Powered By Blogger

السبت، 15 أكتوبر 2011

ما مستقبل الريف ؟

حسام جميل مدانات


ما مستقبل أريافنا ؟ هذا هو عنوان تحقيق يتضمن 20 قضية نشرته مجلة هذا يهمني الفرنسية في عددها رقم 360 . يتحدث التحقيق بالطبع عن الريف الفرنسي. وهو يختلف كثيرا عن ريفنا. مفهوم الريف لدينا قد يعني القرية والأراضي المحيطة بها، والتي تفلح وتزرع بالحبوب غالبا، أو بساتين الأشجار المثمرة، وخاصة الزيتون والعنب.

لكن الريف الفرنسي لا يعني القرية. وإنما تلك المزارع المنتشرة في كل مكان، والتي ترعى فيها الأبقارعادة. وقد تشمل المزرعة دواجن أخرى منوعة . وبالطبع هناك صنف آخر من أراضي الريف المغطاة بكروم العنب التي تشتهر بها فرنسا. لكن هذه الصورة النمطية للريف الفرنسي قد تتغير تغيرا جذريا. فالأرياف المحيطة بالمدن تجذب سكان المدن ليقيموا فيها بينما يتابعون ممارسة أعمالهم في المدينة.

ويتزايد إقبال الأجانب على تملك المزارع لاستخدامها كمنازل ثانوية لقضاء العطلات. فماذا ستكون صورة هذا الريف عام 2020؟ نختار فيما يلي عددا من القضايا التي أثارها هذا التحقيق، والتي تثير تساؤلات عن مستقبل الريف الفرنسي خلال عشر سنوات قادمة.

1- هل سنشاهد أبقارا في مراعينا؟
تمتلك فرنسا 20 مليون رأس من البقر، وهي الأولى في أوروبا. ويتزايد التوجه نحو التغذية الاصطناعية المكثفة للأبقار داخل حظائر مغلقة. والواقع أن 30% فقط من الأبقار ترعى بحرّية في الحقول حاليا، وهذه النسبة تتناقص باستمرار. وترافقت هذه الظاهرة مع إزالة الأسيجة الشجرية التي كانت تحيط بمزارع الأبقار، والتي كانت تشكل حماية لها. وهكذا ففي عام 2020 قد تكون صورة الأبقار في المرعى مجرد صورة تراثية على بطاقات البريد.

2- هل ستحل مراوح توليد الكهرباء محل الأشجار؟
خلال السنوات العشر الأخيرة انتشرت مراوح توليد الكهرباء من طاقة الرياح، وهي تتزايد بمعدل 500 مروحة سنويا. لتصبح المعالم الأبرز في الريف بفضل ارتفاعها الذي يبلغ مئة متر. لكن سكان الريف لا يظهرون دائما الترحيب بمشاريع المراوح. وقد تم بالفعل التخلي عن عدد منها تحت ضغط المؤسسات المجتمعية المحلية. بحجة تسببها في الضوضاء وتشويه البيئة . لكن إنشاء المراوح يتزايد ليبلغ إجمالي عددها عشرة آلاف حسب الخطة الوطنية الهادفة الى الحصول على 23% من الكهرباء من مصادر متجددة مع حلول عام 2020.
3- هل تسحب رخص البناء من البلديات؟
في عام 1982 طبقت قوانين الإدارة اللامركزية في فرنسا. وأصبحت رخص البناء من صلاحيات رؤساء البلديات، والذين أصبحوا يشجعون المنشآت التجارية والسياحية حول قراهم من أجل تحصيل ضرائب أكبر. ويتحول ما معدله 1800 دونم من الأراضي الزراعية يوميا الى مشاريع عمرانية على حساب الحقول والمزارع.

4- هل سنسكن في منازل من القش؟
تتميز المنازل المبنية من القش، حول هيكل خشبي، بكلفة منخفضة وعزل جيد إضافة الى توفيرها فيما يسمى الطاقة الرمادية، أي الطاقة التي تستهلك في صناعة مواد البناء الحديثة. وتهدف كودات البناء الصادرة عام 2011 والخاصة بهذه المباني الى تشجيع انتشارها. ويوجد حاليا 2500 منزل من القش في الريف الفرنسي. ويكفي 15% من الانتاج الوطني للقش لإنشاء 400000 منزل سنويا.

5- من هم الريفيون الجدد ؟
دل إحصاء أجري عام 2009 على أن 11 مليون فرنسي يرغبون في العيش في الريف. ويفضل الأزواج الشباب العيش في الريف المحيط بالمدن لتوفير بيئة مثالية لأطفالهم، مع بقائهم قريبين من مواقع عملهم داخل المدينة. أما المتقاعدون، فيميلون للسكن في أعماق الريف، بعيدا عن المدن، أو في مواقع ريفية سياحية.

6- هي سيصبح العيش في الريف مكلفا؟
ربع منازل الريف الفرنسي حاليا هي منازل ثانوية يشغلها أصحابها الأغنياء في نهاية الأسبوع أو أثناء العطل فقط. وقد ارتفعت أسعار العقار في الريف ارتفاعا كبيرا، فأسعار البيوت في منطقة Haute Vienne مثلا ارتفعت بنسبة 213% بين 1996 و 2006.

7-هل ستبقى المدارس ومكاتب البريد في الريف؟
عندما ترغب عائلة في شراء منزل في الريف، فإنها تسأل عادة عن وجود مدرسة وطبيب وبقالات قريبة. لكن امتلاك جميع العائلات للسيارات قد الغى ضرورة وجود مدرسة أو غيرها من الخدمات في الجوار. في عام 1960 كان يوجد 15000 مدرسة ذات صفوف مجمعة في أرياف فرنسا. وانخفض العدد الى 5000 حاليا.





8- هل سيكون طبيب الريف رومانيا؟
إن العمل في الريف لا يغري الطبيب الفرنسي رغم الحوافر التي تقدمها الحكومة مثل بعثات لطلبة الطب الذين يتعهدون بالعمل في الريف. والبديل إذن هو الطبيب الأجنبي. منذ عام 2007 ارتفع عدد الأطباء الأجانب في فرنسا بنسبة 20% ليصبح عددهم 10000 طبيبا أجنبيا. ونصفهم من أوربا الشرقية، وخاصة رومانيا.

9- هل ستبقى بعض القرى مهجورة؟
خلال النصف الثاني من القرن الماضي تحولت بعض القرى الى قرى أشباح بعد أن هجرها سكانها. انعكس الاتجاه منذ عشرين سنة فيما يتعلق بالقرى القريبة من المدن. لكنها أصبحت مكانا للسكن فقط، وليس للعمل. بينما يتناقص عدد سكان القرى البعيدة عن المدن ويهجر بعضها كليا.

10- هل ستظهر المهن القديمة من جديد؟
في القديم كان في كل قريبة بيطار يحذي الخيل. ثم كادت هذه المهنة تختفي، لتعود وتظهر مؤخرا مع انتشار استخدام الخيل للتنزه في المناطق السياحية. ويبلغ عددهم اليوم 1600 بيطار يتنقلون بين المناطق السياحية. كا تزايد عدد الحدادين والنجارين ودقاقي الحجر والفاخوريين والزجاجين لتجديد منازل الريف القديمة التي يشتريها أغنياء المدن والأجانب.

11- هل ستتحول القرى الى متاحف؟
يقول مشيل ويلبك في روايته خريطة البلاد، الصادرة عام 2010، أن القرى التي تعمل جاهدة لجذب السياح وسكان المدن، قد تحولت الى ما يشبه دزني لاند أو متاحف تراثية. وعلى أية حال، فإن القرى التي لا يزيد عدد سكانها عن 50 نسمة، وحيث لم يعد فيها خباز أو لحام، فإن تحولها الى موقع تراثي وسياحي قد يكون أفضل من هجرها تماما أو حتى أفضل من تطويرها عمرانيا والغاء طابعها التقليدي.

12- هل تصبح لغة الريف روسية أو صينية؟
يحتل الانجليز حاليا المرتبة الأولى في شراء المنازل الريفية في فرنسا. لكن عام 2010 قد شهد زيادة عدد السياح الروس والصينيين بنسبة 50% ويتوقع أن يحتل الصينيون المرتبة الأولى عام 2020. وهم يستثمرون في العقار في باريس ، لكن يتوقع أن يتجهوا نحو الريف الفرنسي مستقبلا.




13- هل يصبح المزارعون أصحاب ملايين؟
في عام 1910 زاد دخل المزارعين بنسبة 66%، ويفسر ذلك بأنه تصحيح لأسعار المنتجات الزراعية، وخاصة الحبوب، التي كانت أسعارها أقل كثيرا من قيمتها الحقيقية خلال عدة سنوات. لكن أسعار الأراضي الزراعية تتزايد مما يغري المزارعين ببيعها وهجرة الزراعة. إن أوضاع المزارعين سيئة، وعددهم يتناقص. في عام 1960 كان يوجد ستة ملايين مزارع في فرنسا، وهم ستمئة ألف فقط حاليا.

14- هل يجب الغاء السياسة الزراعية في الاتحاد الأوربي؟
تبلغ الموازنة الزراعية للاتحاد الأوربي 58 مليار يورو. وقد أدى دعمها للمزارعين الى جعل دول الاتحاد ثاني مصدّر للقمح في العالم.

لكن هذه السياسات تدعم كبار المزارعين. حيث 60 % من الدعم يوجه الى 20% من المستثمرين الزراعيين في فرنسا. ويتلقى 4700 مستثمر أكثر من مئة ألف يورو سنويا لكل منهم. مما جعل هذه السياسات تتعرض للنقد، ويخطط لإعادة النظر فيها كلية عام 2013.

Ca M’interesse No. 360

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق