Powered By Blogger

السبت، 11 فبراير 2012

نحو عصر القطارات الفائقة السرعة

مع توقيع اتفاقية انشاء خط السكة الخفيف بين الزرقـاء وعمان ، يبدو أن الأردن قد تنبـه ، متأخرا نوعا ما ، الى ضرورة هذه الوسيلة الفعالة من المواصلات ، بعد أن وصل احتقان طرقنا وشوارعنا بالسيارات حد الاختناق وحـوادث السير حـد المجازر ، فلم تعد الارباح الهائلة لتجار السيارات ودخل الحكومة العالي من جمارك السيارات تمثل مبررا مقنعا لأي كان لابقاء الاردن متفردا بخلوه من السكك الحديدية المفعّلة . ونعلم أن خط الحديد الحجازي الذي انشئ عام 1900 شبه مشلول منذ أواخر الحرب العالمية الأولى . أما سكة الشيدية العقبة فهي لنقل الفوسفات نحو مينائنا البحـري الوحيـد .
شبكة أوربية للقطارات الفائقة السرعة :
ساعتان وربع لقطع المسافة بين باريس ولندن . هذا هو الزمن الذي يستغرقه القطار المدعو اوروستار ( يوروستار ) عبر نفق تحت بحر المانش ، الذي يفصل بريطانيا عن القارة الأوربية ( بدل ساعتين ونصف قبل بضعة أشهر ). هذا الخط هو واحد من عدة خطوط لقطارات فائقة السرعة ، قائمة حاليا ، أو ستقام خلال السنوات القليلة القادمة لتغطي اوربا بأكملها . وتضاف هذه الخطوط الى عشرات آلاف الكيلومترات من خطوط السكك العادية المتوسطة السرعة .
يعتبر القطار فائق السرعة اذا تجاوزت سرعته 180كم في الساعة . وهي تصل على بعض الخطوط حاليا الى 250كم/ساعة ويمكن أن تبلغ 350كم/ساعة . وبالطبع فان مثل هذه السرعات لا يمكن قبولها للسيارات على الطرق لاسباب تتعلق بالامـان والسلامة العامـة ، لكنها سرعة مقبولة وآمنة تماما لهذا النوع من القطـارات .
انشئ أول خط للقطار السريع ( اكسبرس ) في اوربا عام 1891 ، وكان يصل باريس بفينا. وفي عام 1957 ارتبطت فرنسا بالمانيا وسويسرا وايطاليا بقطار سرعته 160كم/ساعة . لكن اليابان كانت أول دولة تنشئ سكة حديد للقطار الفائق السرعة والذي وصل بين طوكيو واوساكا ، وكان ذلك عام 1964.
ولم تدخل أوربا هذا المجال الا عام 1976 ( خط روما – فلورنسا ) ثم باريس – ليون عام 1981 ، ومدريد – اشبيلية عام 1992 . وحققت المفوضية الأوربية أول خط فائق السرعة بين دولتين أوربيتين عام 1994 وهو أوروستار بين باريس ولندن .. وفي عام 2007 بدأ تشغيل قطار الشرق الفائق السرعة .
لكن الواقع هو أن شبكة السكك الأوربية الفائقة السرعة غير موجودة بعد . فمعظم الخطوط وطنية ، تبدأ وتنتهي داخل حدود نفس الدول . ولهذا السبب انشئت الوكالة الأوربية للسكك الحديدية عام 2005 لتضع معايير موحدة لمثل هذه الشبكة ، وأيضا لتدعم وتشجع مد الخطوط بين الدول عبر الحواجز الطبيعية كالجبال والبحــار والانهـار . فالخط الذي سيصل ليون في فرنسا مع تورين في ايطاليا يتضمن نفقا عبر الجبال طوله (53) كم وسيبدأ العمل به عام 2010.

أنظمة اشارات مختلفة :

لعل أكبر مهمـة يجب أن تتكفـل بها الوكالـة الأوربيـة للسكـك الحديديـة هي توحيـد أنظمـة الاشـارات . يوجـد حاليـا 23 نظام اشـارات مختلفـة بين الدول الأوربية ، وجميعها غير متوافقة أو منسجمة مع بعضها البعض . وقد بدأت المجموعة الأوربية السعي لتوحيد هذه الأنظمـة عـام 1989. وتوصلت عام 2002 الى تبني نظام موحد أطلـق عليه اسم " النظـام الأوربـي لمراقبـة السكـك الحديديـة ( ارتمس ) (ERTMS) ، والذي وجب اعتماده منذ ذلك التاريخ لأي خط حديدي يربط بين دولتين أو أكثر .

يجدر بالذكر أن القطار الفائق السرعة لا يتوقف على الحدود بين الدول ، والا فهو سيخسر وقتا ثمينا يبطل الجدوى من سرعته . ومن هنا تأتي أهمية انشاء الاتحاد الأوربي الذي أتاح حرية الانتقال بين دوله دون الحاجة للتوقف على الحدود والتفتيش والتعطيل . ولهذا السبب بالذات يصعب تسيير قطارات فائقة السرعة بين الدول العربية ما دامت الحدود والجمارك واجراءاتها المعقدة قائمة .
نشير أخيرا الى أن معظم زبائن القطار الفائق السرعة هم رجال الأعمال الذين يمكنهم تحمل الكلفة العالية للركوب في هذا القطار . لكن هذه الفئة لن تفضل استخدام القطار اذا زاد زمن الرحلة عن 3 ساعات ، اذ تصبح الطائرة عندئذ خيارا أفضل .


Science et Vie Aout 2007 مجلة العلم والحياة الفرنسية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق