Powered By Blogger

الأحد، 24 يونيو 2012

خمسة مليارت دولار لمحو شلل الأطفال

حسام جميل مدانات
في أوائل عام 2011، سجلت آخر إصابة بشلل الأطفال في الهند. لكن لن نتأكد من القضاء على هذا المرض في الهند قبل مرور ثلاث سنوات دون ظهور إصابات جديدة. وإذا ثبت ذلك فعلا، فلن يبقَ سوى ثلاثة بلدان يتفشى فيها شلل الأطفال، وهي نيجيريا وباكستان وافغانستان. وقد تناقص عدد الحالات الجديدة فيها كثيرا، من 380 ألف حالة عام 1988، إلى 650 حالة عام 2011.

يعود الفضل بشكل كبير في هذا الإنجاز إلى نادي الروتري الدولي، وهو ناد لرجال الأعمال. ففي عام 1985 أعلن النادي عن خطة للقضاء على مرض شلل الأطفال عن طريق تطعيم كل طفل تحت سن الخامسة في أية منطقة موبوءة بالمرض. قُدرت كلفة المشروع في ذلك الحين بمئة وعشرين مليون دولار.

ورغم إنفاق 800 مليون دولار من أموال أعضاء النادي، إضافة إلى مبالغ ضخمة من تبرعات أخرى، فإن فيروس شلل الأطفال ما زال موجودا. لكن تواجده حاليا ينحصر في مناطق الاضطرابات في العالم، حيث يصعب توفير العناية الصحية للجميع.

أعلن النادي في 17 كانون ثان 2012 عن توفير 200 مليون دولار إضافية لهذا الغرض، كما أن مؤسسة بِل ومِلِندا غيتز (مؤسس وصاحب شركة ميكروصفت) أعلنت عن مساهمتها بمبلغ 405 ملايين دولار ، ومن المأمول أن يكون شلل الأطفال في ذمة التاريخ في عام 2016. لكن هذا يعني إنفاق مليار دولار كل عام حتى ذلك الحين.

الجدري ثم شلل الأطفال

ظهرت فكرة القضاء على شلل الأطفال بعد أن نجح العالم في القضاء على مرض الجدري، حيث سجلت آخر حالة له عام 1979؛ علما أن عام 1969 شهد إصابة 15 مليون إنسان بالجدري، وتوفي منهم مليونان بسببه.

يتسبب كلا المرضين عن فيروس، وقد أمكن تصنيع مطعوم فعال وسهل الإعطاء لكل منهما. يتميز المرضان بأن الانسان هو العائل الوحيد للفيروس المسبب لكل منهما، وهذا يجعل هدف محو هذين المرضين ممكنا وسهلا. لكن الواقع أن شلل الأطفال يختلف نوعا ما.

الاختلاف الأول هو أن فيروس الشلل قادر على الحياة لمدة طويلة خارج جسم الانسان، في مجاري المياه العادمة مثلا. الاختلاف الثاني هو وجود ثلاث سلالات من فيروس الشلل، وتتطلب مكافحة كل منها تصنيع مطعوم خاص مختلف. وقد لوحظ أن تراجع إحدى هذه السلالات يفسح المجال لانتشار سلالة أخرى.

جوبهت مكافحة الشلل بمقاومة وصعوبات في بعض الدول. ففي نيجيريا انتشرت إشاعة بأن هدف المطعوم هو تعقيم الفتيات وجعلهن عاجزات عن الحمل. فتوقف التطعيم جزئيا. وهذا يفسر استمرار الإصابات في نيجيريا.

يجب أن تتواصل حملة مكافحة الشلل حتى القضاء عليه تماما، وإلا فإن احتمال عودته وانتشاره واردة بقوة، خاصة مع الاختلاط الواسع بين مختلف الشعوب حاليا.

وأخيرا، يجب التنبيه إلى أنه لو جرى استغلال الكوادر الطبية ومعدات حملة الجدري، بعد القضاء عليه، في حملة أخرى مشابهة، مثل مكافحة الشلل، لما ضاعت تلك الموارد وتبخرت دون جدوى. وهذا ما يجب تداركه عند نهاية الحملة الحالية ضد شلل الأطفال، إذ يجب التخطيط لاستغلال هذه الموارد فورا في مشروع صحي عالمي كبير آخر، مثل مكافحة الملاريا أو السلّ أو الإيدز.
ويجدر بالإشارة أن عام 2011 شهد القضاء النهائي على مرض آخر هو طاعون الماشية.
The Economist 21/1/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق