Powered By Blogger

الخميس، 24 نوفمبر 2011

الرابوط أفضل صديق للانسان – مهمات في المواقع الخطرة

حسام جميل مدانات

يبدو أن القول المأثور : "الكلب أفضل صديق للانسان" سيعدل قليلا لنستبدل " الرابوط" بالكلب، وهذا صحيح . فما نسبة العائلات ،لدينا، التي تمتلك كلبا؟ بينما قد يصبح الرابوط قريبا أداة لا غنى عنها في كل منزل، تماما مثل الثلاجة أو المكنسة الكهربائية أو التلفاز حاليا.
لكن موضوعنا هنا ليس عن الرابوط في المنزل حيث يمكننا الحياة بدونه، وانما عن خدمات الرابوط في أماكن صعبة أو خطرة حيث لا يمكننا الاستغناء عنه فيها، مثل المواقع المعرضة لاشعاعات نووية شديدة، وأعماق البحار، والفضاء، وساحات المعارك. لكن حتى الرابوط بهيكله المعدني قد يتعرض للأذى والتلف في هذه الأوساط الخطرة.
المجال النووي
كانت المفاعلات النووية أول مجال تمت فيه الاستعانة بالرابوط. فالوقود النووي المكون من اليورانيوم أو البلوتونيوم يقتل كل من يقترب منه خلال دقائق. وقد أثبت الرابوط فعاليته في أعمال صيانة المفاعلات النووية ومعالجة النفايات المشعة، وعلى الأخص، عند حصول حوادث خطرة في المفاعلات. وقد صممت رابوطات مدرعة تتحمل أقوى الاشعاعات النووية. وتجري مراقبتها وقيادتها بواسطة شاشات تبعد مئات الأمتار عن مواقع تدخّلها، وهي تقوم بعملها بدقة كبيرة، وضمن أجزاء من الملمتر. وقد يقتصر هيكل الرابوط في هذه الحالات على ذراع يصل طولها الى 12م وتحتوي على 10 مفاصل، لتفحص أدق التفاصيل في جوف المفاعل النووي بفضل كمرة مركبة في نهايتها، وتجري متابعة حركتها وتوجيهها عن بعد، فهي إذن ليست مستقلة تماما.
الفضاء
قرأنا منذ عشرات السنين عن عربات كلفت بمهمات على سطح القمر أو المريخ، حيث صورت السطح أو جمعت عينات من الصخور وأجرت قياسات دقيقة لمختلف الظروف هناك. هذه العربات هي أمثلة على رابوطات ذات قدرات عالية. وهي مصممة لتعمل مستقلة دون توجيه مستمر من الأرض. السبب الأساسي لجعل مثل هذه العربات الرابوطية مستقلة وذاتية العمل هو مشكلة الطاقة ومشكلة المسافة. فالعربة التي ترسل الى سطح المريخ تحتاج الى شحن بطارياتها بواسطة أشعة الشمس لمدة 10 ساعات. لكن البطاريات المشحونة تكفيها للعمل لمدة ساعتين فقط، فاذا علمنا أن زمن ارسال رسالة من المركبة المريخية الى الأرض وعودة الرد عليها يساوي 20 دقيقة، أدركنا لماذا لا يمكن الاعتماد على التوجيه الأرضي، اذ لا يمكن خلال ساعتي التشغيل ارسال واستقبال سوى رسائل قليلة قبل نفاذ شحن البطاريات. لكن المتابعة الأرضية ضرورية، وهكذا فان المركبة المريخية المساة "روفر" ترسل يوميا الى الأرض تقريرا عن مهمتها ويحلل العلماء التقرير ويرسلون تعليماتهم الى المركبة. وقد تتضمن التعليمات مهمات صعبة مثل أخذ عينة من الصخور وتحليلها في مختبر صغير داخل المركبة. والواقع أن العربات الرابوطية الفضائية تمثل تحديا ضخما للمصممين، اذ أنهم لن يستطيعوا الوصول للمركبة واصلاح أو تعديل أي شيء فيها بعد أن تهبط على سطح المريخ أو القمر، ولهذا فان عليهم أن يتوقعوا كل شيء مسبقا، وأن يبرمجوا المركبة لحل كافة المشكلات المحتملة.
وفي حالة مواجهة مشكلة كبيرة، تبرمج هذه المركبات لتوجيه لوحات الطاقة نحو الشمس وتوجيه هوائي الاتصال نحو الأرض من أجل تلقي التعليمات.
في الجيش
لعل المجال الذي يعمل فيه أكبر عدد من الرابوطات حاليا هو الجيش. وحسب الاتحاد الدولي للرابوطيات، فقد كان عدد الرابوطات المستخدمة في الجيوش والشرطة والدفاع المدني عام 2007 نحو 12000 رابوط، وتواجد منها 5000 رابوط في العراق وافغانستان بينما لم يزد عددها عام 2004 عن 150 رابوطا.
وقد رصد الجيش الأمريكي مبلغ 1.5 مليار دولار للتزود بالرابوطات خلال الفترة 2006-2012. وتخطط وزارة الدفاع الأمريكية لجعل ثلث قواتها جنودا آلية أي رابوطات، بحلول عام 2015. وينطبق هذا الأمر أيضا على الطائرات، حيث سيكون ثلثها بدون طيار ( ويطلق عليها اسم "درون" أو الدبورة)، وأيضا على الشاحنات الأرضية دون سائق.
وقد عبر جندي أمريكي عن اعجابه بالرابوطات المحاربة: أنها لا تجوع ولا تعطش ولا تنام ولا تخاف ولا تنسى الأوامر ولا تتأثر بمقتل زميل بجوارها.
ومن الرابوطات المستخدمة في العراق والتي تحاط بالسرية، نجد الرابوط سوردز Swords المزود برشاشات وقاذفات صواريخ. ورغم أن منظره مخيف الا أنه لا يرتكب جرائم بشعة مثل الجنود الرجال. فهو لا يغتصب النساء ولا ينهب أو يبيد سكان قرية دون سبب. فهل لنا أن نتخيل أن الحروب ستجري في المستقبل بين جيوش مكونة حصرا من الرابوطات ليفوز الجانب الأذكى أي الأكثر تطورا في التكنولوجيا والتصميم والبرمجة.

مجلة العلم والحياة الفرنسية – عدد خاص عن الرابوطات Science et Vie

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق