Powered By Blogger

السبت، 15 أكتوبر 2011

هل سمك المزارع صحي وآمن ؟

حسام جميل مدانات


في شهر 12/2010 نشرت جمعية أجيال المستقبل الفرنسية نتائج دراسة على الملوثات الكيميائية في الطعام. وفيما يتعلق بالأسماك التي تربى في مزارع أو برك اصطناعية، لم تكن النتائج جيدة. فقد تبين مثلا أن الشريحة من سمك السلمون الفاخر تحتوي على بقايا 34 مادة كيميائية، مثل المبيدات الحشرية وسم الديوكسين. معظم هذه المواد مسرطنة أو تسبب خللا في الغدد الصماء. لا شك أن نسبة تواجد كل من هذه السموم لا تتجاوز الحدود القانونية المسموح بها، لكن هذه النتائج قد وجهت ضربة قاصمة لأسماك المزارع. ويسود الاعتقاد أن مصدر هذه السموم هو المبيدات التي ترش بها البرك، وطعام هذه الأسماك المكون من العلف المركز المصنوع من رؤوس الأسماك وهياكلها العظمية وفضلات الأبقار والدجاج. كما أنها تزود بكميات كبيرة من المضادات الحيوية التي تبقى في أجسامها. وقد تبين من تحقيق سابق أن 12% فقط من الناس يثقون بسمك المزارع. ومع ذلك فإن مصدر 90% من سمك السلمون المتوفر في الأسواق حاليا هو المزارع، علما أن معدل استهلاك الفرد الفرنسي من هذا السمك بالذات يبلغ 2كغ في السنة. والسلمون سمك مفترس يتغذى على الأسماك الصغيرة، والتي تتغذى بدورها على العوالق النباتية البحرية.

الواقع أفضل مما يبدو

لا شك أن الشعوب الأوربية تستهلك من الأسماك أكثر بكثير مما نستهلك في الأردن مثلا. ولهذا السبب يقدر أن نحو 50% مما يدخل أجسام المستهلكين لديهم من سم الديوكسين مثلا مصدره الأسماك بشكل عام، من كل من المصادر الطبيعية والبرك الاصطناعية. لكن نسبة هذه الملوثات في أجسام الأسماك قد انخفضت الى الثمن بين عامي 2000 و 2010 بفضل تطبيق معايير صارمة. وتتمتع الأسماك المرباة في المزارع ببيئة مراقبة ومضبوطة مقارنة مع الظروف المتقلبة للأسماك الحرة، فالأنهار والبحار كثيرا ما تتعرض للتلوث من مختلف المصادر، مثلا المياه العادمة لبعض المدن، أو تسرب كيميائي غير مقصود من مصنع، أو تسرب النفط من سفينة. ولهذا السبب لا نستغرب ما خلص اليه تقرير أصدرته مؤخرا السلطة الأوربية لسلامة الغذاء، من أن سمك المزارع أفضل قليلا من السمك الحر من حيث محتواه من الديوكسين والزرنيخ والرصاص والزئبق.







المضادات الحيوية والمبيدات

إحدى السلبيات الرئيسية التي تعاني منها مزارع الأسماك هي اكتظاظها بالأسماك؛ بحيث أنها تكاد تشبه علبة سردين حية. وقد يصل ازدحام الأسماك الى 40 كغ/م³ من ماء البركة. هذا الازدحام يجعل الأسماك عرضة للعدوى بالأمراض، وبالتالي يجب تزويدها بالمضادات الحيوية أو بالمبيدات للقضاء على حشرات مثل برغوث البحر. ويفضل بعض مربي الأسماك توفير ظروف طبيعية وحيز أكبر لأسماكهم حتى يستغنوا بقدر الإمكان عن استخدام المضادات الحيوية. فهي مكلفة وقد يشعر المستهلك بطعم هذه الأدوية في الأسماك.

وتلجأ النرويج، وهي الدولة الأولى عالميا في أسماك المزارع، الى المكافحة الحيوية، مثل وضع الأسماك الزبالة، وهي أسماك صغيرة تتغذى على الطفيليات على سطوح أجسام الأسماك الأكبر. ومن الطرق الأخرى رش الأسماك بالماء تحت ضغط كبير. كما أن الحكومة قد فرضت حدا أعلى لعدد مزارع الأسماك، حتى تتفادى بقدر الإمكان انتقال العدوى بينها.

أما تشيلي، وهي الدولة الثانية في العالم في أسماك المزارع فالوضع أقل ضبطا. وقد أدت الممارسات السيئة لأصحاب المزارع الى انتشار الأمراض، ومن ذلك فناء معظم أسماك السلمون عام 2007 بسبب انتشار عدوى فقر الدم بينها، والتي يسببها نوع من البكتيريا. وكان أحد أسباب ذلك كثرة المزارع واكتظاظها، مما فرض استخدام تراكيز عالية من المضادات الحيوية والمبيدات الممنوعة في الولايات المتحدة مثلا. ويتزايد انتاج دول أمريكا اللاتينية من أسماك المزارع بنسبة 10 – 14% سنويا، مقابل 2-3 % في أوربا. وبإمكان مواطني الإتحاد ألأوربي أن يختارو الأسماك التي تحمل مغلفاتها إشارة حمراء أو عضوية. والمنتج العضوي يعني أن 30% على الأقل من طعام الأسماك كان مكونا من طحين نباتي ناتج عن الزراعة العضوية، دون استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات. وعلى أية حال، فلعل الخيارالأفضل هو عدم الإكثار من تناول الأسماك الكبيرة المفترسة مثل السلمون، وتعويض ذلك بالأسماك الصغيرة، مثل السردين. علما أن أسماك المزارع المنتجة في دول شمال أوربا، مثل النرويج وبريطانيا، تتمتع بتطبيق معايير صحية وبيئية أكثر صرامة من غيرها.

Ca M’interesse, No. 360 Fev 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق