Powered By Blogger

السبت، 26 نوفمبر 2011

من التجارب العالمية في الادارة الحديثة للسير :نحــو ادارة سيـر فعالــة`

حسام جميل مدانات

في يوم السبت ، الثاني من آب 1975 ، شهد الطريق الوطني رقم 10 بين باريس وبايون في فرنسا توقفا كاملا لحركة السير شمل (60000) ستين الف سيارة وعلى امتداد (600) كم . بعد عام واحد من هذه الأزمة الخانقة أطلقت فرنسا خدمة معلومات الطرق المسماة ( بيزون فوتيه ) أو " الثور الداهية " . وكان هدف هذه الخدمة تقديم المعلومات اللازمة للسائقين لتجهيز رحلاتهم على احسن وجه ، وخاصة عند الانطلاق الكبير نحو الجنوب ، في بداية موسم العطلات الصيفية . فينصح السائقون بأنسب الاوقات لبدء الرحلة ، وبالطرق البديلة حتى لا يعلقوا بأزمات السير في الطرق الرئيسية. وتستخدم كافة وسائل الاعلام لنشر هذه المعلومات .
ظهرت ثمار هذه الخدمة فورا. ففي يوم السبت 31 تموز 2006 انخفض مقدار الوقت الضائع في " جلطات " السير بنسبة 73% مقارنة بما كان عليه الوضع قبل سنة .

ادارة سير ديناميكية – أحدث التقنيات لادارة السير
منذ عام 1999 ، ومع انشاء النظام المعلوماتي سيريوس (Sirius) ، أصبحت ادارة السير في فرنسا تعتمد بشكل متزايد على التقنيات المحوسبة والرقمية والادارة التلقائية أو الاتوماتيكية . وذلك يشمل جميع المناحي والمراحل ، من جمع البيانات وحتى تقديم المعلومات للمستخدمين . تقوم بهذه المهمة 7 مراكز موزعة في مختلف انحاء فرنسا ، وترسل بياناتها الى المركز الرئيسي المسؤول عن نظام " الثور الداهية " . يتم جمع البيانات بمختلف الطرق والتقنيات المتاحة : كمرات فيديو للمراقبة ( نحو 800 كمرة في المنطقة الباريسية ) ، اضافة الى نظام المجسات المزروعة على عمق 7سم من سطح الطريق وعددها أكثر من (6000) مجس في المنطقة الباريسية وحدها . تفصل بين كل مجسين متتاليين مسافة 500 متر .
يشكل كل مجس مجالا مغنطيسيا ، وعند مرور سيارة فوق المجس فانه يدرك مختلف مواصفات السيارة : السرعة ، وزنها ، حجمها وحتى شكلها . ترسل هذه البيانات فورا نحو مركز قريب ، حيث تحلل قبل أن تنقل الى حاسوب مركزي في ادارة السير الرئيسية . وتغطي هذه المجسات والكمرات حاليا 2500 كم من الطرق الرئيسية ويخطط لمضاعفتها بحلول عام 2013 .
تستخدم اللوحات أو الشاشات الالكترونية المتغيرة على الطرق لعرض المعلومات حول حالة السير وحول أية أشغال أو حفريات تتعرض لها الطريق ، والتحويلات وأية حوادث على الطريق ومستوى التلوث وأية ظروف طقس استثنائية كالضباب أو الجليد ... الخ .
تغذى هذه اللوحات بالمعلومات كل 20 ثانية ، ويقدر انها تساهم بتخفيض مستوى الاختناق المروري بنسبة 5% . كما يستخدم نظام التوقيع العالمي ( بواسطة التوابع الفضائية ) جبس (GPS) لتقديم معلومات تحدّث مرة كل 3 دقائق .
تطبق الادارة الدينامية ( الديناميكية ) أو المرنة للسير باستخدام مختلف الوسائل المتاحة ، وذلك حسب كثافة السير في أي منطقة وفي أي اتجاه . فيمكن مثلا تغيير اتجاه السير في الشوارع ذات الاتجاه الواحد حسب الظروف ، أو تعديل السرعة المسموحة لضمان انسياب مثالي للسير .
وفي تجربة طبقت في جنوب فرنسا ( بين فيَن وأورنج ) منذ عام 2004 ، خففت السرعة القصوى من 130 الى 110 كم/ ساعة على السراط ( الطريق السريع ) فقلت الحوادث بنسبة 20 – 40% . ونتيجة لذلك انخفض اختناق السير بنسبة 15% أي ما يعادل توفير 200000 ساعة على السائقين-لأن كل حادث سير يسبب اغلاقا جزئيا أو كليا للطريق وبالتالي تعطل السيروساعات ضائعة على السيارات المتواجدة على الطريق- ( العبرة من ذلك : اذا ابطأت فانك تصل أسرع !).


العلم والحياة الفرنسية آب 2007


لمحة تاريخية عن أنظمة السير

في عام 1539 صدر مرسوم ملكي في فرنسا لتنظيم سير عربات الخيل وغيرها في شوارع المدن . منع المرسوم التجاوز أو الدوران للآتجاه المعاكس . وكلفت شرطة السير بتطبيق هذا المرسوم .
لم تظهر الاشارات الضوئية لتنظيم السير الا عام 1868،وكان ذلك في لندن على شكل مصباح يعمل على الغاز ويحمله شرطي . واعتمدت باريس نظاما يشمل قرصين: أحمر وأبيض يبدل بينهما يدويا .
في 5 آب 1914 نصبت اول اشارة مرور كهربائية في مدينة كليفلاند الامريكية . كانت الاشارة تتضمن لونين فقط أحمر وأخضر اضافة الى منبه صوتي . وكان يفترض في العربات والسيارات ان تتوقف بمجرد تحول الأخضر الى الأحمر ، مما كان يسبب حوادث ومشاكل بسبب التوقف المفاجئ . وكان الحل ادخال لون ثالث ، برتقالي، وتم ذلك عام 1923 في تنيسي/ الولايات المتحدة .
بدا بث معلومات السير في فرنسا عام 1958. عندما كان العمال الباريسيون يخرجون من باريس للنزهة يوم عطلتهم ، الأحد ، الى غابة فنتين بلو المجاورة . وعند عودتهم مساء، في نفس الوقت تقريبا، كانت الطرق تختنق وتتوقف حركة السير . فبادرت اذاعة فرنسا ( فرانس أنتير ) بالتعاون مع الشرطة الى مراقبة حركة السير وبث المعلومات الى شرطة المرور. ثم انشئ المركز الوطني لمعلومات الطرق عام 1968 وتبعه انشاء سبعة مراكز اقليمية تبث بياناتها نحو المركز الوطني .
عن "العلم والحياة" الفرنسية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق