Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

أول استغلال فعلي للحرارة الجوفية

(
(المجلة الثقافية- عدد مزدوج 64/65)


بدأ في شباط 2005 أول استغلال على المستوى الصناعي للطاقة الجوفية وذلك في منطقة الألزاس الفرنسية.

فما تفاصيل هذا المشروع الجريء؟
وما الآفاق التي يفتحها للاستفادة من هذه الطاقة المتجددة؟
لا شك ان البراكين تقدم دليلا قاطعا على ان جوف كوكبنا الارضي ليس باردا مثل قشرته. ويكفي ان نخترق سطح الارض حتى عمق 45 كيلومترا لنجد ان درجة الحرارة تبلغ نحو 1000 درجة سلسيوس. لكن مصدر الطاقة الهائل هذا ما زال غير مستغل، الا ما ندر. والواقع انه لم تنفذ حتى الآن اية مشاريع كبرى لاستخلاص الطاقة الحرارية الجوفية وتحويلها الى طاقة كيميائية بكمية كبيرة. ومن هنا تأتي أهمية هذه التجربة التي طبقت مع بداية هذا العام قرب بلدة سلتز-سو-فوريه في منطقة الألزاس الفرنسية، وقد تعاونت في انجاز هذا المشروع مؤسسات فرنسية وألمانية وسويسرية ونرويجية وايطالية.

ولم يتم اختيار هذه المنطقة عشوائيا، اذ الواقع أن الألزاس تتصف بقشرة ارضية مشققة ودافئة. وترتفع الحرارة الى 200 درجة على عمق 5000 متر. واذا تيسر استخلاص هذه الطاقة فمن الممكن تزويد خمسة عشر ألف منزل بالكهرباء لفترة عشرين سنة او اكثر.

من الناحية النظرية، وعلى الورق، يبدو المشروع سهلا. فهو يتضمن حقن الماء تحت ضغط كبير (150 ضعف الضغط الجوي) داخل بئر عمقها 5100 متر. عند هذا العمق يندفع الماء عبر شقوق الصخور ويتخللها ليسخن ثم يصعد ليصل السطح على درجة 180 عبر بئرين أخريين. وعندئذ تنقل هذه الطاقة الحرارية الى محطة توليد الكهرباء، فيبرد الماء الى 100 درجة ويعاد ضخه ثانية الى جوف الأرض.

أما من الناحية العملية، فان المشروع لا يخلو من الصعوبات.

اذ يجب أولا التوصل الى جعل دورة الماء المحقون والخارج محكمة الاغلاق لتفادي فقد الطاقة وانخفاض الكفاءة.

ويجب ايضا تعرف طبيعة الشقوق الجوفية وكيفية توزيعها.

ففي تجارب سابقة غير موفقة تسببت صفات الصخور والشقوق الجوفية غير الملائمة في فشل التجربة، وقد حصل هذا في مشروع فنتُن هل في امريكا، اذ كانت الصخور شديدة المقاومة وأعاقت حركة الماء مما جعل ضخ الماء يستهلك طاقة أكبر من تلك المستفادة منه.

أما في روز منوز في انجلترا، فقد حصل العكس، اذ كانت الشقوق واسعة ومنفتحة كثيرا مما جعل الماء يتحرك عبرها بسرعة ويخرج قبل ان يسخن الى الدرجة المطلوبة.

وهكذا كان على الفريق المكلف بتصميم المشروع وتنفيذه اجراء دراسة مكثفة وفحوص وتجارب دامت ثماني عشرة سنة، قبل بدء التطبيق الفعلي في شباط 2005. واذا نجحت التجربة، فان انتاج الكهرباء تجاريا قد يبدأ في منتصف عام 2006 بقدرة 6 ميغاواط.
ولن تكون هذه سوى البداية لمشاريع مشابهة على مستوى العالم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق