Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

هل يعتمد مناخ العالم على فيروسا ت المحيط ؟

انها فرضية غريبة حقا! بيد أن هذا هو دأب العلماء والباحثين دوما، فهم يخرجون عن المألوف ويضعون افتراضات تبدو جنونية أحيانا. لكن يمكن تبرير هذه الممارسة اذا أدركنا أن مختلف ظواهر الكون مترابطة وتتفاعل مع بعضها وتؤثر ببعضها بعضا. ومن هنا فان عنوان هذا المقال قد يكون منطقيا وممكنا.

20 مليار فيروس في اللتر

في عام 2009 نشرت كلير ايفنز، من المعهد الملكي لبحوث البحار في هولندا، نتائج حملة بحثية في جنوب استراليا، حيث اكتشفت وجود تركيزات هائلة للفيروسات تراوحت بين 6 مليارات و 20 مليار فيروس لكل لتر من ماء المحيط. تهاجم الفيروسات مختلف الكائنات الحية البحرية، وخاصة الدقيقة منها، وقد تقتلها. وينتج عن موت هذه الكائنات وتحللها اطلاق نحو غرام واحد من ثاني أكسيد الكربون في الهواء الجوي سنويا لكل لتر من ماء البحر. يهدد هذا الانبعاث بزيادة حدة ظاهرة الدفيئة فتسخن الأرض ويتغير مناخها، وتتزايد أعاصيرها عنفا.

لكن هذا السيناريو قد لا يكون صحيحا. بل ان نقيضه يبدو محتملا، أي أن الأحياء البحرية التي تقتلها الفيروسات قد تترسب الى القاع وتتراكم. أو تنطمر تحت الترسبات، دون أن تطلق كميات اضافية من غازات الدفيئة.

ان ما يحصل فعلا هو لغز بلا حل حتى الآن. في أيلول 2009 أثبت فريق ايطالي وجود ارتباط وثيق بين درجة حرارة المياه السطحية في البحر المتوسط، وبين ما يسمى " الثلج البحري، وهو ذلك الزبد الأبيض الذي يظهر على سطح مياه البحار، ويعتبر مرتعا خصبا للفيروسات. ومع الارتفاع المتزايد في درجة حرارة ماء البحر وزيادة حموضته، فان النظام البيئي البحري بأكمله يعاني من الاضطراب. وفي قلب هذا النظام نجد الفيروسات. فاذا تغير نشاط الفيروسات، فان مناخ الأرض بأكمله سيتأثر.

تمتص المحيطات نحو ثلث ما ينبعث في الجو من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي نحو ملياري طن سنويا. وقد درست تأثيرات هذه الظاهرة دراسة متعمقة من الناحيتين الفيزيائية والكيميائية، أما التأثيرات البيولوجية لها فلم تبحث بحثا كافيا بعد، رغم أنها قد تكون ذات تأثير كبير على نسبة الغازات الملوثة للجو، وبالتالي على المناخ نفسه.

والواقع أن الاهتمام بفيروسات المحيطات لم يبدأ بشكل جدي الا منذ نحو عشرين سنة عندما نشر النرويجي غنر براتباك G. Bratbak عام 1989 بحثا أظهر الوفرة الهائلة للفيروسات في ماء المحيط، وفي عام 2006 بدأ كريغ فنتر G. Venter، وهو الذي كان قد أطلق مشروع خريطة الجينات البشرية، الجينوم ، بدأ بحملة بحثية لرسم خريطة جينات الفيروسات البحرية وبروتيناتها، وهدفه المعلن هو استنباط أدوية مستقبلية قيمة مشتقة من هذه الفيروسات.

وتسعى الأبحاث الحالية أيضا إلى تحديد الكائنات البحرية التي تحتضن الفيروسات ومدى تأثرها بها. ويمكن القول أخيرا أن هناك قناعة لدى معظم الباحثين بأهمية الفيروسات البحرية ودورها الكبير في توازن الحياة البحرية وتنظيم اطلاق غازات الدفيئة، وبالتالي استقرار المناخ العالمي.

Science et Vie 4/2010 p 97

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق