Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

طنين الأذن: العلاج على الأبواب

يعاني نحو خمسة ملايين فرنسي ( أي نحو 10% من السكان)، من طنين الأذن. ومنهم300,000 يعتبرونه غير محتمل. والطنين هو ذلك الصوت الذي يصفر أو يوشّ أو يئزّ في الأذن، وبوتيرة دائمة أو متقطعة، دون أن يكون السبب في ذلك أي مصدر صوتي خارجي. وقد ساد الاعتقاد طويلا بأن سبب الطنين نفسي. ولم تنجح أية أدوية في علاجه بفعالية. لكن الدلائل تبشر بقرب التوصل لعلاج ناجح له.

وقد ثبت الآن أن طنين الأذن ذو أصل عضوي، وأنه ليس ناتجا عن اضطراب نفسي. لكن هذا الخلل في عضو السمع لدينا يبدو معقدا، كما أن معرفتنا بأسراره ليست كاملة بعد.

مسببات الطنين

يرتبط الطنين الى حد كبير مع مظاهر بدء ضعف السمع واحتمال فقده تدريجيا. وتبدأ هذه المشكلة مع حصول أضرار في القوقعة التي تقع في الأذن الداخلية. وهي العضو الحساس في الأذن، وتحول الاشارة الصوتية الى رسالة عصبية. وقد يكون ذلك مؤشرا على سبب مرضي، مثل تراكم صملاخ الأذن أو شمعها ، أو تنخر العظام Otospongiosis الذي يصيب سلسلة العظيمات في الأذن الوسطى، أو بسبب مرض منيير Meniere الذي يترافق فيه الدوار والدوخة مع الطنين وتراجع قدرة السمع. كما يمكن أن يحصل الطنين بعد التعرض لدوي هائل، مثل انفجار قريب، أو لاختلاف كبير مفاجيء في الضغط الجوي. بل ان بعض الأدوية، مثل الأسبرين قد تسبب الطنين (في هذه الحالة، يجب إعطاء المريض الجلوكوز بأسرع وقت ولبضعة أيام متوالية). وعلى أية حال، فإن تزايد نسبة الإصابة يفسر ببضعة عوامل، منها تزايد أمد الحياة وبالتالي ارتفاع نسبة المسنين في المجتمعات المتقدمة. والسبب الثاني هو الإدمان على استخدام سماعات الأذن للاستماع للموسيقى أو الهاتف الخلوي. كما أن حياة المدن المعاصرة بما تحفل به من ضجيج، في الشارع وفي موقع العمل وفي المنزل حيث الجميع يتحدث على الهاتف بلا توقف، وحيث التلفاز يبث برامجه ليل نهار، تمثل سببا محتملا أيضا.

أما موقع الخلل الذي يسبب الطنين، فيختلف فيه العلماء حتى الآن. بعضهم يعتقد أنه خلل في الأذن نفسها، يمختلف أجزائها. وآخرون يميلون للظن بأن الخلل يحصل في الدماغ، وبالذات في مواقع استقبال اشارات السمع.

اسلوبان للعلاج

تسير طرق العلاج حاليا في اتجاهين مختلفين: الاتجاه الأول كيميائي، والثاني مغنطيسي. يعتمد العلاج الكيميائي على حقن مادة تخمد النشاط غير الطبيعي للعصب السمعي. وقد حقق هذا الأسلوب نجاحا واضحا. فقد طبق على ستة مرضى المان، وتحقق الشفاء لديهم... مؤقتا... لمدة 3 أسابيع بعد الجرعة الوحيدة التي أعطيت لهم. وقد نشرت النتائج في عدد تشرين أول 2009 من الدورية المتخصصة:European Archives of Oto-Rhino-Laryngology . طُبّق العلاج في مستشفى هانوفر الالماني، حيث حقنت مادة تدعى GACYCLIDINE في الأذن الوسطى، وبالذات لدى مرضى حديثي العهد بالاصابة، اذ يبدو أن هذا الأسلوب لا يجدي مع المصابين بطنين مزمن، لأن الطنين في هذه الحالة يكون قد أثر على موقع السمع في الدماغ، مما يتطلب اسلوبا مختلفا من العلاج.
يطلق على هذا الأسلوب المختلف اسم " التحفيز المغنطيسي المتكرر عبر الجمجمة" وقد طبقت هذه التقنية بالفعل لعلاج مشكلات أخرى في الدماغ، مثل الاحباط الخطير، أو الهلوسة السمعية. ويبدو أنه يحقق نتائج طيبة حاليا في علاج طنين الأذن، حسب التجارب الجارية في المركز الطبي لجنوب مدينة ليون في فرنسا. يعتمد العلاج بالتحفيز المغنطيسي على وضع ملف ممغنط فوق الجمجمة بهدف تقويم الخلل في الأداء الكهربائي للجزء السمعي في قشرة الدماغ، وبالتالي الحد من الشعور بالطنين. أجريت في هذا المركز الطبي منذ عام 2005 نحو ستين تجربة على مصابين بالطنين المزمن، وخضع كل منهم لما بين خمسة الى عشرين جلسة علاجية. وينتظر نشر النتائج مع نهاية العام الحالي 2010.

يجدر بنا أخيرا أن نشير الى الاعتقاد السائد بأن وضع المريض في جو هاديء تماما يساعد على الشفاء من الطنين أو التخفيف من حدته. لكن يبدو أن تعريض المريض لضجيج معتدل يساعده بشكل افضل.

Science et Vie 4/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق