Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

سعيا وراء الحل الأمثل

- المجلة الثقافية- العدد 63
اذا اعتبرنا مشروعا علميا ضخما، مثل ارسال مركبة فضائية الى المريخ، فان العاملين على المشروع سيواجهون على الدوام خيارات متعددة، وعليهم اختيار الافضل منها. وقد تكون المتطلبات متضاربة متناقضة. فيطرح هنا تساؤل حول وجود الخيار الأمثل، وحول كيفية التوصل اليه. ويمكن تعريف الأمثَلة أو الأفضَلة (Optimization) بانها عملية تحديد القيم الفيزيائية التي تجعل عناصر معينة كالوقت او الطاقة او الكتلة اقل ما يمكن او اكبر ما يمكن، حسب الهدف المقصود.
وعندما تتعدد المتطلبات والشروط، فقد يستحيل تحقيقها معا في الوقت نفسه. ففي مثالنا حول المركبة الفضائية الموجهة الى المريخ، كلما نقص الوقود الذي تحمله انخفضت قدرة المركبة على المناورة في أثناء رحلتها، مما قد يزيد الوقت اللازم للوصول الى المريخ، رغم أن تخفيض وزن الوقود سيخفض وزن المركبة، ولهذا فائدة واضحة. ومن اجل اختصار هذه المتطلبات المتضاربة يمكن الموازنة بينها وفق أهمية كل منها. وهذه العملية تسبق العمليات الرياضية التي تجري عليها والتي تعطي الحل الأمثل الذي يضمن الوصول الى الهدف بأقل تكلفة ممكنة، وهنا تظهر المشاكل. وأولاها ان لا شيء يضمن وجود حل أمثل، حتى في بعض ابسط المسائل.
واذا وجد مثل هذا الحل فان معرفته ليست دائما بالأمر السهل، وكان رتشارد بلمن (R.Bellman) من جامعة ستانفُرد الأمريكية، قد اقترح طريقة لايجاد الحل الأمثل، اطلق عليها اسم "البرمجة الدينامية" وتتلخص في الفكرة البسيطة التالية : اذا وجدت طريقا مثاليا للانتقال من (أ) الى (ج) مرورا بالنقطة (ب)، فان ذلك الجزء (ب ج) يكون ايضا طريقا مثاليا للانتقال من (ب) الى (ج).
وهكذا يمكننا استنباط طريق مثالية للانتقال من حالة او من نقطة الى حالة أو نقطة اخرى، وخاصة اذا كان عدد النقاط بينهما محدودا (منتهيا).
ان العيب الرئيسي في البرمجة الدينامية هو حاجتها الى ذاكرة ضخمة عند استخدام الحاسوب في تطبيقها، فيما يخص الانظمة المعقدة. وتستخدم في انظمة الملاحة التي تعتمد على نظام التوقيع العالمي (نتع)، أو (جبس) (GPS) طريقة مشابهة ولكن باتجاه عكسي، انطلاقا من نقطة الهدف او النهاية حتى العودة الى نقطة الانطلاق، وذلك من اجل تحديد الطريق الاقصر بين نقطتين او موقعين داخل المدينة مثلا باستخدام السيارة.
مبدأ النهاية العظمى لبنترياغن
في عام 1964 وضع لف بنترياغن (Lev Pontryagin) مبدأ النهاية العظمى الذي، رغم انه لا يساعد على معرفة اذا كان الحل المثالي موجودا، الا انه يخفض تخفيضا كبيرا عدد الحلول المرشحة لأن تكون مثالية، والتي يتوجب علينا اعتبارها. ويتضمن الحل وضع اقتران يخصص رقما لكل حل ممكن، ويدعى الاقتران "هملتوني" النظام المعني. ويكون الحل هو القيمة الحرجة للهملتوني.
ويلاحظ عندئذ ان الحلول القريبة من الحل الأمثل تكون ذات قيم مقاربة لقيمته، أي ان تغيير البرامات (البرامترات) التي يعتمد عليها الحل، تغييرا بسيطا، لا يؤثر كثيرا في قيمة الحل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق