Powered By Blogger

الثلاثاء، 19 يونيو 2012

رعب في الفضاء

العرب اليوم 19/ 6 / 2012
لم يعد الفضاء وسواتله موضوع إبهار أو ترف علمي، بل أصبح جزءا من حياة الإنسان العادي في أيامنا هذه. فمحطات التلفزة الفضائية والاتصالات الهاتفية الدولية، ونظام التوضيع العالمي "جبس"، وصور الأرض من الفضاء، مثل تلك التي تعرضها غوغل إيرث على الانترنت، جميع هذه الخدمات تقدمها السواتل، أو الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض. وهي جميعها تطبيقات مدنية خدمية، لكنها تطورت وعدلت غالبا عن تطبيقات عسكرية. فهل تخلى العسكريون عن الفضاء؟ بالطبع لا. وما يعنينا هنا هو حروب الفضاء، وإمكانية أن تهاجَم السواتل وتدمَّر إذا قامت حرب بين القوى العظمى في العالم. وهذا الاحتمال وارد دائما. فعبر التاريخ البشري، لم تمثل فترات السلام سوى جزر صغيرة في محيط الحروب الشرسة والغزوات والمجازر والاحتلال العسكري.
حرب الفضاء
في 20 شباط 2008 أطلقت الولايات المتحدة صاروخا نحو ساتلها رقم 193، وهو ساتل تجسس خرج عن السيطرة في ذلك الحين. دمر الصاروخ وتناثرت أشلاؤه في الفضاء، لكن هذه العملية أثارت غضب روسيا والصين وقلقهما. وأعلنوا صراحة أنهم لم ينخدعوا بالمبرر الذي أعطته أمريكا لسبب التفجير، وأن الهدف الحقيقي من العملية هو إظهار قدرتها على تفجير أية سواتل فضائية. وفي كانون ثان 2010 اعترضت الصين صاروخا بالستيا على ارتفاع عال. ومؤخرا وجهت الصين صاروخا نحو ساتل فضائي صيني خاص بالطقس ودمرته. جميع هذه الأفعال تدل على شيء واضح: إن قيام حرب فضائية بين الدول العظمى أمر ممكن فنيا، وكافة الأطراف قادرةعلى الانخراط في مثل هذه الحرب.
ما رأي القانون؟
يبدو أن الفضاء ما زال يعاني من فراغ قانوني كبير. صحيح أنه توجد اتفاقية للفضاء وقعتها الدول المعنية عام 1967؛ لكنها محدودة للغاية. فهي لا تنصّ إلا على حظر القنابل النووية، وغيرها من أسلحة الدمار الشامل، في الفضاء. لكنها لم تتطرق إلى أسلحة أخرى فعالة مثل الليزر أو القذائف أو الصواريخ المتفجرة. وقد توقفت المفاوضات الهادفة إلى تطوير هذه الاتفاقية منذ أكثر من عشر سنين.
في بداية هذا العام، 2012 ، عقد خبراء ودبلوماسيون اجتماعا في الأمم المتحدة بهدف مناقشة وسائل الحفاظ على السلام في الفضاء. وقد كان لعمليات تدمير السواتل الأمريكية والصينية التي ذكرناها دور في اهتمام الأمم المتحدة بعقد هذا الاجتماع، خاصة أن وزارة الدفاع الأمريكية قد أصدرت قبل ذلك ببضعة اشهر تقريرا يحذر من تطوير الصين لأسلحة مضادة للسواتل. ومنذ ذلك الحين تزايد القلق من انخراط الدول العظمى في سباق تسلح فضائي.
يتصف عالم الفضاء العسكري بالسرّية البالغة لدى مختلف الدول العظمى. لكن يبدو أن الفضاء قد نجا حتى الآن من المناوشات والمعارك بين هذه الدول. ورغم وجود مئات سواتل التجسس، فإن أقصى ما قد تتعرض له هذه السواتل هو التشويش الإلكتروني من وقت لآخر. ويبقى أن أنصار الحلول الدبلوماسية لم يتطرق اليأس لنفوسهم، وهم يسعون من خلال الأمم المتحدة لتنظيم الأمور وصياغة قانون يلتزم به الجميع. ونشير هنا إلى أن الاتحاد الأوروبي كان اقترح عام 2008 "مدونة السلوك الحسن". ويبدو أن الجميع قد أعلن موافقته عليها. وعلى الرغم من أن هذه المدونة لا تشكل سوى التزام أخلاقي، إلا أنها بلا شك خطوة أولى مهمة نحو فرض السلام في الفضاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق