Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

السرطان : علاج مختلف لكل مريض

2010


حسام جميل مدانات

مع تقدم الأبحاث الهادفة لعلاج السرطان ، تزداد القناعة بأن هذا المرض يختلف من مريض لآخر، حتى لو كانا مصابين بالنوع نفسه من السرطان. وهذا يفسر تعدد وسائل العلاج.

وقد ساعد تطور علم الجينات في تقدم المعرفة بالسرطان وأسبابه. وقد أمكن تحديد نحو 400 جين يؤدي حصول طفرة أو تشوه بها الى الاصابة بالسرطان. وبما أن التركيب الجيني يختلف من شخص لآخر، فان هذا يفسر التباين بين المصابين في طبيعة المرض و اختلاف أسلوب العلاج المناسب لكل منهم.

تقدر منظمة الصحة العالمية أن عام 2010 سيشهد تزايد الاصابات بالسرطان ليصبح السبب الأول للوفاة على مستوى العالم، متقدما بذلك على أمراض القلب والأوعية الدموية. لكن يؤمل أن يكون هذا العام أيضا عام العلاج الناجع للسرطان، أو ما يطلق عليه اسم العلاج المستهدف أو الهادف، والذي سيكون متخصصا ومناسبا لكل نوع سرطان أو حتى لكل مريض. وقدرت الوكالة الأوروبية للأدوية (EMEA) أن 50 علاجا جديدا للسرطان قد طرحت في الأسواق أو ستطرح خلال السنوات الثلاث 2008 – 2010. وتجري حاليا تجارب عيادية على 860 علاجا جديدا للسرطان وهذا يمثل ضعفي عدد الأدوية التي يجري تطويرها لأمراض القلب أو الأعصاب.

تتصف غالبية الأدوية الجديدة بأنها موجهة نحو الخلايا السرطانية وهي بالتالي أكثر فعالية وأقل سمية من العلاج الكيميائي التقليدي الذي يهاجم الخلايا السرطانية والسليمة على السواء. وبتعبير آخر، فان الأدوية الجديدة تهدف الى مهاجمة الجزيئات أو الجينات الشاذة المسؤولة عن الانقسام العشوائي للخلايا السرطانية وانتشارها مسببة الأورام السرطانية.

تخصص الدواء مصدر قوته وضعفه معا

بما أن الصفة العامة لمعظم الأدوية الجديدة هي التخصص، فهذا يعني أن كل دواء يصلح لنوع واحد من السرطان أو لأنواع قليلة، وهذا يختلف عن العلاجات التقليدية بالأشعة أو العلاج الكيميائي، والتي تستخدم عادة لمختلف أنواع السرطان. هذه الحقيقة تعني عدة أشياء: أولها أن الطبيب المعالج لن يصف العلاج الا بعد اجراء فحص دقيق للمريض ولطبيعة اصابته، بما في ذلك الفحص الجيني له. وثانيها أن كلفة كل علاج ستكون مرتفعة مقارنة مع كلفة العلاجات الحالية . وهذا ينتج عن كلفة الأبحاث المتخصصة التي تجريها شركات الدواء. وأيضا عن أن مجال استخدام كل دواء سيكون محدودا، وعندما يقل عدد الجرعات المباعة فان الشركة المنتجة ستضطر لرفع سعر الدواء حتى تغطي المبيعات الكلفة العالية للأبحاث. ويتوقع أن يبلغ سعر هذه الأدوية المستهدفة مئة ضعف كلفة العلاج الكيميائي.

والنقطة الثالثة هي أن احتمال الخطأ في التشخيص وفي وصف العلاج سيصبح واردا مما قد يعرض بعض المصابين لتناول علاج غير مناسب لنوع السرطان لديهم، وهذا يعني كلفة زائدة وتأخرا في تناول العلاج الصحيح مما يخفض فرصة الشفاء.

وكمثال على العلاجات المستهدفة نذكر علاجا يدعى هرسبتين herceptine الذي ظهر عام 2001 وأظهر نجاحا كبيرا في علاج سرطان الثدي. ويعمل هذا الدواء على تعطيل جزيء يدعى HER2 يعمل على انتشار الورم السرطاني وهو موجود على سطح الخلايا السرطانية في الثدي. ولكن ليس لدى جميع المصابات وانما لدى ثلثهن فقط . ولهذا السبب يجب أولا التعرف على نوع السرطان وكشف وجود هذا الجزيء أو غيابه.

وحتى بعد التأكد من وجود هذا الجزيء السيء والمسؤول عن انتشار الخلايا السرطانية، فان العلاج الذي ذكرناه أعلاه، أي الهرسبتين، لا ينجح الا لدى نصف الحالات. بينما يظهر لدى النصف الآخر من المصابات مقاومة جينية للعلاج.

وأخيرا نذكر ما يقوم به مستشفى مساشوستز الأمريكي حاليا، وهو رسم الخريطة الجينية لجميع المصابين بالسرطان قبل اقتراح العلاج.

Science et Vie 1/2010.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق