Powered By Blogger

الثلاثاء، 22 يناير 2013

تجربة القطر المصري في الترجمة في القرن التاسع عشر

22/01/2013 م. سائد مدانات، العرب اليوم هل لنا بمحمد علي باشا جديد؟ saed_madanat@hotmail.com طلع القرن التاسع عشر على مصر ولم يكنْ فيها معهد واحد تدرّس فيه أية لغة من اللغات الأجنبية. حتى إذا كانت الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، اصطحبت معها مطبعة أحضرها بونابرت من روما وكانت تطبع بالفرنسية واللاتينية واليونانية والعربية والفارسية والسريانية. كما أسس بونابرت المعهد العلمي المصري عام 1798، وبلغ عدد أعضائه ثمانية وأربعين عضوا، وكانت له نشرة تصدر كل ثلاثة اشهر، ونشرت أعماله في أربعة مجلدات. ولما بدأ محمد علي باشا بتثبيت أقدام حكمه في مصر، واتجهت نيته لإنشاء جيش حديث فيها يشبه الجيوش الأوربية في التنظيم، استقدم إلى بلاده عددا كبيرا من الأطباء الأوربيين لتقديم خدمات طبية منظمة لعناصر الجيش. ثم أنشأ مدرسة للطب قرب مشفى الجيش في "أبي زعبل". كان كل أعضاء هيئة التدريس فيها من الأوربيين، بينما كان كل الطلاب من العرب الأزهريين.. وكان على الدكتور "كلوت" المكلف بإدارة المدرسة الطبية أن يضعْ خطة للتغلب على الحاجز اللغوي القائم بين الطلاب والمدرسين، وقد لخص الدكتور كلوت هذه الخطة في كتابه "لمحة عامة عن مصر" ورسم خطوات لتعريب المؤلفات العلمية والتقنية. فبالنسبة لتعريب المحاضرات، كان الأمر يتم على النسق التالي: كان الأستاذ يملي دروسه على الطلاب بوساطة مترجمين. وفي غالب الأحيان كان هؤلاء المترجمون ممن لا علم لهم بالمواد التي عليهم ترجمتها وليس لهم مقدرة على تأدية معاني الكثير من المصطلحات التقنية بشكل كاف، وكثيرا ما يستغلق عليهم فهم ونقل المسائل العلمية التي يقومون بترجمتها. لذا فإن الأستاذ يمدّ المترجم بالشروح والتفسيرات اللازمة لتسهيل مهمته. وبقصد تعريف المترجمين على المصطلحات التقنية ألحق بعض المترجمين بالمدارس الطبية والعلمية الأخرى كتلاميذ يتلقون العلوم مباشرة من الأساتذة. وأنشئت مدرسة لتعليم الطلاب اللغة الفرنسية. وصدر تنبيه من محمد علي إلى الأساتذة الأجانب بضرورة تعلم اللغة العربية خلال السنة الأولى من عملهم في مصر. تم اختيار نخبة من رجال الأزهر الشريف، من ذوي الدراية بعلوم اللغة وكلفوا بمراجعة النصوص المترجمة وتصحيحها، وإعادة كتابتها بلغة سليمة واضحة. ويعتمد المصحح والمترجم على ما بين أيديهما من معاجم لغوية وكتب طبية عربية قديمة. ثم تحول النصوص المترجمة إلى لجنة ثانية للمراجعة والتصحيح لإبداء الرأي والسماح بطبع الكتاب. وكثيرا ما يطلب من المترجم نفسه أو من مترجم غيره أن يعيد ترجمة النص العربي إلى اللغة الأجنبية ذاتها أو إلى لغة أجنبية ثانية ليطلع عليها الأستاذ المتخصص بتدريس المادة، فإذا وجد أن الأفكار سليمة، وأن المترجم متفهم للعبارات، أجاز تحرير النص العربي وطبعه. أوفد محمد علي بعثات علمية إلى بلاد أوربة عامة، وإلى فرنسة خاصة. كان الموفدون طلابا في الأزهر الشريف، وكان لهم دراية بعلوم اللغة العربية. وما أن أمضوا سنواتهم الأولى وتعلموا اللغات الأوربية حتى وافتهم تعليمات من محمد علي بالعمل على ترجمة الكتب التي يدرسونها "أولا بأول"، وبإرسال الترجمات إلى مصر. حتى إذا عاد الطلاب إلى مصر، لم ينتظرْ محمد علي حتى يصلوا لمقابلته في العاصمة بل كان يصدر إليهم الأوامر بترجمة بعض الكتب في الفترة التي عليهم أن يقضوها في المحجر الصحي "الكرنتينا". ويروي المؤرخون أنه لما عاد أعضاء بعثة عام 1826 استقبلهم محمد علي في ديوانه بالقلعة وأعطى كل واحد منهم كتابا فرنسيا في المادة التي درسها في أوروبة، وطلب منه أن يترجمْ ذلك الكتاب إلى اللغة العربية وأمر بحجزهم في القلعة، وإلا يؤذن لأحد منهم بمغادرة القلعة حتى يتم ترجمة ما عهد إليه بترجمته. بل إن هؤلاء الموفدين لا يلحقون بالوظائف الحكومية ما لم ينجزوا ترجمة كل ما يطلب منهم "مما هو لازم للمدارس الملكية، ومحتاج إليه في المكاتب السلطانية". إن أكثر الأمور الافتة للنظر في الترجمة المصرية أنها تجربة مؤسسية "أكاديمية" تحت رعاية وتشجيع الحكومة، وبإشرافها وتوجيهها، واعتمدت على أكثر فئات الشعب تنورا ومعرفة آنئذ وهم مشايخ الأزهر وطلبته. وفي ظل هذه المؤسسات ظهرت أولى المؤلفات الحديثة في العلوم، وأصبح لدى المدارس لوائح لتنظيم التعليم في مصر منذ عام 1826 وتنص هذه اللوائح على أن يجتمع المدرسون والمترجمون في "غرفة الترجمة" بالمدرسة يشتغلون بالترجمة ساعتين قبل الظهر وساعتين بعد الظهر. وفي غرفة الترجمة هذه تكامل ظهور "مسرد" للمفردات التقنية الأجنبية وما يقابلها من المصطلحات العربية الجديدة، زاد عدد كلماته على ستة الآف كلمة. ويعتقد الكثير من الباحثين أن هذه الهيئات قد وفقت توفيقا كبيرا في ترجمة أسماء كثير من المصطلحات الحديثة، واسماء الآلات. وما زال قسم كبير منها يستعمل حتى الآن في كتب العلوم الحديثة مثل الأنبوبة، البوتقة، الجفنة، المخبار، المرشح. عن مجلة "عالم الفكر" الكويتية، المجلد التاسع عشر، العدد الرابع: الترجمة والتعريب.

كيف يجدد الجلد نفسه؟


العرب اليوم 22/01/2013 سؤال وجواب لماذا يتميز جلدنا بقدرته على تجديد نفسه، إذا تمزق أو حُرق؟ نعلم أن ذيل السحلية مثلاً ينمو من جديد إذا قطع، لكن الثدييات تفتقد هذه الخاصية، فيما عدا ما يخص الجلد، وبضعة أعضاء أخرى. توجد في قاعدة ذيل السحلية خلايا قادرة على التحول إلى خلايا جذعية، حين يقطع الذيل، فتتمايز إلى خلايا عضلية وجلدية وعظمية. أما جلد الثدييات، فإنه يكتفي بامتلاك القدرة على إصلاح نفسه وتجديد نفسه. ولو نظرنا نظرة أعمق إلى جلدنا، للاحظنا أنه يجدد نفسه باستمرار. والواقع أن أجزاء أخرى من جسمنا قادرة على ذلك، مثل الغشاء المخاطي المبطن للأمعاء وللرئتين، وأيضا الدم. لكن الكبد هو الأقدر على تجديد نفسه تماما. وقد أزيل ثلثا كبد جرذ، فعاد لحجمه الأصلي بعد 10 أيام. ويحتاج الأمر لدى الإنسان إلى 3-4 أشهر. والمأمول أن نتمكن يوما من إدراك كنه تجديد خلايا الجلد حتى نزرعه في المختبر ليكون جاهزا لزرعه بدل الجلد المحروق مثلا.

شذرات من تاريخ العلم 1543 - 2001

22/01/2013 العرب اليوم (من كتاب تاريخ العلم، تأليف جون غريبن، ترجمة شوقي جلال) أشرنا إلى صدور هذا الكتاب بجزأيه، في صفحتنا هذه بتاريخ 20/ 11 /2012، لكن هذا الكتاب يستحق أكثر من مجرد إشارة عابرة. هو لا شك يتطلب قراءة متأنية. وليس بوسعنا هنا سوى اقتطاف شذرات ولمحات مهمة أو طريفة من مسيرة العلم منذ عام 1543. - أهم شيء تعلمناه من العلم هو أننا، نحن البشر، لسنا شيئا متميزا. بدأ ذلك مع اقتراح كوبرنيكس في القرن 16 أن الأرض ليست مركز الكون. - ينبني التقدم العلمي خطوة بعد خطوة، وحين تنضج الظروف تسنح الفرصة لشخص أو اثنين ليحققا الخطوة التالية، وكل منهما مستقل عن الآخر. وربما تكون ضربة حظ أو مصادفة تاريخية هي السبب في أن يذكر التاريخ شخصا بذاته باعتباره مكتشف الظاهرة الجديدة. ربما أن نيوتن حالة خاصة، سواء من حيث اتساع نطاق انجازاته العلمية أو من حيث وضوح نهجه المميز في إرساء قواعد العمل العلمي؛ لكنه اعتمد على أسلافه المباشرين، مثل غاليليو وديكارت. فكانت اسهاماته تسلسلا طبيعيا لما سبقه. ولو لم يظهر نيوتن لربما اعيقت حركة التقدم العلمي بضعة عقود فقط. - عصر النهضة هو العصر الذي سقطت فيه عن الأوروبيين رهبتهم من القدماء مثل الإغريق والرومان. - يعتبر عام 1453، حين احتل الأتراك القسطنطينية تاريخ ابتداء النهضة في أوروبا. فقد لجأ الكثير من سكان القسطنطينية إلى أوروبا حاملين كتبهم. لكن ثمة عاملا آخر مهما، وهو تفريغ أوروبا من سكانها بسبب الطاعون المعروف بالموت الأسود، في القرن 14. فقد حفز هذا من بقوا على قيد الحياة على بحث الأسس التي ينبغي أن يبنى عليها المجتمع، كما رفع ذلك من تكلفة الأيدي العاملة وشجع على ابتكار أجهزة تحل محل القوة البشرية؛ ونعرف أيضا أن استحداث غوتنبرغ لحروف الطباعة في منتصف القرن 15 أسهم في نشر العلم. كما أسهمت الاكتشافات الجغرافية في استحداث تكنولوجيا جديدة وتطوير السفن. وقد يكون تطور التكنولوجيا أهم من العبقرية البشرية. ولا غرابة إذن أن بداية الثورة العلمية توافقت مع استحداث المجهر (الميكروسكوب) والمقراب التلسكوب). لكن ألم يكن لاستيلاء الأوروبيين على الأندلس وما فيها من كنوز علمية، عام 1492 دور في النهضة العلمية الأوروبية؟ العلم هو أعظم انجازات العقل البشري. وقد تحقق القسط الأكبر منه على أيدي أفراد عاديين ذوي ذكاء وجد واجتهاد. ولو كان أي من قراء هذا الكتاب في المكان والزمان الصحيحين لاستطاع إنجاز الاكتشافات العظيمة التي نحكيها هنا.

حقائق الكون


22/01/2013 م. حسام جميل مدانات، العرب اليوم أصدرت مجلة العلم والحياة الفرنسية في أيلول 2012 عددا خاصا عن الكون بعنوان: الزمن، المادة، والفراغ: 150 معلومة. نستعرض فيما يأتي بعض هذه المعلومات المهمة والطريفة، التي عرضت بطريقة مبتكرة، انطلاقا من صورة الكون كما نعرفه حاليا، وقطره 13,7 مليار سنة ضوئية. ثم يعرض صورا متتالية، كل منها مصغرة إلى عشر الصورة السابقة، حتى يصل إلى اصغر الأشياء التي نعرف عنها وهي الجسيمات من دون الذرية. * الكون في معظمه فراغ: كثافة المادة في الكون هي ذرة واحدة للمتر المكعب. وتظهر صورة الكون سوداء عدا نقاطا متناثرة مضيئة، وهي عبارة عن مجرات. ويقدر أن 4% من الكون يتكون من المادة العادية، و 23% من مادة مجهولة. وتشكل الطاقة 73% الباقية. * مجرتنا تصطدم مع اندروميدا بعد 4 مليارات سنة: تدل قياسات التلسكوب الفضائي، هَبل، أن مجرة أندروميدا تتجه نحونا بسرعة 000 400 كم/ساعة. وهي تبعد عنا 2,5 مليون سنة ضوئية. يتوقع أن يدوم الاصطدام ملياري سنة لتتشكل مجرة بيضاوية واحدة. * النجوم تعيش 10-100 مليار سنة. وأقصرها عمرا هي أكبرها واسطعها نورا. فهي لا تعيش أكثر من بضعة ملايين من السنين. ولا يتجاوز عددها في مجرتنا بضعة ألآف. * تولد سبع نجوم كل سنة في مجرتنا، التي تحتوي على عشرات المليارات من النجوم. * تحصل أسطع إضاءة للنجم عندما يموت. يدعى عندئذ المتجدد، أو المستعرّ الأعظم (سوبرنوفا). نشاهد مثل هذه الظاهرة مرة كل 50 سنة تقريبا. وتعادل إضاءة النجم حينئذ إضاءة عدة مجرات معا. * يوجد في الكون عشرة الآف مليار مليار كوكب مأهول، ونعني بذلك أن سطحها صخري. ويحتمل أنه يحتوي على الماء. وهذا يعادل عدد حبات الرمل على سطح الأرض. * رصدت أربعة من هذه الكواكب، وحلل غلافها الجوي. * استغرق تشكل الأرض مئة مليون سنة، اعتبارا من سحابة الغاز الأولية. * ما زلنا نجهل كيف ولد القمر. كانت الفرضية المقبولة سابقا هي أن كوكبا اصغر من أرضنا قد اصطدم معها واقتطع منها قطعة صلبة، هي القمر. لكن فرضيات أخرى تناقش حاليا، مثل تشكل القمر في الوقت نفسه الذي تشكلت فيه الأرض. ويتميز قمرنا بكتلته الضخمة، فهو جزء من 81 جزءا من كتلة الأرض، بخلاف أقمار الكواكب الأخرى. * تعتمد حالة المادة: صلبة، سائلة، أم غازية على قوى الكهرباء الساكنة داخلها. فهي صلبة حين تكون هذه القوى كبيرة. * معظم الجزيئات صغيرة جدا. فهي تتكون من بضع ذرات، لكن الجزيئات العضوية قد تحتوي مليارات الذرات، ويمكن أن يصل طول جزيء دنا (الحمض النووي)، إذا فكك، إلى مترين. * الالكترونات هي التي تربط الذرات المكونة للجزيئات، بعضها ببعض. * معظم الذرة فراغ. فنواة الذرة أصغر بمئة ألف مرة من الذرة. وبين النواة وأول مدار للالكترونات فراغ. * نعرف حاليا 114 عنصرا، إضافة إلى أربعة عناصر اصطناعية ولم تعتمد بعد. * بإمكاننا أن نشاهد الذرات، بواسطة المجهر النفقي، أو مجهر القوة الذرية. * عدد اللبنات المكونة للمادة في الكون 37 جسيما أوليا، لكننا نجهل معظمها. * كل جسيم له ضديد، وقد أمكن انتاج ضديدات المادة، لكنها عادة لا تبقى طويلا.

الكيمياء في خدمة المطبخ


22/01/2013 المحرر العلمي، العرب اليوم نعلم أن التقدم العلمي ليس كله خيرا وفضائل. فهو قد ساهم في صنع وسائل القتل والتدمير. ولعل هذا ليس ذنب العلم. بل ذنب من استغله لهذا الغرض. وبالمثل فقد أمكن استغلال العلم لتحسين طعامنا، كما استعمله بعضهم للغش، ولجعل الطعام يبدو على خلاف ما يحتوي فعلا. وعرفنا منذ سنوات طوال مُضافات غذائية مصنعة كيميائيا، مثل ملح الليمون، كبديل عن الليمون الطبيعي، ونكهة الفانيلا بدل الفانيلا الطبيعية. عرف الانسان النار قبل 000. 400 سنة، وعلى مر العصور، تعلم كيف يطهو طعامه، ليجعله نظيفا وصحيا، وأسهل مضغا وهضما، وألذ طعما، خاصة بعد أن عرف أن إضافة التوابل تحسن النكهة والطعم، اللذين يحسنهما الطهو أيضا. كما يزيد الطهو من كمية الطاقة التي يستفيدها الانسان من الطعام، إذ من دون الطهو تبقى بعض النشويات والبروتينات صعبة الهضم. وساعد تطور الطهو على زيادة الترابط بين الناس من خلال إقامة المآدب الجماعية. ونلاحظ أن الأطباق التقليدية تمثل أحيانا الرابط الوحيد المتبقي بين الجماعات التي تهاجر إلى بلاد أخرى وتنسى لغتها الأصلية. فلا يربطها بعد سوى طبخاتها الوطنية. نعرض فيما يأتي عددا من المجالات والفوائد التي ساهمت فيها الفيزياء والكيمياء لتحسين طعم الطبيخ أو نكهته أو قوامه. 1. تحرير النكهات: حين تطهو اللحم على درجة أعلى من 70 س تنفصل جزيئات الكُلاجين (مصدر الهلام) في الأنسجة الرابطة المحيطة بالألياف العضلية، والكلاجين مسؤول عن قساوة اللحم؛ تذوب هذه الجزيئات في عصارة الطبخ، مطلقة أحماضا أمينية تضفي على اللحم نكهته المميزة. وإذا نقع اللحم في الماء المتبل قبل طهوه، ساعد الخل الحمضي على تطريته لأنه يحلل جزيئات الكلاجين، رغم أن الحامض لن يخترق اللحم إلى أعمق من 0,5 سم. أما الملح فإنه لا يخترق اللحم إلا قليلا. ويفيد طهو اللحم أو شيّه على درجة عالية في إبطاء عملية التزنخ التي تصيب اللحم المجمد. 2. سرّ قشدة الموس: الرغوة أو الزَّبَد سائل يحبس داخله فقاعات الهواء. وهو سائل من نوع خاص، يحوي بروتينات، مثل زلال بياض البيض، الذي يتكون من البروتين بنسبة 10%، والباقي ماء. تتكون هذه البروتينات من جزيئات طويلة رأسها يتنافر مع الماء، وذيلها يجذبه .وهكذا عندما نخفق بياض البيض، ندخل فقاعات هواء داخله، وتنتظم جزيئات الزلال بحيث يتجه رأسها نحو هواء الفقاعة، وذيلها نحو الماء. فتشكل حلقة تعزل الفقاعة (قطرها جزء بالمئة من المليمتر) وتحفظها. وهكذا يمكن الحصول على ربع لتر من الرغوة باستخدام بياض بيضة واحدة. وإذا واظبنا على إضافة الماء أثناء الخفق، يمكننا أن نحصل على متر مكعب من الرغوة من بياض بيضة واحدة. وبهذه الطريقة نحصل على موسى الشوكولاتا الخفيف للغاية. وإذا أضفت السكر تدريجيا أثناء الخفق تتزايد لزوجة السائل ويتناقص توتر سطح الفقاعات وحجمها. وإذا وضعت المزيج في الفرن على نار هادئة يتصلب البياض قبل أن يتبخر الماء فتحصل على بلورة من الميرنغ الصلب، وبخفة الهواء. 3. بلورات على درجة سالب 196 س: تحضر الأسكمو والبوظة بتجميد مزيج الماء والشراب المحلى، فيتحول الماء إلى بلورات جليدية. وكلما كان التبريد أشد وأسرع، كانت البلورات أصغر، ولا يتاح لجزيئات لشراب الوقت للخروج من البلورات. ولعل أفضل وسيلة للتبريد الشديد والسريع هي: سكب النيتروجين السائل، على درجة سالب 196س. أو فتات الثلج الكربوني (ثاني أكسيد الكربون المجمد)، بدرجة سالب 78 س. 4. الميونيز والقشطة: يكمن السر في تكوين الميونيز والقشطة (مثل كْريم شنتيي) في المزج الاجباري لمادتين لا تمتزجان عادة، مثل الزيت والماء. فعند خفق صفار البيض، ونصفه ماء، مع الزيت لفترة كافية، يتكون مستحلب شبه صلب. وتفسير ذلك أن صفار البيض يحتوي على بروتين يدعى لستين، له راس يكره الماء وذيل يعشقه (كما في حالة قشدة الموس التي شرحناها أعلاه، وتقوم قطيرات الزيت هنا بدور فقاعات الهواء في الموس).

الاثنين، 21 يناير 2013

الأردن بلد العجائب

لماذا دهش صديقي السويدي؟ جاء السويدي " س" إلى الأردن في مهمة تدوم بضعة اشهر. استمتع بالطقس المشمس الدافئ، واستغل كل عطلة نهاية اسبوع في السياحة، فاصبح يعرف الأردن أكثر من معظم الأردنيين. سألته عن انطباعاته فأجابني بتساؤلات: - لديكم أطفال بالطبع؛ فأين حدائقهم وملاعبهم التي يجب أن تتوافر في كل جيرة وكل حارة؟ - لماذا كل هذه الباصات المدرسية التي تجوب عمان؟ المفروض أن يدرس كل طفل في مدرسة في حارته وقريبة من بيته. - تستوردون كل نفطكم. وتشكون من فاتورته العالية، ومع ذلك نجد في شوارع مدنكم آلاف سيارات الدفع الرباعي الكبيرة التي صممت للسير على السراطات، أي الطرق السريعة الخارجية. - جميع العمارات السكنية الجديدة تعلن أن شققها فاخرة، مميزة، ديلوكس أو سوبر ديلوكس، ألا يوجد لديكم شقق عادية؟ - الشوارع ملوثة بالقمامة من كافة الأنواع. والجميع يلقي بفضلاته في الشارع، إذا كانوا دون أخلاق، ألا يوجد من يعاقبهم أو يردعهم؟ - المشي على الأرصفة في عمان صعب فأشجار الأرصفة متفرعة من الأسفل، خاصة اشجار الزيتون. ألا يمكنكم تقليمها؟ - النقل العام لديكم مكلف جدا. وهو شبه مجاني لدينا، كما أنه منتظم وسريع وآمن. ألا يمكنكم تصويب الوضع لتخف أزمة السير ويقل التلوث وتنخفض فاتورتكم النفطية؟ للعلم: السويد من أرقى دول العالم. عدد سكانها 9.5 مليون نسمة (أي ليست أكثر سكانا من الأردن بكثير) ، منهم 1.3 مليون وافد وُلدوا في الخارج. معدل دخل الفرد 57000 دولار. ونظام الحكم فيها ملكي دستوري.

الثلاثاء، 8 يناير 2013

أمراض الدماغ: هل تسبّبها الميكروبات؟

المحرّر العلميّ، العرب اليوم، 8/1/2013 لماذا يصاب بعضنا بالفصام، أو التوحّد، أو الزهايمر، أو باركِنسُن...؟ رغم اختلاف هذه الأمراض العقلية في أعراضها، إلا أنها تشترك في كون مسبباتها ما زالت مجهولة. الفرضيّات كثيرة: أسباب جينية، نفسية، كيميائية،... لكن أيا منها لا يقدم تفسيرا مقنعا بعد. في المقابل، شهدت السنوات العشر الأخيرة توجها متزايدا نحو اختبار فرضية أن المسببات هي ميكروبات، تنشط حين يضعف الجسم. نعرض فيما يأتي باختصار شديد لمقال من 18 صفحة نشرته مجلة "العلم والحياة" الفرنسية في عددها رقم 1133 عن هذا الموضوع. الفصام: لا شك بوجود عوامل متنوعة تسبب الفصام (الشيزوفرينيا): عيوب جينية، طفولة صعبة، المخدرات. لكن الأدلة تتراكم على دور الميكروبات في الإصابة. من ذلك ما لوحظ من زيادة احتمال إصابة الطفل بالفصام إذا عانت أمه من الانفلونزا أثناء حملها به. كما لوحظ وجود نسبة مضاعفة من الأجسام المضادة لبعض الطفيليات في دم المصابين بالفصام. التوحّد وباركنسُن: لوحظ أن 43% من أمهات الأطفال المتوحدين قد أصبن بالتهابات تنفسية أو بولية أو مهبلية أثناء الحمل، بينما النسبة العامة هي 26%. وتوجه أصابع الاتهام حاليا نحو بكتيريا مسالمة تعيش في أمعائنا، واسمها Desulfovibrio. وقد لوحظ أن نسبة هذه البكتيريا لدى الأطفال المتوحدين ثمانية أضعاف نسبتها العامة. وبالمثل فيما يتعلق ببكتيريا أخرى هي Clostridium. وقد اكتشفت هذه البكتيريا لدى المصابين بباركنسُن، وعندما عولج ثمانية مصابين بمضادات حيوية، شفي سبعة منهم من باركنسن، حسب ادعاء الألماني هيكو براك والنمساوي توماس بُرودي. الزهايمر: اكتسب هذا المرض اسمه من الطبيب الألماني الُويس الزهايمر، الذي وصفه عام 1906، حين لاحظ وجود ترسبات شاذة في دماغ المصابين. ويوجه الاتهام حاليا في تكون هذه الترسبات إلى فيروس يصاب به 65- 90% من الناس، حسب المنطقة. وهو فيروس الهربس الذي يسبب البثور حول الفم عندما تتعرض للبرد. يبقى هذا الفيروس كامنا حتى يضعف الجسم. وحين يضعف نظام المناعة لدى المسنين، يهاجم الفيروس الدماغ؛ وقد يبقى ساكنا هناك بانتظار تعرّض الشخص لأزمة نفسية أو لالتهاب يضعف جسمه. الاكتئاب: يصاب 3% من سكان العالم بهذا المرض، ومن أعراضه الأرق والحزن وفقدان الشهية والشعور بالإنهاك. تتهم البكتيريا المعوية من نوع إي كُلاي في التسبب بهذا المرض. الجلطات الدماغية والنزف الدماغي: هذه الإصابات هي المسبب الأول للإعاقات في فرنسا، والمسبب الثاني للعته، وثالث مسببات الوفاة. في عام 2011 أثبت أطباء يابانيون أن ثلث حالات النزف الدماغي تحصل بسبب البكتيريا نفسها التي تسبب ترسب الكلس على الأسنان. وهذا يوضح أهمية العناية بنظافة الفم. ثم توصّل أطباء فرنسيون مؤخرا إلى نتائج مشابهة. Science et Vie, Fev. 2012

مخاطر الإفراط بالأدوية البيطريّة


المحرر العلمي، العرب اليوم، 8/1/2013 في عام 2011 قررت وزارة الزراعة الفرنسيّة السعي لتخفيض كمية المضادات الحيوية التي تعطى للمواشي والدواجن بنسبة 25% خلال السنوات الخمس القادمة. فما دلالة هذا القرار؟ وهل يبالغ البيطريون حقا في حقن الحيوانات بالأدوية؟ وهل تشكل هذه الممارسة خطرا على صحة البشر الذين يستهلكون منتجات الحيوانات ولحومها؟ وهل نعاني في بلدنا من وضع مشابه؟ وما رأي الأطباء البيطريين في ذلك؟ ثلاثة آلاف استخدام للأدوية البيطرية؟ تحتل فرنسا المرتبة الأولى في أوربا من حيث كمية الأدوية البيطرية المستهلكة؛ كما أنها في المرتبة الثانية على مستوى العالم. يقوم الأطباء البيطريون، وعددهم سبعة عشر ألفا، بوصف أدوية مصرح بها لقرابة ثلاثة آلاف حالة مرضية. ويوجد في فرنسا 44 مليون رأس من المواشي والأغنام والخنازير، و 212 مليون طير داجن. وهذه الحيوانات تستهلك 60% من الأدوية البيطرية، والباقي تحظى به الحيوانات المنزلية، التي تتوزع بين 10,6 مليون قطة، و 7,8 مليون كلب. أدوية الحيوانات أغلى من أدوية البشر: في عام 2010 وُجّه اتهام للإسباني البرتو كتادور، الفائز بسباق الدراجات عبر فرنسا، بأنه قد تناول منشطات محظورة. لكنه بُرّئ بعد أن تبين أن هذا المنشط كان موجودا في لحم ستيك العجل الذي يتناوله هذا الرياضي. الواقع أن أدوية كثيرة مشتركة تعطى للبشر والحيوانات على السواء. لكن مفعول دواء معين لدى الانسان قد يختلف عنه لدى الحيوان. فأحد الأدوية المنومة للبشر تثير شهية الأبقار للطعام. وحبّة براسيتامول، 500مغ، تكفي لقتل قطة. ولهذه الأسباب فقد حدد القانون البيطري الفرنسي لعام 1975 الأدوية البشرية التي يجوز إعطاؤها للحيوانات. ويلاحظ أن أدوية الحيوان أغلى من أدوية الإنسان عادة. فمضاد الحموضة للحيوان أغلى بثلاث مرات منه للإنسان. ومعظم أدوية القطط والكلاب الأليفة مرتفعة السعر، لأن أصحابها لا يمانعون في الانفاق بسخاء عليها. تخضع الأدوية البيطرية بالطبع لاختبارات تتعلق بالفعالية والتحمل والسمومية، وأيضا تحديد الكمية المتبقية منها في لحم الحيوانات المخصصة للذبح، أو في حليبها. وتنشأ مشكلة كلفة الأدوية البيطرية أيضا من جانب آخر: فالأدوية البشرية يعوض قيمتها التأمين الصحي، بخلاف أدوية الحيوان. ويلاحظ أن الضريبة على أدوية الحيوانات عشرة اضعاف قيمتها على أدوية البشر. ولهذا السبب يلجأ البعض لإعطاء حيواناتهم الأدوية البشرية الأرخص. مخاطر متنوعة: يقدر عدد الأمراض المشتركة بين الحيوانات والانسان بثلاثمئة مرض. ولا ننسى أن الطاعون كان ينتقل من الفئران إلى الانسان (بواسطة البراغيث)، لينتشر وباء عاما ويقتل الملايين. ومن الأمراض التي ينقلها الحيوان للإنسان: السلّ، والسعار (الكلَب). وفي السنوات الأخيرة عانينا من جنون البقر، وانفلونزا الطيور، وانفلونزا الخنازير، والسارس. هذا يعني بكلّ بساطة أن علينا أن نهتم بصحة الحيوان، حتى لا يصيبنا بالعدوى. ولهذه العناية جانبها السلبي أيضا، فإذا اكتسبت البكتيريا لدى الحيوان مناعة تجاه مضاد حيوي معين. فإن هذه البكتيريا نفسها قد تصيب الانسان، وتقاوم المضاد نفسه. ويلاحظ أن سوق المضادات الحيوانية قد ارتفع خلال العقد الماضي بنسبة 94%. لهذه الأسباب، تطالب وزارة الصحة الفرنسية بحصر استخدام المضادات الحيوية المهمة بالإنسان، لكن وزارة الزراعة من جانبها تحث على استخدام معقول للمضادات لدى الحيوان. وكانت المفوضية الأوربية قد أطلقت عام 2009 حملة توعية بهذا الخصوص، شعارها: الحيوانات والانسان: صحّة واحدة. Ca M’interesse 7/2011

السيارة بدون سائق... هل لها مستقبل؟


م. حسام جميل مدانات، العرب اليوم، 8/1/2013 لعل أول تساؤل يتبادر إلى ذهنك: ما الهدف من ابتكار سيارة بدون سائق؟ هل تؤدي غرضا أو تسد حاجة لا تفي بها السيارة العادية التي تحتاج إلى سائق؟ قد نجيبك بأن السلعة الجديدة عندما تطرح الأسواق، تخلق بنفسها الحاجة إليها. لكن أيضا يمكنك التفكير بحالات تفيد فيها السيارة دون سائق (ولنرمز لها اختصارا: س د س أو السدس). فهي ستفيد أي شخص عاجز عن القيادة أو لا يحسنها، وهي قد تستخدم كتكسي أو سيارة أجرة. وهي أيضا قد تكون أكثر أمانا إذا توصلنا إلى تطوير مثالي لقدرات الحاسوب الذي يقودها، وما يرتبط به من أدوات استشعار وإحساس، مثل كمرات الأشعة تحت الحمراء (ت ح)، والجبس (نظام التوضيع العالمي)، والرادار. لكن هذا ليس رأي كاتب مقال في مجلة العلم والحياة الفرنسية بعنوان: "السيارة بدون سائق: خدعة كبرى". تحدثت وسائل الإعلام عن سيارة " غوغل كار". وقد أبرزت وسائل الإعلام أخبارها في شهر آب 2012 بعد أن قطعت 12 سيارة منها 482000 كم خلال سنتين، دون أن تسبب أية حوادث. وهي من طراز تويوتا بْريوس، وأودي تي تي، المعدلة لهذا الغرض. وأصبح بإمكانها إذن أن تحصل على ترخيص قانوني بالسير في الطرق العامة، على الأقل في ولاية نيفادا، التي سنت في شباط 2012 قانونا يسمح لسيارات "سدس" بالسير في الطرق العامة. لا سائق، لكن مراقبان: لكن هذا لا يمثل القصة كاملة، فسيارات غوغل هذه كانت تحمل في الواقع مراقبين اثنين، أحدهما يراقب الطريق، والآخر يراقب الحاسوب، ويتولى القيادة عند الحاجة. فسيارة السدس لا تتصرف إلا تجاه أمور تمت برمجتها فيها مسبقا. لكنها قد لا تحسن التصرف إذا واجهتها ظروف طارئة مستجدة. وإذا حصلت حادثة لهذه السيارة، فإن القوانين الحالية لا تحدد المسؤول: هل هو مصمم برمجيات الحاسوب وأجهزة الاستشعار، أم هو صانع السيارة، أم الراكب؟ ويبدو لنا هنا أنه بدلا من السعي للاستغناء عن السائق، فإن الأجدر بنا أن نطور الأجهزة والبرمجيات التي تدعم السائق وتحسن الأمان. مثلا إذا شعر السائق بالنعاس وكاد يصطدم بالسيارة التي تتقدمه، أو كاد يخرج عن الطريق، فيمكن لأجهزة التحكم أن تتدخل فورا لتجعل السائق يصحو لتصحيح المسار، أو تضغط تلقائيا على المكابح حتى تتفادى الاصطدام بالسيارة التي أمامها. نشير هنا إلى أن السيارات تقتل سنويا 1,3 مليون شخص في العالم. ومعظم هذه الحوادث تسببها أخطاء بشرية. وهذا يعني أن بإمكان حاسوب السيارة أن يساهم بفعالية في الحدّ من هذه الحوادث. وتتمتع سيارة السدس بمزايا متنوعة ، مثل سرعة الاستجابة للظروف الطارئة. وهي قد تعالج مشكلة المواقف، إذ بإمكانها أن تنزل ركابها حيث يرغبون، ثم تتحرك لتصطف بعيدا. وتعود لهم فيما بعد. وكانت المفوضية الأوروبية قد دعمت مشروعا للعربة ذاتية القيادة، بما يعادل 800 مليون يورو، خلال الفترة 87 – 1995. وتسير منذ سنوات في شوارع روتردام، في هولندا، سيارة أجرة دون سائق؛ كما تجري عدة شركات صانعة للسيارات حاليا تجارب لتنتج كل منها سيارتها السدسية الخاصة، الذاتية القيادة. في المقابل نجد أن الاستغناء عن السائق مقبولا أكثر في القطارات الكهربائية، وفي الطائرات، حيث يقوم الطيار الأتوماتيكي بمعظم مهام الطيار البشري حاليا. فماذا يحمل المستقبل لنا في هذا المجال. لننتظر ونترقب. Science et Vie, Octobre 2012

التنبؤ بالطقس لعشر سنوات قادمة


المحرر العلمي، العرب اليوم، 8/1/2013 لم نعد نستغرب نجاح الأرصاد الجوية في توقع الطقس لبضعة أيام، أو حتى أسابيع قادمة. لكن توقع الطقس في منطقة معينة بعد بضع سنوات، يبدو مبالغة لا تصدق، فهل يمكن أن يتحقق هذا الحلم؟ قبل 5000 سنة، ألّف الصينيون أول كتبهم عن الطقس. فهذا موضوع مهم منذ القدم، لأن حياة الناس، خاصة المزارعين، تعتمد عليه اعتمادا كبيرا. وتراكمت الخبرات لدى مختلف الشعوب في هذا المجال، لكنها كانت عادة تتعلق بوصف عام للطقس خلال فترات معينة من السنة: مثل تحديدنا لفترة "المربعانية" بناء على تراكم خبرات لآلاف السنين. لم نتقدم في مجال التنبؤات الجوية إلا بعد أن تطور العلم والتكنولوجيا، وبعد أن ابتكرنا أدوات وأجهزة لقياس عناصر الطقس، مثل المحرار (ميزان الحرارة) ومقياس الضغط (البارومتر) اللذين ابتكرا خلال القرن السابع عشر. ومن ثم تطوير العلوم النظرية مثل نظرية الجبهات الهوائية، التي صاغها فلهلم بيركنز عام 1921، وفرضية "تأثير الفراشة" التي اقترحها إدوَرد لورنز عام 1972 لوصف محددات توقعات الطقس. بين توقع الطقس وتوقع المناخ: نخلط أحيانا بين الطقس والمناخ، لكن الفرق بينهما بكل بساطة هو أن المناخ يتعلق بمساحة أكبر ولفترة أطول. وهكذا يمكننا أن نتحدث عن مناخ منطقة البحر المتوسط أو حتى عن الاحترار العالمي الذي يؤثر على "مناخ" كوكب الأرض. والغريب في الأمر أنه يمكننا أن نتنبأ بالمناخ العالمي بعد مئة سنة، باعتبار تأثير غازات الدفيئة، كما يمكننا التنبؤ بالطقس في منطقة معينة لأسابيع قادمة، لكن التنبؤ بالطقس لما بين هاتين الفترتين (100 سنة للمناخ وبضعة أسابيع للطقس)، ونعني بذلك توقع أحوال الطقس بعد سنة أو بضعة سنوات، كان يبدو حتى الآن مستحيلا. تقرير مجموعة الخبراء: ينتظر المعنيون باهتمام صدور التقرير القادم لمجموعة خبراء تطور المناخ (جيك) GIEC في أيلول 2013. سيتضمن التقرير فصلا بعنوان التنبؤ العشري – أي التنبؤ بالمناخ للسنوات العشر القادمة. ويتوقع أن يسدّ هذا التقرير الفجوة الحالية بين التنبؤ بالطقس لمدة أقصاها 3 أشهر، وبين التنبؤ المناخي الطويل الأمد، لخمسين سنة أو لمئة سنة قادمة. قد يحتجّ البعض بأن هذا التوقع المتوسط الأمد حاصل فعلا. فتقارير مجموعة جيك منذ الثمانينيات تتضمن منحنيات بيانية تمثل تطور المناخ العالمي خلال عشر سنوات أو عشرين سنة قادمة. لكن الواقع أن هدف تلك التوقعات كان فقط تقدير تأثير غازات الدفيئة، المتمثل في رفع درجة حرارة الأرض، وليس التنبؤ بتطور المناخ العالمي تنبؤا دقيقا، أو بوصف الطقس في منطقة معينة بعد بضع سنوات. المشكلة أن المناخ يبدو عشوائيا لدرجة كبيرة. ويستحيل أن نتوقع بثقة الاضطرابات التي تحصل في الجو، أو في المحيطات. وعلى أية حال، فإن مؤسسات الأرصاد الجوية في عدة دول قد بدأت بإعداد خرائط تنبؤات جوية لعدة سنوات قادمة. ففي فرنسا مثلا، ومنذ تموز 2012، تنشر على الانترنت خريطة لتطور المناخ خلال 20 و 40 و 60 سنة قادمة، وهي مفصلة لمناطق مساحتها 8 × 8 كم. كما تنشر تنبؤات للأشهر الثلاثة القادمة. تحققت هذه الانجازات بفضل تعاون عدة مؤسسات بحثية مرتبطة بالأرصاد الجوية الفرنسية. وقد نشرت الأرصاد الجوية البريطانية تنبؤاتها للطقس حتى عام 2021. وما علينا سوى أن ننتظر لنرى مدى دقة هذه التنبؤات. Science et Vie Octobre 2012

ما دلالة تاريخ الصلاحية على المعلبات؟

سؤال وجواب: المحرر العلمي، العرب اليوم،8/1/2013. هذا السؤال يهم كلا منا بلا شك، بعد أن أصبحنا نشتري معظم طعامنا مصنّعا ومعلبا. والموضوع يتطلب تحقيقا وبحثا أوسع وأعمق، في سوقنا المحلية خاصة، وهو ما قد نفعله قريبا. خلال الأشهر الماضية، تابعنا باهتمام حملات قامت بها مؤسسة الغذاء والدواء لدينا، فأتلفت أطنانا من الأغذية، وأغلقت مطاعم ومتاجر. لكن وسائل الإعلام لم توضح أبدا ما تقصده بالطعام الفاسد. انتهاء الصلاحية لا يعني فساد الطعام: مؤخرا، فاجأتُ صديقي بزيارة على غير موعد. فبدا مثل من ضُبِط متلبّسا بجريمة. كان بيته يعج بعشرات كراتين المعلبات. واعترف لي مكرها بأنه مكلف بتغيير تواريخ انتهاء الصلاحية على معلبات مستوردة يبيعها المتجر الكبير الذي يعمل فيه. استغربت فعله هذا لأني أعرفه إنسانا شريفا ونزيها، ولا أتوقع منه أن يسلك سلوكا خاطئا مهما كانت الدوافع. لكنه برر سلوكه بالقول أن تجاوز تاريخ الصلاحية، أو تاريخ فترة العرض (علىرفّ المتجر)، لا يعني فساد محتوى العبوة؛ رغم أن هذا يخالف مفهومنا العام. تابعت الموضوع باللجوء إلى غوغل. وأدخلت العنوان : Canned Foods Shelf Life لأجد مئات العناوين. استعرضت بعضها واليك بعض ما وجدت: العنوان الأول في قائمة غوغل هو : 5 دراسات مختلفة عن صلاحية الأطعمة المعلبة والجافة. (ر.و. أتكنز). يقول أتكنز أن الجمعية الوطنية (الأمريكية) لتصنيع الطعام (NFPA) حللت عام 1974 محتويات معلبات عمرها مئة سنة (عثر عليها في الباخرة برتراند التي غرقت في النهر عام 1865). فوجدوها غير ملوثة بالبكتيريا، وما زالت صالحة للأكل. لكن تغير قوامها وطعمها وانخفض محتواها من فيتاميني أ ، ج؛ في حين لم يتاثر محتواها من البروتينات والكلس. تبقى صلاحية المعلبات لسنوات طويلة بعد تاريخ انتهاء الصلاحية المسجل عليها، إذا حفظت في مكان بارد وجاف ومعتم، على رفوف، وليس على الأرضية، وبعيدا عن الجدران. وبشرط أن لا تكون قد تعرضت للانبعاج أو الصدأ قبل تخزينها. ولا ينصح بتجميد المعلبات، فهذا قد يجعلها تصدأ أو تنثقب. وعلى أية حال، إذا لاحظت مؤشرات على فساد الطعام مثل الرائحة المنتنة أو انتفاخ العلبة، تخلص منها فورا. وفيما يتعلق بالأطعمة الجافة، مثل الحبوب (القمح، الرز) فهي تبقى صالحة أكثر من 30 سنة إذا حفظت في أوان محكمة لا تدخلها الحشرات، ويبقى مسحوق الحليب صالحا لمدة 20 سنة. أما السكر والملح وصودا الخبز، فإنها لا تتلف إذا حفظت بمنأى عن الرطوبة. مصالح الشركات الصانعة: قد تعتقد أن للشركات الصانعة مصلحة في إطالة مدة الصلاحية. والواقع هو العكس. فهي قد تختصر المدة المعتادة إلى النصف حتى يتخلص الناس من المعلبات المنتهية الصلاحية ويشتروا معلبات جديدة. وهذا بالطبع قد لا يتفق مع مصلحة التاجر الذي تتراكم عنده معلبات منتهية الصلاحية، فيتلفها أو يزوّر التاريخ ويغيره؛ وقد يتفق هذا مع مصلحته، حتى يبيع كميات أكثر بعد أن يتلف الناس المعلبات القديمة لديهم. لاحظ أن المستهلك قد يقع أحيانا في مصيدة العروض والتنزيلات: تخفيض السعر إلى النصف مثلا، بشرط شراء 6 علب معا، ويكون تاريخ انتهاء صلاحيتها بعد أيام معدودة. وقد لا يتعدى استهلاكك لهذه المادة علبة في الشهر، فينتهي بك الأمر إلى التخلص من معظمها. لاحظ أيضا أن تاريخ الصلاحية على العبوات المحلية قد لا يعني شيئا؛ فبعض مصانعنا الغذائية لا تفعل أكثر من توزيع الأغذية المستوردة في عبوات أصغر. وتاريخ الإنتاج الذي تسجله على العبوات ليس سوى تاريخ التعبئة؛ في حين أن البراميل المستوردة الأصلية قد تكون تجاوزت تاريخ الصلاحية. (ومع هذا لا أحد يموت إذا تناول هذه المواد). ويجب التمييز بين مصطلحين: تاريخ الصلاحية Expiry date ومصطلح "ينصح بتناولها قبل" Best before. والواقع أنه مع انتشار الرفاهية والثراء الفاحش، أو حتى رغبة الطبقة المتوسطة في اعتناق أساليب الرفاهية، ازاداد توجه الشركات الصانعة نحو اختصار فترة الصلاحية للنصف أو أقل. (أذكر مثلا اثناء دراستي في فرنسا في أواخر السبعينيات عرض اصناف من البيض بسعر مضاعف، وبمدة صلاحية 3 أيام فقط، لمحبي المظاهر و"البهورة"؛ كما أذكر أن صلاحية قوالب الكيك كانت 3 أيام (داخل الثلاجة في المتجر)؛ وفي اليوم الثالث كان السعر يخفض للنصف، فيشتريها الطلاب الأجانب والفقراء (وهي تبقى جيدة بالتأكيد أسبوعا أو أكثر).