Powered By Blogger

الأربعاء، 15 فبراير 2012

نحو حل لغز الشبح الأحمر

حسام جميل مدانات

هل سبق لك أن شاهدت الشبح الأحمر، ذلك البرق الأحمر المتوهج الذي يحصل على ارتفاع ينوف على 90كم ولا يدوم لأكثر من بضعة أجزاء من الألف من الثانية؟.
نعتقد، على الأرجح، أنك لم تشاهده أبدا. وحتى عام 1989 كان العلماء لا يصدقون الأشخاص الذين يزعمون بأنهم شاهدوا هذه الظاهرة والتي اعتبرها العلماء مجرد أوهام وتهيؤات، مثلها مثل، الصحون الفضائية التي تكرر الحديث عنها مرارا دون أن يثبت وجودها.
وفي عام 1989. وبمحض الصدفة، أمكن تصوير هذه الظاهرة حين أجرى ثلاثة باحثين من جامعة منيسوتا الأمريكية اختبارات على آلة تصوير فائقة الحساسية، ومصممة لمتابعة الصواريخ على ارتفاعات عالية. وعند فحصهم للصور الملتقطة فوجئوا بظهور صورة عمودين من الضوء يرتفعان نحو 30كم فوق قمة رعدية في أقصى الأفق. وهكذا أصبحت هذه الظاهرة حقيقة علمية معترف بها، وتتطلب الدراسة والبحث لفهم سرها.
ما هو الشبح الأحمر ؟
يطلق على هذه الظاهرة باللغة الانجليزية red sprite أي الجني أو الشبح الأحمر وبالفرنسية sylphe rouge أي السلف الأحمر والسلف هو جني الهواء أو اله الهواء في الأساطير السلتية.
ومن الناحية النظرية، فان حدوث هذه الظاهرة كان يعتبر ممكنا حسب توقعات ثمسن ريزولسن الحائز على جائزة نوبل عام 1927. فقد اعتبر منذ عام 1925 امكانية حدوث تفريغ كهربائي بين قمم الغيوم وبين الطبقة المتأينة من الغلاف الجوي والتي يطلق عليها اسم الأيونو سفير والذي يمتد بين 90كم و 800كم فوق سطح الأرض. ورغم هذا التوقع القائم على أسس علمية، الا أن هذه الظاهرة لم تشاهد أو توثق علميا الى ما قبل 20سنة. وخلال العقدين الماضيين تكثفت الأبحاث التي تهدف لفهم كنه السلف الأحمر. ويبدو أن اللغز قد حل أخيرا. بعد أن تم تصوير عشرات الأشباح الحمر.
يمكن للسلف الأحمر أن يظهر بعد أن يحصل البرق العادي الذي نعرفه. ويبدأ الأمر بتشكل ما يسمى في علم الأرصاد الجوية بالركام المزني أو المكفهر وهي كتلة سحب ترتفع قممها على شكل جبال، وتطلق وابلا من المطر أو الثلج.
ويحصل ذلك عندما يرتفع هواء دافئ رطب ليتكثف بخار الماء في أعالي الجو الباردة مما يولد تيارات هوائية عنيفة للغاية تؤثر على قلب الغيمة. ويسبب احتكاك جزيئات الجليد شحنات كهربائية في الغيمة.
تتجه الجزيئات الثقيلة والسالبة الشحنة الى أسفل الغيمة بعكس الجزيئات الموجبة التي تتجه للأعلى. وتكون الظروف مهيأة لحصول برق أو صاعقة. لكن حصول السلف الأحمر يتطلب أشياء أكثر من ذلك . انه يعتمد على تشكل ما يسمى بالنظام الحملي المتوسط المقياس Mesoscale Convective system أو MCS لكن لا يخدعنك التعبير، متوسط القياس. فالمقصود هنا على مقياس الكرة الأرضية لأن هذا النظام من الغيوم قد يمتد ليغطي مساحة 000 100 كم مئة الف كم² . أي أكثر من مساحة الأردن.
وينتج اللون الأحمر للسلف عن تأين جزيئات النيتروجين والتي تطلق بدورها الطاقة على شكل أشعة حمراء. وقد خصصت أربعة سواتل أو أقمار صناعية لدراسة هذه الظاهرة. أطلقت اليابان أولها في 23 كانون ثاني 2009 . وسيطلق الروس ووكالة الفضاء الأمريكية ساتلين آخرين لهذا الغرض. كما يطلق المركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية عام 2012 ساتلا يدعى Taranis وسيحمل هذا الساتل كمرتين سريعتين ومجسات لكشف أشعة غاما وأشعة اكس. ويعتقد أن الأشباح الحمراء تطلق ومضات أو تدفقات عن أشعة غاما. كما أنها تؤثر على تشكل أكاسيد النيتروجين اضافة الى الأوزون في طبقات الجو العليا.

Science et Vie 3/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق