Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

انفلونزا الخنازير... لماذا لم تحصل الكارثة

قبل أيام نصح وزير الصحة في الاتحاد الأوروبي المواطنين في أوروبا بالتطعيم ضد الانفلونزا استعدادا لموسم الشتاء القادم. وتذكرنا هذه النصيحة بحالة الطواريء وحملات التطعيم التي أثارها ظهور انفلونزا الخنازير في العام الماضي.

فهل لهذه التصريحات والنصائح المثيرة للهلع ما يبررها حقا . أم أنها تخدم أغراضا أخرى مثل مصالح شركات الأدوية؟
ومهما كانت الأسباب المعلنة ، فاننا جميعا نريد من المختصين تفسيرا لما حصل، وتبريرا مقنعا لموجة الذعر التي أثيرت حول إنفلونزا الخنازير.

آن الآوان للتفسير

بعد أكثر من سنة على ظهور الاصابات الأولى بانفلونزا الخنازير في المكسيك في نيسان 2009 ، وبعد أن تجاوز العالم مرحلة الرعب الشامل، حان الوقت لطرح تساؤلات أساسية وتهم كل واحد منا. وهي تساؤلات يرافقها شعور بالارتياح لأن أسوأ التوقعات لم تحصل، ولكنها أيضا تتطلب توضيحا واجابة من قبل العلماء والمختصين.

لنأخذ كمثال ذلك السيناريو الذي كان متوقعا في فرنسا، حسب ما تورده مجلة العلم والحياة الفرنسية في عددها لشهر أيار 2010.

توقع المختصون موجة وباء تشبه أمواج التسونامي البحرية، ليصيب الفيروس نحو مليون شخص يوميا في فرنسا ولتظهر أعراض المرض على 20 مليون شخص، ومن بين هؤلاء، قدر أن ما بين 36000 الى 80000 سيتوفون، سواء بسبب الفيروس مباشرة أو نتيجة مضاعفات أو أعراض أخرى زاد هذا الفيروس من حدتها.

فاذا كانت هذه الأرقام الضخمة تتعلق ببلد متقدم ويتمتع مواطنوه بعنياة صحية ومستوى معيشي متقدمين، فما بالك بشعوب أخرى تعاني من تردي الأوضاع المعيشية والصحية؟

لنورد الآن ما حصل فعليا في فرنسا؛ بلغ عدد الاصابات الحادة بالمرض 1327 حالة وتسبب في 308 وفيات.

وعلى سبيل المقارنة، فان الانفلونزا العادية قد قتلت نحو نصف مليون شخص على مستوى العالم خلال عام 2009، مقابل (17000) سبعة عشر الف شخص بسبب انفلونزا الخنازير، وهذه الأرقام مأخوذة من منظمة الصحة العالمية.

ولوحظ أنه من بين كل عشرة أشخاص أصيبوا بالفيروس، لم تظهر أعراض المرض الا على واحد منهم، أي بنسبة 10%.

فلماذا لم تتحقق التنبؤات أو التوقعات السوداوية! هل كانت المبالغة مقصودة لصالح المختبرات الصيدلانية التي سوقت ملايين الجرعات من اللقاح ضد هذا الفيروس، اضافة الى مئات الملايين من الكمامات ومواد التعقيم الخ. أم أن الاجراءات الصحية التي طبقت في مختلف دول العام، مثل اغلاق المدارس أو غسل الأيدي وتعقيمها عدة مرات يوميا.. قد أتت أكلّها وأثبتت جدواها ! أم أن التفسير يكمن في مواضع أخرى، وخاصة طبيعة هذا المرض نفسه؟

مفاجآت سارة

توقع الباحثون أن كافة سكان العالم سيصابون بهذا الفيروس (H1N1) A وأن 70% منهم ستظهر عليهم أعراض المرض. لكن النسبة الفعلية كانت 10% كما ذكرنا سابقا مما يدل على قدرة عالية لمقاومة الفيروس لدى معظم الناس. وقد يكون سبب هذه المقاومة العالية للفيروس أن أناسا كثيرين كانوا قد تعرضوا للاصابة بفيروس مشابه وبالتالي فقد اكتسبوا مناعة ضده.

وكانت المفاجأة السارة الثانية أن هذا الفيروس قد أظهر استقرارا وثباتا كبيرين. فقد كان مصدر قلق وخشية المختصين هو أن الفيروس سيتعرض لطفرات جينية تزيد خطورته. وهذا لم يحصل، لحسن الحظ . لكن هذا لا يمنع من الاشارة الى طفرات لوحظت في هذا الفيروس لدى مصابين به في النرويج في البداية ثم في دول أخرى، وأدت الى وفاتهم. وتبين للباحثين فيما بعد أن هذه الطفرات كانت تحصل لدى المصاب نفسه، في مرحلة متأخرة من المرض، ولم تكن تنتقل الى أشخاص آخرين.

وعلى أية حال، فان هذه التجربة قد زودت الباحثين بخبرات ومعارف ثمينة حول طبيعة الفيروس وسلوكه ومدى مقاومة أجسام البشر له.

ويبقى علينا أخيرا أن نشير الى أن موجة الفزع التي أثيرت بشأن انفلونزا الخنازير قد تكون مرتبطة بما يعتبره البعض حملة سرية موجهة نحو تخفيض عدد سكان العالم على المدى البعيد، أو ربما القريب. من وسائل تحقيق هذا التخفيض تدمير موارد الغذاء وتسبيب مجاعات، هنا وهناك، في مناطق مختلفة من العالم. نلاحظ أنه في كل مرة يثار فيها الهلع عالميا من وباء معين، يجري إعدام ملايين الحيوانات والطيور. حصل هذا الأمر أثناء موجة الرعب من جنون الأبقار في التسعينيات، حين أعدمت وأحرقت ملايين الأبقار وأتلفت المواد الغذائية المصنوعة من حليبها. وحصل أمر مشابه عندما انتشرت الحمى القلاعية بين الأغنام. ثم أعدمت مليارات الطيور، كالدجاج وغيره، في دول عديدة، وخاصة في جنوب شرق آسيا. وحتى هنا في الأردن، فقد تم إعدام مئات الآلاف من طيور الدجاج. ثم أبيدت الخنازير في عدة مناطق من العالم، ومنها مصر، والأردن أيضا حيث أزيلت مزارع الخنازير القليلة المتواجدة في الجنوب. ويبدو أن هذه الحملات المبررة أو المفتعلة لم تكن كافية للحد من موارد الطعام في العالم، فجاءت الظروف الجوية خلال الصيف الماضي لتدمر محصول القمح والشعير في روسيا وغيرها. فهل سنصحو يوما لنجد أن العالم يعاني من مجاعة عامة قاضية؟

Science et Vie

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق