Powered By Blogger

الجمعة، 8 يونيو 2012

التسونامي (الطوفان البحري)

القاموس العلمي (5)



م. سائد مدانات / العرب اليوم، 8 حزيران 2012

لعل أول ما يخطر بالذهن هو لماذا سميت هذه الموجات بكلمة يابانية؟ وإذا لم يكن لها تعبير خاص بها في اللغات اللاتينية أو الأوروبية، ومنها الإنجليزية، ولا في اللغة العربية، فهل يعني هذا أن هذه الظاهرة لم تكن معروفة لدى شعوب حوض البحر المتوسط أو غيرها من الحضارات العريقة؟

يخطر بالذهن أيضا بضعة تساؤلات أخرى:

- ما الفرق بين التسونامي وبين أمواج المد والجزر، أو الأمواج البحرية الدائمة والمألوفة فوق سطح المحيطات والبحار، أو حتى التيارات المحيطية العميقة مثل تيار خليج المكسيك الذي يبلغ شواطئ أوربا ويدفئها؟

- هل ينحصر سبب حدوث التسونامي بالزلازل، أم توجد مسببات أخرى؟

- هل يمكن التحذير المسبق، قبل فترة كافية من وصول التسونامي؟

- هل سجل التاريخ حوادث مشابهة في بلادنا أو في أوربا؟

- هل يحتمل حدوث تسونامي لدينا، في خليج العقبة أو حتى في البحر الميت؟

في عام 426 ق.م أشار المؤرخ اليوناني توسدايد إلى أن الزلازل داخل البحر قد تسبب طوفانا. واشار المؤرخ الروماني أرمانيوس مرسلينوس إلى الطوفان البحري الذي دمر الاسكندرية في مصر عام 365. إذ انحسر البحر فجأة ثم حصلت موجة عملاقة.


هل يستحيل التحذير المسبق من التسونامي؟


التسونامي كلمة يابانية تعني "موجات الميناء"، إذ كان صيادو السمك يفاجأون عند عودتهم من البحر بدمار بيوتهم على الشاطىء من هذه الموجات، دون أن يكونوا قد شعروا بها في عرض البحر. أصبحت التسونامي ظاهرة معروفة للجميع بعد طوفانين هائلين حصلا خلال السنوات القليلة الماضية. أولهما في أواخر عام 2004 بعد زلزال اندونيسيا، إذ قتل 000 230 شخص في عدة دول جنوب شرق آسيا، والثاني بعد زلزال اليابان في العام الماضي.

لعل ما أثار الاستغراب خلال الطوفان البحري الأول، عام 2004، هو أنه بعد أن ضرب سواحل جزيرة سومطرة في أندونيسيا، ضرب شواطىء الفلبين وتايلند وسريلنكا والمالديف، دون أن تصدر تحذيرات لهذه الدول من قدوم الطوفان. ولو حصل ذلك لأمكن تخفيف الخسائر.

آلية توليد التسونامي:

المسبب الرئيسي للتسونامي هو إزاحة كمية كبيرة من الماء داخل البحر أو المحيط، أو حصول اضطراب فيهما، بتأثير زلزال، أو انفجار بركاني، أو انقسام جبل جليدي وانهيار جزء منه في البحر، أو سقوط نيزك في البحر أو تجارب نووية، أو انهيار كتل ضخمة من جزيرة أو من الساحل وسقوطها في البحر.

يتميز التسونامي بطول موجة كبير جدا، قد يبلغ مئات الكيلومترات، مقارنة مع موجات المحيط العادية التي يبلغ طولها 30 أو 40 مترا. سرعة موجة التسونامي كبيرة، قد تصل إلى 800 كم/ساعة أما سعة الموجة فصغيرة؛ أي أن الموجة لا ترتفع كثيرا فوق سطح البحر، وقد لا ترتفع قمتها أكثر من متر واحد، بل حتى 30 سم. وهذا يجعل كشف هذه الموجات صعبا. لكن ما أن تقترب موجة التسونامي من الشاطىء، حيث الماء ضحل، حتى ترتفع قمة الموجة. إذ تتضاعف الموجة عندئذ، وتتناقص سرعتها، وينخفض طول الموجة إلى أقل من 20كم (من مئات الكيلومترات في عرض البحر)، بينما تزداد سعتها أي المسافة بين قمتها وقاعها، زيادة هائلة. تسمى هذه الظاهرة: بتأثير الضحالة على الموجة Wave shoaling أي أن ضحالة الماء عند الشاطىء تجعل الموجة ترتفع عشرات الأمتار. وعندما تصل الموجة الشاطىء، فإنها تصله بقمتها أو بقاعها أو بأي جزء بينهما. فإذا وصل قاع الموجة أولا، ينحسر ماء البحر عن الشاطىء، لدرجة قد تكشف عن مناطق واسعة من قاع البحر وما تحويه من أشياء طريفة غريبة؛ وهذا قد يغري البعض بالتوجه إلى هذا القاع المكشوف، جاهلين أن قمة موجة التسونامي قادمة، وأنها ستجرف كل شيء أثناء مدها ثم أثناء جزرها وانسحابها.

أخيرا، يبقى التساؤل ملحا في ذهن كلّ منا، ألا يمكننا وضع كلمة عربية لطيفة تعبر عن هذه الظاهرة بدل كلمة تسونامي المنفرّة. ماذا لو عرّبنا هذه الكلمة بتعبير عربي الجِرس من قبيل: سنمة، سنامة، تسنيمة، أو حتى بكلمتين مثل "الطوفان البحري"؟ وهذا انسب من موجات المد البحري، إذ قد يلتبس ذلك مع "موجات المد والجزر البحرية" التي تحدث يوميا بتأثير جذب كل من القمر والشمس لمياه البحر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق