Powered By Blogger

الأربعاء، 15 فبراير 2012

علم الجينات يدحض تميّز الأجناس

حسام جميل مدانات

نادى هتلر بتفوق الجنس الآري وفي قمته العرق الجرماني، واعتمد على هذه المقولة في سعيه للسيطرة على الشعوب الأخرى . فهل من أساس علمي لادعائه هذا ؟ وهل توجد فروق ( جينية ) حقيقية كبيرة بين أجناس الجنس البشري عدا اختلاف لون البشرة ( وهذا ناتج عن ظروف المناخ ) وما يرتبط بذلك ( أو لا يرتبط ) من لون الشعر والعينين وشكل الأنف وطول القامة ... الخ؟ هل يمكننا مقارنة هذه الاختلافات بين الأجناس البشرية بتلك الموجودة مثلا بين الأصناف المختلفة لفاكهة أو خضرة معينة ، أو بين اصناف الكلاب كبيرها وصغيرها ، أو الابل التي نرى بعضها بسنام وبعضها الآخر بسنامين .
في القرن الثامن عشر ، عرّف كارل فن لني ، أبو علم التصنيف الحيوي ، العرق أوالجنس البشري بأنه قسم من النوع البشري اعتمادا على الصفات الجسمية ( الفيزيائية ). وبما أن الجينات تحدد، بقدر كبير نسبيا ، الصفات الجسمية ، فان علم الجينات قد يقدم اجابة شافية في موضوع الأجناس البشرية وتمايزها واختلافها ، لأنه علم يبحث في الحمض النووي دنا الذي يمثل أساس تراثنا الجيني .
يحتوي دنا على المعلومات اللازمة لتصنيع آلاف أنواع البروتينات الضرورية لخلايا اجسامنا كما يحدد طبيعة أجسامنا وكيفية عملها . هذه البروتينات تحدد لون البشرة وطول القامة ومدى مقاومة الأمراض .
في عام 2003 أمكن رسم الخريطة الجينية للإنسان أو ما يسمى الجينوم البشري ، وتبين أنه يحتوي على 2ر3 مليار عنصر موزعة على طول جزيئات (دنا) ، كما تبين أن الاختلاف في ترتيب هذه العناصر بين أي فردين من البشر لا يتجاوز عنصرا واحدا من عشرة آلاف عنصر.
فهل تميز بعض هذه الاختلافات جنسا أو عرقا بشريا عن غيره ، أو شعبا في منطقة جغرافية معينة عن شعب في منطقة أخرى ؟
درس عالم الجينات الامريكي مايكل بمشاد مئة موقع على (دنا) تظهر فيها الاختلافات لدى 500 شخص من أجناس بشرية متنوعة .. وكانت النتيجة ظهور (4) مجموعات جينية متميزة ، اثنتان منها من افريقيا ، وواحدة أوروبية والرابعة آسيوية .
لكن لم يمتلك أي فرد من العينة جميع المتغيرات أو الصفات الجينية المميزة للمجموعة التي ينتمي اليها . كما أن كل متغير مميز لأي مجموعة عثر عليه لدى أفراد من المجموعات الأخرى.
وبتعبير أبسط، ليس هناك تميز واضح وانفصال صارم بين المجموعات ، بل ان كل انسان يمثل خليطا واسعا من الجينات الموجودة في المجموعات الأربع. فمثلا عثر على جينات افريقية لدى اشخاص من النرويج شقر الشعر وزرق العيون . وبشكل عام فان الفرق الجيني بين شخصين من نفس المجموعة قد يكون أكبر من متوسط الفرق بين مجموعتين عرقيتين مختلفتين .
ويلاحظ أيضا أن الصفات الجسمية لا تتحدد فقط بواسطة الجينات ، فالصيني مثلا هو في المتوسط اقصر قامة من الغربي ، لكن الأجيال التالية من الصينيين المهاجرين الى امريكا يظهرون أطول من أبائهم .
والخلاصة أن دعاوي التمييز والتميز العنصري لا تقوم على أساس علمي ، وان في تنوع الجينات لدى البشر مصدر قوة للجنس البشري بأجمعه، فهو تنوع يمكّنه من التكيف مع المظاهر البيئية البالغة التنوع والمتغيرة باستمرار .
Science et Vie 2/2008
صور صفحة 101 - 102

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق