Powered By Blogger

السبت، 11 فبراير 2012

سر النظارة الحساسة للضوء

لا شك أنها نظارة ذكية ، فهي تصبح معتمة قاتمة من تلقاء نفسها اذا زادت شدة الضوء ، وتعود شفافة تلقائيا بمجرد زوال الضوء الساطع . فهي في ذلك، الى حد ما، مثل الحرباء التي تغير لونها حسب الوسط المحيط، بينما نظارتنا هذه تغير من شفافيتها حسب الضوء الساقط عليها .
فما سر هذه النظارة الحساسة للضوء والتي يطلق عليها اسم " النظارة المتلونة ضوئيا " Photochromatic أو ببساطة " المتلونة ( أو المتقلبة !) .

تفاعلات كيميائية :
يحتوي زجاج النظارة المتلونة على صبغات تحجز الضوء عندما تزداد شدته ويزداد محتواه من الاشعة فوق البنفسجية الضارة للعين . ويتم ذلك وفق واحدة من تقنيتين مختلفتين .
التقنية الاولى وهي التقليدية ، طورتها المؤسسة الأمريكية كورننغ Corning قبل نحو أربعين سنة ، وتعتمد على خلط زجاج العدسات ببلورات بعض املاح الفضة ، وبالذات ذرات الهلوجينات مثل الكلور أو البروم مع ذرات الفضة . وهي بلورات شفافة منفذة للضوء .
تحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية ، تتفكك هذه البلورات الى جزئيها : الفضة والهلوجين . وعندما تجد ذرات الفضة نفسها حرة فانها تتجاذب معا لتشكل تجمعات معدنية معتمة تمتص الضوء فيفقد زجاج العدسة شفافيته .
ويمكن تعظيم هذه الظاهرة باضافة ايونات النحاس التي تزيد ايضا من اتزان هذه العملية .
الأمر المهم في هذه التقنية هو أنها منعكسة، فعندما يخفت الضوء تعود ذرات الفضة لتتحد مع الهلوجينات لتشكل بلورات شفافة وتعود عدسات النظارة الى صفائها وشفافيتها .


تقنية مختلفة للبلاستيك :

تصلح التقنية السابقة للعدسات الزجاجية فقط وليس للعدسات البلاستيكية أو العضوية التي اخترعت قبل نحو ستين سنة، وهي تتميز بأنها أخف وزنا من الزجاجية ، وأكثر تحملا للصدمات مما يجعلها أنسب للأطفال الذين يكثرون الحركة واللعب ويتعرضون أكثر للحوادث ولاحتمال تحطم زجاج النظارة. لكن التقنية السابقة، لا تناسب البلاستيك. فهو لا يسمح لبلورات الفضة بالانتشار خلاله بانتظام . وتوجب انتظار عام 1991 حين طورت تقنية البلمرة الباردة ويطلق عليها اسم (Sol – gel ). في هذه الطريقة يطلى سطح العدسة بطبقة من مادة تحتوي على الكربون ، وتكون الطبقة شفافة اذا كانت الاضاءة ضعيفة، وعندما تتعرض لأشعة فوق بنفسجية قوية فان الروابط بين الذرات تتفكك فتمتص الضوء وتصبح معتمة .
لكن امتصاص الضوء لا يحصل بشكل منتظم ومتساو مما قد يشوه رؤية الأجسام الملونة بشكل خاص. وتمثل حل هذه المشكلة بوضع عدة أنواع من الطبقات معا.
ويجب أن نشير الى أن كلا التقنيتين تعانيان من عيب كبير, وهو أن المواد المستخدمة تعاني من الانهاك وتردي الفعالية بعد فترة من استخدامها، فيزداد الزمن اللازم لتغير الحال من الشفافية للقتامة وبالعكس. (ويلاحظ أن النظارة الجديدة تحتاج 5 دقائق للانتقال من حال الى حال.) ولهذا السبب ينصح بتغيير النظارة الزجاجية المتلونة بعد 3 سنوات من استعمالها، أما النظارة البلاستيكية فعمرها أقصر من ذلك .
بقي أن نذكر أن هذه المواد الحساسة للضوء تستخدم أيضا في مجالات أخرى كمواد التجميل التي يتغير لونها مع تغير شدة الاضاءة .

العلم والحياة الفرنسية 12/2007 Science et Vie Dec.,2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق