Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

نظرية جديدة : مصدر ماء الأرض هو الفضاء

تخيل منظر الأرض قبل 4.5 مليار سنة، أي عندما ولدت وتشكلت: صحراء رمادية، دون غلاف جوي يقيها من أشعة الشمس الحارقة. كان كوكب الأرض جافا دون محيطات أو بحار، ودون هواء، ويشبه في ذلك سطح القمر حاليا.

ثم تحول هذا الكوكب الرمادي الى كوكب أزرق، تغطي المياه أكثر من ثلثي سطحه، ويحيط به غلاف جوي لا يخلو من بخار الماء والغيوم. وبعد توفر الماء ظهرت بوادر الحياة ثم ازدهرت وتنوعت وتخللت كل أجزاء اليابسة والبحار.

اذا تقبلنا هذه المشهدية أو السيناريو، فيحق لنا أن نتساءل: أين كانت مليارات المليارات من أطنان الماء مختفية ومختبئة؟

خلال القرن العشرين، كان علماء الأرض، أو الجيولوجيون، متفقين على أن الماء تواجد في جوف الأرض و منذ بداية تشكلها. وأنه كان ممتزجا مع الحمم البركانية، الماغما، وخرج معها ومع نوافير الماء الساخن من جوف الأرض لينتشر في الجو على شكل بخار.

وشيئا فشيئا، بردت الأرض، وتكاثف بخار الماء لينهمر على سطح الأرض على شكل أمطار اعصارية، لتشكل تدريجيا البحيرات ثم البحار والمحيطات. وكان يدعم هذه الفرضية ما نلاحظه من وجود نسبة عالية من الماء ضمن الحمم البركانية.

فرضية مخالفة

لم يقتنع فرنسيس البارد، أستاذ كيمياء الأرض في مدينة ليون الفرنسية، بهذا السيناريو الذي يبدو أن الجميع يتفق عليه. وهو يقول بكل بساطة أن الماء كان غائبا عن الأرض في أيامها الأولى، وأنه أتى فيما بعد من الفضاء، مع النيازك التي واصلت انهمارها على الأرض طوال مليارات السنين.

نشرت مجلة الطبيعة Nature ،وهي مجلة علمية رصينة وشهيرة، في عددها لشهر تشرين أول 2009 دراسة الأستاذ البارد، ثم نشرت دراسات في مجلة العلم Science، لجيولوجيين بريطانيين وأمريكيين. وهي تؤيد فرضية البارد.

مؤشرات فلكية

منذ نحو 20 سنة، بدأ علماء الأرض يشككون في الفرضية القديمة المقبولة التي تنص على أن الماء ظهر مع الأرض منذ أن تشكلت. من أسباب هذه الشكوك تلك المؤشرات التي تقدمها الحقائق والكشوف الفلكية المتزايدة.

يتفق الفلكيون على أن الأرض قد تشكلت في نفس وقت تشكل الشمس، أي قبل 4.5 مليار سنة، وذلك نتيجة تكاثف سديم المجرة وتقلص حجمه بتأثير الجاذبية المتزايدة. وفي خلال هذا التقلص، كانت الشمس ضخمة جدا وحارة ومضيئة للغاية فطردت بعيدا الغازات والمواد الخفيفة ومنها الماء.

ويعتقد البارد أن الماء في المجموعة الشمسية الناشئة قد قذف به الى مسافة 300 مليون كم عن الشمس، أي الى الخط الذي يفصل بين الكواكب الصخرية القريبة من الشمس، وهي عطارد والزهرة والأرض والمريخ، والكواكب الغازية البعيدة، وهي المشتري وزحل وأورانوس ونبتون. كما أن جفاف العينات المأخوذة من القمر وفقرها بالماء دليل آخر على أن الأرض كانت جافة. اذ يعتقد الفلكيون أن القمر هو عبارة عن جزء من الأرض، انفصل عنها بسبب اصطدام كوكب بحجم المريخ بالأرض، بعد تشكل النظام الشمسي بثلاثين مليون سنة. فمن أين أتى هذا الماء الذي يغطي 70% من سطح الأرض؟

يعتقد البارد أن مصدر ماء الأرض هو حزام الكويكبات الذي يقع بين المريخ والمشتري. فهذه الكويكبات والمذنبات تساقطت على الأرض خلال نحو خمسين مليون سنة. وذلك بعد تشكل الأرض بمئة مليون سنة. ويدل تحليل مكونات النيازك التي تسقط على الأرض انها غنية بالماء.

أما لماذا لا توجد دلائل على وجود ماء على سطج الكواكب القريبة من الشمس، أي عطارد والزهرة رغم أنها تعرضت بالتأكيد لسقوط النيازك عليها، فان تفسير ذلك هو أن حرارتها العالية بخرت الماء وطردته بعيدا عنها. أما المريخ، وهو أبعد من الشمس مقارنة بالأرض، فان جاذبيته الضعيفة لم تمكنه من الاحتفاظ بالكثير من الماء. أما الأرض فان حرارتها مثالية لجعل الماء يظهر بأشكاله الثلاثة: الصلابة والسيولة والغازية، ولكي يؤثر على سطح الأرض ويشكله على مدى ملايين السنين. اضافة الى دور الماء في انزياح القارات وحركة صفائح القشرة الأرضية بسبب اختراق الماء لسطح الأرض وتسربه الى داخل طبقة الدثار أو الوشاح الواقعة تحت القشرة الأرضية.

Science et Vie 2/2010 p 82 – 85

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق