Powered By Blogger

السبت، 11 فبراير 2012

المتابعة الصحية في المنزل... عن بعد

في أواسط الثمانينات، طوّر الأمريكي لورنس روبنشتين أسس طريقة الرقابة أو المتابعة الصحية للمسنين عن بعد، وهم داخل منازلهم، وتعرف بالتقييم الصحي للمسنين geriatric evaluation. والآن يبدو أن هذا الهدف قد أصبح قريب المنال وسهل التطبيق في مختلف الدول والمجتمعات بفضل التقدم الهائل في مختلف مناحي الحياة، ولا سيما في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والوسائل التشخيصية والمخبرية الطبية الفردية.

لا شك أن وضع المريض أو المسن بشكل عام، تحت الرقابة المتواصلة عن بعد، وهو داخل منزله، يمثل حلما جميلا للحكومات والسلطات الصحية ومؤسسات التأمين الصحي. فهو بديل غير مكلف مقارنة مع مراجعة المستشفى والاقامة فيه.

مجتمعات تتزايد هرما

تعاني المجتمعات المتقدمة، وحتى النامية منها، في هذه الأيام، من تزايد نسبة المسنين وارتفاع أمد الحياة الى مستوى غير مسبوق في التاريخ. فقد وصل أمد الحياة في دول شمال أوربا بشكل خاص الى ثمانين سنة أو أكثر. وهو للنساء عادة أعلى منه للرجال، في مختلف المجتمعات. ويقدر أن 8% من سكان العالم يزيد عمرهم عن 65 سنة. ويتوقع أن تتضاعف هذه النسبة عام 2050. ويعيش كثرة من المسنين في هذه المجتمعات وحيدين، في عزلة عن الجيران، وبعيدين عن الأبناء والاحفاد والأقارب. اما بيوت العجزة فهي لا تؤوي سوى نسبة بسيطة منهم وضمن ظروف ومستويات عناية متفاوتة كثيرا.

ومن ناحية أخرى، فان المسنين هم بلا شك أكثر عرضة للاصابة بمشكلات صحية متنوعة ومتباينة في شدتها وخطورتها. وتحتاج بعض هذه المشكلات الى رعاية يومية في المنزل أو متابعة طبية دورية منتظمة.

مشروع جيرهوم (GerHome): المتابعة مع الاعتماد على الذات

يهدف نظام المتابعة الصحية للمسنين في المنزل الى تطبيق وسائل الرقابة والتشخيص الصحية وتزويدهم بالمساعدة اللازمة اذا حصل حادث أو طاريء، دون أن يؤثر ذلك على خصوصيتهم وحريتهم الشخصية واعتمادهم على أنفسهم. وهذا يتطلب ايجاد وسائل للرقابة الدائمة واستخدام أنظمة انذار وتحذير. لكن هؤلاء الأشخاص مختلفون كثيرا سواء من طبيعة مساكنهم وظروف معيشتهم وأحوالهم الصحية. وقد هدف "النظام المعياري لتقييم الرعاية الصحية للمسنين"، الذي وضعه روبنشتين، الى تحديد نقاط الضعف لدى كل مسن، وسواء كانت جسدية أوظيفية أو عقلية أو غذائية...، واعتماد خطط وآليات للتدخل والمساعدة. وقد اعتمد هذا النظام حتى الآن على معطيات شخصية، تحصل مثلا بواسطة تعبئة استبانات. بينما يمكن لتقنيات المعلومات والاتصال المتطورة حاليا أن توفر بيانات ومعطيات أدق وأكثر موضوعية.

ومن هنا ولد المشورع الفرنسي جيرهوم GerHome ، أي المتابعة المنزلية للمسنين، عام 2004، بتشارك عدة مؤسسات منها المركز الطبي الجامعي في مدينة نيس (CHU) والمركز العلمي والتقني للبناء CSTB و (Inria).
وسعى المشروع الى تصميم منزل "ذكي" يحتوي على أدوات لقياس درجة الحرارة والاضاءة والرطوبة ومدى تلوث الهواء... داخل المنزل، اضافة الى تسهيل التحرك واستخدام مختلف الأدوات وفتح الأبواب والنوافذ الخ.

( ويلاحظ أن نسبة لا بأس بها من الحوادث تحصل للمسنين داخل الحمام بينما الباب مغلق من الداخل مما يعيق اجراءات الاسعاف ويؤخرها، بينما قد تكون الدقيقة الواحدة فاصلة بين الحياة والموت).

ويتضمن النظام أيضا تطوير وسائل لتحليل الصور والمعطيات مثل تصميم مقعدة مرحاض مزودة بوسائل لتحليل البول والبراز وقياس النبض والضغط، وتحديد التصرفات الدالة على احتمال حدوث مشكلة أو خطر , وفي عام 2007 تضمنت التجارب تصميم " شقة مخبرية" مزودة بمختلف اللواقط وأدوات القياس والكمرات وطبقت التجربة على 14 متطوعا مسنّا.

وتتضمن المرحلة الثانية من المشروع التي بدأت عام 2009 انشاء مسرح تجارب في المستشفى الجامعي في نيس أيضا، وبدعم من الادارة العامة لمؤسسات الأعمال (DGE)، وذلك من أجل اختبار تقنيات متطورة للمتابعة الصحية في المنزل. ولا شك أن التطبيق الفعلي لثمار هذه المشاريع والتجارب لن يكون بعيدا. مما يعني تحقيق رعاية أفضل للمسنين الوحيدين وهم داخل منازلهم، وتوفير الكلفة الصحية التي يتحملها هؤلاء الأفراد والتأمين الصحي على السواء.

La Recherche No. 428

هناك تعليق واحد: