Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

حاسوب المستقبل من جزيئات قليلة

تتضاعف القدرة الحسابية للحواسيب كل ثمانية عشر شهراً تقريباً، ويعود معظم الفضل في ذلك الى التصغير المذهل لحجم المكونات الأولية للحاسوب. وهناك بوادر تنبئ بأن الحاسوب يوماً ما سيتكون من بضع جزيئات Molecules فقط.
كان آري أفيرام Ari Aviram أول من اقترح، في سبعينيات القرن الماضي، صناعة مكونات الكترونية باستخدام جزيء واحد. وقد عمل أفيرام نحو 30 سنة مع شركة آي.بي.ام IBM، ثم تركها ليؤسس شركة كيوترُنكس Qutronics التي تسعى لتطوير الجزيئات الالكترونية بدعم مالي حكومي، والهدف الطموح هو أن يحل جزيء واحد محل المكونات الالكترونية البسيطة مثل الوصلة أو الديود أو النيقل (الترانزستُر). وتصنع هذه القطع عادة من السلكون أو من مواد أخرى شبه موصلة. وكانت المجلة الامريكية (العلم Science) اعتبرت ان الالكترونيات الجزيئية اهم انجاز علمي لعام 2001م. وقد تمكنت مختبرات عدة من صنع وصلات من مكونات جزيئية منذ سبع سنوات. وتوجد ثلاث طرق لتحقيق ذلك، اولاها واقدمها تدعى "التجمع الذاتي"، وتعتمد على انجذاب بعض الجزيئات لسطوح معينة مثل انجذاب جزيئات الكبريت للذهب والتصاقها عليه، او جزيئات السليكون على الالمنيوم. وهكذا يمكن تثبيت طبقة واحدة من هذه الجزيئات على السطح المناسب لها. وهذه هي قاعدة صناعة الدارات المتكاملة.
تدعى الطريقة الثانية "الوصلات المكسورة"، وتستخدم لتكوين فراغات متناهية الصغر بين سلكين معدنيين. وقد يصل طول الفراغ الى نانومتر واحد او حتى عشر نانومتر، وذلك حسب حجم الجزيء الذي يُراد وضعه في الفراغ من اجل دراسة خصائصه الالكترونية. ويتم اللجوء للطريقة الاولى : التجميع الذاتي، من اجل وضع الجزيء في الفراغ المخصص له.
اما الطريقة الثالثة والاحدث، فهي الليثوغرافيا (الطباعة الحجرية) باشعة الالكترونات، وهي تتيح امكانية حفر سطوح معينة بدقة 4 او 5 نانومترات، وهذا يعادل حجم الجزيئات. وهكذا، تجهّز مواضع على السطح لتحشر فيها الجزيئات المطلوب دراستها.
وقد كانت بداية عهد الالكترونيات الجزيئية عندما لوحظ ان بعض المواد العضوية العازلة تكتسب موصلية للكهرباء اذا احتوت على شوائب، فصنعت نياقل (ترانزستورات) من هذه المواد.
وفي عام 1974م نشر أفيرام مقالا يقترح فيه صناعة ديود جزيئي، ورغم عدم امكانية تطبيق هذه الفكرة في ذلك الوقت، الا ان المقال، جعل الناس يدركون امكانية تحقيق ذلك، كما وضّح كيفية تحقيقه. ثم توالت الافكار والابحاث، ومنها مثلا مقالة نشرت عام 1992م في المجلة الدولية لكيمياء الكم توضح مبدأ صناعة دارة متكاملة باستخدام مكونات جزيئية.
ولعل الخطوة المهمة التالية تتمثل في صنع مكونات الكترونية جزيئية ذات كفاءة تعادل على الاقل كفاءة المكونات المصنوعة من السليكون، وذلك حتى تحظى بقيمة تجارية، رغم ان الالكترونيات الجزيئية تتفوق على نظيرتها المصنوعة من السيليكون في نواحٍ ثلاث: كلفة الصنع واستهلاك الطاقة والسرعة.
لكن ربما يجب الانتظار بضع سنوات اخرى قبل ان تصل هذه التكنولوجيا الى مرحلة التسويق التجاري المنافس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق