Powered By Blogger

السبت، 26 نوفمبر 2011

الضباب لاطفاء حرائق الانفاق

- المجلة الثقافية- العدد 59
في 18 تشرين الثاني 1996م شب حريق هائل في نفق بحر المانش الذي يربط فرنسا ببريطانيا، ورغم عدم وقوع ضحايا، الا ان الاضرار المادية كانت ضخمة لدرجة ان النفق بقي مغلقا طوال ستة شهور. في ذلك الحين كانت الطريقة المعتمدة لمواجهة الحريق الذي ينشب في قطار، لا تتطلب ايقاف القطار، وانما يكافح الحريق في موقع جانبي مخصص للطواريء، ويُمنع انتشاره بفضل ابواب مقاومة للنار بين العربات.
لكن الحريق الذي نشب في ذلك اليوم من عام 1996م اضطرم واشتد كثيرا بسبب حركة القطار، وبسب نظام التهوية داخل النفق. ثم تدخّل نظام امان آخر تدخلا تلقائيا، وهو نظام هدفه منع خروج القطار عن السكة، فاوقف القطار المشتعل داخل النفق. وهكذا، فان ما حصل كان طريفا، فنظاما الطواريء اللذان جرى تفعيلهما تلقائيا كان لهما نتائج متعارضة : الاول يفترض استمرار القطار في الحركة، والثاني يجبره على الوقوف.
العبرة التي يمكن استخلاصها من هذه الحادثة ان انظمة وخطط الامان في حالة الطواريء يجب ان تنسجم ضمن منطق شمولي واحد. وبالفعل اصبح الاجراء المعتمد حاليا هو ايقاف القطار اذا حصل حريق، واطفاء الحريق في الموقع داخل النفق. لكن هذا يفترض ان يحمل القطار وسائل الاطفاء التي سيحتاجها في حالة الطواريء، وهذه مشكلة في حد ذاتها : فنظام الاطفاء برشاشات الماء يتطلب كمية كبيرة يستحيل تحميلها على الدوام في القطار، كما ان انظمة الاطفاء الغازية لا تصلح ايضا.
وكان الحل ابتكار نظام جديد يمكن تسميته مكونات الضباب المطفئة للحريق، وقد تبنته مؤسسة يوروتنل Eurotunnel الفرنسية ويجري تطويره حاليا وتجربته على احد القطارات.
ستزوّد كل عربة في القطار بنحو سبعين بخاخا، وفي حال اندلاع حريق، تعمل مجسات حساسة للاشعة تحت الحمراء الحرارية على تشغيل نظام الاطفاء فورا، فتطلق البخاخات رذاذا من قطيرات ماء دقيقة قطرها عشرة ميكرونات، فيتشكل ضباب اصطناعي يتميز بسطح تبادل حراري يعادل مئة ضعفه في حالة رشاشات الماء التقليدية (لكمية الماء المستخدمة نفسها) ، فتنخفض درجة الحرارة سريعا. كما ان الضباب يعزل الاكسجين عن الحريق ويسرّع في اطفائه. وهكذا، سيوجد في كل قطار عربة تحمل المضخات وخزان ماء حجمه 30 مترا مكعبا مما يسمح باستخدام النظام مدة نصف ساعة وهي فترة كافية لاطفاء الحريق.
هذا وتوضح الارقام الآتية حجم الحركة داخل نفق المانش ومدى خطورة اي حريق يحصل فيه:
افتتح النفق عام 1994م ويصل بين فرنسا وبريطانيا، وهو بطول 50 كم، منها 39 كم تحت المانش، ليكون بذلك اطول نفق تحت الماء في العالم. وقد مرّ عبر النفق عام 2001م نحو سبعة ملايين مسافر، اضافة الى 2.5 مليون طن من البضائع، وتشغّل مؤسسة يوروتنل التي تشرف على النفق 3600 مستخدما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق