Powered By Blogger

السبت، 15 أكتوبر 2011

قبضنا على المادة المضادة

حسام جميل مدانات

عندما تتحدث قصص الخيال العلمي عن المادة المضادة، أو مضاد المادة، فإنها تعتبرها مثلا القوة المحركة لمركبات فضائية متجهة نحو عوالم أخرى، أو المكون الرئيسي لقنبلة مدمرة. لكن المادة المضادة في الواقع ما زالت شيئا غامضا ويصعب على العلماء الحصول عليها لفترة زمنية تكفي لدراستها.

على أية حال، يبدو أن الأمور قد بدأت تتغير. فقد تمكن الفيزيائيون في مصادم الجسيمات في جنيف من الحصول على مضاد الهيدروجين، أو الأنتي بروتون، باعتبار أن نواة الهيدروجين ليس سوى بروتون. وبقي مضاد الهيدروجين هذا نحو ألف ثانية. وهذه مدة كافية لتفحّص هذه المادة المضادة والتوصل الى إجابات على تساؤلات أساسية في الفيزياء. وكان هؤلاء العلماء أنفسهم قد توصلوا العام الماضي الى إيجاد واقتناص 38 ذرة من مضاد الهيدروجين، ولكن لبرهة قصيرة جدا لا تزيد عن 0,2 من الثانية ، ضمن مجال مغنطيسي قوي. لكنهم تمكنوا الآن من اقتناص 309 ذرات من مضاد الهيدروجين لفترات متفاوتة بلغت أقصاها نحو 1000 ثانية، أي 16 دقيقة. وقد نشرت تفاصيل انجازهم هذا في مجلة الطبيعة لشهر حزيران الحالي.

يوضح جفري هنغست، من جامعة آرهُس الدنمركية، أن هدف الدراسة هو مقارنة ذرات المادة المضادة مع الذرات العادية من حيث طاقتها وحركتها.وكان الفيزيائي البريطاني بول ديراك قد افترض عام 1930 وجود المادة المضادة، عندما كان يحاول التوفيق بين ميكانيكا الكم ونظرية النسبية.

تتماثل جسيمات المادة وجسيمات المادة المضادة لها في كل شيء باستثناء الشحنة الكهربائية. فالالكترون مثلا سالب الشحنة، لكن مضاد الالكترون، ويدعى البزترون، موجب الشحنة، ولكليهما الكتلة نفسها. والأمر نفسه ينطبق على البروتون، وهو موجب الشحنة، ومضاد البروتون السالب الشحنة. في حين أنهما متماثلان في الكتلة والحجم.

عندما يلتقي جسيم مع مضاده، فإنهما يدمران بعضهما ويتحولان الى طاقة. ولو تمكنا من الحصول على كتلة كيلوغرام واحد من المادة المضادة، ثم التحمت هذه الكتلة مع كيلو غرام من المادة فإن الطاقة الناتجة تساوي 43 مليون طن من الديناميت، ت ن ت، وهذا يعادل الطاقة الناتجة عن انفجار 3000 قنبلة نووية كالتي القيت على هيروشيما عام 1945.لكن صنع قنابل مدمرة ليس هدف الباحثين في مسارع الجسيمات هذا.

يأمل العلماء التوصل الى إجابة السؤال التالي: لماذا يفتقد الكون للمادة المضادة؟ إن قوانين الفيزياء النظرية لا تفرق بين المادة والمادة المضادة وهذا يعني أنه عندما تشكل الكون، لحظة الانفجار المهيب، لا بد أنه قد تكونت كميات متساوية من المادة والمادة المضادة، أي أنه مقابل كل جسيم مادي في الكون، لا بد من وجود مضاد له، أي جسيم من ضد المادة. لكننا لا نرى هذه الجسيمات المضادة، فما السر في ذلك؟ يفحص العلماء جسيمات المادة المضادة حاليا بواسة أشعة الليزر والميكروويف للكشف عن أية اختلافات بين المادة وضدها. وإذا تبين وجود اختلافات أخرى غير الشحنة الكهربائية، فإن هذا سيجبر الفيزيائيين على إعادة النظر في نظرياتهم.

The Guardian

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق