Powered By Blogger

الأربعاء، 15 فبراير 2012

عندما يصبح الخيال العلمي حقيقة : نحو الانسان المتفوق

عندما يصبح الخيال العلمي حقيقة :
حسام جميل مدانات

يذكر الكهول منا الأبطال الذين استحوذوا على خيالنا وأحلامنا في مرحلة الطفولة، مثل سوبرمان الذي كنا نقرأ عنه في المجلات المصورة. وهو البطل الخارق للعادة والذي قدم من كوكب يدعى كربتون. وهو قادر على الطيران مرتديا بذلته الزرقاء والحمراء ليحارب الأشرار وينقذ العالم.
منذ ذلك الحين ظهر أبطال كثيرون في أفلام ومسلسلات الخيال العلمي التي يتابعها أطفالنا على شاشة التلفاز، وعلى أرض الواقع حقق الانسان قفزات هائلة في مختلف مجالات العلم والتقنية، وليس أقلها غزو الفضاء والحاسوب وثورة الاتصالات والانترنت والخلوي والرابوطات ولكن أيضا في مجالات مثل أطفال الأنابيب والاستنساخ والخلايا الجذعية وهندسة الجينات. فالى أين يتجه الانسان، وهل يحتمل أن يشهد المستقبل ابتكار الرابوط أي الانسان الآلي، القادر على منافسة الانسان، بل حتى السيطرة عليه؟
في شباط 2009 اجتمع المختصون بالذكاء الاصطناعي في اسيلومار/كاليفورنيا لمناقشة المخاطر المحتملة لتفوق الآلة أو الانسان الآلي على الانسان، وأعلن المجتمعون أن الذكاء الآلي أو الذكاء غير الانساني قادم لا محالة. وقد أجرت مجلة " هذا يهمني" الفرنسية لقاء مع جون مشيل بنييه Besnier استاذ الفلسفة في جامعة السوربون، والمدير العلمي لقطاع العلم والمجتمع في وزارة التربية والبحث الفرنسية، والذي أصدر كتابا في عام 2009 بعنوان " غدا، ما بعد الانسان". ونعرض فيما يلي لما جاء في هذا اللقاء.
سؤال : تصف في كتابك مستقبلا غريبا للبشريةـ مخلوقات تطلق عليها اسم ما بعد الانسان (Posthuman) أو الانسان المتفوق. فماذا تعني بهذا التعبير؟
بنييه : أعني بذلك مخلوقات فقدت بعض الخواص الحالية للبشر، لكنها تبقى انسانية في جوهرها. في المستقبل سيصبح الحمل والولادة من ذكريات الماضي. سيصنع أفراد البشر بواسطة الاستنساخ أو داخل رحم اصطناعية. سيكون هذا الانسان متفوقا فعلا، فهو لن يتعرض للمرض وذلك بفضل هندسة الجينات، وسيمكن نسخ محتويات دماغ الانسان على مواد تخزين لا تتلف (دسكات فائقة الثبات والمتانة) مما يجعل الانسان خالدا بالفعل اذ تخزن أفكاره وشخصيته للأبد، يمكننا أن نطلق على انسان المستقبل الاسم (cyborg) أو" رابسان"، أي نصف رابوط ونصف انسان. (ونذكر هنا وصف انسان المستقبل كما ورد في رواية برناردشو: العودة الى ميتوشالح، حيث يخرج الإنسان من بيضة، ويكون بسن الثامنة عشرة مباشرة)، فهل هذا محتمل حقا؟

بنييه: ما زال هذا حلما. لكن هذا المخلوق الهجين، الرابسان، قد ظهر بشكل أو بآخر منذ هبط الانسان على سطح القمر. ففي ذلك الحين زود اولئك الرواد بوسائل كهربائية آلية حتى يحققوا مهمتهم في تلك البيئة القاسية المعادية. ومنذ ذلك الحين انتشر استخدام الوسائل الآلية المساعدة، رغم أنها لا تحظى بالقبول أحيانا. ومن ذلك أن العداء الجنوب افريقي اسكار بستوريوس والذي بترت قدماه، لم يسمح له بالمشاركة في سباقات الجري في الألعاب الأولمبية عام 2008 لأن قدميه الاصطناعيتين تمنحانه سرعة فائقة.
سؤال: وكيف تصف علاقة الانسان بالألات الذكية؟
بنييه: تذهلنا حاليا الرابوطات التي يبتكرها اليابانيون كل يوم. وخاصة تلك التي تشبه الانسان في شكلها، لدرجة تجعلنا نتساءل: هل لها روح مثلنا؟ فهي تظهر ذكاء انسانيا وعواطف انسانية، ونحن نشاهد على وجوهها ملامح الدهشة أو الغضب أو الحب. وقد نطور معها علاقات مشابهة لتلك التي نبنيها بين بعضنا البعض. وهنا يثار تساؤل حول قدرة الرابوط على السلوك المستقل. كما تطرح حاليا قضية الاخلاقيات والقيم التي يجب أن يلتزم بها الرابوط. ونتساءل هل يجب أن نفرض عليه واجبات وأن نمنحه حقوقا؟
وقد صاغ علماء ذكاء اصطناعي كوريون وانجليز بالفعل وثيقة سلوك خاصة بالرابوطات، استوحيت من كتابات اسحق عظيموف، كاتب الخيال العلمي.

سؤال: ما التأثير المحتمل لهذه الثورة؟
بنييه: نخشى أن ينقسم بشر المستقبل الى مجموعتين: تمتلك احداهما جميع المزايا وتحرم الأخرى منها. وقد ناقش الفيلسوف بيتر سلوتردك هذه المسألة المتمثلة بكيفية تنظيم العلاقة بين أشخاص ناتجين عن الاستنساخ وهندسة الجينات والتكنولوجيا، وآخرين ناتجين عن الصدفة أي التزاوج العادي الطبيعي الذي تعتمد طبيعة الاطفال الناتجين عنه على دور الاحتمالات في ظهور بعض صفات الأبوين في الجنين، وأيضا العلاقة مع الرابوطات الذكية ومع حيوانات زودت بذكاء انساني. يجب الآن صياغة اخلاقيات تنظم العلاقات المتبادلة بينها بهدف تحقيق الرفاه والسعادة للجميع.
وهل سيبقى وجود للروحانيات في عالم الرابسان هذا؟
بنييه : هذا تساؤل جوهري. منذ عصر جليليو وديكارت أعتقد الانسان أنه بدأ يفهم الطبيعة ومن ثم أصبح بامكانه أن يسيطر عليها. لكن نلاحظ أن العلم والتكنلوجيا لم يستطيعا حتى الآن الغاء الروحانيات.
في عام 1967، عندما زرع أول قلب لانسان، اعتبر البعض ذلك تجاوزا من الانسان على قوانين الطبيعة. وقيل الشيء نفسه عن غزو الفضاء وعن أطفال الأنابيب والاستنساخ. أن العلم يرعب البعض لأنه يزعزع أحيانا بعض معتقداتنا. لكن هذا التأثير وقتي وعابر عادة. ونلاحظ أن تكنلوجيا المعلومات والاتصالات تعمل على توحيد العالم وهو هدف تجده في جوهر جميع الأديان.

Ca m’interesse/Sep/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق