Powered By Blogger

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

المستعّر الأعظم .. سوبر نوفا

نجم يسطع فجأة ثم يخبو ضوؤه بعد بضعة أسابيع أو بضعة أشهر. لينبئنا أن نجما انفجر ومات، ويزودنا بمعلومات قيمة عن الكون.
Supernova
ما هو المستعرّ الأعظم؟

ظهر هذا التعبير بالإنجليزية في ثلاثينيات القرن الماضي. وقد وصفه فلكيان مهاجران لأمريكا: ولتر باده وفرتز زفيكي. والكلمة الإنجليزية تعني المتجدد الأعظم، وهذا هو المصطلح العربي الذي نجده مثلا في قاموس الفلك والفضاء المصور – مكتبة لبنان. لكن يبدو أن تعبير المستعر الأعظم شاع أكثر في لغتنا حاليا؟؟ ( مع ملاحظة أن هذا المصطلح لا يظهر في قاموس المورد طبعة 2005).

في ذلك الوقت، ثلاثينيات القرن الماضي، كان الفلكيون يعرفون بوجود المتجددات أو المستعرات، وهي ظواهر غامضة تتمثل بظهور نجم في السماء ثم اختفائه بعد فترة قصيرة. ويعود التعبير nova ،أي جديد، الى الفلكي الدنمركي تيكو براهة، الذي شاهد هذه الظاهرة خلال القرن السادس عشر، وفسرها بأنها مؤشر على ولادة نجم جديد.

لكن العالمين "الأمرييكين" أو المتأمركين لاحظا أن هذه الظاهرة تحدث في مجرات أخرى وفي أطراف الكون على بعد ملايين، أو حتى مليارات، السنوات الضوئية، مما يعني أن هذا النجم يطلق طاقة هائلة . ومن هنا ولد التعبير سوبر نوفا. واقترح العالمان حينئذ آلية تفسر هذه الظاهرة، وهي أن نجما قد انفجر. لم يتقبل معظم العلماء هذا التفسير في ذلك الوقت، لكنهما كانا محقين الى حد كبير.

يتكون النجم، مثل شمسنا، بشكل أساسي من غاز الهيدروجين والهيليوم وينتج اندماج الأنوية تلك الطاقة الهائلة التي يشعها النجم عادة. لكن يأتي يوم ينفذ فيه هذا الوقود النووي.. بعد حياة تدوم بضعة ملايين الى بضعة مليارات من السنوات. لكن ليس كل نجم يتحول الى سوبر نوفا في نهاية حياته. بل يقتصر ذلك على النجوم الكبيرة التي تزيد كتلتها عن ثمانية أضعاف كتلة الشمس، أو النجوم القزمة البيضاء.




منذ متى لاحظ الانسان وجودها؟

اذا تواجد المستعر الأعظم قريبا منا وضمن مجرتنا، درب التبانة، فانه قد يظهر للعين حتى خلال النهار. ولهذا السبب فان الفلكيين القدماء قد لاحظوها ووصفوها دون تقديم تفسير منطقي لها. وأقدم تسجيل لهذه الظاهرة كان في الصين عام 185 ميلادية. ودام سطوع ذلك النجم الجديد أكثر من ثمانية أشهر. ثم ذكرت ظواهر مشابهة في الكتب الصينية أيضا، في الأعوام 369 ، 386 ، 393 . وأول مستعر أعظم ورد ذكره في السجلات الأوربية والعربية كان عام 1006 واستمر لمعانه 3 سنوات. وكان آخر مستعر ظهر في مجرتنا عام 1604، والذي درسه الفلكي كبلر بالتفصيل.

كم نعرف منها حتى الآن؟

بضعة آلاف. ويمكن التعرف عليها عبر الانترنت في مواقع مثل شبكة المستعرات العظمى الدولية International Supernova Network ويعطى كل منها رمزا مثل SN 2008A حيث يدل أول حرفين على أنه سوبر نوفا، والأرقام الأربعة التالية تدل على سنة ظهوره ، والحرف الأخير يدل على ترتيب ظهوره خلال السنة ( من A الى Z ثم aa ، ab..). في عام 2008 رصد 254 سوبرنوفا، آخرها SN2008it وكان اكتشاف هذه الأجرام يتم بالصدفة عادة. بواسطة فلكيين هواة أو محترفين. لكن بعض المراصد الفلكية تعتمد حاليا برامج نظامية خاصة لرصد هذه الأجرام.

ما أصنافها؟

في عام 1941 وصف الفلكي رودلف متكوفسكي فئتين من السوبرنوفا حسب تحليل طيف الأشعة الواردة منها. أحداهما( النوع I) لا تحتوي على الهيدروجين والأخرى تحتوي عليه (النوعII). ثم ساعد تقدم تقنيات الرصد على تمييز فئات جزئية. فبعضها يحتوي على سلكون ويرمز له ( Ia)، أو هيليوم، دون سلكون (Ib) أو لا يحتوي على أي منهما (Ic) .

كم يدوم السطوع؟

يدوم انفجار السوبرنوفا أقل من ثانية واحدة. لكن السطوع يبلغ أوجه خلال أسبوعين أو ثلاثة: وتنتج طاقة هائلة تعادل ما تشعه مجرة كاملة. ولا يخبو الاشعاع الا بعد بضعة أشهر. وتختلف درجة السطوع ومدى انتظامه خلال هذه الفترة حسب فئة النجم.

ما آلية الانفجار ؟

يوجد فئتان من السوبرنوفا حسب كيفية الانفجار. يعتمد الانفجار في الفئة الأولى على الاندماج النووي الحراري، وهي الفئة Ia فقط ( الحاوية على السلكون) أما باقي الانواع فيحصل فيها ما يسمى بالانهيار الجاذبي لقلب النجم.

عندما يستنفذ نجم مثل شمسنا وقوده من الهيدروجين والهليوم، فانه يتقلص ويصبح قزما أبيض مكونا من الكربون والأكسجين. وقد يرافق هذا القزم نجم توأم قريب منه، ويكون عادة عملاقا أحمر. فيشفط أو يمتص القزم مادة توأمه ويكبر حتى تصبح كتلته 1,4 من كتلة شمسنا. عندئذ ينهار النجم ويحصل تفاعل نووي اندماجي، فينفجر النجم محررا في ثانية واحدة طاقة تعادل ما تبثه شمسنا خلال ثمانية مليارات سنة.

كيف تنفجر النجوم الكبيرة؟

اذا زادت كتلة النجم عن ثمانية أمثال كتلة شمسنا، فانه قد يحصل في قلبه انهيار جاذبي. في نهاية عمر النجم يصبح قلبه مكونا من الحديد، وعندئذ تتوقف التفاعلات النووية الاندماجية، والتي كانت تعاكس قوة الجاذبية. فتعمل قوة الجاذبية على جذب مادة النجم باتجاه القلب. وتندمج الالكترونات بالبروتونات لتنتج النيوترونات. فيطلق على النجم عئذ اسم نجم نيروتروني يبلغ قطره عادة نحو 20كم. وعندما يتوقف التقلص تحصل موجه صدمة تتجه من القلب إلى الخارج فتسبب انفجار النجم ليصبح سوبرنوفا، والذي يتحول بدوره الى بلسار،أي نجم نباض إشعاعي، أو الى ثقب أسود اذا كانت كتلته كبيرة.

ما تأثير هذه الانفجارات على الكون؟

تعتبر نجوم السوبرنوفا مسؤولة عن اغناء الكون بالعناصر الثقيلة. فالنجم عندما يولد يحتوي على الهيدروجين والهيليوم. ثم يعمل التفاعل النووي على تحويل الهيدروجين الى هيليوم ثم الهيليوم الى كربون وأكسجين. واذا كان النجم ثقيلا تنتج عناصر ثقيلة أخرى مثل السلكون والنيون والكوبلت والنحاس والحديد. وعند انفجار النجم تنتشر هذه العناصر بين النجوم كما أن قوة الانفجار تنتج عناصر ثقيلة أخرى.

وهذا يعني أن جميع العناصر الثقيلة قد نتجت أصلا عن انفجار السوبرنوفا. ونعلم أن اجسامنا تحتوي على العديد من هذه العناصر. ولهذا السبب يقول بعض الفلكيين أننا لسنا سوى نتاج لغبار النجوم المنفجرة أي المستعرات العظمى.
La Recherche No. 428

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق