواردة. وهذا اقتضى الرجوع – على مدى عشراتِ الساعات – إلى مواقع إلكترونيّة عِدّة.

- أشرفتُ على عمليّة الإنتاج بقدر الإمكان؛ كذلك، على الاتّصالات مع الكُتّاب وسائر المساهمين في هذا المجلد. فالهاجس كان – منذ البداية – "صناعة الكِتاب"؛ وليس فقط وضع مادّته.

- أدرتُ الموائدَ المستديرة الثماني والمحاضرتين العلميّتين {عن (المعلوماتية) و(التكنولوجيا)}، التي عُقدت في مؤسسة شومان، لمناقشة موضوعاتنا، كلٍّ على حدة، مع المختصّين والمهتمّين. وكانت هذه مناسباتٍ لا تُنسى؛ من حيثُ الأداءُ الرفيع للكُتّاب المحاضرين، وتجاوبُ الحضور، والإثارةُ العلميّة التي أنعشتْنا وأنارتنا.

لا أريد أن أُجْمِلَ مادّةَ المجلّد؛ فأظلمَ الكتّابَ وموضوعاتِهم. فها هي الثورات العلمية التي زلزلت المعمورة في القرن الماضي ومهّدتْ لقرننا الحالي؛ ها هي تتبدّى بكل رونقها وبهائها؛ سطراً بعد سطر، وصفحة بعد صفحة، وفصلا بعد فصل.


لقد عايشتُ هذا المشروع التنويريّ وعايَشَني سنواتٍ طوالا؛ حتى أصبح جزءا من كياني. وانطلقتُ من المادة المتميّزة التي قدّمها الكُتّاب الأفاضلُ كي نخلصَ إلى مجلّدٍ رفيعِ المستوى، يمكن أن يشكّلَ مرجعا في مجاله للقارىء العام، والطالب الطموح؛ وحتى لأهل الاختصاص. وآملُ أن يصبحَ هذا العملُ نموذجاً يقتدى به في الكتابة العلميّة العربيّة، وفي التحريرِ العلميّ المتقَن.

وما كان هذا العمل ليُنجَزَ لولا تضافرُ جهودٍ وكفاءاتٍ متعدّدة، فالشّكر الفائق أولا للكُتّاب الذين قدّموا مادّة يُعتزّ بها. والشّكر موصولٌ أيضا لمؤسّستنا الرائدة، مؤسسة عبد الحميد شومان؛ ممثلةً بمعالي الأستاذ ابراهيم عز الدين، الذي رعى المشروع وهو بعْد نبتةً غضة، ومعالي الأستاذ ثابت الطّاهر، الذي دفع به في السّنين الأخيرة الصّعبة حتى أينع وأثمر. ولا أنسى طاقم المؤسّسة؛ وأخصُّ بالذكرِ الأستاذ عبد الرّحمن المصري، الذي تابع ونسّق باقتدار، ومعه الفاضلة ناديا عثمان. كذلك، أشكر من ساهم في التحرير: المهندس حيدر عبد المجيد المومني، والأستاذ حيدر جميل مدانات، والمهندس حسام جميل مدانات؛ وفي الترجمة: الأستاذ الدكتور وهيب الناصر، والمهندس حيدر المومني. وأُنوّه بجهود الأستاذ الدكتور ابراهيم الناظر في متابعة الفصول الثلاثة المتعلقة ب (التكنولوجيا الحيوية) وتنسيقها. وأخيرا، وليس آخرا، أزجي كلمة شكر خاصة للشابّات في دار أزمنة للنشر والتوزيع، اللواتي تجاوبن معي في أدقّ التفصيلات، ولم يشعرن بأي مللٍ أو كلل من تصويبِ الأخطاء، المرّة تلو المرّة.

بقي أن أتمنّى للقارىء العربيّ العزيز ساعاتٍ طوالاً من المطالعة المنيرة المثيرة المفيدة، وهو يمخرُ عبابَ (المحيط) الذي بين يديه؛ انطلاقا نحو آفاق علميّة أبعدَ وأعرض وأعمق، بعونِ الله وتوفيقه.

هُمَام غَصيب
قسم الفيزياء/كُليّة العلوم
الجامعة الأردنيّة
عَمّان في 27/7/2011

نعتذر لقراء "العرب اليوم" الأعزّاء، ونعتذر للأستاذ الدكتور هُمام غَصيب، عن عدم مقروئية النص الذي حملته صورة الغلاف الخلفي للمجلّد الثالث من حصاد القرن، الذي قدّمناه في صفحتنا هذه يوم الجمعة 6 نيسان. نورد اليوم النصّ الكامل لمقدّمة المحرّر لهذا العمل العلميّ الموسوعيّ. وسيكون لنا بالتأكيد عودٌ لعرض بعض ما احتواه هذا المجلّد من كنوز العلم والتكنولوجيا.
1

الفُلِرين: أقدم أشكال الكربون في الكون، وأحدث ما عرفه الإنسان منها!

في عام 1996 مُنحت جائزة نوبل في الكيمياء لثلاثة باحثين: كروتو، كيرل، وسمولي من جامعة رايس الأمريكية تقديرا لاكتشافهم شكلا "جديدا" من الكربون أطلقوا عليه اسم الفُلرين Fullerene . فما قصة هذه المادة، وما واقعها وما مستقبلها؟

النظرية أولا

نعلم أن الكربون أو الفحم هو أساس جميع المركبات العضوية، ومنها النفط والفحم الحجري أو النباتي وهو عماد تركيب أجسام الكائنات الحية. ونراه في حالته شبه النقية في السناج أو السخام الذي يتخلف عن الاحتراق الناقص للوقود. وقد يتبلور الكربون، فيظهر على شكل غرافيت (مادة الكتابة في قلم الرصاص) أو الماس.

في عام 1970 نشر الياباني أريجي أساوا بحثا في دورية علمية يابانية توقع فيه وجود شكل متبلور من الكربون، يحتوي على 60 ذرة. وفي عام 1973 حلل علماء سوفيات اتزان جزيء الكربون الستيني المفترض، والذي لم يشاهده أحد حتى ذلك الحين.

في عام 1985 أجرى علماؤنا الثلاثة الذين ذكرناهم في بداية المقال، تجربة على الكربون؛ لقد سخنوه الى درجة 8000 س بمعزل عن الهواء. فلاحظوا شكلا غريبا: بلورات تتكون من 60 ذرة، وتشبه كرة القدم، فسطحها مكون من أشكال خماسية وسداسية محاكة ومرتبطة معا.

أطلق الباحثون على هذا الجزيء اسم الفلرين، تكريما لبكمنستر فُلر، الذي صمم شكلا مشابها للفلرين، وهو القبة الجيوديزية، عام 1954. ويطلق على هذه الكرات الكربونية أيضا اسم كرات بكي Bucky bulls من الاسم الأول لذلك العالم.






المفاجآت تتوالى:

أثار الفلرين، وما زال يثير، اهتماما علميا غير مسبوق. وأدت البحوث المكثفة الى الحصول على كرات فلرين مكونة من عدد أكبر من الذرات: 70 ، 72 ، 76، 84، 100،.. بل وحتى كرات أصغر مكونة من 20 ذرة.

ويمكن الحصول عليه بإمرار تيار قوي بين قطبين من الغرافيت وفي وسط خامل كالهيليوم، فتنتج بلازما الكربون، وفيها بعض الكريات.

وفي عام 1991 اكتشف الياباني إجيما بلورات كربونية مختلفة. إنها أنبوبية وليست كروية. وهي تمثل عالما مثيرا وواعدا بحد ذاتها. وقد لا يتعدى قطرها 1,4 نانو متر، وبطول قد يصل مليون ضعف القطر. ثم أمكن صنع أنابيب وكرات ذات عدة طبقات من الجدران، كما في الغلافات المتتالية للبصلة. تتميز هذه الأنابيب بصلادة الألماس، وهي مرنة وتفوق النحاس في قدرتها على توصيل الكهرباء والحرارة. هذه الميزات وغيرها الكثير تجعل من الفلرينات موضوعا ساخنا في مختلف الجامعات والمراكز البحثية في العالم، وتفتح المجال لتطبيقات بلا حدود في كافة المجالات. وقد أمكن صنع كرات مشابهة للفلرين من عناصر أخرى مثل البورون، والسلكون، حول أيونات معدنية.

نشير أخيرا الى أن بعض الفلكيين يعتقدون أن كرات الكربون هي أقدم اشكال الكربون في الكون، وأن الكرات الكربونية التي وصلت الأرض من الفضاء هي أساس الحياة على الأرض قبل ملايين السنين.

المادة المظلمة

أ‌.د. محمد باسل الطائي/ العرب اليوم
يعود اقتراح وجود مادة مظلمة غير مرئيّة تتخلل المجرات إلى الثلاثينيّات من القرن الماضي، حين بيّنت الأرصاد أن سرعة دوران المجرّات اللولبية حول نفسها غير قابلة للتفسير وفق قوانين دوران القرص الصلب؛ كما إنها ليست قابلة للتفسير وفق قوانين الجاذبيّة المعروفة (الدوران الكوكبي). ذلك لأن سرعة دوران قلب المجرة تتناسب طردياً مع بعدها عن المركز وهذا موافق لدوران القرص. إلا أن سرعة دوران الأطراف تكاد تكون ثابتة وغير معتمدة على البعد، وهذا أمر غريب. وكذلك كان الأمر بما يخص حركة المجرّات داخل العناقيد المجرّية، حيث وجد زفيكي Zwicky عام 1934 أن سرعة المجرات تحتّم وجود كتلة غير مرئية داخل العناقيد. لذلك اقترح وجود مادة مظلمة تتخلل العناقيد المجرية. وقد تعزز اقتراح وجود مادة مظلمة في الكون بعد الكشف عن الخلفية الكونية المايكروية (موجات الميكروويف)، التي بيّن تحليلها أن معدل كثافة المادة في الكون يساوي بالتقريب الكثافة الحرجة التي تجعله يستمر في التوسع إلى ما لانهاية له؛ على حين أن الأرصاد الفلكية تشير إلى أن كمية المادة المرئية لا تغطي أكثر من 4% من الكثافة الحرجة. وهذا يعني أن هنالك قدراً كبيراً من المادة المظلمة في الكون.
طرح الفلكيون والكونياتيون (علماء الكونيات أوالكوزمُلوجيون) مقترحات عديدة لتفسير ماهية المادة المظلمة؛ كان أولها القول بوجود كمية كبيرة من النجوم المجهضة التي تسمى الأقزام البنية Brown Dwarfs ونجوم أخرى قضت حيواتها وتحولت إلى أقزام بيضاء وثقوب سود. لكن الأرصاد الفلكية لم تكشف إلا عن قليل منها. وكان الاقتراح الثاني أن المادة المظلمة هي جسيمات أولية ثقيلة ذوات قدرة تفاعلية ضعيفة جداً WIMPS، إلا أن هذه الجسيمات لم تكتشف بعد على الرغم من أن البعض يأمل في العثور عليها في تجارب المصادم الهادروني الكبير الجارية حالياً في سيرن. أما التفسير الآخر فهو الذي اقتُرح في معهد وايزمن والذي ينفي وجود مادة مظلمة في المجرات والعناقيد المجرية، بل يقترح أن قانون نيوتن الثاني الذي نعرفه يحتاج إلى تحوير عندما تكون الحركة بتسارع صغير جداً. وعلى الرغم من تفسيره لدوران المجرات، فإن هذا المقترح لا يفسر حصول ظاهرة التعدس الجاذبيGravitational Lensing التي أثبتتها الأرصاد. وبموجب هذه الظاهرة تنحرف مسارات الضوء المار قرب كتلة كبيرة بزاوية تتناسب طرديا مع الكتلة. وقد تم رصد هذه الانحرافات لمجرات كثيرة وظهر أن كتلها أكبر كثيراً من الكتل المرئية، مما يوحي بوجود مادة مظلمة في جنباتها.
هنالك حاجة لافتراض وجود المادة المظلمة من أجل تفسير كيفية نشوء المجرات وتطوّرها دون شك، ويقدر الكونيّاتيون أنها تصل إلى حوالي 22% من الكتلة الإجماليّة للكون، إلا أن عدم تشخيص ماهيّتها، وجهلنا بخواصّها على وجه الدقة، يجعلها من أكبر المعضلات القائمة في علم الكونيات (الكوزمُلوجيا) الحديثة.

الأحد، 8 أبريل 2012

بلديّات بيئية: مبادرات تُغيّر المدن

حسام جميل مدانات

هل يمكن أن تقوم البلديات بمهامّ أكثر من جمع القمامة وفرض الرسوم والضرائب وجبايتها؟ لا شك أن الإجابة هي بالإيجاب. وهذا ما يجري في فرنسا منذ ست سنوات، حيث تقام مسابقة بين البلديات لاختيار أفضل 20 مبادرة تهدف إلى تحسين حياة سكانها والتسهيل عليهم.

تقيّم المبادرات حسب مدى تحقيقها للتنمية المستدامة والتجديد والابتكار، وتعطى الجوائز مكافأة لنقاط أربع: الحاكمية، أي أسلوب إدارة المجتمع المحلي؛ والترابط الاجتماعي، أي مدى إدماج وتكامل مختلف الفئات مثل الأطفال والمعوقين والمسنين والوافدين والفقراء؛ والتنمية الاقتصادية والعمرانية والمواصلات ؛ وأخيرا البيئة، وتشمل إدارة الماء والطاقة والمساحات الخضراء والتنوع الحيوي.

وقد نشرت المجلة الفرنسية "هذا يهمّني" في عددها 369 نتائج هذه المسابقة لعام 2011. ونستعرض فيما يأتي إنجازات بعض المدن الفائزة، لعلّ وعسى بلدياتنا تقتدي بها وتقوم بمبادرات مشابهة.

- الخضار من حديقة البلدية، مْوان – سَرتو Mouans-Sartoux

قررت البلدية أن تنتج المدينة حاجات مطاعم المدارس (تقدم وجبات مجانية لكافة الطلبة) من الخضار والفواكه العضوية، أي غير المعالجة بالمبيدات والأسمدة الكيماوية، وبما يكفي اثني عشر الف طالب. يذكر أن عدد المزارعين في هذه الدائرة (المحافظة) قد تراجع كثيرا ولم يعد انتاجهم يكفي المطاعم المحلية. استغلت البلدية أرضا مساحتها 40 دونما، وتقع قرب مركز المدينة. المهم في الأمر أن طلاب المدارس يقطفون بأنفسهم الخضار التي سيتناولونها في وجبة الغداء في المدرسة. وقد وظّفت البلدية مزارعا لزراعة الأرض، مع الاستعانة بالطلاب من وقت لآخر. يغطّي الانتاج حاليا ثمانين بالمئة من حاجة طلاب المدارس من الخضار. أما الفواكه فيجب الانتظار بضع سنوات.
وهذا يثير في النفس ذكريات الحديقة المدرسية، التي كانت تدرّب طلبتنا على فنون الزراعة.
- الترام – القطار يوفر الوقت والجهد، مُلوز Mulhouse



رغم أن هذه الوسيلة المبتكرة من النقل قد طبقت في المانيا منذ بضع سنوات، فهذه هي المدينة الأولى التي تطبقها في فرنسا. وتقوم فكرتها على استخدام وسيلة نقل واحدة تقوم بدور القطار والترام أو الترامواي الذي يسير في شوارع المدينة.

وهذا الانجاز ليس سهلا من الناحية التقنية. فالقطار يتطلب تيارا مترددا بجهد قدره خمسة وعشرون الف فولت. بينما يسير الترام بتيار مباشر جهده 750 فولتا. هذا عدا عن اختلاف السكة التي يسير عليها كل منهما.

على أية حال، فقد أمكن التغلب على هذه الصعوبات ولم يعد المواطنون بحاجة الى الانتقال من القطار الى الترام أو الباص، فالقطار الترام نفسه ينقلهم من الضواحي الى المدينة ثم يتجول بهم في شوارعها حتى يصل بهم الى مركزها.

وهكذا استغنى 8000 شخص عن سياراتهم، ووفر هذا عليهم 70% من كلفة المواصلات، واختصر من الزمن الضائع في التنقل 10 - 20 دقيقة. وبالطبع خفّ الازدحام وأزمة السير في شوارع المدينة. يجدر بالذكر أن هذا المشروع قد كلف 150 مليون يورو.

- طولوز: عملة ورقية محلية!

أصدرت البلدية أوراقا نقدية تصلح للشراء والدفع داخل المدينة فقط، ولأغراض بيئية. فالمواطن يمكنه أن يشتري بها مثلا تذكرة للباص، لكن ليس البنزين لسيارته الخاصة. كما أنها مخصصة لشراء المنتجات العضوية والمنتجة محليا، مما يشجع هذه المنتجات ويسوّقها بشكل أفضل بين المواطنين.



- صالون دو بْروفَنس : الأطفال يفرزون نفايات مطعم المدرسة.

بعد فترة تجربة خلال 2010، طبقت عدة مدارس تجربة تربوية وبيئية جيدة، وهي جعل الطلبة يفرزون بقايا وجباتهم في مطعم المدرسة، بحيث يضعون المواد العضوية في حاويات خاصة. وبالمثل للمحارم الورقية والعلب البلاستيكية. ثم يرتّبون الصحون والأكواب الزجاجية في مواضعها. والخطوة التالية هي استغلال المخلفات العضوية في ركن من ساحة المدرسة لانتاج الغاز الحيوي والسماد.

ومن المبادرات الأخرى، باختصار نجد:

- توزيع أدوات توفير استهلاك الماء والطاقة على المنازل، في شالون سير ساون.
- تقليل النفايات، ومن ذلك العودة لاستخدام فوط قماشية قابلة للغسل في حضانات الأطفال، في أنجيه.
- سيارات كهربائية دون سائق في لاروشِل.
- تدفئة مئة منزل من طاقة المجاري، في نانتير.

Ca M’interesse No. 2011 No. 369
P 40-44

طاقة المحيط الحرارية: ماض مظلم ومستقبل مجهول

حسام جميل مدانات

في عام 1981 أسست إدارة المحيط والمناخ الوطنية الأمريكية NOAA مكتب ترخيص تحويل طاقة المحيط الحرارية OTEC. وفي عام 1994 أغلق المكتب أبوابه دون أن يمنح أية رخصة لاستغلال هذه الطاقة خلال السنوات الثلاث عشرة من عمره. ورغم ذلك الفشل الذريع للمكتب وللفكرة التي اعتمد عليها تأسيسه، إلا أن الحديث أخذ يدور ثانية حول استغلال هذا النوع من الطاقة.

سعر النفط هو الحكم

ما الذي حصل بالضبط خلال الفترة الأولى من عمر المكتب، ولماذا فشل؟ وما الذي يبرر الحديث عن هذه الطاقة الآن؟ الواقع أن ارتفاع اسعار النفط بعد الصدمة البترولية الأولى عام 1973 وما تلاها من صعود متكرر لسعر النفط، قد دفع الجميع حينئذ للبحث عن مصادر بديلة للطاقة. وبمجرد هبوط أسعار النفط في أواسط الثمانينيات، زال ذلك الدافع. ولعل هذا السيناريو يفسّر تردد شركات النفط العالمية في رفع اسعارها رفعا مفرطا ومبالغا به. لأن الجميع عندئذ سيسعى لتطوير مصادر طاقة أخرى بديلة، فينعكس الوضع وينخفض استهلاك النفط عالميا، وتتبخر أرباحهم المتوقعة من رفع الأسعار. أي أن اسعار النفط العالية ليست في صالح الشركات المنتجة له على المدى البعيد. وبالطبع، فإن الأمور ليست بهذه البساطة، فشركات النفط نفسها تتبنى منذ سنوات أبحاثا هادفة لتطوير مصادر الطاقة البديلة، وكأنما هو نوع من ركوب الموجة: إذا لم تستطع أن تحاربهم، انضم اليهم. ولعل هذا يشبه ما فعلته الشركات العالمية المنتجة للمشروبات الغازية عندما لاحظت ازدياد الإقبال على شرب الماء، فأصبحت من المنتجين الرئيسيين في العالم لقناني ماء الشرب.

كيف تحول حرارة المحيط الى كهرباء؟

تعتمد هذه التقنية على فرق درجة الحرارة بين سطح المحيط ومياهه العميقة. يوضع سائل ذو درجة غليان منخفضة، مثل الأمونيا، في شبكة أنابيب. ويتبخر هذا السائل على درجة دافئة نسبيا، مثلا 25س أو أكثر، وهي درجة حرارة المياه السطحية في المناطق الاستوائية، فيشكل بخاره ضغطا كافيا لإدارة طوربينات توليد الكهرباء. ثم يرسل الغاز الى أنابيب أخرى يحيط بها ماء بارد يُضخّ من عمق كيلو متر واحد في البحر، وحيث يكون على درجة 5 س. فتسبب البرودة تكاثف بخار الأمونيا وتحوله الى سائل. ثم تكرر العملية ثانية.

من الناحية النظرية إذن، يمكن توليد الكهرباء في اي مكان في المحيط بشرط أن تكون درجة حرارة المياه السطحية 25 س أو أعلى، وبحيث يكون عمق الماء في موقع المحطة أكبر من 1 كم. ونظرا لتواجد عدة قواعد عسكرية للولايات المتحدة في مناطق استوائية، في المحيطين الهندي والهادي، فإن العثور على موقع ملائم للمحطة لا يتضمن أية صعوبة. وتقام حاليا محطة من هذا النوع بقدرة 10 ميغا واط في جزر هاواي، بمشاركة شركة لُكهيد. ويتوقع أن يبدأ انتاجها عام 2015. وإذا ثبت نجاح التجربة، ستُنشأ محطة أكبر بقدرة 100 ميغا واط، لتبدأ الانتاج عام 2020 . لكن محطة بهذه القدرة الضخمة تتطلب استخدام انابيب قطرها عشرة أمتار وطولها كيلو متر واحد لتصل طبقات المياه العميقة، لتجلب ما يكفي من المياه الباردة لتبريد البخار وتكثيفه. وتقدر تكاليف مثل هذه المحطة بمليار دولار.
The Economist 7/1/2012

الخميس، 5 أبريل 2012

ملابسنا تولّد الكهرباء

فاروق أبو طعيمة/ العرب اليوم
ما زال العلماء، في مختلف المراكز البحثية، وفي مختلف البلدان، يسعون دون كلل أو ملل للحصول على طاقة نظيفة. إن حلول الطاقة المتجددة، خاصة الشمسية منها، محل النفط والفحم والغاز، أمر لا بد منه للحفاظ على الأرض ومن عليها من البشر الذين تتهددهم مصادر التلوث في غذائهم وشرابهم وهوائهم. ومن المعروف أنّ الإنسان منذ القدم يرتدي الملابس، بمختلف أنواعها وأشكالها، من أجل حماية نفسه من الحرّ ومن برد الشتاء. لكنّ العلماء قفزوا بتفكير الإنسان المعاصر إلى ما هو أبعد من دور الثياب التقليدي. وهذا ما يقوم به علماء مركز أبحاث النانو والمواد الذكية في البرتغال، وفي إطار مشروع ديفوتيكس الأوروبي. إنهم يطورون بعض أنواع الأقمشة لاستثمار الطاقة الشمسية الساقطة على المعاطف والسراويل، بحيث يتمكن مرتديها من تحميل الهاتف الجوال أو الآي فون. وداخل المنزل توفر الستائر الطاقة للمبات، والأجهزة الكهربائية المنزلية. (1)
ويؤكد خبراء ألمان إمكانية تطوير خلايا كهرشمسية ذات مرونة عالية ضمن طبقات رقيقة من الملابس لتوليد طاقة يستخدمها الإنسان المعاصر في أغراضه اليومية. فقد أشار كرستوف برابتش، من جامعة ايرلنجن نورنبرغ إلى أنّ هذه الخلايا العضوية يمكن أن تنتشر خلال 15 عاما. إنها خلايا كهرشمسية قادرة على امتصاص الضوء وتحويله إلى تيار كهربائي. وهي مصنوعة من أشباه موصلات عضوية. وهي تتميز بذلك على الخلايا الشمسية الزجاجية التقليدية، التي يصعب التحرك بها في كل مكان دون تعرضها للتلف، في حين أن الخلايا العضوية يمكن ثنيها ولفها وطيها. وهكذا فإن الطبقة الرقيقة التي تحتوي على الخلايا الكهرشمسية يمكنها أن توفر تيارا كهربائيا يشحن الهاتف أو الحاسوب المحمول، وقد بدأت عدة شركات فعلا في تطوير هذه التقنية.(2 )
إن معظم الأجهزة المنزلية أو المحمولة تعمل على التيار الكهربائي، وهو بالضبط ما تنتجه الطاقة الشمسية. وإذا أمكن تصنيع خلايا كهرشمسية بكلفة معقولة، مع تكييف الأجهزة المنزلية، مثل التلفاز، ومشغلات دي في دي، والساعات المنبهة، وشاحنات الهواتف النقالة، للحصول على الطاقة من الألواح الشمسية، فإن توفير الطاقة يمكن أن يكون كبيرا جدا. ومع تطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية لتصبح أكثر كفاءة، تتزايد إمكانية تطوير أنواع جديدة من الحلول الإبداعية للطاقة الشمسية، بما في ذلك توليد الطاقة من الملابس.
1- Copyright © 2012 euro news
2- Smaller text larger text
http://www.zaitona.net/news
http://www.jo.com/vb/showthread.php
3- http://awal-ghramy.com/vb/showthread.php?

واحد زائد واحد يساوي واحد

أين الخطأ في ما يأتي؟

سنثبت لك أن 1 + 1 = 1

إفرض أن س = ص = 1
إذا ص² = س ص فكلاهما يساوي 1

لا مشكلة حتى الآن!

والآن اطرح كلا منهما من س²
س² - ص² = س² - س ص

ثم حسب قوانين التحليل إلى العوامل. يحلل الطرف الأيمن كفرق بين مربعين، والطرف الأيسر بإخراج عامل مشترك:

(س + ص ) (س – ص ) = س ( س – ص)
والآن اقسم كلا من الطرفين على (س – ص ) ، فينتج:
س + ص = س

أي أن 1 + 1 = 1 وهو المطلوب

ويروى عن برتراند رسل أنه قال: إذا صح أن 1+1 = 1، فإن بإمكاني أن أثبت صحّة أي شيء انطلاقا من أي شيء.

العلم أو الاندثار: تجربة في مختبر ساهمت في خسارتنا وطنا

هل يمكن أن تتفوق أبحاث عالم في مختبره على مناورات السياسيين واستراتيجيات العسكريين، وتضحيات ملايين الجنود؟ كل منا يعرف الإجابة في قرارة نفسه. لكنا نترك الإجابة لك عزيزي القارىء بعد أن تقرأ الفقرة الآتية التي اخترناها لك موضوع "الخمائر"، الصفحة 342 ، من كتاب " في سبيل موسوعة علمية " للدكتور أحمد زكي.
لا شك أن نجاح الصهاينة في مسعاهم قد تحقق بفضل تضافر جهودهم جميعا، لكن يبدو أن لما يرويه د. أحمد زكي جانبا من الحقيقة، ويدعم وجهة النظر هذه تقدير الصهاينة لويزمان باختياره أول رئيس دولة لإسرائيل.
لاحظ أيضا أن معهد ويزمان الإسرائيلي ينتج من البحوث العلمية الأصيلة أكثر مما تنتجه جامعات ومعاهد الوطن العربي مجتمعة.

التخمير ونكبة فلسطين

وكان ويزمان Chaim Weizmann الذي صار بعد ذلك أول رئيس لدولة اسرائيل، قبل الحرب العالمية محاضرا في الكيمياء العضوية بانجلترا. وبدأ عمله بجامعة منشستر Manchester. وكان له بحوث في الكيمياء أغدقت عليه مالا. وعمل أثناء الحرب العالمية الأولى في مختبرات البحرية البريطانية، ودرس طريقة انتاج الجلسرين من السكر بالتخمير، فيسّر للحكومة البريطانية في أمر المفرقعات مثل ما كان تيسر للألمان.
واشترط على الحكومة البريطانية، وكان رئيسها إذ ذلك لويد جورج، أن يكون ثمن ذلك وعد بلفور Balfour بالوطن اليهودي بفلسطين.
فوعْد بلفور اشتراه ويزمان العالم الكيماوي الصهيوني الناجح بعملية في صناعة تخمير.
وهذا ما عرفته من أفواه اصحاب له عرفوه وصحبوه في جامعة منشستر، حيث كنت أتابع بحوثي الكيماوية في العشرينيات من هذا القرن.
د. أحمد زكي

من طرائف العلم والعلماء

- يوجد لكل مسألة حل سهل وذكي وأنيق.. وخاطىء.

- الطفل لأبيه: ماذا كان يفعل الناس قبل أن يكتشف نيوتن قانون الجاذبية؟

- قال رياضي: لو أن نبي الله موسى تلقى إحدى عشرة وصية، وليس عشر وصايا فقط، فقد تكون الوصية الحادية عشرة: لا تقسم على الصفر!

- التخصص في عصرنا يعني أن تعرف أكثر وأكثر عن مجال أضيق فأضيق. حتى ينتهي بك الأمر إلى أن تعرف كل شيء عن .. لا شيء.

- نظرية الاحتمالات غريبة وتبدو غير منطقية، ويفهمها بعض الناس كما يريدون. خذ مثلا هذا الحوار:

المريض: كيف تريدني أن أخضع لهذه العملية مع أن نسبة نجاحها 1 من 10.
الطبيب: لا تخف. فالنجاح في حالتك أنت مؤكد. لقد أجريت تسع عمليات مشابهة وفشلت جميعها. والآن انت الواحد من عشرة.

- عبارة طريفة وردت في تحليل اقتصادي عربي: إن نسبة البطالة بين الرجال تساوي 10%، وبين النساء 20%. أي أن نسبة البطالة الإجمالية 30%!

- قال غاوس: الرياضيات ملكة العلوم، ونظرية الأعداد ملكة الرياضيات. ويعني بذلك أن نظرية الأعداد علم مجرد، لا يبالي العاملون فيها بأن تفيد نظرياتهم أو تخدم أحدا.

- يُعتبر الرياضي المجري بول إردوس Erdos (1913-1996) أغزر الرياضيين انتاجا. وقد لاحظ في أواخر أيامه أن محاضراته تحظى بحضور متزايد، بحيث اصبح صوته الضعيف يعجز عن اسماع الجالسين في الصفوف الخلفية ، وقد فسّر هذا الإقبال على محاضراته بأن الجميع يريدون أن يتفاخروا بالقول: لقد حضرت آخر محاضرة لإردوس.

- في أحد المؤتمرات تحدث اردوس مع رياضي آخر، وعلم أنه من فانكوفر/كندا فسأله: لا شك أنك تعرف صديقي العزيز اليوت مندلسن. فجاءه الرد: أنا صديقك العزيز اليوت مندلسن.

- كان اردوس طفلا مغرما بالرياضيات. وصحا مرة فزعا على صوت الرعد. فهبت والدته لتهدئته قائلة. لا تخشَ شيئا يا حبيبي. يوجد دائما رقم أولي بين (ن ) و (2 ن): فاطمأن اردوس الصغير وغط في نوم عميق.

- يحكى أن خادم نيوتن دخل عليه ذات مساء فإذا به جالس بجانب الموقد محدقا ببيضة يمسكها بيده. وعندما نظر الخادم الى الوعاء على النار، رآى الماء يغلي وداخله ساعة نيوتن.

- لاحظ الفيزيائي النيوزلندي إرنست رذرفورد (1871 – 1937) طالبا يعمل بجد واجتهاد في مختبره فسأله في إحدى الأمسيات:

- هل تعمل في الصباح أيضا؟
- نعم سيدي. أجاب الطالب بفخر، متوقعا أن يثني عليه العالم.
- لكن متى تفكر؟ تساءل رذرفورد.