Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

عندما تسقط التفاحة الى الأعلى : هل المادة المضادة هي مفتاح الحل للمعضلة الكونية؟

لماذا نعّقد الأمور اذا أمكننا أن نجعلها بسيطة؟ تتردد هذه الحكمة في أسماع وأذهان الفيزيائيين المختصين بتاريخ الكون. فرغم أنهم قد نجحوا ببناء نموذج فيزيائي نظري للكون، يسمح بوصف كيف تشكل بدءا من الانفجار المهيب ( بغ بانغ)، وحتى أيامنا هذه، الا أن نظريتهم معقدة للغاية، وخاصة ما يتعلق بالمادة المعتمة والطاقة المعتمة أو السوداء ، أي التي نعجز عن رؤيتها أو كشف وجودها. لكن العلماء يعتقدون بأن وجودها ضروري لصحة معادلاتهم التي يقصد بها تفسير ظواهر الكون كما تكشفها المراصد الفلكية. اذ تدل الحسابات الفلكية على أن كتلة جميع المجرات التي تكشفها مراصدنا لا تزيد عن 5% من الكتلة الكلية المحسوبة للكون. أما الباقي، أي 95% فهي شيء نجهل كنهه، ولهذا السبب أطلق عليه اسم المادة المعتمة والطاقة المعتمة واللتين يعتقد أنهما تشكلان 25% و 70% من كتلة الكون، على التوالي.

للخروج من هذه المتاهة، يقترح بعض الفيزيائيين حلا بسيطا يسمح لنا بالاستغناء عن افتراض وجود المادة المعتمة والطاقة المعتمة. هذا الحل لا يتطلب ابتكارا جديدا في عالم الفيزياء. وإنما يعتمد على مضاد المادة، أوالمادة المضادة أو ضد المادة Antimatter (أو مقابل المادة كما يوردها قاموس المنهل، ويعرفها معجم المصطلحات العلمية والفنية والهندسية لمؤلفه أحمد شفيق الخطيب بمضاد المادة أو مبيد المادة (لأن اجتماع المادة وضدها يؤدي لتحولها الى طاقة).

رغم أن مضاد المادة غير مألوف لدينا، فالكون الذي نعرفه يتكون من المادة وليس من ضدها، الا أن علماء الفيزياء يعرفون مضاد المادة، وبمقدورهم انتاجها في مسرّعاتهم، مثل البوزترون وهو يماثل الالكترون في كتلته لكنه موجب الشحنة، واذا اجتمعا معا تحولا الى طاقة. وكان بول ديراك قد افترض وجود مضاد المادة رياضيا في معادلاته التي حاولت ربط ميكانيكا الكم بالنسبية الخاصة، وذلك في عشرينيات القرن الماضي. ويهدف مشروع أوربي يدعى Aegis الى انتاج مضاد المادة لأبسط الذرات، وهي ذرة الهيدروجين. والتي ستكون ذات نواة سالبة الشحنة بعكس نواة الهيدروجين العادية، ومحاولة قياس وزنها لاثبات وجود الجاذبية المضادة أي أن وزن هذه الذرة المضادة سيكون سلبيا، مما يعني أنها ستهرب من جاذبية الأرض.

لنا أن نتخيل نيوتن وهو يستكشف الجاذبية المضادة التي تجعل التفاحة الناضجة تسقط للأعلى أي ترتفع مبتعدة عن الأرض.




مشهديتان لنشوء الكون.

أولا : السيناريو الأول أو المشهدية الأولى تتمثل بالنظرية التقليدية المقبولة حاليا لنشوء الكون وتطوره، وتتلخص بما يلي:

- الانفجار المهيب: في اللحظة صفر من عمر الكون

- بعد جزء بالغ الصغر من الثانية، عشرة للأس سالب 35: يتمدد الكون المكون من مادة وضد المادة، لكنه كون غير متماثل. فكمية المادة فيه أكبر من كمية ضد المادة.

- بعد عشرة للأس سالب 4 من عمر الكون، تتحول الكواركات ( وهي من الجسيمات الأساسية المكونة للذرة) وضد الكواركات الى طاقة عندما تتلاقى معا، وبما أن كمية الكواركات أكبر، فان الفائض منها يبقى.

- بعد ثانية من الانفجار المهيب: يأتي دور الالكترونات وضدها، أي البوزترونات، لتتلاقى ويفني بعضها بعضا، متحولة الى طاقة، وأيضا، بما أن الالكترونات أكثر، فان الفائض منها يبقى.

- بعد 380000 سنة: تنطلق الفوتونات ويعم الضوء الكون.

- بعد مليار سنة: يبدأ تشكل المجرات بنجومها وسديمها وذلك ضمن محيط أو آبار من المادة المعتمة.

- الآن: الكون كما نعرفه اليوم يتمدد ويتوسع بفضل الطاقة المعتمة.

ثانيا: النظرية البديلة – ضد المادة.

تتشابه هذه النظرية مع النظرية التقليدية في قبولها لفكرة حدوث الانفجار المهيب لكن المشهد يختلف بعد ذلك.

- بعد يوم من الانفجار المهيب: انفصال المادة عن ضد المادة. يلتقي جزء فقط من الكواركات مع ضدها وتتحول الى طاقة.

- بعد 30 سنة: تتجمع البروتونات والنيوترونات لتشكل أنوية الذرات، وحسب هذا النموذج فان لدينا في الكون مادة أكثر بخمس عشر مرة مما في النموذج التقليدي.

- بعد 14 مليون سنة: تتحرر الفوتونات ويضيء الكون (قارن ذلك مع 380000 سنة في النموذج التقليدي).

- بعد مليار سنة: تتشكل المجرات والنجوم

- الكون اليوم: الجاذبية المضادة الناتجة عن ضد المادة هي التي تجعل الكون يتوسع ( وليس الطاقة المعتمة كما في النظرية التقليدية).

Science et Vie 10/1009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق