Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

هل توجد فعلا جينات للموت الخلوي؟

- المجلة الثقافية- العدد 59 )
منحت جائزة نوبل في الفسيولوجيا والطب لعام 2001م لعلماء ثلاثة: سدني بْرِنر S. Brenner وروبرت هورفتز R. Horvitz وجون سلسْتن J. Sulston وذلك تقديرا لاكتشافاتهم في مجال "التنظيم الجيني للتوالد العضوي وللموت الخلوي المبرمج". وقد اجرت مجلة البحث الفرنسية لارشيرش La Recherche مقابلة مع د. بيير سُنيغو P.Sonigo مدير مختبر علم جينات الفيروسات في مستشفى كوشن في باريس، بعد اصداره كتابا يبحث في الموت الخلوي وارساء نظرية جديدة في علم الوراثة.

* لارشيرش : هل واجهت نظرية "برمجة الموت الخلوي" معارضة في البداية؟
سنيغو : نعم، لانها اظهرت تعارضا مع مفاهيم راسخة او مقبولة مثل نظرية التطور او قانون الانتخاب الطبيعي. لكن التجارب التي اجريت على الدودة Caenorhabitis elegans منذ عقد الستينات ساعدت على قبول هذه النظرية قبولا شبه شامل. فقد لوحظ ان ازالة جين معين من بعض خلايا هذه الدودة يزيد من عمر هذه الخلايا. وقادت هذه الملاحظة الى افتراض ما يُسمى "جين الموت" وعند تفعيل هذا الجين، فانه يسبب "انتحار" الخلية. ويلقى هذا التفسير دعما من المفهوم النظري السائد الذي ينص على ان جميع المظاهر الحيوية تنشأ على مستوى الجينات.

* لارشيرش : هل توجد تفسيرات أخرى محتملة؟
سنيغو : تخيّل وجود ثعالب مفترسة جدا في منطقة ما، بحيث انها تفترس اعدادا كبيرة من الارانب لدرجة ان الامر سينتهي بهذه الارانب الى الانقراض، لكن اختفاء الارانب سيسبب حرمان الثعالب من طعامها فتموت بدورها من الجوع.
لكن لو افترضنا ان جميع هذه الثعالب فقدت احد اسنانها، فان قدرتها على الافتراس ستقلّ، وهكذا تحظى الارانب، وبالتالي الثعالب بفرصة اكبر للبقاء. لكن لا يمكننا ان نفترض ان ذلك السن، اثناء وجوده، كانت له وظيفة انتحارية، لان الثعالب بوجود ذلك السن انتهى بها الامر الى الفناء. فلماذا نفترض مثل هذه الوظيفة لجين معين؟ لعل من المعقول ان نفترض ان الموت الخلوي ينتج عن استنفاد المصادر التي يسمح هذا الجين باستهلاكها، اي ان "جين الموت"يعبر عن انزيم (يهضم) البروتينات.

* لاشيرش : اي انك تقترح محاولة تفسير اعتمادا على إطار نظري مختلف؟
سنيغو : نعم، لقد استحق الفائزون بجائزة نوبل لهذا العام هذا التقدير لأعمالهم الاستثنائية في هذا المجال. لقد وضعت العلاقة او معامل الارتباط بين نشاط سلسلة من الحمض النووي دنا DNA وبين ظاهرة حيوية. لكن هذا الارتباط لا يعني بالضرورة علاقة سبب ونتيجة. يعتقد بعض زملائي ان مثال الثعالب والارانب غير مناسب. ويعتقدون ان الخلايا قد تنتحر من اجل تحقيق الصالح العام للكائن الحي، وهو امر لا يفعله الثعلب، اي ان الخلايا تتبع هدفا عاما، وهو الحفاظ على الكائن الحي، لكن لماذا نقبل هذا التفسير الغائي لتحقيق الهدف على مستوى الخلية ونرفضه على مستويات حيوية اخرى؟
لعل ما نحتاجه الآن هو توجيه نظرة اخرى، نظرة تطورية نحو هذه الملاحظات وهذه الظواهر، نظرة تضع الخلية (ككائن مستقل) ضمن بيئتها البالغة الصغر، مما سيفتح آفاقا جديدة ويطرح مفاهيم مختلفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق