Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

لماذا يتفوق العداؤون الأفارقة؟

في عام 1968 حطم الأمريكي الأسود جم هاينز حاجز العشر ثوان في سباق المئة متر. ومنذ ذلك التاريخ تمكن 71 عداءَ من تكرار هذا الإنجاز. وكان 69 منهم من أصول افريقية، وبالذات من غرب افريقيا، مصدر تجارة الرقيق نحو أمريكا خلال القرون الأولى بعد اكتشافها.

أما سباق المراثون، فأبطاله بلا منازع من شرق افريقيا: كينيا واثيوبيا. فما تفسير هذا التميز؟ هل هي الجينات وشكل الجسم، أم التدريب، أم البيئة الاجتماعية والطبيعية؟

ارتفاع السرة

سعى عشرات الباحثين لتفسير هذه الظاهرة من خلال مزايا جسدية، مثل الطول الاستثنائي للرجلين، ارتفاع نسبة الألياف العضلية من النوع الثاني، وهي التي تساعد في الجهد السريع والمكثف، كما لوحظ أن نسبة الحامض اللبني ( اللاكتيك) والأمونيوم في دم العدائين الكينيين، أثناء سباق المراثون، تكون أقل منها لدى غيرهم.

فروقات كثيرة اكتشفت، لكن يبقى التوصّل إلى اثبات دور هذه الفروق في انجازات الرياضيين الأفارقة. إلا أن باحثَين أمريكيين من جامعتي ديوك وهورد، أثبتا أن ارتفاع السرة، أو مركز الثقل، لدى الأفارقة هو السر في تفوقهم في سباق المسافات القصيرة.

تتلخص حركة الجري في تكرار عملية ارتفاع وسقوط للأمام. وكلما حصل السقوط من ارتفاع أعلى، كلما كان الشخص أسرع. هذا السقوط من الأعلى يستفيد من ارتفاع مركز ثقل الرياضي. وقد تبين للباحثين الأمريكيين أن مركز ثقل الجسم لدى الأفارقة أعلى بنحو 3 سم في المتوسط من غيرهم، إذا أخذنا أشخاصا متساوي الطول. ودلت الحسابات أن هذا الفرق يزيد من سرعة الجري بنسبة 1.5% . هي نسبة ضئيلة حقا، لكنها كافية لتجعل الرياضي يقطع المئة متر في 9.85 ثانية بدل 10 ثوان وبالتالي يحرز الميداليات.

في المقابل، نجد أن السباحين الأوربيين يتفوقون عادة، لأن انخفاض مركز ثقل الجسم يعتبر ميزة للسباح الذي يسعى لإبقاء رأسه مرتفعا فوق سطح الماء أو على مستواه، مقارنة بباقي جسمه.

هناك عامل جسماني آخر اكتشفه الباحث الدنمركي ب.سْتلِن، فقد لاحظ أن ما يميز العدائيين الكينيين، الذين يفوزون دائما في سباق المراثون، هو أن بطة الساق لديهم أصغر منها لدى عدائي شمال أوربا مثلا، ووزنها أصغر ب 400 غم في المتوسط.

لكن هل تتحكم جينات معينة في ارتفاع الصرة أو في حجم بطة الساق؟ الإجابة هي بالإيجاب وفق عالم الجينات الفرنسي اكسل كان، لكن دراسة الجينات البشرية معقدة وما زالت في بداياتها. ويعتقد أن الأداء الرياضي يتأثر بمئتي جين على الأقل، وهي تتحكم بشكل أو بآخر بتوزع الألياف العضلية في الجسم، وبتدفق الدم، وبمستوى الأنسولين في الدم وحرق السكر لتزويد الجسم بالطاقة.

في عام 2003، اتضج دور جين يطلق عليه الرمز ACTN3 على شكلين.أحدهما يرمز له R، ويرتبط بالقدرة على الركض لمسافات طويلة.

لكن باحثين آخرين يركزون على العوامل الاجتماعية والبيئية ونوعية التدريب. فالكينيون يعيشون في مناطق جبلية ويمارسون الجري منذ طفولتهم، مما ينمي الألياف العضلية في أرجلهم للركض المتوسط السرعة وبشكل يناسب سباق المراثون، كما أنهم يعتادون على الركض في وسط فقير بالاكسجين، لأن نسبة الأكسجين تقل كلما ارتفع سطح الأرض، وهذا يعطيهم ميزة على غيرهم ممن يعيشون في مناطق منخفضة أو محاذية للبحار. كما أن تكرار فوز العدائين الكينيين مثلا في المباريات الأولمبية قد شجع مواطنيهم على ممارسة هذه الرياضة. وهذا يبرز دور العامل الاجتماعي والتدريب.

يجدر بالذكر أخيرا أن الأبحاث على الفروق بين الأجناس لم تكن تجد تشجيعا منذ الحرب العالمية الثانية، كرد فعل على تأكيد هتلر على تفوق الجنس الآري وتخلف الأجناس الأخرى طبيعةً وخلقاً وجينياً.

Science ET Vie 7/2011
126-129

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق