Powered By Blogger

الاثنين، 25 يونيو 2012

تحلية المياه بالنانوتكنولوجيا

العرب اليوم، 26/6/2012
د. يعرب قحطان الدُّوري()
yaldouri@yahoo.com

الماء أساس الحياة، وهو يحمل معانيها وبذرتها وأصلها، ولا يمكن الاستغناء عنه؛ بل قد يكون سبباً للحروب مستقبلاً. تهدف تحلية المياه إلى إزالة كل الأملاح الذائبة والمعادن، أو جزء منها. تحلّى المياه لتصبح صالحة للشرب، والزراعة، والصناعة. ويهتم بهذه التقنية عدد كبير من الدول، خصوصاً المطلة على البحار، والتي تعاني من نقص المياه العذبة. ومن المتوقع أن تنمو هذه التقنية خلال العشر سنوات القادمة نموا كبيرا، ما قد يمنع حدوث أزمات مائية في دول العالم ذات المسطحات المائية المشتركة؟.
نظرا إلى أن تقنيات التحلية تستهلك طاقة ومالاً، وتخلف آثارًا ضارة على البيئة، فقد انصبّ الاهتمام على إيجاد بدائل ذات استهلاك طاقة أقلّ، وأكثر فعالية، وصديقة للبيئة. من هذه البدائل النانوتكنولوجيا، المتمثلة في صنع أغشية نانوية بإمكانها تنقية المياه من الأملاح والمواد السامة بكفاءة وسرعة عاليتين. هذه الأغشية تقاوم الكلور ولا تسمح بتراكم البكتيريا. وتعمل بتقنية الضغط الأسموزي العكسي، التي تعتبر من المفاهيم المتقدمة في مجال تخليص المياه من المواد السامة، وتشير إلى انتقال الماء دون الأملاح، لنحصل على الماء العذب، وهو الهدف من هذه العملية. يشير تعبير الضغط الأسموزي الى مرور الجزيئات والذرات عبر الأغشية من الجهة التي تتواجد فيها بتركيز مرتفع إلى الجهة التي ينخفض فيها هذا التركيز. وفي حال الضغط الأسموزي العكسي تسير تلك الظاهرة بصورة معكوسة بفضل التحكّم بتركيب الأغشية وخواصها. أُطلق على الغشاء الجديد أسم آي فوب i-Phobe، أي نابذ أو كاره الأيونات، في إشارة الى طريقة تعامله مع الذرات والجزيئات المشحونة كهربائيا، أي الأيونات،التي ترفض جزيئات الماء فتمنع مرورها، لذا تسمى نابذة الماء، هايدروفوب HydroPhobe وفي المقابل يمكن تغيير عمل الغشاء جذرياً بحيث يصبح "عاشقاً" للجزيئات فلا تمر عبره إلا جزيئات الماء الصافية فقط، وحينها يسمى هايدروفيلHydorphile ، ونظراً الى طبيعته المزدوجة في التعامل مع الماء فقد أطـلق الباحثون على هذا الغشاء النانوي المبتكر اسم "الطريق السريع للماء". إن هذا التركيب الفريد للغشاء يعطيه القدرة على "تنقية" الماء من الشوائب والمواد السامة بسهولة من خلال تحميل جزيئاته بشحنة كهربائية، فتخضع لآلية "الضغط الأسموزي العكسي"، ويمرّ الماء عبر الغشاء بسهولة، نقيّا صالحا للشرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق