Powered By Blogger

السبت، 26 نوفمبر 2011

الثورة الحيوية: هل افلتت من عقالها ؟-

المجلة الثقافية- العدد 63()
ليست هذه هي المرة الاولى التي يدق فيها ناقوس الخطر محذراً من كارثة تحيق بالبشرية بسبب انجاز علمي او تقني ثوري. حقا ان هناك دائما احتمالا في ان يستغل عالم مجنون او عصابة شريرة هذا الانجاز او الكشف الخطير أو ذاك– وهو موضوع تتطرق له قصص وافلام الخيال العلمي – لكن يبدو ان المجتمعات الانسانية تجد دائما وسيلة فعالة لضبط الامور، رغم انه يبدو ان التشريعات تأتي متأخرة عن الكشف العلمي او التقني، لكنها دائما تنجح في ضبط الامور قبل فوات الاوان.
لقد أثار رسم الخريطة الجينية او فك رموز الجينوم للانسان وغيره من الكائنات آمالا ومخاوف يصعب تقييم مدى معقوليتها حاليا. هل سيمكننا فهم الجينوم والتحكم فيه من القضاء على الامراض واختيار الصفات التي نرغب فيها، والاحتفاظ بالشباب او على الاقل تأخير الشيخوخة؟
يمكننا الآن بالفعل كشف عيوب جينية في الجنين، وتحسين صفات المحاصيل الزراعية عن طريق هندسة الجينات لتقاوم الآفات والصقيع او لتعطي انتاجا أكبر. كما انتشرت تقنية أطفال الانابيب وحظيت بالقبول وحققت حلم ازواج كثر كانوا قد يئسوا من امكانية الانجاب. ويولد حاليا نحو مليون طفل انابيب سنويا في العالم.
وتحقق الاستنساخ، بدءا بالنعجة دولي عام 1996 وصولا الى الانسان، وتطورت امكانية ترميم جسم الانسان واعادة بناء انسجته واعضائه او اصلاح اعاقاته.
لكن هذه الابداعات بل ربما المعجزات تثير مخاوف واشكالات اخلاقية واجتماعية وقانونية، وليس المطلوب من علماء الاحياء حل هذه الاشكالات، فهذا ليس دورهم، وانما هو دور ومسؤولية رجال القانون والسياسة على مستوى العالم، فالباحث قد ينجرف مع رغبته في المعرفة والتجربة والتحكم بظواهر الطبيعة والحياة، والشركات تستغل الكشوف العلمية لتحقيق اعظم ربح ممكن بغضّ النظر عن أي اعتبارات اخرى. وبالفعل فان عدة شركات عاملة في مجالات التقنيات الحيوية وتصنيع الدواء قد حصلت على براءات اختراع تتعلق بالجينوم البشري واحتكرت استغلالها. فهل هذا مقبول وجائز، او بالاحرى الا يتضمن مخاطر ومحاذير جديرة بالاعتبار؟. وكان الرئيس الفرنسي جاك شيراك قد صرح خلال المؤتمر العالمي للتقنيات الحيوية (ليون – 2001) بان ضبط التقنيات الحيوية يجب ان يرتكز على حوار كل من العلماء والصناعيين والسياسيين والمجتمع المدني.
وكانت فرنسا قد صادقت عام 1994 على قانون القيم الاخلاقية في علم الاحياء. وهي الأولى في ذلك. وقد بادرت الى حظر الاستنساخ البشري والمتاجرة بالانسجة وبالاعضاء البشرية.
وفي المقابل تشجع فرنسا العلاج عن طريق الخلايا الوراثية في مجال امراض الشرايين والغدد الصماء والاعضاء.
ففي عام 2000 اجرى فليب مناش في مستشفى بيشا في باريس اول عملية لزراعة خلايا عضلية في قلب مريض وقد اخذت الخلايا من ساق المريض نفسه.
كما نجح ألن فشر في مستشفى نكر في باريس في علاج عدد من اطفال الفقاعات أي المصابين بعجز حاد في المناعة وبالتالي يعيشون داخل غرف معقمة تشبه الفقاعات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق