Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

خمسة وثلاثون مليون قطعة حطام فوق رؤوسنا

بعد نحو خمسين عاما على غزو البشر للفضاء، أصبح الفضاء مزبلة للأرض ولحضارتها المدمرة، تماما كما حولنا أجزاء كبيرة من سطح كوكبنا وبحاره وأعماقه الى مزبلة لفضلات، بعضها سام قاتل.
في عام 1957 اطلق الاتحاد السوفياتي اول قمر صناعي نحو الفضاء وهو (سبوتنك1)، ومنذ ذلك الحين بلغ مجموع المركبات الفضائية والسواتل (الاقمار الصناعية) التي اطلقت نحو الفضاء اكثر من 4000، اي بمعدل اطلاق واحد كل 4 ايام.
ورغم ان معظم هذه السواتل والاجسام او حطامها قد عادت الى الارض او تساقطت عليها، فان عددا كبيرا منها ما زال يدور حول الارض. بعض هذه السواتل فعالة عاملة، وبعضها غير عامل، وبعضها حطام سواتل او صواريخ او مراحل منها او نواتج تصادمات او انفجارات لهذه الاجسام.
يقدر عدد هذه القطع او الاجسام، من اصغرها الى اكبرها، بنحو 35 مليونا، منها 9000 جسم كبير يبلغ قطرها اكبر من 10 سم تتابعها متابعة مستمرة محطات الرصد العسكرية الامريكية.
من بين هذا العدد 540 ساتلا عاملا، اي نحو 6 % منها. بينما ال 94 % الباقية عبارة عن حطام : سواتل مهجورة معطلة، الطوابق العليا من صواريخ القذف، صفائح معدنية ناتجة عن انفجار خزانات وقود... ويقدر مجمل وزن هذه الفضلات بثلاثة آلاف طن. وتقدر الوكالة الامريكية(US space com) ان هناك نحو 200000 قطعة، قطر كل منها اكبر من سنتمتر واحد، تدور حول الارض، ونحو 35 مليونا بقطر اقل من 1 سم.

كيف وصلنا الى هذا الوضع الخطر ؟
يقول فرنان البي، مسؤول دراسة الحطام الفضائي في المركز الفرنسي لدراسات الفضاء، (CNES) ان الوعي لهذا الامر كان متدنيا في البداية، لان الناس اعتقدوا ان الفضاء أكبر من أن تؤثر عليه هذه الفضلات.
ولم يظهر الوعي والاهتمام بهذه المشكلة الا في اوائل الثمانينيات عندما عادت المكوكات الفضائية الامريكية الى الارض وعلى هياكلها آثار تصادم مع هذه الاجسام التائهة في الفضاء.
وخلال الفترة 10/1998 – 4/2001 توجب تغيير 20 هيكلا من هياكل المكوكات بسبب تصادمات، نصفها مع نيازك طبيعية بالغة الصغر، ونصفها الآخر مع فضلات فضائية من صنع البشر.
وتفسير ارتفاع عدد التصادمات، رغم اتساع الفضاء، بسيط، اذ أن معظم السواتل تدور ضمن واحدة من منطقتين. احداهما ذات مدار قريب، بين 200 و 2000 كم عن الارض، حيث توجد المحطة الفضائية الدولية وسواتل مراقبة الارض.
والمدار الآخر هو المدار المستقر ارضيا (geostationary) وهو نطاق عرضه نحو 50 كيلومترا ويبعد عن الارض 36000 كم، وفيه تدور معظم سواتل الاتصالات.
وبالطبع فان معظم الحطام الفضائي يتركز في هذين النطاقين.
فاذا عرفنا ان سرعة هذه الاجسام تتراوح بين 100000 و 280000 كم/ساعة (حسب ارتفاعها اي بعدها عن الارض) فان اي جسم منها مهما صغر حجمه ووزنه يسبب اضرارا كبيرة اذا اصاب الساتل، كما ان اي تصادم جديد سيولد حطاما جديدا يقدر عدد أجزائه بنحو مئة ضعف عددها في الحطام الاصلي. وهذا يعني انه حتى لو توقف اطلاق السواتل فان هذا لن يوقف تزايد عدد قطع الحطام في الفضاء. وتضطر المكوكات الفضائية الامريكية احيانا الى المناورة لتجنب الاصطدام بجسم كبير، كما حصل في كانون الاول/2001 عندما غيرت المركبة انديفر (endeavour) مدارها بضعة كيلومترات لتفادي بقايا صاروخ سوفياتي يعود لعام 1971.
ولتمكين المحطة الفضائية الدولية من تحمل الاصطدام مع الشظايا والفضلات الصغيرة (اقل من سنتمتر واحد)، فقد زودت المحطة بدرع واق مكون من عدة طبقات من الالمنيوم والفخار والكفلار (kevlar) مما يزيد من وزن المحطة بنسبة 10 %.
وتبقى الاجسام الاخطر هي تلك التي يتراوح قطرها بين 1 – 10سم اذ انها اصغر من ان تراقبها المحطات الارضية لكنها كبيرة لدرجة كافية لتسبب اضرارا خطيرة.
وحتى هذه الساعة لا توجد اي خطة جدية معتمدة لتنظيف الفضاء، رغم ان العقد الماضي قد شهد محاولة تنفيذ المشروع الامريكي (اوريون) (Orion) الذي تضمن تدمير قطع الحطام الفضائية بواسطة اشعة الليزر. لكن هذا المشروع واجه ثلاث مشكلات كبيرة :
صعوبة توجيه الاشعة نحو اجسام صغيرة تسير بسرعة عشرات آلاف الكيلومترات في الساعة.
وكيفية تصنيع جهاز يبث اشعة ليزر قوية بما يكفي لتدمير تلك الاجسام البعيدة؟
ثم ماذا سنصنع بالحطام الصغير الجديد الناتج عن تدمير الاجسام الكبيرة؟
وهكذا فما علينا حاليا سوى قبول فكرة بقاء هذه الاجسام والشظايا في الفضاء وانتظار ان يسقط بعضها نحو الارض مع الزمن بفعل احتكاكها مع طبقات الجو العليا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق