Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

احذر ! عواطفك تؤثر على جيناتك

انها فرضية غريبة وجريئة حقا: أن حالتك النفسية تؤثر على الأحماض النووية والجينات الموجودة داخل أنوية الخلايا في جسمك، وهذه الجينات هي التي تحمل صفاتك الوراثية، وتنقلها الى أبنائك. فما مدى احتمال صحة هذه الفرضية؟ واذا ثبتت صحتها فهل سيغير ذلك من مفاهيمنا الراسخة عن علم الجينات والوراثة؟

تأثير العقل على الجسد

في عام 2009، فازت الاسترالية الزابث بلاك بيرن بجائزة نوبل في الطب. وكانت قد أثبتت عام 2004، بالتعاون مع اليسا أبل، عالمة النفس في جامعة كليفورنيا، أن التوتر والمشاعر تؤثر على الحمض النووي. وتضمنت تجاربهما مقارنة الحمض النووي (دنا) DNA لأمهات يتمتعن بصحة جيدة مع نفس الحمض لأمهات يعانين من مرض مزمن وخطير، مثل التوحد ( ويتمثل في الانعزال والتقوقع على الذات) أو يعانين من اعاقة جسمية أو عقلية.

ولا شك أن هؤلاء الأخيرات يعانين من الشعور باحباط وضغوط نفسية مزمنة. وقد لوحظ أن حمض (دنا) لديهن تظهر عليه أعراض شيخوخة مبكرة. وتمثلت هذه الأعراض في تآكل أطراف الصبغيات أو الكروموسومات في أنوية خلايا الجسم، وهي التي تحمل الحمض (دنا). وعادة ما يظهر هذا التآكل مع تقدم السن. الا أنه ظهر هنا بتأثير الضغوط النفسية. وقدرت الشيخوخة المبكرة لهذه الجسيمات لدى الأمهات المحبطات بما بين 9 و 17 سنة. أي أنها تبدو أكبر من سنها الحقيقي بهذا المقدار.

لم تتضح بعد الآلية التي يؤثر فيها التوتر على (دنا) لكن أحد الأسباب المحتملة هو تأثير هرمون التوتر والذي يطلق عليه اسم كُرِتسولCortisol وتفرزه الغدة الكظرية أو فوق الكلوية. ويسبب عادة ارتفاع الضغط وزيادة مستوى السكر في الدم. هذا الهرمون يؤثر على أطراف الكروموسومات، والتي تدعى تلوميرات، وهي تقوم عادة بمهمة حماية الكروموسومات، فتقصر هذه الجسيمات، تماما كما لو أنها هرمت وزاد عمرها.

التأثير على الجينات

لا يقتصر التأثير الهدام للتوتر على الكروموسومات، وانما يتجاوز ذلك الى الجينات نفسها. وقد أطلق على هذه الظاهرة تعبير جديد epigenetic ويعني التغيرات الكيميائية التي تحصل في الجينات. وهي تختلف عن الطفرات التي تغير تركيب الجينات نفسها.

لكن الخبر الطيب في هذا المجال هو أن هذا الخراب الكيميائي الذي يصيب الجينات بسبب التوتر، هو خراب قابل للاصلاح. وهذا ما أثبته باحثون من جامعة رُكفِلر في نيويورك في شهر تشرين ثاني عام 2009. فقد نجحوا في اصلاح هذا الخراب في أدمغة فئران مصابة عن طريق اعطائها دواء البروزاك المضاد للاكتئاب. وعلى أية حال، فان هذا يدل على أن علاج التوتر والاكتئاب، سواء كان ذلك بالعقاقير أو بوسائل العلاج الطبيعي كممارسة الرياضة أو اليوغا أو نتيجة لزوال مسببات التوتر، يساعد في علاج الجينات المصابة بأضرار كيميائية، وهي تكون عادة في خلايا الدماغ.

لكن الخبر السيء بشأن الخراب الكيميائي للجينات هو أنه ينتقل للأبناء أو حتى للأحفاد عند تأثر الخلايا الجنسية، أي البويضات والحيوانات المنوية. ويعتمد هذا الحكم على نتائج دراسة قديمة أجريت على أشخاص عديدين في هولندا عام 1945، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حين حلت المجاعة في هذا البلد، وعانى منها أفراد كثيرون. وقد جرت متابعة أبناء هؤلاء الأفراد فلوحظ أنهم كانوا أقصر قامة وأكثر عرضة للاصابة بأمراض القلب والسكري. كما أن الأحفاد أظهروا الأعراض نفسها.

Science et Vie 3/2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق