Powered By Blogger

الاثنين، 9 يوليو 2012

ماري كوري (1867 – 1934)

شخصيات علمية

العرب اليوم، 10 / 7/ 2012

أول امرأة تفوز بجائزة نوبل، وأول من فاز بها مرتين.
أسمهان طعيمة

لم يعد مستغربا في عصرنا الحالي أن تتعلم المرأة وأن تتبوأ منصب الأستاذية في جامعة أو مناصب عليا في الدولة، لكن ذلك لم يكن بالأمر السهل قبل مئة سنة، حتى في أوروبا.

ولدت ماري في وارسو في بولندا، وكانت حينئذ تحت الحكم الروسي. كان والدها معلما للعلوم والرياضيات، ووالدتها مديرة لمدرسة داخلية. فقدت والدتها وشقيقتها الكبرى وهي صغيرة، ما أثر سلبا على معتقداتها الدينية.
ثم أفلست عائلتها. فاضطرّت لممارسة مهنة التدريس الخصوصي والتحقت سرّا بالجامعة الحرّة في وارسو (وفّرت هذه الجامعة تعليما يتّفق مع النظام التربوي الوطني، الذي لم تكن سلطات الاحتلال الروسي لتسمح به). وقد تكفلت ماريا بنفقات اختها التي ذهبت لدراسة الطب في باريس.

عام 1891 لحقت باختها في باريس والتحقت بجامعة السوربون لدراسة العلوم والرياضيات. وكانت مضطرة للعمل في التدريس لتسد تكاليف المعيشة والدراسة. حصلت على شهادة في الفيزياء عام 1893 ثم في الرياضيات عام 1894. وكانت تطمح للعودة إلى بلدها للعمل في البحث العلمي لكن جامعة كراكوفيا رفضت توظيفها... لأنها امرأة! فعادت إلى باريس وتزوجت بيير كوري الذي كان يعلّم في المدرسة العليا للفيزياء والكيمياء.

اختارت ماري أن تجري أبحاثا في مجال اشعاع اليورانيوم بهدف الحصول على الشهادة العليا في الجامعة. وكان هنري بِكِرل قد اكتشف عام 1896 أن أملاح اليورانيوم تبث من ذاتها إشعاعات قادرة على اختراق الأجسام.

كان على ماري وزوجها أن يستخلصا اليورانيوم من خاماته. ونعلم أنه يوجد فيها بنسبة ضئيلة للغاية. ما جعلهما يعملان ليل نهار في شقتهما الصغيرة للحصول على كميات ضئيلة من أملاح اليورانيوم. لاحظت ماري أن أحد الخامات يطلق نشاطا إشعاعيا أقوى مما يطلقه اليورانيوم نفسه فتوقعت أن مصدر ذلك هو عنصر آخر ذو نشاط إشعاعي أقوى. وقد استخلصت فيما بعد عنصر الراديوم والبولونيوم، إضافة الى اكتشاف خاصية الإشعاع للثوريوم. في عام 1903 منحت الأكاديمية السويدية للعلوم جائزة نوبل في الفيزياء لكل من بيير وماري كوري، ولهنري بكِرل تقديرا لانجازاتهم في دراسة العناصر المشعة. وقد اقتسم الزوجان قيمة الجائزة المالية مع بعض أصدقائهما وطلبتهما المحتاجين.

في عام 1911 حصلت ماري كوري على جائزة نوبل للمرة الثانية؛ لكن في الكيمياء، هذه المرة. وفي عام 1914 أنشأت الحكومة الفرنسية معهدا لدراسة الراديوم. أصبح اسمه فيما بعد معهد كوري.

خلال الحرب العالمية الأولى، شعرت ماري بضرورة وجود أجهزة تصوير بالأشعة في الجبهة، وكان لها الفضل في توفير 200 وحدة تصوير و 20 عربة حاملة لها لوضعها في مستشفيات الميدان، لتساعد الجرّاحين في عملهم. ويقدّر أن أكثر من مليون جندي جريح قد استفادوا في علاجهم مما أطلق عليه اسم "وحدات كوري الصغيرة".

قتل زوجها بيير عام 1906 تحت عجلات عربة تجرّها الخيول في أحد شوارع باريس، فمُنحت ماري مكان زوجها في جامعة السوربون، لتصبح أول امرأة استاذة في هذه الجامعة.

توفيت ماري عام 1934 بأحد أنواع اللوكيميا، بتأثير تعرّضها المتواصل للاشعاعات، ولم يكن تأثير الاشعاع الضار على الصحة معروفا أثناء إجرائها تجاربها الطويلة على العناصر المشعة.

يجدر بالذكر أن ابنتها ايرين وزوج ابنتها فردريك كوري قد فازا أيضا بجائزة نوبل. وقد كرّمت ماري كوري باطلاق اسمها على عنصر سمّي الكوريوم، كما سُميت جامعة باريس السادسة باسم بيير وماري كوري. وأطلق على أحد العناصر المشعة اسم "البولونيوم" تكريما لوطن ماري الأصلي: بولندا أو بولونيا.

وقد تتساءل عزيزي القارىء عن السر وراء هذه الانجازات الإبداعية لهذه المرأة العظيمة. ولعل تكريس نفسها ووقتها لأبحاثها، والعمل الشاق والمثابرة كانت هي السر في ذلك، مصداقا للقول"إن 95% من العبقرية هي المثابرة والعمل الدؤوب".
نشير أخيرا إلى أن اسمها الأصلي هو ماريا سَلوميا سكودفسكا، وكوري هو اسم عائلة زوجها بيير. ونشير أيضا أنه كان بإمكاننا أن نكتب اسمها "ماري خوري". فكلمة Curie الفرنسية هي الخوري، أي القس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق