Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

معضلة الادوية وتكاليفها المتزايدة

- المجلة الثقافية- العدد 63
تحتل المستشفيات في امريكا المرتبة الاولى في التكاليف الصحية، ويليها أتعاب الأطباء ثم أثمان الادوية التي تمثل حاليا 12% من مجمل الإنفاق الصحي.
لكن تكاليف الادوية تتزايد سنويا بمعدل 10 – 12%، أي نحو اربعة امثال التضخم في الولايات المتحدة. وهو ارتفاع غير مبرر. ودليل ذلك ان متوسط ارباح اكبر عشر شركات مصنعة للادوية خلال عام 2002 كان 17%، أي اضعاف نسبة ربح معظم الصناعات الاخرى. كما ان اسعار الأدويةفي الولايات المتحدة تزيد كثيرا عن أسعارها في كندا المجاورة لها وفي الدول الأوروبية أيضا. ولا تنفق هذه الشركات على الأبحاث والتطوير بالقدر الذي تزعمه. فمن بين 78 دواء جديدا رخّصتها ادارة الغذاء والدواء الامريكية عام 2002، كان 17 منها فقط مركبات جديدة، والادوية الاخرى مجرد اشكال جديدة لأدوية قديمة. وغالبا ما تعتمد الأدوية المبتكرة الجديدة على ابحاث اجرتها مختبرات حكومية او جامعية. ولا يمكن لشركات الادوية الامريكية ان تبيع ادويتها للشعوب الفقيرة بنفس الاسعار التي تباع بها في امريكا، فهذا ليس في صالح أي من الطرفين : البائعين الذين لن يبيعوا كثيرا في هذه الحالة، والمشترين الذين سيعجزون في معظمهم، سواء اكانوا افرادا ام انظمة تأمين صحي، عن دفع تكلفة هذه الادوية.
وقد عمدت بعض الدول النامية، كالهند، الى انشاء صناعة دوائية ضخمة ولكنها غير شرعية دوليا، بمعنى انها تسرق تركيبة الادوية العالمية وتصنعها بموافقة حكومية ثم تسوّقها داخليا وخارجيا. وساعد على ذلك قانون سنته الحكومة الهندية عام 1972. ويسّرت هذه الممارسة ازدهار صناعة الدواء حتى بلغ عدد شركات تصنيع الادوية عشرين ألفا. كما انخفضت اسعار الادوية في السوق الهندي كثيرا. وعلى سبيل المثال نجد ان دواء مثل زنتاك يباع في الهند باقل من 0.01 (واحد بالمئة) من سعره في امريكا.
لكن الهند اضطرت مع بدء عام 2005 الى الالتزام بقوانين منظمة التجارة العالمية والغاء التراخيص غير القانونية لتصنيع الأدوية المملوكة براءات اختراعها اصلا لشركات عالمية. الا ان الحكومة الهندية قد استعدّت لهذا الأمر منذ بضع سنوات عن طريق تشجيع الابحاث والتطوير في مجال الصناعات الدوائية، وهي تأمل في جعل الهند مركزا عالميا لأبحاث الدواء بفضل انخفاض التكاليف فيها.
الربح أولاً
ان دافع الربح لدى شركات تصنيع الدواء قوي لدرجة تدفعها احيانا لتجاهل الحقيقة ومصالح المرضى والابتعاد عن النزاهة، كما حصل قبل نحو عشرين سنة، بعد اكتشاف ان قرحة المعدة تسببها بكتيريا معينة، فلم تعترف شركات الادوية بهذا الكشف حتى تواصل تسويق ادويتها التقليدية للقرحة مثل مضادات الحموضة، بينما العلاج الصحيح هو مضادات حيوية معينة.
تركز الشركات الصانعة للادوية اهتمامها وجهودها عادة على تطوير وانتاج الادوية ذات السوق الواسع، مهملة اجراء ابحاث لتطوير ادوية لامراض نادرة او لامراض محصورة في دول العالم الثالث، حيث لا يتوقع مردود مادي مجز منها. ولهذا السبب فقد تأسست في امريكا شركات غير ربحية هدفها استغلال منتجات ابحاث واعدة، اهملتها الشركات الكبرى، لعلاج امراض نادرة وقاتلة مثل "حمّى الرصاص" التي تصيب 1,5 مليون شخص في العالم وتقتل نحو 15% منهم. وتعمل مؤسسة "صحة عالم واحد" على تطوير علاج لهذا المرض، ويتوقع الموافقة عليه في آواخر العام الحالي 2005م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق