Powered By Blogger

السبت، 11 فبراير 2012

هل تحمينا الكمامات حقاً؟

SV. Juin 2009


ه


مع تكرار موجات الفزع العالمي من أوبئة النزلة الوافدة أو الأنفلونزا بأنواعها، لم تعد الكمامة امتيازا خاصا للطبيب الجراح، و إنما أصبحت مشهداً مألوفا في الشارع أو المدرسة أو العمل، في بعض البلدان على الأقل.
فما مدى فعالية الكمامة في الوقاية من الفيروسات المسببة لهذه الأوبئة؟ و هل توجد أنواع مختلفة من هذه الكمامات تتباين في فعاليتها و مجالات استخدامها؟

فيروس الأنفلونزا

لا يزيد قطر هذا الفيروس عن بضع عشرات من النانومتر. و النانومتر يساوي جزءا من مليار جزء من المتر.
و لتقريب الصورة، فانك يمكن أن تصف نحو مئة ألف فيروس بجانب بعضها في مسافة ملم واحد.

و رغم ضآلة هذا الكائن إلا أن فيروس أنفلونزا الخنازير ه1ن1 /ا قد افزع العالم بأسره منذ بدأ انتشاره الوبائي في المكسيك في آذار 2009. و يبدو أن هذا الوباء الجديد قد أنسانا وباء آخر مشابها كنا نخشى تجدد انتشاره في أية لحظة، و نعني بذلك أنفلونزا الطيور و فيروسه ه5ن1.
و كان هذا الوباء قد ظهر في شرق آسيا قبل 10 سنوات ثم انتشر في عدة مناطق في مختلف القارات. و ساهمت وسائل الإعلام و شركات الأدوية و غيرهم في تضخيم الرعب العالمي من هذا الغول أو البعبع. مما أدى في حينه إلى إعدام ملايين الطيور،و خاصة الدجاج.

تضمنت حملة الوقاية من الأنفلونزا الجديدة عدة إجراءات، مثل الإعدام الجماعي للخنازير،و عزل المصابين، و علاجهم في المستشفيات، و إعطاء مطاعيم مضادة للفيروس و تعقيم الأيدي و تجنب المصافحة و القبل، و عدم لمس الأنف و الفم و العينين،... و ارتداء الكمامات.

نوعان من الكمامات

مهما كان نوع الأنفلونزا، فان فيروسها ينتقل في 99% من الحالات بواسطة المجاري التنفسية. فعندما يعطس المصاب أو يسعل أو حتى يتكلم أو يتنفس، فانه ينشر رذاذا مخاطيا مشبعا بالفيروسات، و التي تتسلل بدورها إلى أجسام الأشخاص القريبين عبر الأنف و الفم.
تحتوي كل عطسة أو سعلة للإنسان على ما بين عشرة آلاف إلى مليون قطيرة. ويهمنا هنا أن نميز بين نوعين من هذه القطيرات حسب حجمها. فبعضها كبيرة الحجم و يمكن أن نراها بالعين المجردة و بعضها الآخر ذو قطر أصغر من 5 ميكرومتر (جزء من مليون جزء من المتر)، و عندئذ تكون على شكل بخّات أو هباء aerosol
و يسود الاعتقاد أن دقائق الهباء لا تحمل فيروسات. لكن بعض الباحثين لا يتفق مع هذا الرأي , بل إنهم يعتبرون أن الهباء قد يشكل مصدر خطر أكبر لانتقال العدوى لأن دقائقه تبقى عالقة في الهواء مدة طويلة بعكس القطرات الأكبر التي تسقط سريعا على الأرض.
يوجد في الأسواق حاليا نوعان من الكمامات:
النوع الأول هو كمامات الجراحين أو الكمامات العازلة أو المضادة للقذف ( Anti projection) ونعلم أن الجراح وأعضاء الفريق الطبي المساعد له يضعون الكمامات حتى لا تنتقل الميكروبات من أنفهم وفمهم الى جسم المريض المفتوح. وينطبق الأمر نفسه على المصاب الذي يرتدي الكمامة العازلة حتى لا يعدي الآخرين. توضع هذه الكمامة لفترة 8 ساعات، وهي لا تحمي من يرتديها من دقائق الهباء الأصغر من 5 ميكرومتر. ثمنها في السوق الأوروبي 4 سنتات، أي نحو أربعة قروش أردنية. وقد وفرت الحكومة الفرنسية مليار كمامة من هذا النوع لاستخدام الناس عند الضرورة.
النوع الثاني: هي الكمامات التنفسية Respiratory وإذا وضعت على الأنف والفم وضعا صحيحا، فإنها تحمي مرتديها من أية ملوثات كيميائية أو حيوية. وبالتالي فان هذا النوع فقط هو الذي يمكن أن يقي من الإصابة بالفيروسات التي تحملها دقائق الرذاذ أو الهباء الصادرة عن المريض، والتي قد يصل قطرها الى 0,2 ميكروميتر.
وكما في النوع الأول من الكمامات، فإنها تبقى صالحة لفترة ثمان ساعات – وثمنها في السوق الأوروبية نحو 30 سنتيما. ( نجد في صيدلياتنا في الأردن كمامات بسيطة ثمنها 10 قروش، وأخرى ثمنها نحو دينار ونصف أو حتى 3 دنانير. وهو بلا شك سعر مبالغ فيه، خاصة اذا تذكرنا أن كل شخص قد يحتاج كمامتين يوميا. أي أن عائلة من 5 أفراد ستنفق نحو 1000 دينار شهريا على الكمامات.
الخلاصة أننا ما زلنا نجهل الكثير عن الفيروسات، مثلا ما الفترة التي تبقى فيها حية خارج جسم الإنسان أو الكائنات الحية الأخرى، قبل أن تقتلها الأشعة فوق البنفسجية الموجودة في أشعة الشمس، والأكسدة والجفاف.
ويدعي بعض الباحثين أن بإمكان فيروسات الأنفلونزا يمكنها أن تعبر المحيط من إفريقيا إلى أمريكا محتمية بهاء الغبار الصحراوي. وعلى أية حال فقد ثبت أن الفيروس قادر على البقاء لمدة 24 ساعة في الهواء بشرط توفر ظروف مناسبة من الرطوبة والحرارة. وهذا ينبهنا إلى ضرورة تهوية المنازل وتعريضها لأشعة الشمس لفترة كافية للتخلص من الفيروسات والقضاء عليها.

Science et Vie

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق