Powered By Blogger

السبت، 26 نوفمبر 2011

قريبا ... قراءة افكار المجرمين!

- المجلة الثقافية- العدد 59
لعل ذروة الكفاح ضد الجريمة في المجتمع هي في تفادي وقوعها. اي منعها قيل ان تحصل، وتدل الانجازات الحديثة في علوم الاعصاب، وفي التصوير الدماغي ان هذا الهدف لم يعد بعيد التحقيق. ومن الناحية النظرية لا شيء يمنعنا من الامل ان نتمكن من تحويل افكارنا الى صور على الورق!
في 17 آب 2002م، نشرت صحيفة واشنطن تايمز خبرا مفاده ان كالة الفضاء الامريكية/ ناسا تخطط لفحص وكشف افكار المسافرين في المطارات للتعرف على اي ارهابيين محتملين.
وتتمثل التكنولوجيا في التصوير الدماغي الكهربائي والتصوير الكهربائي للقلب عن بعد لالتقاط الاشارات الكهربائية التي يبثها الدماغ والقلب. وتكشف هذه الاشارات عن اي توتر مفرط لدى الشخص مما قد يدل على افكار اجرامية. وقد اقترحت ناسا بالفعل على احدى شركات الطيران الاميركية ان تستخدم هذا النظام. لكن منظمات الدفاع عن الحريات الشخصبة سارعت بالرد،لان من الخطورة بمكان ان تحاسب الناس على افكارهم، وهي مجرد افكار، وان ياخذ القانون بمبدأ التجريم قبل ارتكاب الجرم.
لكن رغم كل شيء، فان التطورات التكنولوجية الهادفة الى كشف الافكار قد تحققت، كما ان الشرطة في عدة دول تخطط لاستخدامها.
يسمح التصوير الدماغي بمتابعة نشاط الدماغ... عضو التفكير عند الانسان. وقد تطورت هذه التكنولوجيا الى درحة تسمح لنا بتوقع تحقيق عدة انجازات : تحويل افكار المشتبه به الى صورة على شاشة او على الورق. ومعرفة الافكار والنوايا الاجرامية قبل تنفيذها، والبحث في خبايا الدماغ لمساعدة الشخص على التذكر.
منذ عام 1983م، ونتيجة لابحاث بنجامين لبت من جامعة كاليفورنيا، يجري تسجيل الامواج البطيئة التي يبثها الدماغ قبل بضعة اعشار من الثانية من حصول النية الواعية لتنفيذ فكرة معينة، اي قبل ان يعرف الشخص انه سيفعل ذلك. وتسجّل هذه الامواج بواسطة التصوير الدماغي الكهربائي!
وربما نتوصل يوما ما الى تقدير احتمال انتقال الشخص الى تنفيذ افكاره العدوانية، وذلك بعد فحص الموجات الدماغية، لكن تكنولوجيا تحليل هذه الموجات ما زالت في بدايتها ولا يمكن عزلها وتحليلها فور تسجيلها. كما ان الفترة الزمنية الفاصلة بين تسجيلها وتنفيذها فعليا قصيرة جدا ولا تكفي لاتخاذ الاجراء اللازم لمنع الشخص من تنفيذها.
اما امكانية تحويل الافكار الى صور مرئية فانها تبدو غير مستحيلة على المدى الطويل، اي خلال عدة سنوات، بشرط تحقيق تقدم في معرفتنا لكيفية عمل الدماغ وكيف يخزن المعلومات ويعالجها. وهذا هو مجال ابحاث علوم الاعصاب الفكرية. ومما يعيق التقدم في هذا المجال قصور تكنولوجيات القياس الدماغي، وجهلنا بمواقع الأنشطة الدماغية المتنوعة، رغم ان العلماء قد ميزوا مثلا مواقع محددة في الدماغ مسؤولة عن انشطة نفسية اوذهنية رئيسية، مثل الاحساس العاطفي او تمييز وجه شخص. وقد لوحظ ان هذه المواقع تنشط عندما يقوم الشخص بالمهمام المرتبطة بها.
ويساعد في قياس نشاط هذه الاجزاء الدماغية استخدام تكنولوجيات الرنين المغناطيسي والتصوير الطبقي، اضافة الى التصوير الكهربائي. كما ان اسلوب زرع اقطاب كهربائية في الدماغ يُستخدم لقياس نشاط مناطق معينة منه او بعض العصبونات، وذلك فقط لأغراض علاجية. وتبقى الحاجة كبيرة الى تطوير وسائل فحص وتحليل ذات ميز كبير (قدرات تمييز مكاني وزمني على مستوى الوحدات العصبية).
اما الوسائل الحالية فانها تكشف مثلا عن نشاط زائد في منطقة تمييز الوجوه مما يدل على ان الشخص يفكر في وجه معين لكن دون ان نستطيع معرفة شخصية ذلك الوجه.
تذكر اخيرا ان الاتحاد الاميركي للحريات المدنية يقدّر ان السلطات الاميركية تجري اكثر من مليون فحص لكشف الكذب كل عام. وتهدف السلطات لاستخدام تكنولوجيا اخرى جديدة تُدعى كشف بصمات الدماغ Brain fingerprinting التي كُثّفت الابحاث حولها بعد احداث الحادي عشر من ايلول، وكان قد طورها علماء نفس في جامعة ألينوي بناء على طلب وكالة الاستخبارات الأميركية CIA. وهدفها تحديد مدى معرفة المشتبه به لمعلومة معينة يفترض فيه ان يجهلها مثل : اسم عميل سري او معلومة معينة حول جريمة. اما مبدأ عملها فهو ان الدماغ ينشط عندما يسمع الشخص معلومة يعرفها او تعني لديه شيئا مهما، ويقاس هذا النشاط بواسطة التصوير الكهربائي للدماغ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق