Powered By Blogger

السبت، 15 أكتوبر 2011

هل يهدد الألمنيوم صحتنا؟

حسام جميل مدانات

يوجد هذا المعدن في كل مكان: في الأدوية والمطاعيم ومواد التجميل ومضادات التعرق وحليب الأطفال والمواد الغذائية بشكل عام. إنه سام إذا دخل أجسامنا بجرعات كبيرة، لكنه أيضا مصدر خطر حتى لو تناولناه بكميات صغيرة باستمرار. ويكمن سر خطورته في أن أجسامنا تعجز عن التخلص منه، فهو يتراكم ويتراكم حتى يسبب لنا مشكلات خطيرة. فقد ثبتت علاقته بالتهاب الدماغ وفقر الدم وهشاشة العظام، إضافة الى ارتباطه بالإصابات الجلدية والربو ومرض كرون، وهو التهاب الأمعاء المزمن، والزهيمر والانهاك المزمن والسرطان والتوّحد.

اتهامات في كتاب

صدر مؤخرا كتاب للفرنسية فرجيني بل V. Belle عنوانه: عندما يسمننا الألمنيوم: تحقيق في فضيحة صحية. لكن هذا الكتاب ليس أول من يوجه الهجوم على هذا العنصر الذي نجده في كل مكان من حياتنا المعاصرة، فقد سبق وأن أثيرت تساؤلات واتهامات بهذا الشأن.

في عام 1921 أصيب عامل في مصنع المنيوم بالتهاب الدماغ بعد أن استنشق في هواء التنفس دقائق الالمنيوم لفترة طويلة. وفي عام 1976 وصف د. الفري أول حالات تمت ملاحظتها لأشخاص اصيبوا بالعته والبلاهة بعد إجرائهم عمليات الديلزة،أو غسل الكلى، أي تنقية الدم اصطناعيا بسبب إصابتهم بفشل كلوي؟ علما أن الديلزة تستخدم سوائل ذات تركيز عال من الألمنيوم. ونجد اتهامات مماثلة في موسوعة ويكيبيديا على الانترنت، ضمن الحديث عن العواقب الصحية لتواجد الالمنيوم في أجسامنا، بعد تناول المطاعيم مثلا، وهي تحتوي على هذا المعدن، لأنه يحفز تشكيل الأجسام المضادة في الجسم وبالتالي يحسن من فعالية المطعوم. وقد لوحظ أن دماغ المصابين بمرض الزهيمر يحتوي على تركيز من الألمنيوم يفوق بعشر مرات الى ثلاثين مرة تركيزه في دماغ الشخص السليم. وكان الاعتقاد السائد أن الجسم يتخلص من الألمنيوم عبر البول والبراز والعرق، إلا أنه اتضح منذ بضع سنوات أن هذا غير صحيح، إذ يخترق هذا المعدن حواجز الجسم الدفاعية الطبيعية ويختلط مع الدم ويدخل خلايانا.

في عام 2003 نشرت الوكالة الفرنسية للسلامة الصحية للمنتجات الدوائية بالتعاون مع مؤسسات متخصصة أخرى، كتابا بعنوان: الألمنيوم، ما مخاطره على صحتك؟ واستنتج الكتاب في ذلك الحين أنه لا يوجد خطر مؤكد من استخدام الالمنيوم في البيئة وفي أواني الطعام.


لا غنى عن الألمنيوم

يشكل الألمنيوم ما نسبته 7.5 % من القشرة الأرضية. وهو ثاني المعادن استخداما في حياتنا المعاصرة، بعد الحديد. وينتج العالم منه نحو مائة طن يوميا. وهو موصل جيد للحرارة، ولهذا السبب فهو يستخدم في أواني الطبخ. كما أنه أخف كثيرا من الحديد، مما شجع على استخدامه في هياكل الطائرات مثلا ومحركات السيارات، ولا ننسى أن حلق أو إطار النوافذ في بيوتنا الحديثة يصنع غالبا من الألمنيوم. وعند صهر أكسيد الألمنيوم وبلورته تنتج مادة تدعى الكرندون، والتي لا يفوقها في الصلابة إلا الألماس. ولهذا السبب يُصنع منها زجاج الساعات الصلد الذي يطلق عليه اسم الزجاج الياقوتي أو السفيري. ويدخل الألمنيوم في الصناعات الغذائية، مثل بعض الملونات التي تبدأ بالرمز E وهي ذات الأرقام التالية: 173 ، 520، 521، 522، 523، 554، 555، 556، 559، 541. ويحتوي حليب الأطفال على نسبة من الألمنيوم تعادل 40 ضعف ما يحتوي حليب الأم.

وتحتوي مضادات التعرق، أو الديودوران، على الألمنيوم. وفي عام 2008 عملت مجموعة من الخبراء الفرنسيين على دراسة احتمال أن هذه المواد تسبب سرطان الثدي، بسبب امتصاص الجلد للألمنيوم. ورغم أن النتائج لم تدعم هذه الفرضية، إلا أن الأبحاث في هذا المجال ما زالت تتواصل. كما أن العديد من الشركات المنتجة قد استبقت الأمور ولم تعد تستخدم الألمنيوم في منتجاتها، وهي تشير الى ذلك على غلاف المنتج. ويحتوي ماء الشرب أيضا على نسبة من الألمنيوم. وتشترط المعايير الصحية أن لا تزيد نسبة الألمنيوم في ماء الشرب عن 0,2 ملغ لكل لتر. لكن هذا الشرط لا يتحقق دائما، حتى في مياه الشرب المعبأة في القناني. وتعتبر الجرعة القصوى التي يمكن لأجسامنا أن تتحملها 1مغم لكل كيلوغرام. أي أن رجلا وزنه 70كغ يمكنه أن يتناول يوميا 70 مغم من الألمنيوم ضمن طعامه أو المصادر الأخرى.

وأخيرا، لعله يجدر بنا القول أنه لا مبرر للشعور بالخوف أو القلق من تعرضنا للألمنيوم، فنسبة ما يدخل أجسامنا منه بسيطة، كما أن بعض الأشخاص يتحملونه أكثر من غيرهم. وقد يفسر ذلك بأن التركيب الجيني للبعض يساعدهم على مقاومة التاثيرات الضارة للألمنيوم. وعلى أية حال، فإن الوقت ما زال مبكرا لأعطاء أحكام نهائية على مدى خطورة الألمنيوم وارتباطه بأمراض مثل السرطان أو التوحد، بعكس أمراض أخرى، كالتهاب الدماغ، والتي تبدو مرتبطة يقينا بهذا المعدن.

Ca M’interesse 1/2011
P 36-41

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق